Home»National»هل التوجيه التربوي من اختصاص المدرس؟

هل التوجيه التربوي من اختصاص المدرس؟

0
Shares
PinterestGoogle+
 

      تنفيذا
للمشروع السابع من المجال الثالثE3P7 من
البرنامج الاستعجالي للوزارة الخاص بتنظيم
مجال الاستشارة والتوجيه، نظمت نيابة الناظور
دورة تكوينية، حضرها بعض الأساتذة في مختلف
المستويات والتخصصات، وذلك يومي 16 و17 دجنبر
2009، بثانوية محمد الخامس التأهيلية بالناظور.
ولعل أول ما يثير في هذه الدورة التكوينية
موضوعها، المرتبط بمجال الاستشارة والتوجيه.

      قلت
هذا الموضوع مثير، لا لأنه جديد في النظام
التربوي، فأغلب المدرسين يعرفون- على الأقل
سماعا- أن هناك موجهين تربويين، مهمتهم
الأساسية توجيه المتعلمين ومساعدتهم قصد
اختيار شعبة تناسب ميولاتهم وقدراتهم المعرفية
وكذا طموحاتهم . لكن الموضوع مثير لكونه
يبدو بعيدا عن اختصاص المدرس، أو على الأقل
هكذا كنا نظن فيما ما مضى من حياتنا التعليمية.
فهل بات التوجيه التربوي من اختصاصاتنا؟
الحق أن الموجهين التربويين الذين ألقوا
دروسهم في هذين اليومين لم يقولوا لنا شيئا
بخصوص هذه النازلة. بيد أنه يبدو أن المدرسين
أحسوا هذه المرة بأن الهوة تزداد مسافات
مسافات بين مهمتهم المألوفة وما يُكَوَّنُون
فيه في هذه الدورات التكوينية، لذلك كان
تعبيرهم عن رفض موضوع هذا التكوين قويا،
رجت له جدران القاعة رقم 2. ويظهر أن الرفض
منطقي إذا لم يكن التوجيه التربوي من اختصاص
المدرس، فالمدرس يحسب لحد الآن أنه ليس
مسموحا له، أن يوقف الدرس، ليقول لمتعلميه،
أنصتوا! سأحدثكم اليوم عن التوجيه التربوي،
أي سأذكر لكم الشعب العلمية والتقنية والأدبية
الموجودة في بلادنا، كما سأذكر لكم شروط
القبول في هذه الشعب وآفاقها… وهنا نعيد
السؤال الأول بشكل آخر هل للمدرس معرفة
بهذه المسائل؟ بالطبع لا. لكن ألم يُكوّن
المدرسون لمدة يومين في التوجيه التربوي؟
بلى.

      إن
النظر بعين العقل في مسألة التكوين في التوجيه
التربوي، يكشف أن الموضوع يدل على أن هناك
فعلا ضبابية وتخليطا، فالتوجيه بهذا المعنى
لا يسطيع المدرس أن يقوم به، بل ليس مسموحا
له أن يوقف الدروس ليحاضر في التوجيه. وعلى
هذا فالتوجيه بهذا المفهوم الاصطلاحي بريء
من المدرس، والمدرس بريء منه. ومع هذه النتيجة
السلبية لا بد من أن نسأل سؤالا هو: ما فائدة
هذا التكوين البعيد عن اختصاص المدرس؟
لم لا يكون المدرس فيما له صلة متينة باختصاصه؟
لم لا يكون في نظريات التدريس؟ لم لا يكون
في قضايا علم النفس التربوي؟ لم لا يكون
في كيفية خلق الرغبة عند المتعلم؟ …

      الجواب
هو أن فائدة هذه الدورات التكوينية فائدة
تواصلية، بمعنى أن الأساتذة يصلون بعضهم
البعض، بعد أن طالت مدة الغياب، فيسألون
عن أحوال بعضهم البعض، سواء تعلق الأمر
بالأحوال الشخصية أم بالأحوال المهنية.
وهذه سنة حميدة نرجو أن تستمر، ولعل أحوج
فئة لهذه اللقاءات التواصلية هي الفئة
البدوية، من ذلك أهل عين الزهراء وتروكت
وغيرهما. على كل حال لن يعود المُكَوَّنُ
صفر اليدين من هذه الدورات. وهذه الفائدة
التواصلية هي التي تهدئ من غليان الأساتذة
فأن يتواصل المدرسون هذا التواصل أحسن
من لا شيء.

      هكذا
اتفق الأساتذة أن مضامين هذه الدورة التكوينية
لا يمكن أن تطبق، بل هي من المعلومات العامة
التي يستحب للمدرس أن يعرفها هذه المعرفة
المستعجلة. إننا لا ننكر أهمية التوجيه
وخطره في حياة المتعلم، ففعلا ينبغي أن
يوجه المتعلم توجيها صحيحا، وينبغي أن
يعد المتعلم منذ البداية لمشروع شخصي،
لكن هذا يتطلب شخصا كفئا في هذه المجال،
وهو الموجه التربوي. ويظهر أن الخصاص في
أطر التوجيه هو الدافع الخفي لهذا التكوين
وأمثاله، فما قيل عن دفتر التتبع الفردي
يقال الآن عن مسألة التوجيه والإرشاد.

      إن
المشروع الشخصي للتلميذ من أفيد ما قيل
في هذه الدورة التكوينية، فالمشروع الشخصي
يجعل التلميذ على بينة مما يريد أن يحققه
في حياته التعليمية، وتوجيه المتعلم إلى
التفكير في هذا المشروع الشخصي مبكرا،
يوفر الوقت ويحدد مجال البحث والجهد عند
المتعلم، فمن كان يرغب في أن يصبح  طبيبا
مثلا فعليه أن يوجه اهتمامه منذ البداية
إلى هذا المشروع، وتحديد المشروع الشخصي
سيخلق الرغبة في البحث والاستطلاع، ويظهر
أن المشروع الشخصي للتلميذ سيساهم في القضاء
على العبثية والعشوائية التي تسود الحياة
التعليمية للمتعلم. فالغالب أنه لا يفكر
فيما يرغب فيه إلا بعد الحصول على شهادة
الباكالوريا.

      غير
أن هذا المشروع الشخصي لا يخلو من صعوبات،
فاختيار المهنة كاختيار الزوجة. وغير خاف
أن هذا النوع من الاختيار ليس سهلا، فمن
الأمور التي ينبغي وضعها في الحسبان احتمال
فشل المشروع الشخصي، لذا ينبغي وضع اختيارات
احتياطية للجوء إليها في حالة فشل الرغبة
الأولى، فإذا فشل مشروع الطب مثلا ينبغي
أن يكون المتعلم مستعدا لاستبداله بمشروع
آخر.

       »
وبصفة عامة يتطلب المشروع الشخصي معرفة
كافية بثلاث مكونات أساسية: الذات، مسالك
الدراسة والتكوين،والمهن. وهذا يعني الإجابة
على أسئلة من قبيل:

  • ما هي المهن
    التي أميل إليها؟
  • ما هي المسالك
    الدراسية التي تؤِدي إليها؟
  • هل أتوفر
    على مؤهلات لهذه المسالك؟
  • هل تسمح
    قدراتي ونتائجي بمتابعة التكوين لهذه المهن؟
  • هل يسمح
    وضع عائلتي باستكمال الدراسة والالتحاق
    بهذه المهنة؟ »

      ومن
حسنات هذه الدورة التكوينية أن الأساتذة
حصلوا على قرص مضغوط يحتوى على مواد التكوين،
وهذا تقدم ملموس في الوسائل التعليمية
المتبعة في التكوين المستمر، إذ كانت الأوراق
التقليدية سيدة هذه الوسائل، مع العلم
أن هذه الأوراق لا تسلم للأساتذة إلا في
قاعة التكوين، وهذا لا يليق، فطبائع الأشياء
تقتضي أن يتوصل المكوَّنون بتلك الأوراق
قبل التكوين كي يطلعوا عليها، وهذا ما سيسمح
بالحوار والنقاش، لكن جرت العادة أن يحضر
المدرسون إلى قاعات التكوين كما يحضر المتعلمون
المتهاونون بلا كتاب ولا دفتر ولا تحضير.

      احميدة
العوني-  عين الزهراء- الناظور- salamtam@live.fr

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. عبد الكريم بن رزوق
    01/03/2010 at 18:49

    السلام عليكم
    شكرا أخي الكريم على هذا المقال
    فكما هو معلوم، وفي إطار البرنامج الاستعجالي، وحسب المشروع الخاص بوضع برنامج « وضع نظام ناجع للإعلام والتوجيه  » ، فقد نص هذا المشروع على أن التوجيه التربوي شأن عام، وليس حكرا على أطر التوجيه التربوي فقط، ولهذا سيتم تعبئة الفاعلين بخصوص التوجيه وإشراك الأساتذة والآباء والمهنيين كذلك في المجهود المبذول لمساعدة المتعلمين على التوجيه.
    وفي هذا الصدد سيتم تكوين أساتذة الثانوي الإعدادي والتأهيلي من خلال تنظيم ندوات ولقاءات تحسيسية في مجال المصاحبة والمساعدة على التوجيه، لتمكينهم من عدة كفايات تساعدهم على مباشرة هذه المهام على الوجه المطلوب.
    وهذا ما نظمته نيابة الناضور، وبعض النيابات ، ويتم التهييء له في نيابات أخرى. والأكيد أن أغلب مقاربات التوجيه التربوي تجمع على أن للمدرس الدور الكبير في مجال توجيه التلاميذ والتأثير فيهم وفي رسم معالم دراساتهم وتكويناتهم المستقبلية. وذلك بحكم المدة الكبيرة التي يقضيها التلميذ مع المدرس، وبحكم انبهار البعض بهم وبشخصياتهم وبالمواد التي يدرسونها. فلا شك أن التلاميذ يسألون مدرسيهم عن نظام التقويم المعتمد في المادة المدرسة أو نظام التقويم الإجمالي، وتعد إجابة الأستاذ هنا مساهمة في الإعلام الذي يرتكز عليه التوجيه، ويسأل التلاميذ المدرسين عن الشعب الدراسية، وعن الفرق بينها وعن المؤهلات التي تتطلبها كل شعبة دراسية… فلا بد للأستاذ أن يجيب… والأكيد أنه إن لم تكن للمدرس معلومات محينة، أو إذا أجاب بالاعتماد على ماضيه الدراسي، أو إذا كانت لديه أصلا تمثلات خاطئة عن الشعب الدراسية… فسيلقي بالتلميذ في اختيارات خاطئة، قد تكون تبعاتها تشكل تأثيرات نفسية وصعوبات دراسية، وتؤدي به إلى الفشل.
    لذا فايجابيات مثل هذه الدورات التكوينية كثيرة، منها معرفة مختلف المتدخلين في عملية التوجيه، والمعرفة الصحيحة لبعض المعارف المستعملة في حقل التوجيه، من قبيل: المشروع الشخصي، التوجيه النشيط، الإعلام المدرسي، وغيرها كثير. ولا بأس أيضا من معرفة حد أدنى لبعض المعلومات التي يحتاجها التلميذ من قبيل مختلف الشعب الدراسية التي يمكنه التوجه إليها، المواد، المعاملات، نظام التقويم… تغيير التوجيه. ولا بد كذلك من تصحيح التمثلات الخاطئة عن التوجيه التربوي، كتفضيل شعبة عن أخرى، أو اعتبار التوجيه من اختصاص إطار التوجيه فقط، أو تصنيف المهن إلى ذكورية وغير ذكورية، أو اعتبار التوجيه عملية لحضية…
    فإذا كان الأستاذ عنصرا فاعلا في التوجيه أثناء البث في قرارات التوجيه من خلال مجالس الأقسام الخاصة بالتوجيه، فلا بأس من بعض المواكبة في سيرورة اختيار التلميذ. ولهذا فانه شئنا أو أبينا فللمدرسين دور أساسي ومهم باعتبار التأثير الكبير والواضح للأساتذة في اختيارات التلاميذ. فملازمة الأساتذة ومصاحبتهم للتلاميذ تدوم لفترة أطول من أي متدخل آخر. كما أن الأنشطة التعليمية داخل القسم، على اختلافها، تشكل باستمرار فرصة للتلميذ لاكتشاف ذاته ومحيطه التربوي الاجتماعي و الاقتصادي
    إذن من الضروري الوعي بأهمية هذا الدور أولا، ثم بناؤه على أسس علمية تربوية سليمة حتى يكون مساهمة ايجابية في مسار التلميذ الدراسي والمهني
    عمليا، يتمثل دور الأستاذ(ة) في هذا المجال على ما يلي (منقول من:
    Mohamed Elhadi, expérience d’implantation partielle de l’approche orientante dans le contexte collégial marocain, mémoire pour l’obtention de diplôme d’inspecteur en orientation, COPE Rabat, 2009):
    –تحسيس التلاميذ المستمر بأهمية مادته ودورها في بناء مستقبلهم الدراسي وكذا المهني.
    –البحث عن تطبيقات عملية لمكونات المادة المدرسة في المجال المهني وتقديمها للتلاميذ كأمثلة.(دور إتقان اللغات في التواصل المهني مثلا).
    –الربط الدائم بين الكفايات المستعرضة (les compétences transversales) التي تهم المادة و الكفايات المطلوبة في مجال التوجيه التربوي. (كفاية العمل بمشروع مثلا). ويقصد بالكفايات المستعرضة أو الممتدة تلك الكفايات العامة التي لا ترتبط بمجال محدد أو مادة دراسية معينة, وإنما يمتد توظيفها إلى مجالات عدة أو مواد مختلفة. و لهذا السبب, فإن هذا النوع من الكفايات يتسم بغنى مكوناته, إ ذ تسهم في إحداثه تداخلات متعددة من المواد , كما يتطلب تحصيله زمنا أطول
    –إبداع مواقف وأنشطة تعليمية مرتبطة بالمادة وذات ارتباط بمجال التوجيه وذلك بتنسيق مع المستشار في التوجيه التربوي.
    –مساعدة التلاميذ، من خلال الأنشطة التعليمية، على اكتشاف قدراتهم ومواهبهم ومهاراتهم وكذا ميولاتهم المهنية.
    –الحرص على جعل التلميذ يطور صورة ايجابية عن نفسه وعن قدراته للرفع من مستوى حافزتيه (La motivation).
    –توسيع آفاق التلاميذ المهنية بجعلهم يكتشفون أسماء مهن جديدة ومتطلباتها.
    –التحقق الدائم من صحة ووثوق المعلومات المتعلقة بالتوجيه التربوي والتي تروج بين التلاميذ و الآباء.
    –تصحيح التمثلات الخاطئة المتعلقة بالمسالك الدراسية والمهنية لدى التلاميذ وآبائهم.

    عبد الكريم بن رزوق
    Abdelkarim.benrazouk@yahoo.fr

  2. مدرس
    01/03/2010 at 18:50

    أتفق مع كاتب المقال في صعوبة أداء مهمة التوجيه بحكم أن وقت القيام بهذا سيكون مقتطعا من وقت الدرس.
    لكن هذا لا يمنع أن يشير المدرس على التلاميذ بمعلومة أو موقع أومطبوع أو غير ذلك.
    كما أن المدرس ،ولكونه أقرب للتلاميذ، أقدر على معرفة قدراتهم وميولهم. أقول هذا وفي قلبي غصة من … الاكتظاظ.

  3. mohamed
    01/03/2010 at 18:50

    السلام عليكم
    لست متفقا معكم أستاذ فيما ذهبتم إليه من أن التوجيه ليست مهمة المدرس، ولعل هذه الخلاصة دليل « فشل » هذين اليومين التكوينيين

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.