Home»National»الحقل السياسي بالمغرب وتدبير التعدد الثقافي على طاولة البحث العلمي الأكاديمي

الحقل السياسي بالمغرب وتدبير التعدد الثقافي على طاولة البحث العلمي الأكاديمي

1
Shares
PinterestGoogle+

د. بلقاسم الجطاري جامعة محمد الأول وجدة

بعيدا عن التصريحات المبدئية والخطابات المثقلة بالسجال الإيديولوجي، يتعلق الأمر في تقديرنا بمطلب استراتيجي في حياة مجتمعات اليوم .انه السعي إلى الترسيخ الفعلي للتعدد الثقافي ، في زمن الاختراقات الرمزية اللا-محدودة ، وفي وقت يتميز فيه المنتوج الثقافي بهشاشة ملحوظة على أوسع نطاق .
يتعلق الأمر اذن بمرافعة أكاديمية ،عليها أن تعالج موضوعا شائكا ولا يخلو من مغامرة فكرية
تسافر الثقافة اليوم عبر القارات كما تسافر التكنولوجيا والمنتجات الاقتصادية بالذات . فكما تم إعفاء السلع والبضائع من الرسوم الجمركية الوطنية ، أو على الأقل التخفيف من مساطر ولوجها إلى الأسواق المحلية ، تم إعفاء المنتجات الثقافية أيضا بنفس المنطق التسويقي . وقد استفادت المنتجات الثقافية بدورها من حماية تشريعية دولية كما استفادت نظيرتها المادية . ومن الأكيد أن بصمة المصالح الإستراتيجية للدول والاقتصاديات العظمى واضحة في ذالك .لهذا ، ربما كان السؤال الأهم والذي ينبغي طرحه باستمرار في هذه النقطة ، بالنسبة للسياسات الثقافية الوطنية ، وهي في غمرة استقبالها لهذا الزخم الرمزي الكوني الذي  يتدفق دون استئذان ويخترق الحدود القومية ،سؤالا ينصب على كيفية تدبير هذا الزخم، وبالتالي تكييفه مع الحاجيات الثقافية الوطنية بمنافع أكثر وخسائر أقل . ومن هنا بالذات  إمكانية المساهمة في هذا الإنتاج الثقافي الذي يكتسي صبغة كونية ، عوض الاكتفاء باستهلاكه فقط ؟

  ما هي الإمكانيات الحقيقية التي يقدمها الحقل السياسي بالمغرب، كنظام من القيم والمؤسسات، أو بعبارة أخرى كثقافة سياسية حديثة، في تدبير الحقل الثقافي والمساهمة في حل المشاكل التي يطرحها بصفة دائمة ؟ ما هي الشروط المفترضة والعوائق المطروحة ؟
في أي أفق استراتيجي يمكن أن نفترض أن تحديث الحقل السياسي  ذاته، ينبني على مشروعية ثقافية وسوسيولوجية؟ وفي أي أفق استراتيجي أيضا يمكن القول أن التحديث السياسي للأحزاب المغربية يشكل مدخلا ضروريا لتثبيت التعدد والاختلاف في الحقل الثقافي على أرض الواقع ؟

  هل يستطيع المغرب أن يخوض هذه التجربة على قاعدة سوسيولوجية وسياسية سليمة؟ ؟
إن البدائل التي طرحتها أو ما زالت تطرحها الأحزاب المغربية ببلادنا، في تقديرنا الشخصي ،بدائل هشة وعرضية وفاقدة للحس الاستراتيجي ..
في دراسة  متميزة صدرت حديثا  حول الأنماط الثقافية للعنف، جاء ما يلي:
إن أنماط العنف هي مجموعة رمزية من أشكال السيطرة الاجتماعية المرئية وغير المرئية تجاه العنف ، يتم الإفصاح عن آثارها والفرضيات وراءها في نمط من المعتقدات والمواقف والتصرفات الثقافية
إن إهمال التعدد الثقافي للمجتمع المغربي في السنوات الماضية ، في تقديرنا الخاص، كان عاملا جوهريا  في تقوية وشرعنة العنف بكل أنماطه ومنابعه على أسس ثقافية راسخة، سواء في حقل الدولة أو في حقل المجتمع . وعلى النقيض من ذلك تماما ، يمكن القول أن الإقرار بالتعدد الثقافي على أسس سوسيولوجية وسياسية سليمة ، مدخل استراتيجي للتخفيف من حدة العنف، ومن ارتفاع نسبة الإيمان في فعاليته نتيجة للغواية اللاشعورية التي يمارسها على الأفراد والجماعات ، وبالتالي للتمكن  من إبطال شرعيته على المدى القريب والبعيد ، سواء في علاقتنا بذواتنا ويبعضنا البعض، أو في علاقتنا التراجيدية بهذه العولمة العنيفة جدا …..
هل يمكن في عالم اليوم وفي اللحظة الراهنة غض الطرف عن الامتدادات  السوسيولوجية والسياسية والحقوقية واللغوية القوية للتعدد الثقافي في بلادنا ، أحيانا من خلال الاستنجاد فقط بالزخم الديني القوي للوحدة المذهبية ولمعتقد الإجماع ، وأحيانا أخرى من خلال الاحتماء بترسانة استخباراتية  وتقارير أمنية فخورة بنفسها ولايطالها القانون، ولا تراقبها مؤسسة من مؤسسات الحقل السياسي أو الحقوقي ،بالإضافة إلى اعتماد سياسة الترويج على أوسع نطاق دولي ووطني ، لشعارات جوفاء لا يكاد يثق فيها ويبتلعها سوسيولوجيا ، إلا الذين يروجون لها  ؟
لا يبدو الأمر ممكنا على الإطلاق في الوقت الراهن وفي المستقبل أيضا

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *