Home»National»عندما تطغى المادة تموت القيم

عندما تطغى المادة تموت القيم

0
Shares
PinterestGoogle+

ماذا نتوقع عندما تستأسد المدنية وتطغى المادة فيصير كل شيء بمقابل؟ إن تقدم واستحواذ قيم معينة في مجتمع ما تكون على حساب قيم أخرى. فلو تفشى الصدق معناه أن الذين كانوا خونة ومتلاعبين بمشاعر الآخرين في تضاؤل وتناقص لأن تحولهم من الخيانة إلى الصدق هو الذي جعلنا نعرف أن سمة الصدق في تزايد وسمة الخيانة في نقصان.
وهو نفس الشيء الذي وقع مع الأمانة أو الأمانات. لقد كثر في مجتمعنا أكل القروض بشكل واضح فتفشى حتى صار كالنار في الهشيم. فصار الناس يقولون بانعدام الأمانة وأن من الأفضل للإنسان ألا بقرض أحدا ولو درهما واحدا.. إذن هذا التحول الذي عرفته سمة أكل أموال الناس أو اللاأمانة من حالتها الفردية الشاذة إلى التعميم والظاهرة هو الذي جعلنا نقر بأن هذه السمة في نقصان خطير وأن المجتمع مهدد في أخلاقه وخصوصا خلق الأمانة. فكم مكالمة هاتفية تستقبل في اليوم الواحد وكم فيها من مكالمات لم ترد إلا للسؤال عنك لأنها افتقدتك ولتعبر عن حبها لك؟ وكم عدد المكالمات التي من ورائها مصلحة وطلبات وقضاء حاجة؟ فكثير من الناس ما عاد يستقبل المكالمات الخاصة أي المبهمة والغريبة خوفا من الوقوع في حرج عدم القدرة على تلبية الطلبات.

إذن أين هو الحب..إن الحب كقيمة من أعظم القيم التي خلقها الله تذوب تدريجيا كما يذوب الثلج.. لأن إكراهات وغزوا خطيرا من الجشع وحب الذات والنرجسية والذي كان من ورائه طغيان الماديات والملذات ..صارت تأتي على الأخضر من العلاقات وتبقي على اليابس منها..ومما يندى له الجبين أن هذه الظاهرة طالت حتى أقدس علاقة والتي يسميها الله تعالى بالميثاق الغليظ وهي الزواج..لقد كثر زواج المصلحة من أجل الفيلا والمال والسيارة الفخمة والمركز والحي الراقي.. حتى سار ديدن تزويج الآباء لبناتهم لمن يدفع أكثر. إن هذا الجشع العالمي هو الذي يعمل على محو كل سمة جميلة في المجتمع وكل قيمة وديعة فيه على رأسها الحب. ألم تكن من المفروض أن تكون التقنيات خادمة لمصلحة الإنسان وعلاقته بأخيه الإنسان..ولكن عندما امتطاها الجشع لجأ العالم إلى الاستعانة بالتعديلات الجينية وإدخال جينات حيوانية في النبات ولجأ إلى الاستنساخ من أجل مزيد من المصلحة والهيمنة فكانت النتيجة أن يطل عليها جنون البقر وانفلونزا الطيور والخنازير لأن الإنسان قد جن جنونه فصار لا يعرف حب البشرية ولا يقدر لها شأنا ولا يعيرها قيمة.
ومع العولمة عولمة القيم التي تعمل على تنميط السلوك وتعميم النموذج الاستهلاكي حتما ستموت كل قيمنا الجميلة بما فيها قيمة الحب.
لست أدري ما العمل؟

لست أدري كيف لنا أن نعيد الأمور إلى نصابها ولكن أحيانا أشعر بأننا كلنا متواطئون على القضاء على القيم الجميلة حينما نخدع أو ننافق أو نكذب أو نقصي أو نهيمن أو تصدر منا ابتسامة صفراء ونتسربل بأقنعة لا تمثل حقيقتنا على الإطلاق.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *