Home»International»موقع رياضة كرة القدم ضمن باقي الرياضات وأهمية هذه الأخيرة في حياتنا

موقع رياضة كرة القدم ضمن باقي الرياضات وأهمية هذه الأخيرة في حياتنا

0
Shares
PinterestGoogle+

موقع كرة رياضة القدم  ضمن باقي الرياضات وأهمية هذه الأخيرة  في حياتنا

محمد شركي

من المعلوم أن الإنسانية اهتدت إلى اللعب منذ فجر التاريخ . وربما يكون اهتداء هذه البشرية إلى اللعب  بسبب دور هذا الأخير في تنشئة وتربية الإنسان خلال طفولته على اعتبار أن التربية والتنشئة عبارة عن نمو للكائن البشري عقليا وجسميا وعاطفيا وعلى اعتبار أن اللعب وسيلة تنشئة وتربية. ومعلوم أن الكائن البشري في طفولته بمختلف مراحلها  يحتاج إلى اللعب المرتبط بجسده . ولا شك أن تحريك الكائن البشري لجسده في طفولته مباشرة بعد ممارسته لخطوات المشي الأولى خلال عامه الأول من عمره  يتطور باطراد حتى تصير حركات الجسد النامي باستمرار شديدة التعقيد والأهمية . ومع مرور الحقب التاريخية  صار الكائن البشري الناضج جسديا وعقليا وعاطفيا  عبر ممارسات تربوية تختلف من أمة إلى أخرى ، ومن حضارة إلى أخرى يشارك الكائن البشري غير الناضج في  ممارسته للعب المرتبط بحركات الجسد ، بل أكثر من ذلك  تشكل بعض أنشطة الكائن البشري المقصودة، والتي يجني من ورائها  فوائد يحتاجها في حياته فرصا لما يمكن اعتبارها أشكالا من اللعب، منها على سبيل المثال  بعض حركات المزارعين أو البنائين أو الحرفيين… التي تبدو وكأنها  أنواع من اللعب إلا أنه لعب  منتج أو مدر للفائدة . ومع مرور الزمن فصل الكائن البشري  بين   أنواع اللعب  المدرة للفائدة والأنواع التي  تمارس لذاتها أو لما تحققه من متعة . ولا يمكن حصر ظهور اللعب في حضارة من الحضارات البشرية دون غيرها  كما يحلو للبعض ذلك ، لأن الأقرب إلى الصواب القول أن الإنسانية جمعاء مارست  اللعب  بشكل من الأشكال في كل العصور والأمصار ، ولا فضل  لأمة على غيرها في هذا المجال . وفي فترات تاريخية من عمر البشرية  تقنن اللعب من خلال  أنشطة  سميت رياضات لأنها عبارة عن ترويض للأجساد البشرية ، وهو ترويض كان في البداية هدفه إعداد هذه الأجساد للتدافع الذي كانت تقتضيه الصراعات والاحتكاكات البشرية ، ثم صار ترويضا يقصد لذاته أو لمتعة اللعب  والتسلية . ومع مرور الزمن  صارت الرياضة  جزءا من الحضارة البشرية لا مندوحة عنها ، وتطورت  بسبب  التقدم العلمي والتكنولوجي تطورا كبيرا ، بل  صارت الرياضة تستغل كاستثمار يجلب  المنافع  للبشرية المادية والمعنوية . وهكذا انتقل اللعب البشري من مجرد سلوك تطلب به المتعة والتسلية إلى سلوك تطلب به المنفعة إلى جانب المتعة والتسلية أو أغراض أخرى . وتطورت الرياضة  عند الكائن البشري ، وتميزت بعض أنواع الرياضة عن غيرها  بسبب إقبال البشر على  ممارستها أو متابعة ممارستها كما هو الحال بالنسبة  لرياضة كرة القدم  . واختلطت الغايات والأهداف وراء ممارسة  هذا النوع من الرياضة . فحسب رواية مشهورة يعود اختراع   رياضة كرة القدم إلى فكرة الصلح  بين  فريقين كانت بينهما عداوة ، وهو هدف نبيل إلا أن هذا الهدف  الذي كان منطلقا  انقلب إلى ضده حيث صارت  هذه الرياضة  وسيلة  لخلق العداوة بين فريقين لا  عداوة بينهما  . وبين  الهدف النبيل لرياضة كرة القدم  وهو الصلح ونشر المحبة، والهدف غير النبيل  وهو العداوة  والصراع تتموقع أهداف أخرى  منها الاستثمار والربح ، والتخدير ، والتمويه  على  المشاكل والمعضلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية …. إلى غير ذلك من الأهداف  الظاهرة والباطنة .

ولا يستطيع أحد أن ينكر أن  الأنظمة السياسية في العالم  تستغل هذه الرياضة استغلالا بشعا  ومكشوفا في نفس الوقت عندما  توظفها لتبرير سياساتها الفاشلة ، واعتمادها كمخدر يشغل  الناس عن فساد هذه الأنظمة  واستبدادها .  وتحاول الأنظمة السياسية  أن  تجعل رياضة كرة القدم  بسبب شعبيتها فوق كل أنواع الرياضة بالرغم من تعدد وتنوع الرياضات . واهتمام الأنظمة السياسية  برياضة كرة القدم  يجعل الإنسان  يتساءل  عن موقع رياضة كرة القدم  ضمن أنواع الرياضات الأخرى من جهة ، ومن جهة أخرى  يتساءل عن أهمية الرياضة إطلاقا في الحياة البشرية . وتقديم رياضة كرة القدم على باقي أنواع الرياضات هو توظيف مقصود لهذه الرياضة لسبب بسيط  هو شعبتها كما مر بنا  ، وهي  شعبية توجد للأنظمة السياسية فيها مآرب  كمآرب موسى عليه السلام في عصاه . فهذه الرياضة تحقق انسجاما وتوافقا كبيرين على المستوى العاطفي  بين شرائح بشرية طويلة وعريضة ، وهو توافق بإمكانه  أن  يجند هذه الشرائح لأغراض سياسية . والملاحظ أن أمور كثيرة لا تستطيع أن تحقق  نفس  التوافق بين  الشرائح الطويلة العريضة من البشر كما تحققه  رياضة كرة القدم . وقد مرت على مجتمعنا  وعلى مجتمعات أخرى ظروف عبرت فيها شرائح طويلة وعريضة من الشعوب  إن لم نقل  معظم الشعوب عن توافقها وانسجامها فيما يتعلق برياضة كرة القدم  حين تخرج مبتهجة بانتصارات فرقها الوطنية ، أو تنتكس  بسبب هزائم هذه الفرق . وقد تحدث  أمور عظيمة وخطيرة  من قبيل  ضياع  الأرض أو حتى ضياع الهوية والعقيدة دون  أن  يحصل  ما يحصل مع رياضة كرة القدم من تقارب بين مشاعر  المهتمين  بها .

 ويأتي مقالي هذا عن رياضة كرة القدم  بمناسبة  طعم الهزيمة مرة أخرى التي تجرعها الشعب المغربي ، وهو الذي تستهويه هذه الرياضة كثيرا، ويعلق عليها الآمال العريضة إلا  أن  رهانه عليها  يمنى  بالخيبة كل مرة . ومع أن هذه الرياضة تستهلك من ميزانية الشعب أموالا  طائلة ومعتبرة ، فإنها  لا  تلبي آماله التي لا تعدو الشعور  بنشوة الفوز في لعبة رياضية ، وهو فوز لا يغير شيئا من واقع  هذا الشعب ولا من معاناته اليومية ولا من معضلاته  . ومع توالي الهزائم  في رياضة كرة القدم  ينقلب السحر على الساحر بالنسبة للنظام الذي  يراهن على هذه الرياضة من أجل إما التمويه على فشله ، أو  من أجل صرف المنشغلين بها عن تتبع ما  يمارسه  أو حتى تخديرهم حيث يتحول  الشعور بالهزائم إلى نقمة  على النظام . و يبالغ البعض عندما يربط الفوز أو الفشل في رياضة كرة القدم مع أنها مجرد لعب  بالفوز أو الفشل  في باقي ميادين الحياة الجادة . والسبب في هذا الربط هو ما تضفيه الأنظمة السياسية على هذه الرياضة أو على هذا اللعب من أهمية ومن إشهار لمخادعة شعوبها وصرفها عما هو ضروري وهام في حياتها. وبمناسبة  الهزائم المتتالية في رياضة كرة القدم علينا كشعب أن  نراجع علاقتنا العاطفية المندفعة بهذه الرياضة  ، وأن نراجع ترتيب  هذه الرياضة ضمن باقي الرياضات كما هو الشأن بالنسبة  لبعض شعوب العالم التي لا يستأثر هذا النوع من الرياضة باهتمامها كثيرا ، وهي بذلك تفوت  فرص  استغلال أنظمتها السياسية  لهذه الرياضة  كمخدر من أجل  مآربها . فإذا  ما أصبحت ممارسة الرياضة ضرورة بالنسبة لإنسان هذا العصر حتى أنها صارت تدخل ضمن  وصفات طبية لعدد كبير من الناس ، أو صارت حمية قبل  أن تصير علاجا ، فلا مبرر لاهتمام الناس بنوع خاص منها، وهو رياضة كرة القدم دون سائر الرياضات التي قد تكون أجدى وأنفع منها . وأعتقد أن متابعة مباراة في كرة القدم كمباريات المغرب  في كأس إفريقيا الحالي ربما سببت لشرائح عريضة وطويلة في أزمات صحية أقلها  القلق الشديد وارتفاع الضغط في الوقت الذي كان من المفروض أن  تمارس هذه الشرائح رياضات  تخدم صحتها النفسية  والعضوية. وفي اعتقادي أنه حان الأوان لمنع إهدار المال العام في رياضة واحدة  هي في حكم الكماليات على حساب الضروريات والحاجيات . ولو أن ما صرف على هذه الرياضة صرف على البحث العلمي الجاد ، أو صرف على التطبيب  ، أو صرف على محاربة الفقر لكان ذلك أجدى وأنفع . فإلى متى سيظل الشعب تحت تخدير هذه الرياضة التي  تغييبه  عن وعيه ، وعن مشكلاته ومعضلاته الحقيقية ؟  ونأمل أن يستطيع شعبنا تخطي عقدة  هوس الانسياق وراء رياضة أو لعبة كرة القدم ، وأن يتعامل مع الفوز أو الهزيمة فيها بنفس الدرجة ما دام الأمر يتعلق بمجرد لعب ، ولا يتعلق  بجد . ونأمل أيضا أن يكون انشغالنا  بالجد فوق انشغالنا بالهزل .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. بيكمباور
    28/01/2013 at 10:08

    انها أكبر مخدر للشباب في الدول العربية، كما أنها لم تعلم أبناءنا الا « جياحا ».

  2. رياضي
    28/01/2013 at 21:31

    انجاز ملاعب القرب لكرة القدم بمختلف الاحياءلامتصاص غضب الشباب البطال والمتسربين من المدرسة خير دليل على زيادة تخديره لانه مخدر اصلا ،ولماذا كرة القدم بالضبط لان اصلاح ملعب لا يتطلب اموالا من جهة ومن جهةاخرى هي اللعبة التي ورثت للفقراء والا لماذا لا تنجز في الاحياء لعبة التنيس والجمباز والسباحة ام انها خاصة بالاعيان ناهيك عن الغياب التام للمرافق الثقافية في الاحياء الشعبية التي تنمي الفكر والابتكار، او انشاء مراكز لتكوين التلاميذ المتسربين ضحية النظام التعليمي في
    مختلف المهن اللهم ان هذا منكر في حق الشباب

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *