Home»International»التخريب…الى متى ستظل هذه الظاهرة تطال كل شيء بالمغرب ؟

التخريب…الى متى ستظل هذه الظاهرة تطال كل شيء بالمغرب ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

       ان انواع التخريب عديدة ومتنوعة ، فالتخريب وباء لا يماثله لاوباء انفلوانزا الطيور ، ولا اي وباء آخر ، فكيفما كان الوباء الا وقد تتخذ بصدده العديد من الاحتياطات التي تمنع تفشيه ، وانتشاره سواء بين البشر او بين غيره من الكائنات الحية ، او قد يخترع له دواء او مصل يقضي عليه وعلى مسبباته… الا ان ظاهرة التخريب المتفشية في بلدنا بشكل مذهل اخطر من كل وباء ومن كل مرض ومن كل شيء … فلقد انتشر التخريب في بلدنا حتى انه اصبح ظاهرة عادية لدى العادي والبادي ، بل حتى صار المواطن واذا لم يمارس التخريب او لم يخرب لا يشعر بالراحة والارتياح ، واضعف الايمان  هو ان تشاهد شخصا يخرب  فلا تنهاه وانما  تتركه يفعل ما يشاء وكأن الأمر عادي وطبيعي …
     ان ظاهرة التخريب التي تنخر المغرب من الخطورة بمكان ، بل انها ظاهرة  تفعل في المغرب ما فعلته " دابة الأرض " في عصى نبي الله سليمان ، صارت تنخر العصى من الداخل دون ان تدرك الجن ذلك حتى خر جسد سليمان على الارض ، ان هذه الظاهرة الشاذة اصبحت لا تطاق ، لاسيما انها لم تعد تقتصر على مجال واحد  بل تفشت هذه الظاهرة  حتى انك لا تجد في المغرب مجالا او مكانا الا والتخريب ينخره او قد نخره ولم يبق له الا ان ينهار وينهد ، ان لم يكن قد انهار بالفعل وانهد … فالتخريب اشكال وانواع  مثله في ذلك مثل السرطان ، قد يكون ظاهرا ، وقد يكون خفيا ، والتخريب  انواع كما السرطان انواع ، والتخريب يختلف كما السرطان يختلف … فقد نجد نوعا من التخريب تمارسه الفئة المحرومة او الفقيرة  كنوع من السخط والغضب والتعبير عن عدم الرضى ، فيكون التخريب تعبير عن مكبوتات تجاه الظلم الاجتماعي الذي تشعر به الطبقة المحرومة  فتجدها تخرب الممتلكات العمومية  من انارة ، ومخادع للهاتف ، ومنشئات عمومية او خصوصية ، او نباتات وأغراس ، كما يلاحظ الطريقة التي يتم بها تخريب هذه الأشياء والتي هي في بعض الأحيان مصنوعة بالحديد والفولاذ  وخير مثال على ذلك تخريب الحواجز الحديدية التي  تثبت في وجدة  على الأرصفة  سواء بساحة سيدي عبد الوهاب  او في الباب الغربي ، وكما خربت قبلها  الأعمدة الكهربائية الجميلة التي كانت قد وضعت على طول ارصفة شارع محمد الخامس ، بحيث ان كل السلطات كانت تتفرج على هذه الأعمدةالتي كانت تخرب امام اعينهم دون ان يحركوا ساكنا ، كما خربت بنفس الشارع المزهريات  المزركشة والتي كانت قد نقشت بالزليج الفاسي ياحسراه…فما كان من السلطات المسؤولة الا ان سايرت ظاهرة التخريب فزكتها  بحيث نجد السلطات نفسها قامت بتخريب ماتبقى من تلك المزهريات لتستبدلها  بمزهريات اسمنتية " مقرفة" تخلو من كل جمالية  .كما ان التخريب يطال ايضا الطرق العمومية سواء من طرف الخواص او من طرف الشركات والمقاولات المكلفة بقنوات الماء او الكهرباء او الهاتف ، وغيرها من الشركات التي تقوم بحفر الطرق  وتتركها عبارة عن خنادق ، وأخاديد وحفر ، وحتى وان قامت باستصلاحها فانما تقوم بذلك بشكل يدعو الى الأستغراب  ، والتعجب ، فالعديد  من هذه الشركات لاتقوم الا بوضع قدر من الزفت والحصى  في الخندق الذي  حفرته لتوهم  الدولة انها اصلحت ما افسدته ، وما ان تسقط الامطار  حتى ينكشف المستور  ، ولكن لا أحد يبالي  ممن يحق له ان يبالي ..ومثل هذا التخرب لا تنفرد به مدينة وجدة وحدها وانما هو ظاهرة مرضية مشتركة بين كل المدن المغربية …
      كما تفشى نوع آخر من التخريب الى الرمال والجبال ، بحيث ان  رمال الشواطيء  ومقالع الأحجار  والغابات تنهب بشكل مثير للاشمئزاز  ، يعبر عن انعدام الروح الوطنية ، وانعدام اية غيرة على رمال الوطن وعلى جبال الوطن  وعلى غابات الوطن ، فكل ما يهم هذا النوع من المخربين هو تكديس الثروات والأموال على حساب  جمالية  المغرب  ومناظره البيئية والطبيعية ، وهذه الفئة من المخربين ليست من الطبقة المحرومة او الفقيرة  ، وانما هي ثلة من الانتهازيين الذين يرون في ثروات المغرب  الطبيعية  كنزا ينبغي ان يستفردوا به  وحدهم  ، وينخروه  الى آخر حبة من الرمل او آخر شجرة في الغابة او آخر حجرة في الجبل ، فلا يهمهم لا وطن ، ولا شاطيء ولا غابة   وانما شعارهم هو " الأستنزاف "… استنزاف كل شيء في البلد  … حتى انني يوما قرأت في جريدة لم اعد اتذكر عنوانها " ان الرمال  تنهب من الشواطيء المغربية وتباع لآسبانيا التي تنشرها بشواطئها "  …فقلت معي نفسي عجبا كيف يجروء مواطن  له ادنى احساس وطني  على بيع رمال بلده  وبيع جمال بلده  لبلد آخر وهمه الوحيد هو جني الثروات وتكديس الملايير …حتى وان كان هذا المواطن في مركز من مراكز المسؤولية …
