Home»National»نزاع طال أجله

نزاع طال أجله

0
Shares
PinterestGoogle+

التوتر والتراشق الدبلوماسي الحالي بين المغرب والجزائر ما هما إلا فصل جديد في نزاع طال اجله بشكل غير مبرر واستنزف طاقات شعوب ودول المنطقة والجهد الدبلوماسي الدولي بدون ان يبدو له ضوء في نهاية النفق، فالنكسات الدبلوماسية فيه اكثر من النجاحات، وحتى قصصه فيها قدر كبير من التراجيديا الغريبة، فأسرى معارك أكل الزمن عليها وشرب ظلوا في بعض الحالات قيد الاعتقال او الاسر عشرات السنين، بينما تتبادل الدول التي خاضت حروبا مدمرة وشرسة اسراها بعد فترة قصيرة من انتهاء المعارك

.

وهو نزاع معقد تتداخل فيه المصالح الاقليمية مع الدولية، وله جذوره التاريخية من فترة الاستعمار، ووسط الأزمات المتلاحقة والمشاكل الكثيرة التي تتعرض لها منطقة الشرق الاوسط، كان هذا النزاع دائما بعيدا عن بؤرة الاهتمامات العربية على الصعيدين الرسمي والشعبي، وحتى الاهتمام الدولي محدود بحكم انه لا توجد تهديدات او مساس باستراتيجيات ومصالح دول كبرى، فتقاطع المصالح هو فقط مع قوى اوروبية في جنوب القارة، والثروات هي من الدرجة الثانية في خريطة الموارد النادرة وتتعلق اساسا بالثروة السمكية والفوسفات

.

لكن في النهاية فان هناك حياة ناس وشعوب تتأثر سلبا بهذا النزاع الناشب منذ عام 1975 والذي يتداخل بين الجزائر والمغرب وموريتانيا، وتتفاعل فيه العلاقات سخونة وبرودة بشكل اصبح دوريا وهو امر طبيعي طالما لم يتم الوصول الى حل نهائي تقبل به كل الاطراف المعنية ويؤسس لعلاقات مستقبلية راسخة لصالح المنطقة كلها

.

وليس هنا مجال استعراض التطورات او المحطات التاريخية في هذا النزاع المنسي عربيا، لكن لا بد من التنويه بان هذا النزاع شفى من حالة السخونة العسكرية التي صاحبته في بعض المراحل في عقوده الاولى لينتقل الى مرحلة العمل السياسي او التفاوضي، وان لم يثمر بعد آلية حقيقية تستطيع ان تؤمن مسارا ما تتجه اليه الامور في اطار تسوية نهائية مقبولة من الجميع

.

ولا يبدو ان هناك بديلا عن وجود وساطات او جهود دولية سواء تحت غطاء الامم المتحدة او اطراف دولية اخرى للوصول الى حلول نهائية، فمحاولات التدخل او الوساطات العربية تحت سقف جماعي مثل الجامعة العربية لم تلق قبولا من الجزائر او المغرب، وكل التجارب السابقة في النزاعات الحدودية العربية لم تحل الا بشكل ثنائي وذلك لان النظام العربي لم يصل الى مرحلة يستطيع ان يحل هذه النزاعات بدون حساسيات او اثارة اشكالات

.

وفي كل الاحوال فانه لا يوجد حل سحري إلا اذا اقتنعت اطراف النزاع الاقليمية والبوليساريو بانه لا يوجد هناك مستقبل او امل في ادامة النزاع، وان الجميع يخسرون اقتصاديا وسياسيا من جرائه في حين ان الفرص كبيرة لو جرى التوصل الى تسوية مرضية. فكل مناطق العالم تتجه الى حل مشاكلها او على الاقل محاولة تبريدها مع تطوير التعاون المشترك وتشبيك المصالح على امل ان يؤدي ذلك في النهاية الى تلاشي اسباب النزاع تلقائيا، اما التأجيج فلن تكون نتيجته سوى زيادة الاخطار التي تصاحب عادة المناطق او الاماكن غير المستقرة بما في ذلك مخاطر الإرهاب

.

علي ابراهيم : جريدة الشرق الاوسط

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *