Home»National»تهافت الفكر العلماني في المجتمع العربي وتجاوز الواقع له

تهافت الفكر العلماني في المجتمع العربي وتجاوز الواقع له

0
Shares
PinterestGoogle+

تابعت حلقة من برنامج من برامج قناة الجزيرة القطرية  » حوار مفتوح  » الذي يعده ويقدمه وينشطه الصحفي غسان بن جدو بعنوان :  » دور المثقف العربي في المجتمع  » وقد سجلت الحلقة في ليبيا ، وحضرها ثلاثة مثقفين : مصري ، ومغربي ، وليبي . وكانت خلاصة حديثهم استغلال فرصة البرنامج لمهاجمة التيارات الإسلامية في البلاد العربية ، وتحميلها مسؤولية الوضع العربي المتأزم على كل الأصعدة ، وفي كل المجالات . وفوجئت بالطريقة الحقودة على التيارات الإسلامية التي تحدث بها ضيوف هذا البرنامج بينما حاول منشط ومعد البرنامج مناقشتهم في أطروحاتهم المتحاملة على التيارات الإسلامية بسبب الخلاف الأيديولوجي معها. واللافت للنظر هو تهافت الفكر العلماني ، وتغريده خارج نطاق الواقع المعيش في البلاد العربية .

فمن جهة يتمسك الفكر العلماني بفكرة قدسية التعددية وحرية الفكر والتعبير ، ومن جهة ثانية ينقض فكرة القدسية هذه بفكرة إقصاء و استئصال التيارات الإسلامية . وهو فكر لا يتنبه أو يتعمد عدم التنبه إلى تناقض مواقفه ، ذلك أن الجمع بين فكرة قبول التعددية الفكرية والأيديولوجية ، وفكرة إقصاء التيارات الإسلامية أمر مستحيل . فالتعددية تقتضي أن يقبل كل فكر وكل تيار غيره من الأفكار والتيارات ويتعايش معا ، ويحاورها بقوة الإقناع لا بقوة الإقصاء والاستئصال . فالتيارات الإسلامية لها ما يبرر وجودها في البلاد العربية ، فهي تعتمد أطروحات فكرية دينية أصيلة وغير مستوردة من جهة ، و من جهة أخرى هي تواجه الغزو الفكري والعسكري للغرب الصليبي والصهيونية خلاف التيارات العلمانية التي تخندقت مع الغزو الغربي والصهيوني ضد التيارات الإسلامية بدعوى أن هذه التيارات هي العدو المشترك بين العلمانية العربية والعلمانية الغربية .فعوض أن تنخرط التيارات العلمانية العربية في مشروع التصدي للغزو الفكري والعسكري الغربي والصهيوني للبلاد العربية ، فإنها اختارت الوقوف إلى جانب هذا الغزو ، وقد هولت من خطر التيارات الإسلامية ، واستهانت بخطر الغزو الغربي والصهيوني .

وإنه لمن المؤسف جدا أن يلعب العلمانيون دور الطابور الخامس في الوطن العربي إلى جانب المعسكر الإمبريالي بعدما كانوا طابورا خامسا إلى جانب المعسكر الشيوعي . لقد حولوا عداوتهم صوب التيارات الإسلامية لأن أحد هذه التيارات في أفغانستان كان سبب انهيار الإمبراطورية الشيوعية في ما كان يسمى الاتحاد السوفياتي . وهم اليوم يخشون انهيار الإمبراطورية الإمبريالية بزعامة الولايات المتحدة التي بدأ ت بوادر اندحارها في أفغانستان على يد نفس التيار الإسلامي الذي قوض الإمبراطورية الشيوعية من قبل . فلا مندوحة للعلمانيين العرب من مناصبة العداء لتيارات ترد على مقولاتهم الإقصائية والاستئصالية بالمثل .

فلو أن العلمانية العربية تخلت عن مقولة إقصاء التيارات الإسلامية لما جاء رد فعل هذه التيارات بالمثل . والعلمانيون يحاولون التخلص من مقولتهم الإقصائية والاستئصالية ، وإلصاقها كتهمة بالتيارات الإسلامية . وقد استغربت نسبة ضيوف برنامج  » حوار مفتوح  » ، والواقع أنه حوار مغلق لأنه لو كان بالفعل مفتوحا لكانت فيه فسحة للتيارات الإسلامية جنبا إلى جنب مع التيارات العلمانية ادعاء امتلاك الحقيقة للتيارات الإسلامية مع أن التيارات العلمانية هي الأخرى تدعي نفس الشيء عندما تقترح نفسها بديلا عن التيارات الإسلامية . ومن غير المقبول أن تنكر التيارات العلمانية على التيارات الإسلامية ادعاء امتلاك الحقيقة ، وهي تفعل نفس الشيء لتبرير وجودها. لقد باتت التيارات العلمانية في الوطن العربي خارج التغطية ، ومغردة خارج السرب كما يقال لأن المجتمع العربي لم يستفد من مقولاتها المتهافتة شيئا ، حيث ازدادت حملات الاحتلال ضده ، وعاد من جديد إلى وضع القرن التاسع عشر المتميز بما يسمى الحركة الاستعمارية الغربية .

لم تعد مقولات الفكر العلماني العربي تقنع الإنسان العربي الذي ازداد قناعة بوجاهة فكرة التصدي للمحتل الغربي والصهيوني بالوسيلة الوحيدة وهي المقاومة المسلحة التي تتبناها التيارات الإسلامية ، وتعارضها التيارات العلمانية التي تقتات من فتات الإمبريالية لتضمن وجدها في وطن عربي يلفظها تماما كما يلفظ الاحتلال والهيمنة الغربية الصليبية والصهيونية المتعصبة دينيا في عمقها ، والعلمانية في واجهتها المخادعة للعلمانيين المخدوعين بالأمس عن طريق الشيوعية ، واليوم عن طريق الإمبريالية .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *