من يأخذ بيد التلاميذ الراسبين في مختلف المستويات الإشهادية؟
ينتظر الاباء والاولياء بشغف كبير قبل ابنائهم، صدور نتائج آخر السنة خصوصا في المستويات الإشهادية (السادس ابتدائي +الثالث اعدادي + البكالوريا) وقد تزداد الفرحة اكثر عندما يتحصل هؤلاء التلاميذ والتلميذات على معدلات عالية تؤهلهم اولا لولوج اكبر المعاهد الوطنية والدولية التي تشترط ذلك، ثانيا تكريمهم في مختلف الحفلات المنظمة لهذا الغرض سواء تلك المنظمة من طرف المؤسسة التي يدرسون بها او النيابة و الاكاديمية التابعين لها، انها بحق اهم مناسبة تستحق التشجيع والتكريم اكثر من غيرها لأنها من جهة تكرم طالبي العلم، ومن جهة اخرى تكرم جيل المستقبل الذي سيتسلم مشعل الوطن.
في المقابل نسينا او تناسينا الفئة الكبرى من هذه الشريحة وهي ايضا من طالبي العلم وجيل المستقبل مثلها مثل الفئة المكرمة واعني بها فئة الراسبين ،فبقدر الفرحة المعلنة التي تجتاح نفوس الناجحين تقابلها احزان وجروح عميقة مكتومة داخل نفوس الراسبين ولا تجد من يواسيها او يستنهض هممها لمواصلة الطريق ،لقد كلفنا انفسنا كثيرا لإحصاء عدد الناجحين وترتيبهم ،كما كلفنا انفسنا كثيرا لإقامة الحفلات لتكريمهم ،لكن لم نكلف انفسنا مثقال ذرة لإحصاء المشاكل النفسية المدمرة التي تعيشها الفئة الثانية وترتيبها وانعكاساتها داخل الاسرة بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة.
قد يقول قائل ان فئة الراسبين لم تبذل مجهودا وتكاسلت وبالتالي حصدت ما زرعت ، صحيح قد ينطبق على بعضها بحجة توفرها على كل الوسائل التي تمكنها من تحقيق نتائج جيدة ،ولكن في المقابل توجد نسبة كبيرة منها تتمتع بعبقرية فائقة قد تفوق ما نتصور لكن ظروفها الاجتماعية والاقتصادية الغير مستقرة حالت دون اكتشاف قدراتها ويمكن الرجوع لأي استاذ ومربي ليحكي ولو قصة واحدة درامية عاشها داخل فصله وحتما سيعيشها في السنوات المقبلة.
في الوقت الذي يخطو فيه بلدنا اشواطا مهمة على درب الديموقراطية والمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية، لما لا تكن اذا المدرسة الوطنية هي السباقة قبل غيرها لتحقيق هذا الهدف، ولتكن الفئة التي تعيش مشاكل اجتماعية ونفسية اولى بالاهتمام من غيرها، وبعد ذلك يمكننا ان نتكلم عن نسبة النجاح التي نتوخاها جميعا.
فعلا هناك مبادرات خيرة سواء من طرف الوزارة الوصية او الجمعيات او الافراد لمساعدة هذه الفئة ولكن مع الاسف غالبا ما تكون مساعدة مادية مناسباتية مثل توفير بعض المستلزمات الدراسية بداية كل سنة وبعدها ينتهي كل شيء، لكن الامر اعقد من ذلك، بل الواجب يقتضي مواكبة هذه الفئة خلال السنة الدراسية ورصد نوع المشاكل لإيجاد الحلول المناسبة لها وعليه ابدي اقتراح متواضع لعله يشكل ارضية لمقترحات اخرى خصوصا من لدن المتدخلين في الشأن التربوي لتخفيف من معاناة هذه الفئة وهو التالي:
تغيير مصطلح « مركز الاستماع » الى « مجلس استماع ومساعدة » لان الصيغة الحالية التي يشتغل بها مركز الاستماع ان وجد طبعا لا يتعدى مستوى نادي داخل المؤسسة يشرف عليه استاذ متطوع لا يمكنه الوصول الى النتائج المرجوة ويجد نفسه يتخبط لوحده دون تدخل اطراف اخرى، على هذا الاساس يجب خلق مجلس استماع ومساعدة يجمع في عضويته اطرافا مختلفة، اساتذة، مساعد او مساعدة اجتماعية، جمعية اباء واولياء التلاميذ، الإدارة، اعضاء من الفاعلين الاقتصاديين ومحسنين…. طبعا بدعم ومساندة من الوزارة الوصية ممثلة في النيابة والاكاديمية.
تناط بهذا المجلس اعداد مشروع فعلي يمكن تقييمه في اخر كل سنة دراسية، للوقوف حقيقة على انواع الصعوبات والحلول المقترحة ولا باس من اقتراح بعض المهام المسندة اليه:
1- وضع برنامج سنوي تحدد فيه اوقات التواصل مع التلاميذ وكذا الاجتماعات الدورية للمجلس.
2- القيام بإحصاء التلاميذ والتلميذات المحتاجين للتدخل وتصنيف نوعية مشاكلهم وتعتبر هذه العملية التشخيصية مهمة جدا ويمكن الحصول عليها من طرف الادارة او عن طريق الاستمارات,
3- دراسة الحالات وتوجيه اصحابها على ذوي الاختصاص فمثلا اذا كان الامر يتطلب تدخل مادي فهناك عدة مصادر يمكن اللجوء اليها كمساعدة جمعية اباء وامهات التلاميذ، جمعية مدرسة النجاح، اطلاق عملية تكفل بتلميذ او تلميذة سواء من داخل المؤسسة او خارجها وهي عملية رائعة جدا اثبتت مفعولها في كثير من الدول وما بالك في بلد مسلم، اما اذا كان الامر يستدعي تدخل نفسي فهو الاخر له مستويات قد يبدأ من داخل المؤسسة ليصل الى مستوى اكبر(كلينيكي).
4- تدخل اذا كان الامر يتطلب دعما دراسيا ليس باقتراب موعد امتحان بل طيلة السنة وللمجلس صلاحية اختيار الوسيلة المناسبة.
5- القيام بالتواصل مع الاباء والاولياء سواء باستدعائهم داخل المؤسسة او زيارتهم الى مقر سكناهم بعد موافقتهم ,
6- الرفع من معنويات التلاميذ الذين لم يتوفقوا في اخر السنة لسبب من الاسباب وذلك بمحاورتهم والاستماع الي شكاويهم واسباب تعثرهم وبالتالي توجيههم واعطاء النصائح الضرورية لتجاوز هذه الازمة العابرة ،وتعتبر هذه العملية هامة جدا وكثيرا ما نجهلها او نتجاهلها لتبقى حبيسة داخل نفسية التلميذ والتلميذة وقد لا تتعدى حدود الاسرة وهو امر له مخاطر كثيرة قد تؤدي الى الانهيار الكلي ورفض لمواجهة تحديات الدراسة والتحصيل العلمي.
ختاما يجب اعادة النظر جذريا في العديد من المسلمات والخلفيات في واقعنا التربوي لنحقق فعلا الشعار المرفوع « جميعا من اجل مدرسة النجاح »,
Aucun commentaire