Home»National»على المغاربة أن يربوا أبناءهم على حب الوطن عوض هوس حب كرة القدم

على المغاربة أن يربوا أبناءهم على حب الوطن عوض هوس حب كرة القدم

0
Shares
PinterestGoogle+

من الأخطاء القاتلة في التربية المعتمدة من قبل بعض الآباء في بلادنا عدم تنبيه أبنائهم للتمييز بين ترتيب أمور حياتهم حسب الأولويات حيث ضاعت قدرة الأبناء على التمييز بين هذه الأمور فصارت أمور في حكم اللهو والعبث وما بعد الكماليات من الأمور في حكم الحاجيات أو حتى الضروريات. فالرياضة عموما إنما هي وسيلة ومن وسائل التربية السليمة شريطة حسن توظيفها لأنها كوسيلة قد تنقلب إلى وسيلة سوء تربية تماما كما يتقلب السحر على صاحبه. ومما سمعته من أحد أساتذة مادة التربية البدنية القدامى وقد أحيل على المعاش منذ مدة رواية عن بعض الخبراء الأجانب كتنبؤات أن رياضة كرة القدم ستصير في مستقبل الأيام تلعب بأحذية السهر كناية عن جلوس الناس للتفرج على مباريات هذه الرياضة على الأرائك ، وهي وضعية سيئة للغاية لأن الرياضة إنما يجب أن تمارس لتحقق أهداف تربية الأجسام والعقول كما خطط لها المربون منذ أقدم العصور.

وبالفعل لقد وصلنا إلى مرحلة تنبؤات الخبراء الأجانب حيث صارت الرياضة في العالم وعندنا خصوصا رياضة كرة القدم مجرد فرجة لا يغادر أصحابها أرائكهم وكراسيهم ، ويشتغلون بالسباب والشتائم بأبشع وأقذى العبارات وهم يتابعون أطوار وأشواط مباريات فرق أجنبية . وغالبا ما يسب الدين وتسب الملة ويسب الرب ـ تعالى الله عما يصدر عن السفهاء ـ كل ذلك والناس يتابعون مباريات أمم أجنبية على الشاشات . ومن سوء الطالع أن مباريات كرة القدم تحولت إلى تجارة أسبوعية تدر الأموال الطائلة على سماسرتها ، وفي نفس الوقت تحولت إلى وسيلة تخدير خطيرة كما تنبأ بذلك أهل الخبرة .ومما ابتلي به بلدنا الهوس بكرة القدم الإسبانية في غياب سياسة كروية ناجحة إذ أفسدت هذه الرياضة في بلادنا عقلية انتهازية تستغل الرياضة ماديا حيث استأثر بها من أخرجها عن أهدافها التربوية ، وجعل الأمة تفقد الثقة فيها وتنفر منها ، وتلتمس الفرجة عند الفرق الأجنبية التي لم يسلك المسؤولون عن الرياضة فيها مسلك المسؤولين عندنا . وهكذا وجه المسؤولون عن الرياضة عندنا الشباب التوجيه السيء والفاسد بسبب جشعهم وطمعهم في الاغتناء بالرياضة عوض خدمتها لتخدم بدورها الشباب والمجتمع. لقد لعب المسؤولون عن الشأن الرياضي في بلادنا دور سماسرة للرياضة الأجنبية بسبب تقاعسهم وفشلهم الذريع في تدبير الرياضة الوطنية. وما كان شبابنا ليسقط في هوس حب كرة القدم الإسبانية لو أنه وجد في وطنه من يسد مسد فريقي البارسا والريال.

لقد تحولت بيوت المغاربة إلى حلبات صراع بين أبناء الأسر الواحدة حيث يتعصب البعض لفريق كتالونيا والبعض الآخر لفريق مدريد. وقد تعلم الأبناء من الآباء هذا التعصب . وقد تجد الرجل يفخر أيما فخر بأن ابنه فلان ريالي وفلتان برساوي ، ويفخر بصراعهما في البيت الصراع الشديد . وقد ينشب الصراع بين الزوج الزوجة بسب تعصب كل منهما لأحد الفريقين الإسبانيين تعاطفا مع هذا الابن أو ذاك. وقد تندلع الصراعات التي تترتب عنها العداوات بين أبناء الأسرة الواحدة والعائلة الواحدة والجيرة الواحدة والفصل الدراسي الواحد والمؤسسة الواحدة بسبب هوس التعصب لهذا الفريق أو ذاك. ورحم الله الشيخ عبد الحميد كشك الذي كان ينتقد باستمرار انقسام الأسر المصرية إلى أسر أهلية وأخرى زملكية ، ومما قاله ذات مرة رحمه الله : إذا كان الزوج أهليا والزوجة زملكية فالابن يكون زمهلاويا . ومحاكاة له أقول : إذا كان الزوج رياليا ، والزوجة برساوية فالأبن يكون برسرياليا. ومما عاينته خلال هذا الأسبوع انشغال كل الشباب بالمباراة الأخيرة بين الفريقين الإسبانيين في كل الأماكن العمومية في الحافلات ، وعند بوابات المؤسسات التعليمية ، وفي الفصول الدراسية ، وفي الشوارع ، بل قد خرج أنصار الفريق الفائز للاحتفال وهم يحملون أعلام إسبانيا التي تتمادى في الإساءة إلى وحدتنا الترابية وكأن الأمر يتعلق بفريق وطني فائز . وما أكثر ما وقع من صدامات وخصومات بسبب هذه المباراة وما أكثر الزمن الدراسي الذي ضاع بسببها والوقت وقت فروض المراقبة المستمرة .

ومن الصدف الغريبة أن يخرج بعض أبنائنا خلال فترات الدراسة للاحتجاج على البرلمان الإسباني في بعض المؤسسات التعليمية ـ وأرجو أن يكون ذلك بدافع شعور وطني صادق لا برغبة في الراحة والتخلص من الدراسة ، أو بتحريض ممن يرغب في الراحة ـ وهؤلاء الأبناء هم أنفسهم الذين خرجوا للاحتفال بفوز فريق رياضي إسباني لأنهم كما قلت لم يربوا تربية ترتيب الأولويات التي تتعلق بحياتهم وما ينفعهم قبل ما يسليهم حيث اختلط في وجدانهم حب الوطن بحب كرة القدم ، وتساوى الحبان ، وهم معذورون لأنهم ضحايا تربية تحت مسؤولية الأسر والمؤسسات التربوية ووسائل الإعلام وكل ما له علاقة بالتربية بما في ذلك منابر الجمعة ، وإن كان الشباب يمنع من هذه المنابر أصلا بسبب تعمد المسؤولين عن قطاع التربية جعل ساعة الجمعة محاصرة بين فترتي الدارسة الصباحية والزوالية بحيث لا تفكر الناشئة إلا في تناول وجبة الغذاء والعودة سريعا إلى المؤسسات الدراسية مما يجعل خطب الجمعة حكرا على الكبار وعلى العجزة والمسنين الذين يستعجلون بدورهم وقت هذه الخطب لإفراغ المثانات والبطون التي لم تعد تقوى على تحمل حمولاتها أو شحنها من جديد بحمولات جديدة ، مما يجعلهم في شغل عن هذه الخطب ، ويجعل الخطباء عرضة للنقد المستمر حتى يظن من يسمع ما يوجه إليهم من نقد أنهم يسيئون ولا يحسنون .

ولا زال الناس لم ينسوا ما حصل لبعض أبنائنا في مدينة مليلية المغربية المحتلة حين دفعهم هوس حب الكرة إلى الخروج للتعبير عن فرحتهم بفوز الإسبان بكأس العالم بأعلام إسبانية ومغربية إلا أن المحتل الإسباني لم يستسغ رؤية العلم الوطني المغربي في المدينة المحتلة فانهالت شرطته على أبنائنا فكسرت عظامهم في ديارهم المحتلة . إن هذه الحادثة تعتبر مؤشرا على ضعف الشعور بجب الوطن مقابل الهوس بحب الكرة. لهذا على المسؤولين وعلى المربين على اختلاف مشاربهم وتخصصاتهم ، وعلى الآباء أن يربوا أبناءنا على حب الوطن لا على هوس حب الرياضة الأجنبية خصوصا رياضة بلد أجنبي يشكك في وحدتنا الترابية ، ويتحرش بنا ويتربص بنا الدوائر وهو يحن إلى ماضيه الاستعماري البغيض ولن يحب أبناؤنا وطنهم إلا إذا تأكدوا من صدق المسؤولين والمربين والآباء في حب هذا الوطن واسترجعوا ثقتهم بهؤلاء. وأخيرا أقول حب الوطن من الإيمان ، وهوس حب الكرة الإسبانية هذيان من الشيطان

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. ابو نور الهدى امحمد
    12/12/2010 at 00:20

    جازاك الله أخي خيرا على مقالك الذي هو رسالة بل نصيحة نابعة من قلب أب حنون ومرب ومواطن غيور نناشد كل المغاربة المساهمة في نشر هذه الثقافةالي ستساهم وبدون شك في خلق اجيال مخلصة لوطنها وقادرة على ترتيب أولوياتها

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *