Home»International»الإسلام كما تفرضه الأنظمة و تمارسه الشعوب العربية وتريده الجماعات الدينية

الإسلام كما تفرضه الأنظمة و تمارسه الشعوب العربية وتريده الجماعات الدينية

0
Shares
PinterestGoogle+

تتداول أطراف ثلاثة الدين الإسلامي في البلاد العربية وهي :الأنظمة العربية ، وشعوبها ، والجماعات الدينية . ونظرا لاختلاف هذه الأطراف يختلف فهمها وطرحها لدين الإسلام الذي هو دين واحد بطرح مختلف حسب اختلاف الخلفيات. فالأنظمة العربية على اختلاف أنواعها من حيث الفساد أو التشدد أو الاعتدال أو التطبيع أو الممانعة ….تفرض وصاية على الإسلام ، وتتحدث باسمه من خلال مؤسسات دينية رسمية تفرض نوع العقيدة ، ونوع المذهب الفقهي . وهكذا نجد العقائد التي ينزل بها الدين الإسلامي في البلاد العربية رسميا تتراوح بين سنة وشيعة وخوارج وكل منها يتشعب إلى شعب باعتبار نوع الفقه المعتمد ، لهذا نجد السنة الحنفية والشافعية والحنبلية والمالكية بعضها بنكهة سلفية متشددة أو معتدلة ، ونجد الشيعة بطوائفها المختلفة ، والخوارج بأطيافهم المتعددة . وفي الوقت الذي تتبنى الأنظمة رسميا عقيدة من هذه العقائد ، وتفرضها على الشعوب من خلال المؤسسات الرسمية السياسية والدينية ومن خلال الفتاوى نجد واقع الإسلام عند الشعوب ما بين خضوع للعقائد المفروضة من قبل الأنظمة ، وما بين العقائد المسوقة من قبل الجماعات الدينية المعارضة للأنظمة والمتحدثة باسم الدين أو المدعية للوصاية عليه ، ومابين رفض لهذا وذاك ، وما بين الإعراض عن الإسلام بتأثير من الانبهار أو التبعية للنظم العلمانية الخارجية أو لمجرد ضعف التدين . كما نجد الجماعات الفضولية التي تدعي الوصاية على الدين طرائق قددا ما بين سلفية متطرفة عنيفة ، و سلفية معتدلة مسالمة ، وطرقية متمحضة للأوراد والشطحات ، وأخرى تحاول الجمع بين الأوراد والسياسة ، وجماعات ما يسمى الإسلام السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي ، ومنها الخاضع للتنظيمات العالمية ، ومنها القطري والمحلي إلى غير ذلك من التصنيفات المختلفة حسب ظروف كل قطر عربي . وأمام اختلاف هذه الأطراف الثلاثة في فهم الإسلام وطرحه يحتار الإنسان أمام الخليط العجيب من الطروحات المقدمة لهذا الدين في الساحة الواحدة.

ومما يزيد الأمر تعقيدا الفتاوى التي يتسلح بها كل طرف من أجل تقويض كل طرح لا يناسب أو لا يساير طرحه . فالأنظمة العربية تفتي بتجريم الجماعات الدينية التي لا تدين بالعقائد الرسمية المعتمدة ، والجماعات الدينية المعارضة بدورها تفتي بتكفير الأنظمة ، والشعوب العربية موزعة بين خاضعة للعقائد الرسمية ، وبين معجبة ومتعاطفة مع عقائد الجماعات الدينية المعارضة ، وبين رافضة لهذا وذاك بدافع النفور من الدين أصلا أو الكسل والتراخي فيه . وقد يرى المرء عجبا في المسجد الواحد في القطر العربي الواحد حيث تقام شعيرة الصلاة الواحدة داخل الجماعة غير المتجانسة من حيث القناعات العقدية ذلك أن السلفي على سبيل المثال لا الحصر يخالف الأشعري في بعض الإجراءات كتلاوة القرآن الجماعية ، أو الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجماعية ، بل قد يشاهد بعض السلفية يتعمدون مخالفة جمهور المصلين من عموم الناس حتى في ركوعهم وسجودهم وقيامهم فلا يقتدون بالإمام الراتب بنية المخافة العقدية البادية والعاكسة لما تخفي الصدور . أما ما يعقب الصلوات من أدعية وأوراد فحدث ولا حرج ذلك أن كل فئة تدعو بما يناسب عقائدها فالصوفية لها أورادها والسلفية لها أدعيتها ، وغيرهما له أدعيته أيضا . وبسبب عدم التجانس هذا نجد خطب الجمعة تطرح إشكالات كبرى ذلك أن طبيعة العقائد التي يعتقدها الخطباء تلعب دورا كبيرا في ارتياد المصلين المساجد بحيث يقصد أصحاب العقائد المختلفة المساجد التي يوجد بها خطباء يلبون رغباتهم العقدية ، وهكذا نجد بعض المساجد يعمرها هذا الفصيل أو ذاك لأن الخطباء من نفس الاتجاه العقدي أو لأن معالجتهم لمواضيع الخطب تناسب عقائد من يقصدها عن سبق إصرار. وقد تضطر طائفة من رواد المساجد إلى حضور الخطب دون خلفية عقدية لمجرد قربها من مقر السكن أو العمل ، ولكن قد يتنبه البعض إلى اتجاه الخطابة العقدية ، وقد يتبرم منها ويشكو لأنها تفرض عليه فرضا بحكم اضطراره لحضورها .

ونظرا لوعي الخطباء برغبات رواد المساجد العقدية فإن بعضهم يحاول العزف على الأوتار الحساسة لهؤلاء الرواد من أجل كسب عطفهم ، أو ربما من أجل البحث عن الشعبية الرخيصة ، أو حتى من أجل المحافظة على الصلة المادية الشهرية. ولهذا نجد من الخطباء من يساير أهواء الجماعات الدينية المعارضة للأنظمة فلا تخرج خطبه عن خط انتقاد الأنظمة بطرق مباشرة أو ضمنية وغير مباشرة ، وعكس هؤلاء خطباء الأنظمة الذين يجعلون خطبهم مسخرة لتسفيه الجماعات الدينية المعارضة ، وهكذا تتحول منابر الجمعة إلى حلبات صراع ودعاية عقدية متضاربة بين خطباء النظام وخطباء الجماعات الدينية ، وقلما يوجد خطباء لا يعنيهم أمر هذه الدعاية ، ويكون همهم هو الدعوة إلى الله عز وجل بعيدا عن أهداف الأنظمة أو أهداف الجماعات الدينية المعارضة لها . وعلى غرار توزع المساجد إلى حلبات صراع عقدي نجد وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة تساهم بدورها في هذا الصراع المحتدم ، وقد أصبح لديها جماهير وأتباع يدينون بعقائد من يسيرها سواء كانت أنظمة أم جماعات دينية . و هكذا صار الإسلام يطرح إشكالا كبيرا على مستوى التنظير والممارسة بالرغم من سلامة نصوصه قرآنا وسنة وحفظها نظرا لاختلاف التأويلات البشرية النابعة من اختلاف المصالح والتوجهات والأهداف والغايات . والنتيجة السلبية لهذا الإشكال هو التخوف من انتشار التشكيك في هذا الدين من طرف أعدائه المتربصين بدعوى استحالة ممارسته بشكل يتوافق حوله الجميع . وقد يصادف المرء بعض الآراء التي تعكس هذا التشكيك خصوصا عن الفئات الرافضة للتدين أصلا والمنبهرة بالممارسات العلمانية ، أو عند الفئات الضعيفة التدين التي تجد الذرائع الجاهزة للتملص من التدين في الخلاف الديني الدائر بين الأنظمة والجماعات الدينية المعارضة لها .

وأمام هذا الوضع غير السوي لا بد من رفع كل أشكال الوصاية عن الإسلام سواء تعلق الأمر بوصاية الأنظمة أم بوصاية الجماعات الدينية المعارضة لها، وهذا لا يتأتى إلا عن طريق مجامع دينية علمية ذات مصداقية ونزاهة وحياد للحديث باسم الدين ، وصيانته من كل استغلال مهما كان مصدره وطبيعته ، وتصحيح كل الانحرافات والانزلاقات الدينية التي يتسبب فيها هذا الطرف أو ذاك بدافع التعصب للعقائد المتضاربة والمغرضة .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *