Home»National»من فساد الطبائع يركب الاستبداد الذرائع لارتكاب الفظائع

من فساد الطبائع يركب الاستبداد الذرائع لارتكاب الفظائع

0
Shares
PinterestGoogle+

من فساد الطبائع يركب الاستبداد الذرائع لارتكاب الفظائع

 

محمد شركي

 

آن الأوان ليحدث تغيير جذري في القيم الإنسانية التي تحكم عالم اليوم بسبب تخطي النظام المستبد في سوريا لكل الخطوط الحمراء التي تفرض القيم الإنسانية تخطيها ، وهي قيم تقوم على أساس احترام كرامة بني آدم . ولقد تبين للعالم أن قيم ما بعد الحرب العالمية الثانية لم تعد صالحة ، ذلك أن قانون الفيتو الذي لا زال ساري المفعول هو السبب في تمادي النظام السوري في ارتكاب فظائع ضد الإنسانية . فالفيتو الروسي والصيني المحكوم بالمصالح والمتنكر للقيم  الإنسانية وفر الغطاء لنظام إجرامي  يقوم بأبشع المذابح ضد شعب أعزل . وسكوت باقي العالم عن فضيحة الفيتو الروسي الصيني بدافع المصالح أيضا يجعل  هذا العالم متنكرا للقيم الإنسانية بسبب الحرص على مصالحه  .وإن الوضع في سوريا قد كشف كل الأقنعة ،  ذلك أن كل من يضع مصالحه فوق القيم الإنسانية بات مكشوفا للعالم . والشعب السوري ككل الشعوب العربية خرج أول مرة يطالب بالإصلاح السياسي  ، ولم  يرفع شعارا بإسقاط النظام تعبيرا عن وعيه السياسي الراقي إلا أن النظام المستبد واجه  خروج هذا الشعب السلمي بالحديد والنار والإرهاب ، فلم يجد هذا الشعب بدا من التفكير في الدفاع عن نفسه بعدما أخذ  جنود وضباط الجيش الأحرار يعلنون براءتهم من النظام المستبد ، والتف هذا الشعب حول جيشه الحر الذي أخذت أعداده تتزايد مع تزايد  قمع واستبداد النظام . ومعلوم أن الاستبداد عبر التاريخ فاسد الطبائع ، ومن فساد طبائعه أنه يركب كل الذرائع من أجل ارتكاب الفظائع . والنظام السوري  ضاعف من قمعه وتقتيله للشعب السوري بذريعة وجود مجرمين ينفذون أجندة خارجية ،  والحقيقة أن من يسميهم النظام المستبد مجرمين إنما هم أفراد الجيش الحر الذين أبوا أن يكونوا أداة قمع في يد النظام المستبد كما أنهم المدنيون  الذين أجبروا على الدفاع عن أنفسهم أمام مجازر هذا النظام  الرهيب. وأسلوب ركوب الذرائع من طرف الاستبداد عبارة عن عملة لا زالت رائجة في عالم اليوم . وأول من روجها  ما يسمى القوى العظمى التي تنصب نفسها  وصية على باقي دول العالم ، وتسوق لنموذج ديمقراطيتها الصورية . فالغرب بزعامة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين غزت البلاد العربية والإسلامية كما هو الحال في العراق وأفغانستان بذريعة محاربة ما سمته الإرهاب ، علما بأن ما سمته الإرهاب هو ردة فعل  مباشرة على استبداد الكيان الصهيوني الغاصب . فعوض أن يراجع الغرب  مواقفه من دعم الكيان الصهيوني الإجرامي غض الطرف عن فظائعه، فكان ذلك سببا في انتشار اليأس بين العرب والمسلمين الذين فكروا في مقاومته . ولما ربط الغرب مصيره بالكيان الصهيوني صار طرفا في الصراع مع العرب والمسلمين الذين انقسموا إلى رافضين لسياسة الغرب  وهم المتهمون بالإرهاب ، ومستفيدين منها  وهم العملاء والخونة . والغرب يركب ذريعة محاربة الإرهاب دون أن  يتعرض لذكر أسباب  هذا الإرهاب ،لأن الكيان الصهيوني  سمى مقاومة قمعه الوحشي للشعب الفلسطيني إرهابا، وأسقط مصطلح مقاومة من قاموس  العالم ، وتابع العالم الكيان الصهيوني في قاموسه الذرائعي الجديد. وعن الغرب  تلقفت الأنظمة المستبدة في العالم خصوصا العربي طريقة ركوب الذرائع لارتكاب الفظائع ذلك أن كل نظام مستبد خصوصا في عالمنا العربي يواجه برفض استبداده يلجأ على الفور إلى ركوب ذريعة من الذرائع الواهية من أجل القضاء على كل جهة ترفض استبداده وظلمه. فالنظام السوري  تعلم من الغرب  كيف يركب الذرائع لقمع شعب يرفضه ، كما تعلم من روسيا كيف  يتحايل  من أجل  البقاء الدائم في السلطة وهي طبيعة من طبائع الاستبداد . فالرئيس الروسي المستبد فلادمير بوتن الذي استنفذ  حصتين من الرئاسة تحايل ، فنصب مكانه رئيسا دمية لفترة رئاسية  ليعود مرة أخرى ليقضي مرحلتين رئاسيتين من جديد . وبالأمس  فقط سلط شرطته على كل المعارضين لقمعهم، لأنهم يريدون الاحتجاج على استبداده  وتسلطه على رقاب الشعب الروسي. فالرئيس السوري المستبد والذي ورث الاستبداد عن أبيه يرى في استبداد الرئيس الروسي قدوة وإسوة خصوصا وأن المستبد الروسي الكبير يوفر الحماية للمستبد السوري الصغير عن طريق استعمال الفيتو . ومعلوم أن كل الأنظمة العربية المستبدة تركب الذرائع لتصفية حساباتها مع المعارضة التي تهددها . وتختلف هذه الذرائع باختلاف  الأنظمة العربية المستبدة . ولا نجد نظاما واحدا من هذه الأنظمة يعترف بأنه يسيء التدبير ويسيء السياسة ، وأن إساءته هي  السبب المباشر في وجود من يعارضه . فدائما  توجد ذرائع اكتشاف الجماعات الإرهابية المسلحة التي  تخطط لعمليات إجرامية ، وحتى الشعوب العربية المخدوعة يستغل لترويج هذه الذرائع الواهية . وأحيانا تبدو هذه الذرائع سخيفة وهجينة وفجة حيث تفتضح أساليب تلفيقها، وتكون واضحة للرأي العام باعتبار الظرف الذي تختلق فيه ، وباعتبار الأسباب التي تقف وراءها  ، ويسخر الرأي العام من تهافت هذه الذرائع  التي تركب لأغراض في نفس يعقوب . ولقد انطلقت الثورات العربية في تونس ومصر  واليمن وليبيا  سلمية ، فاضطرت الأنظمة المستبدة للجوء إلى العنف بذرائع شتى ومتباينة ،ولكن  هذه الأنظمة المستبدة اتفقت كلها على  استعمال ذريعة الكيان الصهيوني والغرب  بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية  وهي محاربة الإرهاب .و تحولت الشعوب العربية المطالبة بالحرية إلى مجرد جماعات إرهابية عند الأنظمة المستبدة . والمضحك والسخيف أن الأنظمة العربية المستبدة صارت حكايتها كحكاية أشعب الطماع الذي أراد التخلص من الصبية الذين كانوا يضايقونه، فكذب عليهم وزعم أنه يوجد في مكان ما وليمة لصدهم عنه ، ولكنه سرعان ما صدق كذبته فتبعهم ، فهذا حال الأنظمة العربية المستبدة التي صدقت أكذوبة الغرب الذي يزعم محاربة الإرهاب  ، وحاولت لبلادتها أن تعيد تسويقها في الغرب  مع أن هذه الأكذوبة كان مصدرها الغرب ، والغرب يسخر من بلادتها ، وهو الذي اضطر تحت ضغط الثورات العربية إلى التنكر لهذه الأنظمة المستبدة المنهارة . ولا شك أن التاريخ سجل كل الذرائع المفبركة من طرف الأنظمة العربية المستبدة ، كما سجل كل الفظائع المرتكبة تحت غطاء هذه الذرائع الواهية . وأخيرا أكرر لقد آن الأوان لتقع ثورة  شاملة في قيم عالم اليوم من أجل صيانة كرامة الإنسان . وسيعود الفضل إلى الشعب السوري البطل الذي قدم نفسه قربانا من أجل تحرير باقي شعوب العالم وعلى رأسهم الشعوب العربية ، وهي أكثر شعوب العالم اضطهادا من الاستبداد ومن الاستكانة له  . ولا بد أن يسقط العالم فساد قيم ما بعد الحرب العالمية الثانية  ،وعلى رأسها قيم الفيتو الظالم الذي يقايض حياة وكرامة شعوب برمتها بمصالح أنظمة مستبدة . والاستبداد اليوم يعيش  في العالم أيامه الأخيرة  حيث  يحاول الاستبداد الأكبر كالاستبداد الروسي والصيني ، والاستبداد الذي دونه  مرتبة كالاستبداد الرافضي الإيراني الدفاع عن الاستبداد المنحط في سوريا من أجل تبرير وجوده واستمراره . وسيتعلم الشعب الصيني والشعب الروسي  والشعب الإيراني من الشعب السوري البطل كيف تكون الثورة ضد الاستبداد ، وستنتقل تجربة الشعب السوري إلى أعماق روسيا والصين وإيران ، ولن  يجدي الاستبداد في العالم ركوب الذرائع لارتكاب الفظائع .وما أتفه اتهام الشعوب الثائرة ضد الاستبداد بأنها تطبق أجندة خارجية . فالأجندة الحقيقية هي أجندة داخلية  من صنع الشعوب العربية  الراغبة في الحرية  والتخلص من الأنظمة المستبدة .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *