الريال و البارصا…لماذا كل هذه الهستيريا من طرف المتعاطفين المغاربة؟؟؟؟
يعتبر الفريقان
الإسبانيين العريقان ، ريال مدريد ، و فريق
ف.س برشلونة من أعرق الفرق العالمية ، و
أكثرها تتويجا على الساحة الأوربية،و قد
نشآ في ظل ظروف تاريخية و سياسية معروفة،
فالنادي الملكي كان مدعما من طرف فرانكو،في
مواجهة نادي برشلونة، الذي كانت منطقة
كاطالونيا تريد أن يساهم فريقها في تشكيل
الهوية لهاته المنطقة التي تريد الانفصال
عن إسبانيا.و يتواجد فريق الريال بالعاصمة
السياسية للمملكة المتواجدة بشبة الجزيرة
الأيبيرية،بينما يتواجد فريق برشلونة
في العاصمة الإقتصادية.و يعتبر الفريقان
مؤسستان اقتصاديتان، بحيث أنهما يوفران
آلاف مناصب الشغل،و يجلبان لاعبين كبار
على المستوى العالمي.و لهم أنصار في جميع
أرجاء الكرة الأرضية، و منها المغرب، و
يعتبر الشمال المغربي معقلا لأنصار الفريقين،
نظرا للعامل التاريخي و الجغرافي، و لأن
منطقة الشمال كانت تلتقط القنوات التلفزية
منذ ثمانينات القرن الماضي، لكن مع ظهور
المقعرات الهوائية،سيزداد مشجعو الفريقين
منذ تسعينات القرن العشرين ليشمل جميع
أنحاء البلد، مما جعل الفريقان يتنافسان
على اكتساب جماهير المنطقة الشمالية من
المغرب من خلال خلق مراكز للتكوين،يتم
من خلالها كسب مهارات رياضية و صقلها لتطعم
فرقيهما، و بأثمان رخيصة.
و الملاحظة
المثيرة هي أن هذا الانتماء التشجيعي لا
ينحصر في فئة عمرية معينة ، فهو يلمس الصغير
و الكبير، فقد تجد أن طفلا في عمر الزهور
يحفظ عن ظهر قلب جميع لاعبي فريقه المفضل،و
كذا لاعبي غريمه، و يعرف من سيلعب في الدورة
القادمة ، و من هو متوعك،إلى غير ذلك من
الإهتمامات الصغيرة منها و الكبيرة،في
وقت لا يهتم للأبجديات الأولى للجبر و الهندسة.
و لا يكتفي التشجيع بفئة اجتماعية و طبقية
معينة،و المشجعون لا يكتفون بحب الفريق
المفضل ، بل يكنون العداء لغريمه بشكل
مازوشي. هكذا تحولت المقاهي بالمغرب من
مكان لنقد الوضع الإجتماعي و السياسي
للبلد، إلى فضاء للتعبير عن التعاطف ، بشكل
هستيري، مع هذا الفريق، أو ذاك.و قد تجد
أحيانا بعض المقاهي من يحرمون – و بشكل
شوفيني – دخول المتعاطفين من هذا الفريق
أو ذاك، و مقاهيهم مزركشة بأعلام فريقهم
المفضل .كما أضحت الفضاءات الأسرية
منقسمة في تشجيعها للفريقين. ،و ترى الشوارع
خاوية من المارة أيام الديربي ، و تحبس
الأنفاس و لا حديث إلا عن أجواء الكرة
الإسبانية،و دخلت مصطلحات لغوية إسبانوفونية
في قاموس المشجعين، رغم عدم معرفة فئة كبيرة
باللغة من قبيل « Classico » و « Jugador » إلى غير ذلك.
في مقابل هذا
التعاطف مع الفريقين الإسبانيين، نلحظ
أن المشجعين المغاربة للفرق الوطنية شبه
غائبين، ما عدا مشجعي فريقي الوداد و الرجاء
بالدار البيضاء،و يعزى هذا « الحريك الرياضي »
بتعبير الباحث السوسيولوجي عبد الرحيم
العطري، إلى عدة أسباب ، أذكر منها:
- ضعف البطولة الوطنية،
و غياب الإحترافية و صناعة رياضية حقيقية،
فالأندية ما زالت تعمل بعقلية الهواة،
و التسيير ما زال يطبعه العشوائية، و الطابع
القانوني للأندية ما زال متخلفا بحيث أن
الفرق تعمل على شكل جمعيات، و لم تنتقل
إلى شكل شركات،رغم الإنتقال المحتشم لفريق
الفتح الرباطي إلى مستوى مقاولة. و مسير
النادي ما زال، يشكو من عدم الدعم، و ذهنيته
لم تنتقل إلى التفكير المقاولاتي، و إنتاج
الثروة عبر المجال الرياضي. و الرسالة الملكية
إلى المناظرة الوطنية حول الرياضة، أناطت
اللثام عن الخلل، و وزير الشباب و الرياضة
الجديد القريب من التفكير الرياضي الأمريكي،
عبر أكثر من مرة عن هدفه للرقي بالرياضة !!!!! - غياب تأطير مدني
و سياسي للجماهير، و بالتالي هم يبحثون
عن انتماء يشكل مصدر هويتهم.فالمؤسسة الحزبية
في مرحلة سبات شتوي،و انغلقت على نفسها،و
لم تعد تؤطر الجماهير.و المجتمع المدني
في مرحلته الجنينية.و طبيعي جدا أن تبحث
الجماهير عن فضاءات أخرى. فالمتعاطفون
مع البارصا و الريال قد يفوقون عدديا المنتمين
إلى الأحزاب السياسية.و المثير للدهشة
أن أحد المشجعين المغاربة، قام برفع
شعار اعتبر فيه فريق البارصا – و يا للغرابة-
من « المقدسات الوطنية »، و عندما
توبع قضائيا، دعمته البارصا. - فئة كبيرة من المغاربة
أصبحت تؤمن بالربح السريع إن على المستوى
السياسي، أو الإقتصادي، و حتى المستوى
الفرجوي.فلا أحد يريد أن يغير الواقع القائم،و
الرقي بالرياضة من الجمهور، فهو يلجأون
إلى فرجة جاهزة، لا يقومون بأي مجهود كبير
في صناعتها.و لا يبالون بأن المستوى الرفيع
الذي وصلته الكرة بعدة دول هو نتاج عمل
دؤوب و جاد، يصنعه الجميع بما في ذلك
الجمهور المشجع. - تفوق الرياضة على
المجال السياسي، في ظل العولمة،فالرياضة
أضحت آلية للترقي الإجتماعي و بشكل
سريع، و الكوكبة « Globalisation » أصبحت تخلق أحاسيس
مشتركة، و حزنا مشتركا، و تقاسم لحظات فرجوية
مشتركة، و تخدم وسائل الإعلام الكبرى هاته
الأجندة من خلال احتكارها للصورة،فالمغاربة
إلى حدود الساعة لن يتابعوا مونديال جنوب
إفريقيا،لأن قناة الجزيرة الرياضية التي
تحتكر حقوق البث طالبتهم ب 15 مليون دولار،
في وقت لا تتجاوز مداخيل الإشهار للقنوات
التلفزية المغربية مليون درهم.
لقد استحضرتني
ذاكرة انتقال فريق ف.س.برشلونة و المنتخب
البرتغالي الأسبق، لويس فيكو عندما انتقل
إلى فريق ريال مدريد ، و ردود فعل
الجماهير، التي فاقت من سباتها العميق،
عندما تيقنت بأن تعاطفها هو مجرد أفيون،
و الحقيقة هو أن هاته الفرق مجرد شركات
كبرى تتسابق على مصالحها،في صفقات البيع
و الشراء،فالفريق عندما يقتني لاعبا من
العيار الكبير، فشركة البارصا أو الريال
تجني أرباحا طائلة، في غضون الأسبوع الأول
من التوقيع على جلب اللاعب، من خلال بيع
الأقمصة، التي يقتنيها و بشراهة المشجعون،
و هم في غالبيهم » حاركين » إلى واقع
بعيد عن واقعهم المزري المفروض فيهم المساهمة
في تغييره، فلربما في سنة 2043 – و الله أعلم-
سيتأتي جيل يستمتع بالدوري المغربي على
المستوى العالمي، و سنجد مشجعين من بوركينافاسو
، و غينيا الإستوائية ، و الكونغو برازافيل،
وجزر المالديف، و لشينشتاين،و مقدونيا،
و تركمنستان- نجدهم- يشجعون « الجراد »(الرجاء)
و بوحمرون(الوداد). » الله يحيينا و صافي
نشوفو هاد الشي،أو ما تعرف آسيدي….بلاك
يكون بصح !!!!!!! ».
Aucun commentaire