Home»International»الربيع العربي كشف عن تشبث الأمة العربية بقيمها الدينية لكن بقايا وجيوب الأنظمة الفاسدة لا زالت تتشبث بمظاهر فسادها

الربيع العربي كشف عن تشبث الأمة العربية بقيمها الدينية لكن بقايا وجيوب الأنظمة الفاسدة لا زالت تتشبث بمظاهر فسادها

0
Shares
PinterestGoogle+
 

الربيع العربي  كشف عن تشبث الأمة العربية بقيمها الدينية  لكن بقايا وجيوب الأنظمة الفاسدة لا زالت تتشبث بمظاهر فسادها

محمد شركي

لا يختلف اثنان، ولا يتناطح  أقرنان في كون الربيع العربي هو تعبير واضح عن رفض الأمة العربية للفساد والإفساد بكل أشكاله ومظاهره . وقد تأكدت هذه الحقيقة  الجلية عندما أجرت بعض الدول العربية سواء التي سقطت فيها أنظمة ، أو التي لم تسقط انتخابات كشفت عن تمسك الشعوب العربية بقيمها الدينية ، وهو ما أوصل الأحزاب  المحسوبة على الإسلام إلى مراكز صنع القرار رغبة في الدين لا حبا فيمن يدعيه  رغم أنف الغرب  وأنف الأنظمة التي  يتحكم في قراراتها بطريقة أو بأخرى . وبالرغم من هذه الحقيقة  التي لا ينكرها إلا جاحد أو منكر ،لا زالت جيوب  وبقايا الفساد في بعض البلاد العربية موجودة تتحين الفرص من أجل إعادة الأمة إلى مربع الفساد والإفساد . ولا زالت بعض وسائل الإعلام في البلاد العربية كما كانت في فترة الفساد والإفساد تقدم كل ما يناقض خيار الشعوب من قيم منحطة  من خلال  برامجها الثقافية والفنية . بالأمس تابعت خبرا على قناة الجزيرة القطرية مفاده أن صراعا يدور في تونس حول  منع الراقصتين المسيحيتين إليسا ونانسي من حضور مهرجان قرطاج .  وسمعت تصريح وزير الثقافة ، وتصريح  أحد وجوه عهد الرئيس الفاسد المفسد الفار بجلده بعد جرمه ضد شعبه  . فواقع تونس يقتضي أن يتغير مهرجان قرطاج من مهرجان الفنون العابثة والماجنة إلى مهرجان الفنون الراقية التي تناسب القيم الدينية التي اختارها الشعب التونسي من خلال نتائج صناديق الاقتراع. وعندما  نطرح موضوع منع الراقصتين الماجنتين من حضور هذا المهرجان  للمناقشة الجادة نجد أن سبب المنع هو  عريها أمام الجمهور. ومعلوم أن الثقافة الإسلامية لا تسمح بكشف العورات ، كما أن ثقافات أخرى لا تسمح بأمور أخرى وفق معتقداتها. فإذا كانت الثقافة الدينية للراقصتين لا ترى بأسا في عريهما ، فإن الثقافة الإسلامية ترى العكس . فلماذا سيحتج  البعض عن إقصاء الراقصتين في بلد اختار شعبه التشبث بالقيم الإسلامية من خلال  اللعبة الديمقراطية  وليس من خلال  اللعبة الدكتاتورية المكشوفة التي  قبل بها  الذين يتباكون اليوم على زبالة مهرجان قرطاج ، وهو مهرجان كان يستغله الدكتاتور الفاسد المفسد لإشاعة الفساد في البلاد وشغل الناس عن استبداده  وفساده وفجوره ؟  ولنناقش الذين أغضبهم قرار منع الراقصتين بسبب عريهما  ، فنقول : هل عري المرأة فن ؟  وإذا كان جوابهم بنعم ،فستكون الحمامات والشواطئ أولى بأن يحج إليها الناس عوض مدرج قرطاج .

فالناس الذين يحجون إلى هذا المدرج يرغبون في معاينة الفن الذي تعتبر وظيفته السمو بالنفس البشرية والتعبير عن المثل العليا. أما إذا كان الفن  هو مجرد إثارة الغرائز البهيمية ، فسيستوي البشر بالبهائم ، بل سيكون فن البهائم أرقى لأنها عارية بطبيعتها . إن الذين يحتجون على منع الفن الخليع في المجتمعات العربية بعد ربيعها  الواعد ، إنما هم بقايا وجيوب الأنظمة الفاسدة الذين كانوا يساهمون في الفساد والإفساد. وهؤلاء من المرضى نفسيا ، والذين  يموهون عن التنفيس عن مكبوتاتهم تحت شعار الفن ، وهم لا يملكون الشجاعة  للكشف عن شبقهم الجنسي ،  إذ لا يصر على التفرج على جسد المرأة العاري باسم الفن سوى أصحاب آفة الشبق ، وهو مرض معروف عندما يتجاوز الإنسان حدود المعايير الطبيعية  لحاجته الغريزية . ومعلوم أن الفن المنحط يستعمل الإغراءات الجنسية كوسيلة  لتسويق بضاعته الغثة . فقد يكون ما يقدم باسم الفن مجرد إنتاج مسف  وتافه ،فيلجأ أصحابه إلى جسد المرأة لتمريره عبر غرائز الجمهور، لأنه لا يمكن أن يمر عبر أذواقهم  السليمة . ولهذا يراهن أصحاب الفن المنحط على إثارة الغرائز قبل إشباع الأذواق السليمة ، ويحرصون على أن يتابع جمهورهم  فنهم العفن بالجزء الأسفل من جسده. واستغربت  شيبة عجوز تونسي  يستنكر إقصاء الراقصتين، وليس بينه وبين القبر إلا أيام معدودة . وليس النموذج التونسي النموذج الوحيد لبقايا وجيوب أنظمة الفساد والإفساد، بل كل البلاد العربية فيها هذه الجيوب والبقايا . فما طرح في تونس بخصوص مهرجان قرطاج ، سيطرح حتما عندنا بالنسبة  لموازين ، وللمهرجانات الصيفية والموسمية ، حيث سيستمر الفن العفن الذي يكرس مساوىء الأخلاق والقيم المناقضة لخيار الشعب المغربي بعد ربيعه السلمي المتعقل. وستتعالى أصوات السفهاء  الذين دأبوا على تسويق الفن الرخيص الذي لا يجاوز نصف جسم الإنسان الأسفل ، وسيجدون الفرصة سانحة للإجهاز على الإسلام وعلى كل من له صلة به ، وسيلصقون به تهم  التخلف والتسلط ، ومحاربة الفن وغير ذلك من التهم المعروفة سلفا عند السفهاء. ومن سفاهة هؤلاء اعتقادهم أن خيار الشعب إنما مس الجانب السياسي دون باقي الجوانب . فالتجربة الانتخابية بالنسبة لهم مجرد وصول  أحزاب محسوبة على الإسلام إلى الحكم ، وباقي المجالات يجب أن تظل كما كانت في فترات الفساد والإفساد .

فعند هؤلاء ليس من حق حكومة  ذات أغلبية إسلامية أن تمس الفن أو الثقافة  أو الإعلام  أو غيرها ، بل لا بد أن يظل الإعلام  والفن والثقافة كما كانوا يوم كان القرار بيد أحزاب محسوبة على اليسار بأطيافه العلمانية المقنعة والصريحة . ومعلوم أن  ما يسمى اللعبة الديمقراطية في كل بلاد العالم تخول لمن ربح اللعبة أن يجرب برنامجه الذي يغطي كل مجالات الحياة، والتي تتفاعل فيما بينها جدليا تأثرا وتأثيرا، لكن بقايا وجيوب الفساد والإفساد لا تقبل هذا المنطق، بل تفرض على الرابح في اللعبة أن  يكون خاسرا في تطبيق برنامجه ، مما يعني أن فهمهم للعبة فهم رديء وسيء . والغريب أن هؤلاء كانوا  يحشرون أنوفهم في قضايا الدين والتدين  يوم كانت زمام الأمور بأيدهم ، فكم من قانون سنوه من أجل الإجهاز على كل ما له علاقة بالدين ، فلما صار الأمر إلى غيرهم بضغط الشارع وإرادة الشعب ، أصبحوا لا يقبلون بمن يرفض فسادهم وإفسادهم في مجالات كانوا يعيثون فيها فسادا . فعلى الأحزاب الفائزة في الانتخابات و المحسوبة على الإسلام في البلاد العربية أن تطبق برامجها  ، وألا تخضع لابتزاز جيوب وبقايا الأنظمة الفاسدة المفسدة  ، ولا مانع لما أعطى الله عز و جل، ولا معطي لما منع ، وله سبحانه الأمر من قبل ومن بعد .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.