Home»National»لا أحد من موظفي قطاع التربية يعمل تحت سلطة الآخر وإنما الكل يعمل تحت سلطة القانون

لا أحد من موظفي قطاع التربية يعمل تحت سلطة الآخر وإنما الكل يعمل تحت سلطة القانون

0
Shares
PinterestGoogle+

إن العبارة المتداولة في قطاع التربية :  » العمل تحت سلطة فلان أو فلتان  » يطرب لها البعض أيما طرب خاصة الذين يكلفون بتدبير الشأن التربوي مركزيا أو جهويا أو محليا. ومنهم من تخدعه هذه العبارة فينتفش انتفاش السنور المغرور ولا تفوته فرصة دون أن يحاول تذكير غيره ممن يعمل معه من الموظفين أنهم يعملون تحت سلطته مقالا أو حالا ، وهو لا يفقه شيئا من أمر السلطة . فالسلطة في اللغة العربية من السلطان ، والسلطان هو الحجة ، وهو مشتق من السليط ، والسليط هو ما يضاء به لهذا يسمى الزيت سليطا ، ومعلوم أن ما يضاء به يطرد الظلمة ، وبه تقام الحجة ، ومن هنا سمي الملك سلطانا لأن به تقام الحجة على الرعية. وبقدر حجة السلطان تأتي السلطة وهي القدرة والقهر وهي قدرة وقهر حجة معنوية قبل أن تكون قدرة وقهر مادية. والأمر في نهاية المطاف أن صاحب السلطة هو الذي يتسلح بالحجة الدامغة المقنعة أو ما يسمى القانون الذي هو تعاقد بين المتعاقدين ومن خلال الالتزام به تستقر أمورهم أجمعين وباختلاله تسودهم الفوضى .

ولقد ورد ذكر السلطان في الذكر الحكيم للدلالة على قوة الحجة في مثل قوله تعالى : (( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان )) فالنفوذ هو الخلاص ، ولا خلاص من أقطار هذا الكون الخاضع لله تعالى إلا بحجة تترتب عنها قدرة وقهر. ومما ورد في الذكر الحكيم أيضا قوله تعالى : (( وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم )) وظاهر من سياق الآية الكريمة أن الشيطان لا سلطان له على الذين اتبعوه أي لا حجة له ، وإنما هي مجرد دعوة دون حجة لهذا فلا يمكن أن تكون له قدرة وقهر على الناس .

وصاحب السلطان الوحيد الأوحد هو رب العزة جل جلاله وهو القاهر فوق عباده بسلطانه المعنوي والمادي . وعندما يقال : إن فلان يعمل تحت سلطة فلان فالمقصود أنه يعمل تحت سلطان قانون متعاقد عليه إذ بموجب هذا القانون يأمر المسؤول من يأتمرون بهذا القانون لا من يأتمرون بأمره كمجرد شخص له مواصفاته الخاصة بل كشخص معنوي يأخذ ماهيته من طبيعة مسؤوليته لا من شيء آخر . وسلطة كل مسؤول تأتي من مدى التزامه بإخضاع غيره وقهرهم والاقتدار عليهم بقوة القانون أي بقوة الحجة الدامغة التي تلزمهم . وكل مسؤول يدوس على القانون يفقد بالضرورة الحجة على غيره . ولا يحق لمسؤول ادعاء السلطة وهو يعطل القانون إذ كيف تكون له سلطة ولا سلطان له أو لا حجة له . وكم من مسؤول في قطاع التربية في المركز أوفي الجهة أو في الإقليم يعاني من جهل واضح بالقوانين ومع ذلك لا يستحيي من الانتشاء والافتخار بأن غيره من الموظفين يعملون تحت سلطته مع أنه لا سلطة مع بالجهل بالقوانين إذ كيف يمكن للجاهل بالقوانين إقناع من يعمل معه ولا حجة معه ؟ وأقبح من الجهل بالقوانين العبث بها والتحايل عليها وسوء تأويلها ذلك أن عقدة الشعور بنشوة السلطة قد تدفع بعض المسؤولين إلى تغييب بعض القوانين أو تحريفها فتصير أوامرهم محض أهواء ونزوات مفتقرة إلى حجة أو سلطان ، ومن ثم يخرجون من إطار السلطة القائمة على السلطان أو الحجة إلى إطار التسلط بلا سلطان ولا حجة . وعيب المسؤول هو جهله بالقوانين أو عبثه بها مهما كانت طريقة العبث تغييبا أو تأويلا أو تعطيلا .

فإذا كان لا أحد يعذر بجهل القانون فأولى ألا يعذر من يوكل إليه السهر على تطبيق هذا القانون. وإذا ما كانت تبعات الجهل بالقانون تلحق أصحابها ، فأولى بها أن تلحق من يسهرون على تطبيق القانون ويخفقون في ذلك . ولو وضعت الأمور حيث يجب أن توضع لسرح العديد من مسؤولي وزارة التربية الوطنية مركزيا وجهويا ومحليا لافتقارهم إلى السلطة وإصابتهم بداء التسلط ولكن المتسلطين لا حياء لهم ولا هم يخجلون لهذا يتشبثون بمناصب ومسؤوليات تلفظهم لفظا وهي فوق أقدارهم واقتدارهم ، وقد صار تسلطهم أحاديث الألسنة يتندر به الناس كما يتندرون بانتفاش السنور المغرور وهو لا يشعر إذ لو شعر لترك الانتفاش وعاد إلى حاله الطبيعي وهو الانكماش ولأمر ما يقال :  » رحم الله من عرف قدره وجلس دونه « 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Abou Ayoub
    04/10/2010 at 19:20

    Pour une fois,je suis d’accord avec vous , M. Chergui. Vous avez mille fois raison !Nous sommes des serviteurs du Pays, chacun à sa place,chacun à son poste. Personne n’est le serviteur de personne !Que chacun fasse son travail et si un problème surgit ,la loi existe, les réglements existent. Mais nos responsables ne veulent pas comprendre cette banalité pourtant évidente et logique.
    Alors,il faut la leur répéter à chaque instant,par tout le monde !et si nous avons de la chance,ils comprendront un jour, peut-être !!!!!!

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *