Home»National»العنف بالنساء أو عليهن

العنف بالنساء أو عليهن

0
Shares
PinterestGoogle+

جريا على عادة تقليد بلادنا ككل بلاد العروبة والإسلام لغيرها من بلاد الغرب وصلت إلينا حمى ما يسمى  » العنف ضد النساء  » والعبارة لا تستقيم في اللسان العربي إذ يقول العربي السليم السليقة : عنف بالشخص أو عنف عليه ، ولا يقول: » عنف ضده  » ولو جاز هذا التعبير لجاز أيضا تعبير  » عنف معه أو لصالحه  » وهو ما لا يستقيم إذ العنف شدة وقسوة ولا يستساغ أن تستعمل معهما لفظة  » ضد  » لأنهما معبران بنفسهما ولا حاجة لهما بلفظة  » ضد « . ومع هجنة التعبير المستعمل ،وهي هجنة مصدرها الترجمة الحرفية من اللغات الغربية فقد صمت آذاننا وأخذ العرب يستعملونها دون أن يشعروا بأنهم يعنفون بلغتهم أو عليها. ومعلوم أن العنف هو نقيض الرفق واللطف ، لهذا يكنى على الرجال بالجنس العنيف مقابل الكناية عن النساء بالجنس اللطيف. ومرد هاتين الكنايتين المتقابلتين اختلاف فيزيولوجيا الجنسين ليس غير ،إذ ينظر كل جنس إلى الجنس الآخر باعتبار طبيعة جسده .

ولما كانت طبيعة جسد الرجل قوية فقد اقترنت بالعنف ضرورة في نظر المرأة انطلاقا من طبيعة جسدها المخالفة لجسد الرجل . ولو تنبه الجنسان معا إلى خلق الله عز وجل وإلى قوله تعالى : (( وليس الذكر كالأنثى )) خلقة وجبلة وطبيعة وكل ما يترتب عن ذلك لأراحوا واستراحوا ،واعتبرت القضية منتهية من أساسها ولكن أبى كثير من الناس إلا النفخ في الأمر وتحويله إلى قضية لتبقى ما بقي الإنسان على ظهر هذا الكوكب. ومن هنا يفهم أن قضية العنف بالنساء أو عليهن إنما مردها الاختلاف بين الجنسين من حيث طبيعتهما الفيزيولوجية إذ تتميز طبيعة الذكورة بالقوة التي تترتب عنها الخشونة بينما تتميز طبيعة الأنوثة بالضعف مقارنة بطبيعة الذكورة، وهي طبيعة تترتب عنها الرقة أو اللطف.وعند التأمل في كل مخلوقات الله عز وجل نجد الذكور تتميز عن الإناث بقوة البنية لحكمة أرادها الله تعالى ، ولا يمكن أن تفسر قوة ذكور مختلف الأحياء بأنها وجدت للعنف بالإناث لأن الله عز وجل اقتضت حكمته أن يكون تجاذب بين كل جنسين من الأحياء ، وأودع بسبب ذلك غريزة الجنس التي تقرب بين طبيعتين فيزيولوجيتين مختلفتين ،و هي الغريزة التي تلعب دور التلطيف بين طبيعتي الجنسين المختلفتين، ودور التقريب بين طبيعة جنس عنيف خشن ، وطبيعة جنس لطيف حيث يحن كل جنس إلى الآخر بدافع الضغط الغريزي الفطري الطبيعي ، وينجذب إليه وتكون النتيجة التعايش والتآلف والتساكن لهذا جعل الله تعالى من آياته الجمع بين جنسي البشر بالرغم من اختلاف طبيعتهما الفيزيولوجية والسيكولوجية فقال جل من قائل : ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة )). ولا يقدر على الجمع بين طبيعتين مختلفتين إلا الله سبحانه وتعالى الذي لا يعجزه شيء وهو على كل شيء قدير. والذين يرفضون حقيقة خلق الله تعالى ، وينكرون آياته يأبون إلا أن يكون العنف بين الجنسين قضية حقيقية تثار وتستغل في الغالب لتصفية حسابات عقدية وثقافية بين الأمم ،ذلك أن كل عقيدة وكل ثقافة تحاول أن تجرم غيرها بتهمة العنف بالنساء تنزيها لنفسها ، وهي متاجرة مكشوفة بهذه القضية وارتزاق بخس بها . فديننا الإسلامي الحنيف وهو عبارة عن توجيهات إلهية لتسديد السلوك البشري لا يستقيم معه طرح قضية العنف بالنساء حتى أن القرآن الكريم يخلو من لفظة عنف ، ولم ترد اللفظة إلا في الحديث النبوي الشريف في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : » الله عز وجل لم يبعثني معنفا  » وقوله :  » وإياك والعنف والفحش  » . والعنف هو عدم الرفق والمعاملة بشدة وقسوة .

والرفق هو العون والنفع والمعاملة بلطف ، ومن نفس المادة اللغوية الرفقة إذ الرفيق هو المصاحب النافع المعين الذي يعامل من يرافقه بلطف أي يكون لين الجانب لطيفا. ومنه أيضا المرفق وهو كل ما ينتفع به ، والرافقة وهي حسن الصنيع . وما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :  » رفقا بالقوارير  » كناية عن الرفق بالنساء إلا إشارة إلى تنكب العنف بهن أو عليهن مهما كانت طبيعته ماديا أو معنويا. ولهذا وردت في القرآن الكريم مصطلحات تدل على العنف مع أنه لم يصرح بلفظه ومنها قوله تعالى : ((أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن )) فالمضاراة أو الضر أو الضرر هي نقيض النفع الموجود في الرفق المناقض للعنف. ومنها أيضا قوله تعالى : (( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بالمعروف )) وعضل المرأة هو حبسها ومنعها والتضييق عليها ، والفعل يدل على استعمال العضلات في المنع وهو نوع العنف المادي أو العضلي . ومن ذلك أيضا قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )) . والملاحظ في هذه الآيات أنها تدعو إلى الرفق بالنساء وهي المعاشرة بالمعروف ، وتناهض العنف بهن سواء تعلق الأمر بالمنع والحرمان أو غيرهما من أشكال العنف المادي والمعنوي . والذين يثيرون قضية العنف بالنساء في بلاد الإسلام إنما يستهدفون بالدرجة الأولى شرع الله عز وجل الخاص بمعالجة النشوز بين الأزواج ، ويتعلق الأمر بنشوز الزوجة بزوجها إذا استعصت عليه وأبغضته ، أو نشوز الزوج بزوجته إذا جفاها وأضر بها .

فالنشوز إذن عبارة عن خلل يصيب العلاقة الزوجية ويضر بها ، ويقتضي المعالجة باعتباره علة ومرضا ، لهذا عالجه الله عز وجل في قوله سبحانه : ((والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا )). إنها طرق معالجة النشوز تبدأ بالوعظ وهو النصح بكتاب الله وسنة رسوله ، وتنتقل إلى الهجر في المضجع وهو حضن المودة والرحمة ، وتنتهي بالضرب المشروع ، وهو غير العنف إذ لا يستقيم أن يمنع الله تعالى العضل والمضاراة أو الضرر وهي أشكال من العنف ، ويجيز الضرب باعتباره عنفا. والضرب قد يكون عنفا إذا لم يكن مبررا ومشروعا .لهذا لا يعتبر ضرب المرأة الناشز عنفا بقدر ما يعتبر تصحيحا لعلة طارئة على علاقة المودة والرحمة. فقد تتمادى المرأة في نشوزها مبغضة لزوجها ومستعصية عليه ولا تستجيب ولا تتأثر بوعظ أو نصح ، ولا بهجران في المضجع ، ويكون ذلك سببا في انفصام عروة الزوجية لهذا يجيز شرع الله عز وجل المعالجة بالضرب ، وقد حدد الفقه الإسلامي كيفيته واشترط له شروطا من أجل صيانة العلاقة الزوجية المعرضة للزوال بسبب داء أو علة النشوز ،علما بأن سيكولوجيا النساء ليست على وتيرة واحدة ذلك أن هجران بعض النساء في المضجع أشد عليهن من الضرب نظرا لطبيعتهن السيكولوجية ، وقد يكفي الوعظ بعض النساء ذات سيكولوجيات خاصة ، ولا يفيد مع بعضها الآخر سوى الضرب الذي لا يمكن أن يسمى عنفا لمشروعيته. والضرب لغة هو الإصابة بالعصا ونحوها. ومن معاني الضرب أيضا المسك إذ يقال ضرب على يده إذا أمسكه ، وضرب القاضي على يد الشخص إذا حجر عليه ، وضرب فلان على فلان إذا منعه ، وضرب عنه إذا أعرض عنه، وزهد فيه ، ومنه أضرب عن العمل إذا أعرض وانقطع عنه.

وضرب النشوز قد يجمع بين كل هذه المعاني ، ذلك أن الذي يضرب زوجته الناشز يمسكها ويحجر عليها في لحظة سفه منها ويمنعها من إبغاضه والامتناع عنه ، ويسبق الهجر الضرب ، وهو نوع من الضرب أيضا لأنه إعراض وزهد عن الزوجة الناشز في المضجع. وإذا ما خلت طرق معالجة النشوز من الضرب كانت النتيجة هي الطلاق ، والضرب أهون من الطلاق الذي هو نهاية العشرة. وما كل ما يقع بين الأزواج نشوز فقد يساء فهم النشوز فتكون المعالجة بالضرب أو غيره في غير محلها. وقد لا يفقه معالج نشوز زوجته طريقة الضرب الشرعي فينتقل من ضرب المعالجة إلى ضرب العنف باسم الدين ، والدين منه براء. أما أن يكون الضرب بدون مبرر شرعي وهو العنف بالمرأة كما يفعل السكران الطافح السكر أو المتعاطي للمخدرات المهلوسة ، أو كما يفعل المرضى النفسانيون ، أو كما يفعل المجرمون ، والإجرام مرض لهذا يعالجه علم الإجرام والطب النفسي فلا يجب أن يلتبس بالضرب الشرعي المعالج للنشوز الذي يفتي به أهل العلم والفقه ، ولا يجب أن يصنف ضمن لا ئحة العنف بالمرأة سفها وحقدا على دين الإسلام مجاراة لأعدائه بغرض النيل منه . وأعتقد أن إلصاق تهمة العنف بشرع الله عز وجل فيما يتعلق بمعالجة مرض النشوز الغرض منه التمويه على عنف الحضارة الغربية الصليبية الصهيونية الأدهى والأمر ذلك أن الدول الغربية التي تتدعي التحضر تجيش الجيوش لممارسة العنف في أبشع صوره بالمجتمعات الضعيفة خاصة الإسلامية منها ،في حين تسوق الشعارات الفارغة إلى هذه الدول ، وتحاول أن تلصق بها جرائم العنف بالنساء. فهل يوجد عنف أعنف من عنف الصهاينة في أرض فلسطين ؟، وهل يوجد عنف أعنف من عنف قوات النيتو الأطلسية في العراق وفي أفغانستان ؟ فعلى العالم الذي يدعي التحضر أن يعالج أولا أشكال عنفه المختلفة عسكريا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا قبل اتهام طريقة معالجة النشوز في دين الإسلام بين الأزواج .

وعلى الببغاوات من المحسوبين والمحسوبات على الإسلام من الذين يرددون مقولات الصهاينة والصليبيين والعلمانيين الملحدين مراجعة حساباتهم و فهمهم ، ومرجعياتهم قبل كيل التهم لدين الله عز وجل . فكم من هؤلاء من يتخذ الدفاع عن المرأة وتحديدا في مناسبة اليوم العالمي لنبذ العنف عليها من أجل استغلالها أبشع استغلال جنسيا إذ يكون ظاهر دعوتهم مناصرتها وباطنها التطبيع بينها وبين الفاحشة والانحراف بدعوى مناهضة العنف بها. وكم من مجندات مدعيات للدفاع عن العنف بالمرأة عندنا إنما ركبن هذا المركب للتمويه على انحرافهن الأخلاقي وتبرجهن وتفسخهن من كل قيم أخلاقية باسم التحرر والتحضر ، مع أن القضية في حقيقتها مجرد تبرير للفجور في بلاد الإسلام ، وقد يصادف ذلك هوى في نفوس بعض الفجار فيصنعون منه قضية ، ويكون دفاعهم عن باطل باستغلال وركوب الحق أو ما يعبر عنه عادة بحق يراد به باطل .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *