Home»National»تونس وليبيا وموريطانيا مطالبة بإنقاذ الاتحاد

تونس وليبيا وموريطانيا مطالبة بإنقاذ الاتحاد

0
Shares
PinterestGoogle+

الاثنين 4 يوليوز 2005

باستثناء شهور العسل التي عرفتها العلاقات المغربية الجزائرية أوائلَ الستينات من القرن المنصرم على إثر استقلال الجزائر، لم تعرف هذه العلاقات منذ سنة 1975 إلا توترا بلغ قمة التفاقم في هذه السنة، ودخلت معه علاقات الجارتين في اختناق منذر بأوخم العواقب. ابتدأت شهور العسل حيث قام الملك الحسن الثاني بزيارة مودة وتكريم وتهنئة إلى حكومة الجزائر الأولى بعد الاستقلال التي كان على رأسها الرئيس أحمد بن بلا، واصطحب معه وفدا وزاريا كنت أحد أعضائه بوصفي وزيرا للإعلام. وعن كثب شاهدت وعشت جو المودة والصفاء الذي ساد الزيارة الملكية، وأضفى عليه الرئيس الجزائري حلة الابتهاج بمقدم الوفد المغربي الذي جاء حاملا لهدايا سلاح متـنوع ثـقيـل وخفيف إلى الجزائر الشقيقة، و23 سيارة مرسيدس مهداة من ملك المغرب إلى وزراء الحكومة الجزائرية البالغ عددهم 23 وزيرا. وقد عبر الملك الحسن الثاني للرئيس الجزائري عن تمنياته الشخصية وتهاني المغرب باستقلال الجزائر، وقال عنه إنه امتداد لاستقلال المغرب، ووضع جميع إمكانيات المغرب المستقل في خدمة تعزيز استقلال الجزائر، مؤكدا على أن الدعم المغربي للجزائر المستقلة سيكون امتدادا لدعمه لقضية تحررها من الاستعمار الفرنسي الذي أسهم فيه المغرب بسخاء. ورد عليه الرئيس الجزائري منوِّها بما قدمه المغرب للجزائر من دعم مادي وسند معنوي لتحقيق تحرر الجزائر من الاستعمار. وقد كانت أغلبية الوزراء الجزائريين قضت بالمغرب فترة المنفى، ولقيت دعم المغرب وسنده بلا قيد أو شرط، مما جعل من مدينة وجدة المغربية طيلة سنوات الكفاح الجزائري بالأخص الواجهة الثانية للتحرير. خلال هذه الزيارة قبل الملك الحسن الثاني طلب الرئيس أحمد بن بلا أن ترجئ الجزائر إعادة التراب المغربي الممتد على حدوده الشرقية مع الجزائر الذي كانت اقتطعته فرنسا من المغرب وضمته إلى التراب الجزائري الواقع تحت احتلالها في نطاق سياستها الاستعمارية التي كانت تعتبر الجزائر جزءاً منها لا يتجزأ، وكانت تـُطـلِـق على الجزائر اسم المقاطعات الفرنسية الثلاث. ولم تكن الجزائر تنازع في مغربية هذا الجزء، لكن الرئيس ابن بلا طلب إلى المغرب أن يرجئ تسليمه إلى المغرب بعد أن تنهي الجزائر إقامة بنياتها الأساسية. ووافق الملك على هذا الإرجاء الموقت، إذ كان الأهم هو أن يجدد الرئيس الجزائري لملك المغرب قبوله إعادة الأراضي المغربية المغتصبة من لدن الاستعمار الفرنسي إلى صاحبها (المغرب). لكن شهر العسل هذا لم يطل إلا قليلا باندلاع حرب الرمال بين البلدين، وذلك بعد عودة الملك الحسن الثاني إلى المغرب وعلى إثر مناوشات بين الجيشين الجزائري والمغربي. وجرت وقائع الحرب فوق الأراضي المغربية المغتصبة التي كانت ضمنها منطقة تندوف التي تؤوي اليوم الجزائر فوقها عصابة البوليساريو المتمرد على وطنه، وتدعمه وتسلّحه وتموّله.وعرفت العلاقات جو الصفاء والتقارب بعد الانقلاب الذي أجراه العقيد هواري بومدين وزير الدفاع في حكومة الرئيس الجزائري ابن بلا وأطاح فيه بحكمه. وتأسست نواة اتحاد المغرب العربي على قاعدة اقتصادية، وحرص العقيد بومدين على أن يكون التعاون المغربي الجزائري حلقة أساسية في المؤسسة الاقتصادية. لكن الجزائر أصبحت بعد سنوات من التجربة تعلن أنها تفضل اتحاد الشعوب على اتحاد النظم. وبذلك تعثرت مسيرة العمل المغاربي. وفي هذه الأثـناء انعقدت في سابع مايو 1970 قمة تلمسان بين المغرب

والجزائر، وحضرتـُها بوصفي وزير خارجية المغرب ضمن الوفد الذي رافق الملك الحسن الثاني. وفي هذه القمة صُـفـّــيـت قضية الأراضي المغربية التي اغتصبتها فرنسا وضمتها إلى التراب الجزائري، وذلك بقبول المغرب التنازل عن هذه الأراضي لفائدة الشقيقة الجزائر. وسجل الاتفاق وصول الطرفين إلى وفاق لإقامة شراكة ثنائية في منجم غارة جبيلات الواقع في التراب المغربي المتنازَل عنه للجزائر، على أن يؤمّن المغرب للجزائر المرور عبر سكة حديدية لنقل إنتاج المنجم من ميناء مغربي على المحيط الأطلسي لتصديره وتسويقه. ولم تـنفذ الجزائر للمغرب التزاماتها، ولم يلحّ المغرب على الجزائر للوفاء بوعدها، مفضلا أن لا يثير مع الجزائر ما من شأنه أن يعكر الجو السياسي بين الجارتين. وأثناء انعقاد القمة العربية بالمغرب أعلن الرئيس هواري بومدين أمام القادة العرب أن الجزائر تسند المغرب في مطلبه استرجاع الصحراء المغربية، وأنها لا طمع لها فيها، وأنها تؤيد بشأنها ما يتفق عليه الطرفان المعنيان : المغرب وموريطانيا، وأنه على استعداد لتقديم سند عسكري للمغرب من أجل تحرير الصحراء ومدينتي سبتة ومليلية من الاستعمار الإسباني. بيد أن العلاقات دخلت في أزمة كبرى امتدت إلى اليوم بعد تحرير المغرب أقاليمه الصحراوية بالمسيرة الخضراء وإبرام المعاهدة الثلاثية مع إسبانيا بمدريد، إذ ظهرت الجزائر كاشفة عن وجهها لتعلن أن المغرب لا حق له في الصحراء التي ينازع في مغربيتها عصابة « البوليساريو » المتمردة. كما طالبت – وما تزال- بتخويل الشعب الصحراوي (أيُّ شعب ؟) حق تقرير المصير. وتبنت الدفاع عن مطلب البوليساريو لدى هيئة الأمم المتحدة، وأصبحت الناطق باسمه في المحافل الدولية. وهو ما حوّل أزمة العلاقات إلى قطيعة مستمرة، وشلّ مسيرة الاتحاد المغاربي، وأصبح انعقاد مؤسساته مستحيلا في جو مواجهة الجزائر لحق المغرب في استرجاع صحرائه، وهو المطلب الوطني الذي ينعقد عليه الإجماع المغربي. وبالرغم من زيارة الملك محمد السادس للجزائر مرتين، وعرضه على الرئيس بوتفليقة تحييد دعم البوليساريو، ووضع هذا الملف على الرف ولو مؤقتا، وبالرغم من فتح المغرب الحدود، وإلغاء التأشيرة بالنسبة للمواطنين الجزائريـيـن، فإن الجزائر لم تجب على التحيات المغربية إلا بقبلات مسرحية كان يتقن الرئيس بوتفليقة إطالتها على وجه شقيقه المغربي. ولا يزيد الأمر على ذلك. واليوم تجتاز أزمة العلاقات بين الجارتين حالة الاختناق القصوى بتمادي الجزائر في خلق الفرص وافتعال الذرائع لإعطاء المغاربة المتمردين على وطنهم كل مرة زخما أكبر وأكثر إذاية، ما يعني أن قضية توتر العلاقات أصبحت في منطقة الخطر الكاسح، وأن الحديث عن المغرب العربي الكبير أصبح حديث خرافة، وأن هذا الاتحاد دخل مرحلة الموت السريري ويوشك أن يلفظ أنفاسه في غيبة أسرته التي تشتت شملها نتيجة التلاعب بمصير المغرب العربي الذي كان حلم الجماهير في كل من المغرب والجزائر أيام الكفاح الوطني ضد الحماية في المغرب والاستعمار في الجزائر.إن الأمر خطير. واللعبة الجزائرية ينبغي أن تقف عند حدها. ومن أجل ذلك فإن دول تونس، وليبيا، وموريطانيا الشقيقات مدعوات أكثر من كل وقت مضى إلى الالتفاف حول سرير « المغرب العربي » الذي ينتظر الموت، بالتدخل لدى الجزائر لتراجع موقفها. كما أن الأمانة العامة للاتحاد التي يوجد على رأسها الديبلوماسي التونسي المحنك السيد محمد لحبيب بولعراس مدعوة كذلك إلى المسارعة إلى عمل كل من شأنه أن ينقذ المريض المهدد بالموت. وهي مسؤولية لا يجوز التهاون فيها وسيحاسِـب التاريخ المفرِّطين فيها طال الزمن أو قصر.إن ميثاق تأسيس اتحاد المغرب العربي يمنع على الدول الأعضاء أن توالي أو تدعم كل حركة سياسية تعمل للمس بوحدة الدول الـموقِّـعة، لكن الجزائر لا تقرأ هذا البند. وواجب الدول الثلاث أن تذّكرها به

.

الدكتور عبد الهادي بوطالب

الأحداث المغربية

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *