الادارة التربوية المغربية و سؤال الكفاية الادارية

لا مراء في كون الادارة التربوية تلعب دورا محوريا و ركيزة أساسية, في اطار المهام المناطة بها, من ارشاد و قيادة و تسيير و توجيه و تأطير و دعم نفسي….الخ. و الأكيد أن مثل هذه المهام تتطلب حنكة و دراية واسعة بحقول علم النفس و طرق التواصل, و خاصة آليات الاقناع…
لكن نساءل واقعنا التربوي المغربي ان كان يتوفر على هذه الخصائص وغيرها لتبؤ الادارة التربوية, و بخاصة التعليم الابتدائي؟ وهل السفينة التربوية المغربية لها مثل هكذا مديرين, ولكي لا نعمم, البعض منهم؟
لاشك أن الاجابة عن مثل هذه الهواجس و التساؤلات هي حاضرة بقوة في المجتمع, و كذلك الادوية المقدمة لتشخيص هذه الأدواء, هي أيضا متوفرة من خلال سيل من الكتب و المقالات التربوية المهمة التي حللت الموضوع و أعطت وجهة نظرها. لكن الخلاصات و الأفكار تبقى حبرا على ورق و لا تجد طريقها نحو التطبيق و البلورة. الأسباب تبقى معرفة لدى عامة الناس و خاصتهم ‹….›.
سوف نحاول, في مقالنا المتواضع هذا, التذكير ببعض النقط, التي نعتقدها مهمة, و تخص مسألة الكفاية الادارية.
يقول أساتذة الادارة في مجموعة من الدول, أن الادارة هي الوظيفة الاجتماعية ذات التأثير في حركة المجتمع في مجالات الاقتصاد و الانتاج و السياسة و الثقافة…
مما يلاحظ أن هناك فشلا في تحقيق الغايات المنشودة بالنسبة للادارة, و ذلك بالرغم من توفر الامكانيات و الموارد المادية و البشرية, و تتضح هذه الظاهرة في مجموعة الدول التي اصطلح على تسميتها بالدول النامية- خاصة بعض الدول العربية..
تتعدد مظاهر الفشل الاداري أو التخلف الاداري. تارة تبدو في صورة تخلف في الانتاج كما و كيفا, و تارة ثانية تتضح في صورة تخلف الخدمات للناس و ارتفاع تكلفتها الاجتماعية, و تارة ثالثة تتبدى في صورة تعقد الاجرءات و تجمد في النظم و السياسات…
من أجل ذلك كله, أصبحت القضية الادارية الأولى في تلك الدول- و المغرب لا يخرج عن السرب- هي قضية الكفاية الادارية. و المقصود بالكفاية الادارية, حسب أساتذة الادارة, هي القدرة على أداء الأعمال الصحيحة و التوصل الى تحقيق النتائج المطلوبة في حدود التكلفة المناسبة. ومما تنبغي الاشارة اليه في قضية الكفاية الادارية ما يلي:
* أن التنظيمات و الأساليب و الاجراءات الادارية ليست أهدافا في حد ذاتها و لكنها و في الأساس وسائل معاونة في الوصول الى الأهداف المنشودة.
* أن المعيار الحقيقي للحكم على كفاءة الادارة و نجاحها هو قدرتها على الانجاز, و تحقيق النتائج المستهدفة في حدود التكلفة المقدرة و المقبولة اجتماعيا.
* أن الشكل لا يهم كثيرا في الادارة, بل ان المضمون هو الذي يحتل كل الأهمية, ومن ثم يجب أن تنصرف اليه كل الجهود من أجل تحديده بدقة و تطويره و تأكيد تحققه.
ولكي ينجح أي مدير في اكتساب الكفاية الادارية, لابد من أن تتوفر له جملة من العوامل:
– المناخ الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي السائد في المجتمع.
– أنواع و كميات الموارد المادية و البشرية المتاحة.
لكن مهما كانت درجة توفر العوامل أعلاه, تبقى النقطة الأبرز هو المدير نفسه.
ان المدير هو ذلك العنصر الحيوي القادر على قيادة العمل الاداري و توجيه الأنشطة الادارية جميعا اما نحو الانجاز أو نحو الفشل و الدمار. و للأسف الشديد, تعيش الكثير من مؤسساتنا التربوية على ايقاع الفشل و الدمار و من يتولى تنفيذ مهمة التدمير, ليس بشخص آخر سوى المدير!! هذا المدير الذي يعتبر نفسه مالكا للمؤسسة التربوية التي يشرف عليها. مدير أنهكته سنوات العمل المضني داخل الفصل, ليجد في الادارة التربوية فرصة ذهبية للانتقام من ماض مثخن بالجراح. جراح الكرامة و القهر, حيث كان ضحية لفئة من مديري الفترة البائدة, حيث كانت قيم المماهات و التزلف هي السائدة. المدير يحاول قولبة و اعادة انتاج هذه الأمور التي تكلست في
لاوعيه. و بالتالي ينصب نفسه وصيا على العاعلين التربويين و يعتقد في الادارة حظوة و سلطة حقيقية و هي لا تعدو أت تكون تكليفا بمهمة الى حين..
يبقى السؤال الجوهري الآن من هو المدير الفعال؟ هل هو المدير الذكي؟ هل هو المدير صاحب الخبرة العلمية العريضة؟ هل هو المدير صاحب الشخصية المسيطرة ام الكريزمة… ؟؟؟
ي
يمكن القول أن المدير الفعال هو الذي تتوفر له هذه الخصائص التالية, و نحن لا ندعي أنها خصائص نهائية جامعة مانعة, بل هي مجرد أفكار للتأمل و الاستئناس:
– المدير الفعال هو الذي يستطيع استثمار الوقت و ادارته بحيث يستفيد من كل دقيقة, و ينفق الوقت في موضعه الصحيح..
– المدير الفعال هو القادر على اكتشاف نقاط القوة في الموقف و يعمل على استثمارها و الافادة منها, و ليس هو الشخص الذي ينفق و قته بحثا عن السلبيات و نقاط الضعف.
– المدير الفعال هو القادر على حسم المواقف و اختيار القرار,
و تحمل مسئوليته و متابعة تطبيقه.
اذن, مما سبق يتضح, أن الادارة التربوية هي فن قبل أن تكون مهمة. هي مسئولية قبل أن تكون سلطة. يجب على من يتولى قيادة الادارة التربوية مراعاة خالقه و الامتثال لضميره و انجاز مهامه الادارية متى سنحت له السبل لذلك, و المرء فوق طاقته لا يلام.
يجب على المدير الابتعاد عن السلطوية المطلقة و التي قطع معها التاريخ, على المدير التفاعل مع روح الادارة التربوية بدل نصها و العمل جنبا الى جنب مع مختلف الأطر التربوية في اطار فضاء تشاركي يتسم بمناخ المشاركة و المساهمة و تبادل الآراء و تشجيع الكفاءات متى توفرت.
(**) بعض من هذه الأفكار مقتبسة من مقال قيم للأستاذ علي السلمي. و هو أستاذ الادارة المساعد بجامعة القاهرة و المعار بجامعة الكويت




4 Comments
معك كل الحق اخي الكريم مخلص العديد من رجال الإدارة التربوية لا يتوفرون على مؤهلات كافية تجعلهم يسيرون المؤسسات التعليمية بحنكة و نزاهة حيث أن العديد منهم ولجوا الإدارة لكونهم من حزب فلان أو فلان ليس لكونهم جديرين بإدارة المؤسسات التعليمية و العديد منهم من يسقط في فخ السلطوية و يفشل في مهمته لقد عملت بالقسم لمدة 28 سنة و تحت إدارة مديرين بمعنى الكلمة رجال يعرفون كيف يسيرون مؤسساتهم التعليمية دون المس بكرامة الأساتذة و دون اللجوء إلى الأنافةو أذكر من بينهم السيد بنيونس الكعواشي و السيد مصطفي الحريف الذي كان دوما الصديق الوفي لكل الأساتذة و كان دوما يدافع على الأطر العاملة بمؤسستة باستور انداك لقد كان حقا يتميز بكل الصفات الحميدة و كانت محياه دوما مبتسمة و عليها هبة و إحساس بالمسؤولية .اللهم طول في عمرهما و بارك لهما في ذريتهما لقد وضعوا بصمتهم في الإدارة التربوية بنيابة وجدة أنجاد و تركوا إنطباعا كبيرا لدى كل الأساتذة و أظن أن العديد من السادة الأساتذة يشاطرونني الرأي و يذكرونهم بالخير .
لهم مني أصدق تحية و إخلاص لكن هناك البعض من رجال الإدارة التربوية مضرين و ليس مديرين .
سامحهم الله.
مقالك فيه تحامل على المدير وسلطته الوهمية ان اجنحة المدير مقطوعة لو كانت له سلطة كما تدعي لما وصلت الادارة التربوية الى الحضيض كما نلاحظ الان واتمنى ان تتاح لك هذه الفرصة الذهبية لتتقلد هذا المنصب الجهنمي وتطبق ما جاء في مقالك فشتان بين التنظير والواقع لم يبق من كلمة مدير سوى الاسم عكس القطاع الخاص المدير مدير بمعنى الكلمة اما في القطاع العام فان هذه الحرفة اشبه ما يكون بالنعامة التي تخفي راسها في الرمال وما احوج المدرسة المغربية لمديري الستينات والسبعينات وسوف تعود ان شاء الله قريبا وهي السبيل الوحيد لايقاف نزيف التسيب الذي يطال المؤسسات التعليمية بمختلف الاسلاك ومن يقل عكس هذا فليسال الوجود والزمان والتاريخوخلق الاله ليتاكد من هذه المعطيات عوض التنظير الفارغ والحقد الدفين لهذه الفئة من رجال التعليم والتي تؤدى واجبها باخلاص وتفان ونكران الذات,,,,,,,,
اين هي السلطة التي يتحدث عنها صاحب المقال لو كانت سلطة للمدير لما وصلت المدرسة الى هذه الوضعية المزرية غيابات بالجملة تقصير في العمل الحلم بالترقية كل شهر كراهية المدير والمفتش الابدية التغني بالحقوق ورفض الواجبات فالتنويه باي مدير كان معناه شيء واحد التسيب موجود في مدرسته والحبل على الغارب اي بالمفهوم الجديد التواصل المرونة التشاركية التفاعلية مجلس ادارة الخ,,,,ارجو من كاتب المقال ان يعطينا تصوره لاختيار من يرغب في تسيير الادارة اذا كان لديه عوض الشتم والسب والقذف والتعميم اللامنطقي واللاعلمي واللاموضوعي واشراك البريء بذي الذنب
تقرير مهم جدا ..مشكور كاتبه ..من هنا كان من الضروري تغيير الطريقة الي تسلم بها الإدارة وحتى التكوينات حيث أصبح المدير لايكلف نفسه متابعة الجانب البيداغوجي والسهر على إتمام الأستاذ خاصة الابتدائي لبرنامجه السنوي خاصة ويقول نبقى بعيد على اصداع الراس وحيث أن المدير له صلاحيات مالية داخل المؤسسة فأصبح يلهث وراء اموال جمعية دعم مدرسة النجاح والتأمين الرياضي وهكذا أفرغت الإدارة من محتواها التربوي البيداغوجي فادا توجهت الى مدرسة أحمد الشرقاوي بأكدال وجدة تجد المدير يستغل طابع جمعية آباء وأولياء التلاميذ التي لاوجود أصلا منذ 4 سنوات لاستغلال أموال الجمعية دون علمها وكذالك اموال دعم مدرسة النجاح التي ينفخ في فواتيرها حسب قول أحد بائعي مواد الصباغة القريب من الحي المذكور زد على ذلك صنادق المطعم التي يحملها على سيارته خاصة خلال العطلة حيث ان التلميذ قليلا مايأكل نصيبه…من هنا يجب التفكيرفي اعفاء المديرين من مسؤوليات الصرف المالي للمؤسسة والإكتفاء بالجانب التربوي الذي تدنى كثيرا وكان من الأسباب التي أدت لتدهور التعليم ببلادنا….انشروا ن فضلكم