Home»International»السر في سعادتنا

السر في سعادتنا

0
Shares
PinterestGoogle+


وإذا القومُ أُصِيبوا في أخْلاقــهمُ*** فأَقِمْ علَيهم مأْتَمَاً وعويــلا

إذا لم يحقق الاعتصام والتضحية الثمرة المرجوة فإذا لم نحقق نجاحا ظاهرا ولم نجن ثمرة يانعة فسيحزن القلب وتدمع العين ويخيم الصمت و ينتابنا شعور مضاد قد يؤدي بالبعض إلي ضعف الثقة أحياناً في الخير ، وقلة الرجاء أحياناً في الفطرة البشرية؛ والملل والسأم واليأس أحياناً والقنوط

فإلى اليائسين إلي المحبطين إلى الحق المستكين إلي الباحثين عن الحق والسعادة ورضا ربهم وإلى الباطل المنتفش إليهم جميعا هذه الكلمات

يقول الشاعر الباحث عن رضا ربه .

فَلَيْتَكَ تَحْلُو وَالحَيَاة ُ مَرِيرَة ٌ … … … … وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَابُ

وَلَيْتَ الّذي بَيْني وَبَيْنَكَ عَامِرٌ … … … … و بيني وبينَ العالمينَ خرابُ

إذا صَحَّ مِنكَ الوُدّ فالكلُ هَيّنٌ … … … … وَكُلُّ الذي فَوْقَ التّرَابِ تُرَابُ

السر إذا في سعادتنا هو شعورنا أننا في طاعة الله وأننا على الحق وعلى درب الخير نسير في هذه الأيام الطيبة لأننا نشعر بأننا في استراحة جند محارب ولأننا نسينا أن الأيام دول {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (140) سورة آل عمران

هذه الآيات قيلت للمؤمنين بعد غزوة أحد لتربط علي قلوبهم ليصبروا ويصابرون على طريق الحق والدعوة وليعلموا أنهم ما داموا مؤمنين لربهم طائعين فهم بخير حال

أيها المناضلون لا تنسوا أن للكون إلها يدبر أمره ويختار ما يصلح بحكمته {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (68-70) سورة القصص

فهو الذي يخلق كل شيء ، ويعلم كل شيء ، وإليه مرد الأمر كله في الأولى والآخرة ،وله الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم في الدنيا وله الرجعة والمآب .

هذه الحقيقة لو استقرت في الأخلاد والضمائر لما سخط الناس شيئاً يحل بهم ، ولا استخفهم شيء ينالونه بأيديهم ، ولا أحزنهم شيء يفوتهم أو يفلت منهم وليس معنى هذا أن يلغوا عقولهم وإرادتهم ونشاطهم . ولكن معناه أن يتقبلوا ما يقع بعد أن يبذلوا ما في وسعهم من التفكير والتدبير أن يتقبلوا الاختيار بالرضا والتسليم والقبول . فإن عليهم ما في وسعهم والأمر كله بعد ذلك لله .{ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ }

ولنا في رسولنا القدوة والأسوة ، حينما ذهب إلي الطائف يلتمس الزرع في أرض ظنها خصبة ، فما وجدها إلا سبخا من الأرض ، فبعدما أغروا به وأدموا قدمه الشريف وأسالوا الدمع من عينيه الشريفتين ، فاجتمع عرق طاهر ودموع نقية ودم شريف ، رفع يديه إلي السماء ، ليري هل هناك رضا من الله هل هو علي طريق الحق سائر أم أنه أخطأ في شيء وأرجع الأمر إن كان هناك عدم انتشار للدعوة إليه ظن أنه هو المقصر وأن به خللا، وتجيبه السماء برحلة التكريم والاحتفاء رحلة الإسراء والمعراج حتى يطمئن قلبه أنه قد أدى الأمانة بل علي أكمل وجه صلي الله عليه وسلم ،

واقرأ معي هذه الكلمات وأنت تضع نفسك مكان النبي صلي الله عليه وسلم طَرْدٌ ومحاربة وتعذيب ، تعذيب بدني والأعظم منه التعذيب الروحي الذي يشعر به كل مناضل عندما لا يجد لنضالاته صدى ولا يجد لزرعه تربة خصبة ، ولا يجد لقضيته جنديا ناصرا ومعينا ، فيطلب وقاية من الله كما يوقى الوليد،

} اللَّهُمَّ إلَيْكَ أشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي وقِلَّةَ حِيلَتِي وَهَوانِي على النَّاسِ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ إلى مَنْ تَكِلْني إلى عَدُوَ يَتَجَهَّمُنِي أمْ إلى قَرِيبٍ مَلَّكْتَهُ أمْرِي إِنْ لَمْ تَكُنْ ساخِطاً عَلَيَّ فلا أُبالِي غَيْرَ أنَّ عافِيَتَكَ أوْسَعُ لِي أعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ الَّذِي أضاءَتْ لَهُ السَّمواتُ والأرْضُ وأشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُماتُ وصَلَحَ عليهِ أمْرُ الدُّنْيا والآخِرَةِ أنْ تُحِلَّ عَليَّ غَضَبَكَ أوْ تُنْزِلَ عَلَيَّ سَخَطَكَ وَلَكَ العُتْبى حَتَّى تَرْضى ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بِكَ{

ثم يجيء الإيقاع الأخير ، في نداء الله للذين آمنوا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(200) سورة آل عمران

الصبر على الناس ونقصهم وضعفهم وجهلهم وسوء تصورهم ، وانحراف طباعهم ، وأثرتهم ، وغرورهم ، والتوائهم ، واستعجالهم! والصبر على تنفج الباطل ، ووقاحة الطغيان ، وانتفاش الشر ،الصبر على قلة الناصر ، وضعف المعين ، وطول الطريق ووساوس الشيطان في ساعات الكرب والضيق، وما تثيره في النفس من انفعالات متنوعة . من الألم والغيظ ، والحنق ، والضيق ، وضعف الثقة أحياناً في الخير ، وقلة الرجاء أحياناً في الفطرة البشرية؛ والملل والسأم واليأس أحياناً والقنوط! والصبر بعد ذلك كله على ضبط النفس في ساعة القدرة والانتصار والغلبة، واستقبال الرخاء في تواضع وشكر ، وبدون خيلاء وبدون اندفاع إلى الانتقام ، وتجاوز القصاص الحق إلى الاعتداء! والبقاء في السراء والضراء على صلة بالله ، واستسلام لقدره ، ورد الأمر إليه كله في طمأنينة وثقة وخشوع . والصبر على هذا كله وعلى مثله مما يصادف السالك في هذا الطريق الطويل

وإذا كان الباطل يصر ويصبر ويمضي في الطريق ، فما أجدر الحق أن يكون أشد إصراراً وأعظم صبراً على المضي في الطريق!

يا شباب الإصلاح يا ملح البلد *** من يصلح الملح إذا الملح فسد.

نسأل الله تبارك وتعالي الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن ونسألكم الدعاء.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. M.N
    19/05/2011 at 16:13

    jazakom allah khayran, actuellement, on a vraiment besoin de ce genre de discours surtout à nos jeunes qui se sentent vraiment perdus et ne savent quoi faire!!

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *