Home»International»عالمية الإسلام تدحض كل طائفية وتسفهها

عالمية الإسلام تدحض كل طائفية وتسفهها

0
Shares
PinterestGoogle+
 

عالمية الإسلام تدحض كل طائفية  وتسفهها

محمد شركي

كلما حلت مناسبة المولد النبوي الشريف فضح النقاش الدائر حول قضية الاحتفال بها أو عدمه  النزعات الطائفية بين الجماعات المنتسبة  للإسلام أو المدعية لهذا الانتساب . فالمعروف عن الإسلام عالميته بموجب نصوص القرآن الكريم التي لا تقبل التأويل كقوله تعالى مخاطبا نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم : (( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبيء الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون )). فهذا النص شهادة من الله عز وجل بأن الإسلام دين الناس كافة ، وأنه دين عالمي ، وهو أمر أكده  حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : «   أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ـ ولا أقوله فخرا ـ بعثت إلى الناس كافة الأحمر والأسود ، ونصرت بالرعب مسيرة شهر ، وأحلت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأعطيت الشفاعة ، فأخرتها لأمتي يوم القيامة لمن لا يشرك بالله شيئا  » . ومع ثبوت عالمية الإسلام بشهادة القرآن والحديث الشريف ،تتهافت كل دعوات الطائفية في الماضي والحاضر ، إذ لا يمكن  أن تستوعب الطائفية دينا له صبغة العالمية. فالبشرية عبارة عن أجناس وأعراق  وألوان ، وألسنة ، وعادات ،وثقافات ، والإسلام يستوعب كل هذه الاختلافات بين البشر من خلال جمعهم وتوحيدهم في إطار يستوعب  الاختلافات ، في حين أن كل نزعة طائفية لا بد أن تصطبغ بصبغة هذه الاختلافات  بحيث يغلب بعضها على بعض، لأن الطائفية في حقيقة أمرها عصبية ،أو تعصب لخاصية أو ميزة توجد في  طائفة دون غيرها من الطوائف ، بينما العالمية تتجاوز العصبية ،بل لا يبقى للعصبية مبرر مع وجود العالمية .

وإذا ما انطلقنا من قضية الاحتفال بمناسبة المولد الشريف ، فسنتبين بشكل واضح كيف تدحض عالمية الإسلام طائفية بعض الذين يدعون الانتماء إليه وتسفهها  ، وهؤلاء لا يقفون عند حد هذا الادعاء ، وفيه نظر ، بل يحلمون بصبغ طائفيتهم بصبغة العالمية أيضا . فمن مظاهر الاختلاف بخصوص الاحتفال بمناسبة المولد النبوي الشريف  بين بعض  هذه الطوائف أن طوائف  ما يسمى الطرق الصوفية  تتخذ من هذه المناسبة  فرصة للدعاية إلى طرقها ، وإذاعة ونشر طقوسها بين الناس تحت ذريعة الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويحصل كل شيء في احتفالات هذه الطرق من  شطحات وترانيم ، وتقبيل لأيدي وأرجل  شيوخ الطرق ، وتمسح بهم ، وبأماكنهم وبأضرحتهم ، وشرب ما يفضل عنهم من ماء  الوضوء ، أو ماء غسلت به أيديهم وأرجلهم تبركا على حد زعمهم  دون أن يوجد ما يؤشر على الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريقة يقبلها الإسلام  باستثناء تلاوة ما تيسر من القرآن الكريم  ، وربما انصرف المريدون في بعض الطرق عن تلاوته ساعة تجلي الشيوخ لهم ،وربما ألقيت المصاحف على الأرض  انشغالا  بهؤلاء الشيوخ كما بلغني بذلك بعض شهود العيان .

وأغلب ما يسيطر على جلسات الاحتفال بالمولد طقوس وأذكار الطرق الصوفية الموسومة  بطابع الطائفية ضرورة ولزوما . ومقابل  هذا الاستغلال المتعمد لمناسبة المولد عند الطرق الصوفية لتسويق وترويج بضاعتها الطرقية ، نجد رفض ما يسمى طائفة السلفية لفكرة الاحتفال بالمولد جملة وتفصيلا ، وهو موقف متطرف  يطبع العديد من سلوكات ومواقف هذه الطائفة  التي تريد فرض وصايتها على الدين معتقدة بصواب رأيها مع تسفيه آراء غيرها  ، أو بتعبير دقيق تريد إضفاء صبغة العالمية على طائفيتها لمجرد أن الحكام الذين  تقع تحت مسؤوليتهم الإشراف على الأماكن المقدسة المرتبطة بالركن الخامس من أركان الإسلام  وهو الحج ، اختاروا الانحياز لطائفة السلفية التي تدعم حكمهم ، وهم يتعسفون في فرضها على من يحج من المسلمين إلى بيت الله الحرام ، من خلال سلوكات مستهجنة  يحاولون أحيانا فرضها على الحجيج  بوسائل القوة واستخدام الشرطة ،  ويعتبرون أنفسهم أوصياء على دين عالمي  لا يقبل التقنين في إطار الطائفية الضيقة. وهؤلاء السلفيون يرفضون الاحتفال بمناسبة المولد النبوي الشريف ليس إحقاقا للحق ، وإنما تعصبا لطائفيتهم ، وتسويقا لها في إطار صراعهم التاريخي مع  الطرق الصوفية  ومع غيرها من الطوائف.

والحقيقة أن الطائفية مهما كان نوعها أو شكلها فمردودة على أصحابها  بموجب عالمية الإسلام. وكل من احتفال الطرق الصوفية بالمولد  ابتداعا ، وما يقابله من إنكار  من قبل السلفية  عبارة عن تطرف طائفي ، أو فعل ورد فعل  مقابل،  لا علاقة للإسلام العالمي بهما. ولا تقتصر الطائفية على الطرقية والسلفية ،بل  يوجد أيضا ما يسمى الشيعة  أو الرافضة الذين يرفضون من لا يدخل ضمن طائفيتهم. وهم  أيضا يستغلون مناسبة المولد النبوي الشريف  لتمرير عقيدتهم وتسويقها  بين الناس عن طريق تقديس مراجعهم الدينية  بشكل لا يختلف عن تقديس أتباع الطرق الصوفية لشيوخهم ، بحيث تصير مظاهر تقديس المرجعيات واحدة لا فرق بينها سوى اختلاف تسمية  تلك المرجعيات ،حيث   يقابل اسم الإمام اسم الشيخ ، إلى  جانب تقديس أضرحتهم التي صارت عبارة عن أصنام ،  فضلا  عن شطحاتهم الخاصة بهم  على غرار شطحات الطرقية مع اختلاف  في الأسلوب حسب طبيعة الطائفية من قبيل ضربهم للصدور واللطم  ، وإدماء الأطراف بالمدى والسلاسل بسبب وجود طقس المناحة عند هذه الطائفة  ،  إلى  جانب رفع العقيرة بالطقوس والأذكار الطائفية ، ومحاولة نسبة كل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذا محاولة عولمته. و طائفة السلفية كما ترفض طريقة احتفال الطرقية بالمولد ،  ترفض أيضا طريقة احتفال الشيعة به لما بين احتفال الطائفتين من تقارب في الطقوس مع اختلاف في الخلفيات العقدية الطائفية هنا وهناك .

وتوجد طوائف أخرى من المسلمين على غرار ما ذكرنا ، وطوائف ينزعون نحو العالمية ، فتزول عنهم صفة الطائفية . وفيهم من يحتفل أو يرفض الاحتفال بمناسبة المولد الشريف أو لا يبالي به  تحديدا ، وهم ليسوا من الطرقية أو السلفية أو الشيعة ،إلا أن  طريقة احتفالهم  لا تثير الانتباه ولا تحيل على طائفية بعينها تروم تسويق بضاعتها على غرار الطرقية والشيعة ، بل يحاولون فقط  إبداء مظاهر الابتهاج بهذه المناسبة دون طقوس  مثيرة كطقوس الطرقية والشيعة ،ودون تشنج  في رفض الاحتفال كتشنج السلفية . فاقتصار بعض الناس على استحضار ذكرى المناسبة  من خلال ما شرع إسلاميا من تلاوة للقرآن الكريم ، واستعراض للسنة النبوية الشريفة  بغرض  تعميق المعرفة بصاحب الرسالة عليه السلام من أجل الاقتداء به كما هو مأمور بذلك شرعا لا يخرج هؤلاء الناس عن إطار عالمية الإسلام إلى إطار الطائفية،لأنهم لا يسوقون  لطقوس خاصة بهم كما تفعل الطوائف  ذات الطقوس الخاصة . وغالبية المسلمين في العالم يحتفلون بمناسبة المولد الشريف في إطار عالمية الإسلام وبعيدا عن إطار الطائفية  التي لا يقف أصحابها  عند حد تسويقها محليا أو إقليميا بل يحاولون نشرها عالميا . وقد تفخرـ غرورا ـ  بعض الطوائف بأنها تستقطبت الأسود والأحمر في هذه المناسبة باعتماد حضور بعض الأفراد  المحسوبين على رؤوس الأصابع من بعض الأجناس  والأعراق، وهم من هواة العقائد الشاذة ، أو من أصحاب ما يسمى السياحة الروحية  بحثا عما يسمى الموسيقى أو الترانيم  الروحية لممارسة اليوجا المنسوبة للإسلام افتراء عليه .  وأخيرا نقول إن عالمية الإسلام  تدحض كل طائفية ، وتسفهها  سواء تعلق الأمر بقضية الاحتفال بمناسبة المولد أم بغيرها من الممارسات الطائفية التي يحاول أصحابها نسبتها زورا وبهتانا للإسلام  من أجل عولمتها  ووراء العولمة ما وراءها من مصالح طائفية مكشوفة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.