     ومن التخريب الخطير الذي يستشري ايضا في الجسم المغربي  ، والذي نخر هذا الجسم ، وما زال ينخره كالسرطان الفتاك ، هو التخريب الأقتصادي ، وسرقة المال العام ، بحيث ان ملفات الفساد المالي التي  تم اكتشافها  وفتحها في العديد من مؤسسا ت الدولة خير مثال على ان ظاهرة التخريب  هي أخطر من كل وباء ، فالتخريب الذي طال  المال العام  واستنزافه من طرف من ائتمنه  المغرب على هذا المال  اصبح امرا مخيفا  لا سيما ان هذا النوع من التخريب الذي طال العديد من المؤسسات البنكية  مثل القرض الفلاحي ، والقرض العقاري ، والضمان الأجتماعي ، بل لا يمكن ان تجد جماعة قروية او بلدية او جماعة حضرية، ولا تجد غرفة تجارية عصرية او تقليدة او فلاحية  الا وتشم فيها رائحة الفساد المالي ، وتخريب ميزانيتها من طرف كل او بعض او أحد المسؤولين عليها  والذين انتخبهم الشعب لينوبوا عنه في تسيير اموروتدبير شؤون هذه المؤسسات  ، ليكتشف هذا الشعب وبعد فوات الأوان ان هؤلاء هم ثلة من المخربين  خدعوه كما خدعوا وطنهم ، فصاروا كما قال  تعالى تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون … وغيرها من انواع التخريب التي صارت ملفاتها تحمل اسماء المخربين …هذا النوع من التخريب الذي لم يتوقف لحد الآن فما نزال نسمع  كل يوم او كل شهر او كل اسبوع فضيحة من الفضائح المالية  التي تنفجر هنا او هناك  في هذه المؤسسة او في تلك ، في هذه الادارة او في تلك ، في هذه المدينة او في تلك …حتى ان جرائدنا اصبحت لا تخلو  من الحديث عن هذه الفضائح المالية  ، عفوا عن هذا التخريب المالي …والذي يظهر ان المغرب اصبح عاجزا عن محاربته او استئصاله رغم عرض العديد من ملفاته على المحاكم …حتى ان جرأة المخربين  بلغت بهم الى حد الممتلكات الملكية  فصاروا ينهبون ويسرقون ما في القصور من اواني  ، وكؤوس …الخ
      ان ظاهرة التخريب   تعتبر بالفعل نزيفا  خطيرا ، ووباء مستفحلا يهدد كل شيء في المغرب  ، من ممتلكات ، ومرافق ، ومنشئات ، ومؤسسات ، وميزانيات ، وأراضي الدولة ، ورمالها ، وجبالها ، وغاباتها  …والقائمة طويلة  وطويلة جدا  ، واذا لم  تواجه هذه الظاهرة المرضية  بنوع من الجدية والحزم  فانها  وبدون شك  ستؤدي الى انهيار المغرب ، وحتى اذا لم تؤدي  الى انهياره  فانها ستؤدي به الى الأنهاك ،والشلل ، مما سيجعله ما ان يجذب رجلا من الوحل حتى تغرق رجلا أخرى اكثر بكثير مما كانت عليه من قبل …ان التخريب وباء سرطاني لا ينبغي ان يواجه بالمسكنات ، ولا بطرق خجولة ، وانما ينبغي استئصاله  بأية طريقة كانت حتى وان كانت العملية  جراحية لأن الذي ينبغي انقاذه هو الجسد  : هو الوطن … انه المغرب.
بقلم : الحوسين قدوري

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. youssef
    16/06/2006 at 18:56

    salam
    je ss tt a fait d accord avec monsieur kadiouri et j apprecie bien les efforte qu il fait pr lutter contre ces degradation qui joue le role d un obstacle devant notre devlopement et j espere que chaqu un entre ns assume ses responsabilites et qu on se remette en question pr bien gerer notre ville et et partciper a son entretien ,son devollopement et sortir de cette marjinalite on s imposant au iveau national,merci .votre eleve s.ex 2002/2003

  2. عمر
    16/06/2006 at 18:56

    لو طبق شرع الله لما تجرء المخربون على التخريب اما خوفا من الحد واما ايمانا وخوفا من الله لان المؤمن يستحضر خوف الله قبل ان يقبل على تصرف وغير المؤمن يستحضر الحد فيرعوي

  3. المعدودي محمد
    26/01/2007 at 23:41

    اشكرجزيل الشكر كاتب هادى الموضوع’ واود ان اقرا موضوعا مماثل على ضاهرة التخريب داخل الماسسات التعليمية .
    وشكرا
    maadoudi.mohamed@hotmail.com

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *