Home»National»القضية الأمازيغية شأن وطني لا مبرر للارتزاق بها طائفيا أو سياسيا أو حزبيا

القضية الأمازيغية شأن وطني لا مبرر للارتزاق بها طائفيا أو سياسيا أو حزبيا

0
Shares
PinterestGoogle+

القضية الأمازيغية شأن وطني لا مبرر للارتزاق بها طائفيا أو سياسيا أو حزبيا

 

محمد شركي

 

تابعت بالأمس البرنامج الذي خصصته القناة الثانية لمناقشة القضية الأمازيغية في وطننا ، ولاحظت أن النقاش أخذ بعدين على طرفي نقيض : بعد وطني  ، وآخر طائفي. ففي حين حرص بعض أطراف النقاش على جعل القضية الأمازيغية قضية إجماع وطني ، أصرت أطراف أخرى على جعلها قضية طائفية وعرقية . وقد حرصت الأطراف التي تحاول جعل هذه القضية قضية طائفة وعرق وجنس على إظهار التظلم  لتبرير التعصب حتى أن أحد المتدخلين سجل ملاحظة مفادها أن رفع الصوت والانفعال لا يعني امتلاك الحقيقة من أجل أن ينبه أحد المنفعلين بأن أسلوبه في النقاش متهافت ، ولا يرقى إلى مستوى الحوار الجاد والمتزن . ومعلوم أن جهات تحاول الارتزاق بالقضية الأمازيغية لا تفوتها فرصة إعلامية إلا وعبرت عن مظلمة وهمية للأمازيغية . ومحاولة تمرير وترويج الخطاب التظلمي على لسان الذين ينصبون أنفسهم ناطقين رسميين  باسم القضية الأمازيغية أوالذين ينزلون أنفسهم منزلة  ذوي الحقوق أو ورثة الأمازيغية عبارة عن محاولة مغرضة من أجل الارتزاق بالأمازيغية طائفيا  وسياسيا  وحزبيا . ولقد مرت قرون طويلة والمغاربة عبر تاريخهم الطويل لم  يحصل أبدا أن دار بينهم حديث عن مظلمة أمازيغية ، بل  عاش المغاربة عربا وأمازيغ  وزنوج  وأهل ذمة  أمة واحدة تختلف وتتنوع ثقافيا ، وتتوحد دينا ووطنا  وتاريخا ومصيرا. عاش المغاربة بعضهم يتكلم العاميات العربية المتعددة ، والبعض الآخر يتكلم الأمازيغيات المتعددة، وفيهم من يتكلم العبرية أيضا  ، وكان الذين يقرءون  ويكتبون يدونون العربية الفصحى وبعض الأمازيغيات والعبرية. وجمع المغرب بين أبنائه العرب والأمازيغ  والعبرانيين  والزنوج في حضن واحد، واختلطت أنسابهم ونتج عن هذا الاختلاط جنس لا يمكن إلا أن نسميه الجنس المغربي. وتبادل المغاربة ثقافاتهم المختلفة ، وصهروها في ثقافة مغربية جمعت المختلف وجعلته مؤتلفا. وجمع الإسلام المغاربة كلهم ، ولم يستثن حتى الذميين اليهود من ذلك ، وصهرت ثقافته العالمية والإنسانية كل الثقافات التي عرفها المغرب في بوتقة  واحدة ، وصار الحديث فيه منذ وصول الإسلام إليه عن ثقافة إسلامية إنسانية واسعة تضمنت ثقافات أعراق بشرية شتى في كل بقاع العالم  ، وكان عرب وأمازيغ المغرب من بينها . واختلط المغاربة عربهم وأمازيغهم في بيوت الله عز وجل يوحدونه ويقرءون القرآن باللغة التي أنزله الله عز وجل بها دون أن يشعروا بدونية لغتهم أمام لغة القرآن الكريم كما يشعر بذلك اليوم الذين يريدون الارتزاق بالأمازيغية نكاية في لغة القرآن  ، ورفضا مبطنا  ومموها للإسلام . واختلط المغاربة في الفتوحات الإسلامية التي انطلقت من المغرب نحو أوروبا ، وتحدثوا إلى بعضهم البعض بالعربيات العامية المختلفة والأمازيغيات المختلفة  ، وكانوا على تفاهم تام فيما بينهم ، ولم  يشعر يومئذ الأمازيغ  بظلم لأنهم تناوبوا على  حكم المغرب  وعلى قيادة جيوشه مع العرب . واختلطوا في الأسواق وتداولوا التجارات المختلفة ، وتجاورت بيوتهم في الحواضر ،، كما حافظوا على مساقط رؤوسهم في بواديهم وأريافهم. وخلاصة القول أن ما يجمعهم كان أكثر مما يفرقهم ، وما حدث أن اشتكى عرب أو أمازيغ من ظلم بعضهم لبعض كما  يريد اليوم  بعض المرتزقة بالأمازيغية ادعاء وجود مظلمة أمازيغية . بدا أحد ضيوف القناة الثانية منفعلا  ومتشنجا ومنتفخ الأوداج، وهو يزعم أنه توجد في المغرب مظلمة أمازيغية ، وأن ما يقدم على أنه اهتمام بها لا يعدو  مجرد ذر رماد في العيون ، وعمد إلى مقارنات تافهة بين  الحيز المخصص إعلاميا للأمازيغية ، وبين  الحيز المخصص للعربية  ، وبين  نسبة الإقبال على تعلم الأمازيعية ومقارنتها  بنسبة تعلم العربية ، الشيء الذي جعل كلامه  يوحي بأن الأمازيغية تخوض حربا مع العربية  أو منافسة  ، وواقع الحال  ينفي ذلك نفيا قاطعا . وطالب هذا الطائفي  بثقافة أمازيغية  يريد اقتطاعها من ثقافة المغرب الإسلامية التي خلطت بين الثقافتين العربية والأمازيغية  وحتى العبرية ، فصارت ثقافة عالمية إنسانية  دون أن تسلب الثقافات المنصهرة فيها بصماتها التي تميزها . ولنضرب مثالا على ذلك من خلال طرق الاحتفال بالزفاف عند المغاربة علما بأن ذلك يعتبر جزءا من الثقافة المغربية .كل المغاربة  يتفقون في احتفالهم بالزفاف على التبرك بكتاب الله عز وجل ، وهذا مما أضافته  الثقافة الإسلامية الكونية للثقافتين العربية والأمازيغية ، كما أنهم يتفقون على الوليمة وهي سنة من سنن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، ولكنهم  يختلفون عربا وأمازيغ في  أنواع الأطعمة والأشربة المقدمة في هذه الوليمة مع اتفاق على تحريم  ما حرم الله عز وجل منها . وحتى النوع الواحد من الطعام وهو الكسكس يعد بطرق مختلفة تعكس مختلف الثقافات. ويتفقون جميعا في إشهار الزفاف كما جاء في السنة المطهرة مع أنهم يختلفون  في أساليب  هذا الإشهار عن طريق  أنواع الطرب المختلفة  وأنواع الرقص الجماعي والفردي المختلفة ، وألعاب الفروسية وأنواع مختلفة من عادات الاحتفال  . ويتفقون جميعا في ارتداء اللباس الشرعي المحتشم ، ويختلفون في أشكاله حتى أن النوع الواحد منه  يصاغ بصيغ مختلفة  كما هو حال الجلباب  والبرنوس وتنسب كل صيغة إلى فئة من فئات العرب  أو الأمازيغ .   ومع اختلاط المغاربة في الحواضر عربا وأمازيغ اطلع الجميع على ثقافة الاحتفال بالزفاف  عند كل منهم. ويكفي اليوم  أن يرى المغربي  نموذجا من الاحتفال بالزفاف ليصنفه بيسر وسهولة . والمغاربة تدور على ألسنتهم عبارة جميلة حلوة عندما  يعاينون اختلافهم في بعض وجوه ثقافتهم وهي عبارة :  » الله يرحمنا  كلنا عباد الله عز وجل وكلنا أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم « ،وحتى القرآن الكريم  الذي يقرأ باللغة العربية يستطيع المرء أن  يميز فيه  بين طرق تلاوته حسب الثقافات المحلية ، وهو أمر يجعلهم يتعجبون ، و تعجب منهم الأمم الأخرى وهم يقرءون القرآن الواحد  بأنغام مختلفة  حتى ابتدعوا أسماء لقراءات لا تعرف إلا في بلاد المغرب . وبعد كل هذا نسأل ضيف القناة الثانية المتعصب طائفيا  لمظلمة أمازيغية وهمية ماذا تقصد بثقافة أمازيغية ؟ هل تقصد أنها جزء من الثقافة الإسلامية الأم التي  استطاعت أن تصهر كل ثقافات البلاد التي دخلها الإسلام أم أنك تقصد أنها  ثقافة تعدل الثقافة الإسلامية أو تقف ندة لها أو تفوقها  أو تحتويها؟  وهل يعقل أن يدور الحديث اليوم عن مظلمة  ثقافة أمازيغية في ظل ثقافة إسلامية عمرها خمسة عشر قرنا  ؟ لقد صدق من قال في برنامج القناة الثانية أن الأمازيغية شأن كل المغاربة ، ولا يمكن أن تدعي جهة من الجهات الوصاية عليها ، وأنا أقول لا  يجوز أن ترتزق بها جهة ما طائفيا أو حزبيا أوسياسا أو إديولوجيا . والمغاربة لهم كامل الحرية في التحدث بما شاءوا من عاميات عربية أو أمازيغيات ، وأن يختاروا ما شاءوا من بصمات الثقافتين العربية والأمازيغية بعيدا عن كل  مزايدات وتشنجات وتعصبات. وعلى الذين يحاولون الارتزاق بالقضية الأمازيغية أن  يبحثوا عن مجالات ارتزاق أخرى، لأن القضية الأمازيغية أكبر وأشرف من أن تكون موضوع ارتزاق، لأنها قضية كل المغاربة وليست قضية طوائف أو عصبيات . ودفعا لكل  تشكيك في نويا صاحب هذا المقال أصرح كما أفعل دائما بأنني أمازيغي جدا وجدة وأبا وأما ، وأنا أعتز بإسلامي  و بأمازيغيتي وبعروبتي  وبمغربيتي ، وأنبذ كل طائفية وعصبية ،لأن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم قال :  » ليس منا من دعا إلى عصبية  » .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. chiwa7ed oussafi
    19/10/2012 at 00:53

    Bien, de très bonnes intentions « discursives » (ne remettant en rien votre bonne foi engagée, M. Chergui -valeur sûre et porte-voix des vérités là où où « il semble qu’elles le sont- ; merci) Si vous permettez, cher ami, est-on -d’abord- dans une 9adiya ? Mon voisin de trottoir la validerait-il puisqu’on mange, lui et moi les mêmes « karmoussates » allègrement, à la même saison sans « chinoiser » autrement que dans dans la langue de la saison « habituelle », qui nous a toujoujours réunis… nous, on imamaginerait mal que « chacun » ait sa propre saison du « karmouuss », de « lhendya »…de « lballout » …en fonction des envies comparables à celles qui portaient…une progéniture prometteuse de la reproduction « fataliste » du : je te conçois = reste égal à mes espérances…; autrement dit « je t’aime, Halte !!!! »… en sociologie, celà s’appelle -superbement la loi de l’isomorphisme »…. Merci pour ton travail, Si Chergui, un grand merci à Oujda City pour « être là » (Bravo, Si Kadouri)
    Source : link to oujdacity.net

  2. Anonyme
    19/10/2012 at 01:13

    toujours la censure ?????????? Oujda City, réveillez-vous avant que …

  3. متتبع
    19/10/2012 at 11:28

    شكرا استاذي على هذا المقال الرائع

  4. Anonyme
    19/10/2012 at 20:12

    bient dit allah yahfadak

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *