Home»National»السياسة يا معالي الوزير، أن تمنعون الناس من التدخل في ما يخصهم

السياسة يا معالي الوزير، أن تمنعون الناس من التدخل في ما يخصهم

0
Shares
PinterestGoogle+

في الوقت التي تمر فيه المدرسة العمومية
بمرحلة مفصلية في تاريخها، وفي خضم هذا الحراك النقابي المتميز، والذي اتسم هذه
السنة، بتشكيله لسابقة في التاريخ النقابي المغربي ،حيث تمكنت أربع نقابات مهنية،
ذات منطلقات إيديولوجية متناقضة، من تنظيم إضراب وطني لمدة 24 ساعة بقطاع التعليم
المدرسي والتعليم العالي، مع عقد وقفات احتجاجية أمام النيابات التعليمية، وتم
تنفيذ ذلك بنجاح كبير، يوم الخميس 29 أكتوبر 2009،حيثتجاوزت
نسبة المشاركة 90 في المائة، ومن السوابق التاريخية والعجيبة أن لا يسبق الإعلان عن
الإضراب، لغة التخويف والتهديد بالاقتطاعات، التي لم تعد تخيف أحدا  في إطار » اللي
ليها… ليها »، بل سبق ذلك ملتمس من وزير التربية الوطنية السيد أحمد اخشيشن للسيد
الوزير الأول عباس الفاسي، يعبر فيه الأول عن أسفه « لاجترار العديد من مؤشرات
التشويش والاحتقان التي تراكمت بسبب عدم تفعيل الشق الحكومي من الملف المطلبي »،
الذي تعتبره النقابات التعليمية حدا أدنى، والتمس من السيد الوزير الأول التدخل من
أجل « تفعيل اتفاق فاتح غشت2007 الموقع بين وزارة التربية الوطنية والنقابات
التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية في إطار الحوار الاجتماعي » …

لقد أثلج هذا
الملتمس صدرنا نظرا لمختلف الرسائل السياسية التي  أرسلها، والتي التقطها الجميع،
وظن المتتبعون أن الأمر يتعلق بتحول ملفت في سياسة الوزير ،الذي اقتنع أخيرا بضرورة
الاصطفاف إلى جانب موظفيه، ودعمهم ومساندتهم في نضالهم المشروع من أجل تنفيذ
الحكومة لالتزاماتها،وكان هذا الملتمس اعترافا صريحا من السي أحمد بأن الإضراب
مشروع ، وأن المضربين على صواب، وأن الحكومة  مسؤولة مسؤولية كاملة عن تقاعسها عن 
تنفيذ ما التزمت به، وبالتالي وقفت رسالة الوزير إلى جانب الحق…: وشهد شاهد من
أهلها »، وابتعدت عن الخطابات الجارحة والاستفزازية في حق نساء ورجال التعليم، التي
تتناقلها وسائل الإعلام من حين إلى آخر، والتي أصبح البعض ينتظرها بشغف،ليملأ بها
وقته في المقاهي، عوض ملأ الكلمات المتقاطعة ، خاصة أولئك الذين يريدون » الخدمة » في
أسرة التعليم، إلا أننا فوجئنا في يوم الإضراب، بتصريحات من الوزارة تسير في
الاتجاه المعاكس للملتمس،وتتحدث عن ضياع 56 مليون ساعة دراسية ،وتتهم الإضراب بأنه
« إضراب سياسي »،علما أن مسؤولية  هذا الهذر الزمني تقع مسؤوليته على الحكومة التي لم
تتحمل مسؤوليتها السياسية، كما أن الإضراب السياسي هو ذلك الذي تقوم به الأحزاب
المعارضة بواسطة نقاباتها ، بهدف الضغط على السلطات لمنح أحزابها امتيازات
انتخابية،أما هذا الإضراب فشاركت فيه نقابات تابعة لأحزاب حكومية،وأن البرلمان
بغرفتيه تم استكمال مقاعدهما، ولم يعد هناك ما يتم اقتسامه، وحتى إذا فرضنا ذلك
جدلا ،فالسياسة ليست جرما أو خطيئة فالمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني حث
المغاربة على ممارسة السياسة،دون أن ننسى أن السياسة هي فن الممكن، أي دراسة وتغيير
الواقع السياسي موضوعيا، وليس الخطأ الشائع، الذي يفسر الممكن بالخضوع للواقع
السياسي، وعدم تغييره بناء على حسابات القوة والمصلحة، « واش اطلع تأكل الكرموس،انزل
أشكون اللي قال لك ».

إن النقابات انتظرت كثيرا، وفرطت وتقاعست بدورها عن الضغط على
الحكومة من أجل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه منذ سنتين خلت. لا يمكن للحكومة أن تتذرع
بالأزمة الاقتصادية العالمية وآثارها لكي لا نلبي المطالب المشروعة لأسرة التعليم،
وفي نفس الوقت نزيد في أجور وتعويضات ذوي الأجور السمينة » خمسة وخميس »، أليست هذه
سياسة؟نعم إنها سياسة،  » سياسة شي يأكل وأشي أيشوف،وزيدت الشحمة في المعلوف ».لقد
حان الوقت أن تستفيد الفئة المتنورة من شعبنا بخيرات بلادها،لقد شكلت هذه الفئة
قنطرة مرت عليها  مختلف الأجيال التي عوضت الأطر الأجنبية، ومنحت المغرب استقلاله
الثقافي والتعليمي ،وبفضلها تم قهر الجهل والأمية، وعلى ظهرها مر قطار التقويم
الهيكلي، وهي التي دفعت بصبر أيوبي فاتورة  » النكبة »، نكبة الأسرة التعليمية في عهد
الاستقلالي السيد عز الدين العراقي، وأدت فاتورة مسلسل التقشف في عهد السيد
بالمختار، ومختلف المشاريع التصفوية التي استهدفت المدرسة العمومية ومدرسها ،ذلك
الإنسان الذي يضحي بالكثير ليصل الآخرون، والذي يعطي من ذاته لبناء إنسان يبني
عالمًا أفضل، و إذا كانت اليونسكو قد اختارت هذه السنة، الاحتفال باليوم العالمي
للمدرس تحت شعار ” من أجل بناء المستقبل: لنستثمر في المدرسين الآن “، للتدليل على
الدور المحوري للمعلمين الذين يمارسون وظيفة التدريس في ظروف صعبة للغاية،
ويطالبون  باستمرار بتحسين ظروف التدريس والتعلم،أكثر مما يطالبون بتحسين أوضاعهم ،
والرفع من أجورهم ، التي من المفروض أن تساير الظروف الاقتصادية.إنكم تتبجحون
بالليبرالية الاقتصادية ، واقتصاد السوق، فطبقوا علينا فقط منطقها الاقتصادي
والاجتماعي…

اعلم سيدي الوزير، حفظكم الله، أن الحوالة التي نتوصل بها من خزينة
الدولة في نهاية كل شهر،ثلثاها يلتهمهما التضخم وارتفاع الأسعار، والثلث الناجي لا
يستكمل العشرين من الشهر إلا بمشقة النفس، أما الحديث عن العشر الأواخر من كل شهر،
فهو حديث ذو شجون، وقصة أخرى، لا يعلمها إلا الراسخون في العلم،وذوي المدرس الذين
يشدون المئزر . إن البعض منا إذا أراد شراء بذلة أو فستان لزوجته، يضطر إلى وضع
برنامج متوسط وطويل الأمد، و يحتاج إلى ميزانية تكميلية أو التفاهم مع المدينين من
أجل جدولة ديونه، إلى حين ميسرة ، لقد أصبح وضعنا لا يختلف كثيرا عن أوضاع الطبقة
العاملة خلال القرن التاسع عشر، وتحولنا إلى بروليتاريا الألفية الثالثة… هذا نزر
قليل من المشاكل الاقتصادية للأسرة التعليمية، ولا أريد الخوض في المشاكل
الاجتماعية حتى لا يتهمنا السي أحمد بممارسة السياسة، ولا أريد التطرق إلى نسبة
الطلاق في صفوفنا ، ولا إلى الذين يمارسون حياتهم الزوجية بالمراسلة والرسائل
القصيرة، ويربون أبنائهم بالوكالة، ولا إلى شهداءنا في حرب الطرق، الذي يمارسون
عملية « النافيت »، فبالأمس القريب فقدنا زميلنا الأستاذ الشهيد « جمال دندان »
وزميلهمحمد العمرانيفي الطريق الرئيسية رقم 17 ،والسنة الماضية زميلين على الطريق
الوطنية  رقم6، وآخرين وهم كثر، على الطريق الرئيسية رقم 2، لقد سقطوا في طريق
النصر الطويل، نصر المدرسة العمومية، ولن ترثي كل دموع العالم شهداءنا، فمن أجلنا
وأجل أبنائنا استشهدوا ،ومن أجلهم نناضلون، إنهم شهداء رسالتهم وشهداء الوطن،
فالوطن شجرة طيبه لا تنمو إلا في تربه التضحيات، وتسقى بماء من العرق
والدم…

 

منذ أكثر من نصف قرن والأسرة
التعليمية تواجه صعوبات من أجل تقديم مطالبها وإسماع صوتها للتأثير في القرارات
المتعلقة بالعمليات التعليمية المطالبة بتطبيقها، وبح صوتها من كثرة
إلحاحها على إشراكها إشراكا فعالا في النقاشات الدائرة حول السياسة التعليمية
بالبلاد، قصد الوصول إلى المدرسة العمومية الديمقراطية التي تتحقق فيها المساواة
وتكافؤ الفرص، والتعليم النافع والجيد،إلا أن الطبقة السائدة حرصت دائما على
إبعادنا عن هذا المجال سواء بالترغيب أو الترهيب، وجرمت التعاطي للسياسة، وخوفت
الناس منها ،بتشريد رجال ونساء التعليم وقطع أرزاقهم، وانحصرت مطالبهم  في تحسين
ظروف عيشهم ، والرفع من أجورهم من حين إلى أخر ، وهذا ما يعكسه الملف المطلبي
المشترك للنقابات الذي تغلب عليه « المطالب الخبزية ». لقد ولى الزمن الذي كانت إصابة
معلم في أمريكا اللاتينية أو أي بقعة في العالم، ينتج عنها إصدار بيانات نارية من
مختلف الفروع النقابية في المغرب، تنديدا وتضامنا…أما اليوم، فعلى أي إضراب سياسي
تتحدث يا سيدي ؟ فالإضراب فرض علينا فرضا من طرف حكومة الأقلية، إنه إضراب تحريك،
وليس إضراب تحرير الأسرة التعليمية من أوضاعها الاقتصادية المزرية، أ عيب يا سيدي،
أن يكون إضرابنا سياسيا؟ وهل أصبحت السياسة تهمة؟ لقد بشرنا الحزب الذي تتقلدون فيه
منصب نائب الأمين العام المكلف بالعلاقات العامة، » بالمساهمة في رص صف كل القوى
الديمقراطية قصد كسب رهانات التحديث والتنمية البشرية والتنمية المستدامة والعدالة
الاجتماعية »، وها أنتم تتهمون تحركنا الشرعي والدستوري ب »الإضراب السياسي » وأنتم في
المعارضة ، فماذا أنتم فاعلون بنا، عندما تفوزون في استحقاقات 2012؟فاعلم سيدي
حفظكم الله ، أنني شاركت، وعلى غير عادتي ،منذ أن طلقت العمل النقابي، في إضراب
الخميس الأبيض29 أكتوبر 2009، لتاريخية هذا اليوم ، الذي أبيت إلا أن أخلده بطريقتي
الخاصة،و اغتنمت الفرصة لضرب عدة عصافير بحجر واحد:1- دعم العمل الجماعي والوحدة
النقابية.2- الترحم على روح الشهيد الرمز المهدي بنبركة في يوم اختطافه منذ أربعين
سنة.3- التشفي في الرأسمالية المتوحشة التي مرت80 سنة على أزمتها الكبرى ويومها
الأسود 29 أكتوبر 1929،وهي تعيش نفس الواقع المتأزم… ألا يقولون « صدفة أحسن من
ألف ميعاد ».

ونحن على أبواب استئناف الحوار مع
الحكومة، وبصفتي مسؤول سابق في النقابة الوطنية للتعليم، ومن المؤسسين للكونفدرالية
الديمقراطية للشغل ، وباسم شهداء الطبقة العاملة، أناشد الإخوة والرفاق في المكتب
والمجلس الوطنيين لك.د.ش، بضرورة إعادة النظر في تكتيك الحوار الانفرادي مع
الحكومة، والتعجيل بالتنسيق مع باقي النقابات، انطلاقا من » ليس كبير القوم من يحمل
الحقد »، إن خطورة المرحلة تتطلب منا وضع تناقضاتنا الثانوية جانبا والتفرغ
للتناقضات الرئيسية، فلنؤجل أو نرحل خلافاتنا المرحلية إلى المستقبل ،لأن الوحدة
النقابية كانت ولا تزال هدفا وغاية، ومطلبا استراتيجيا،و مواجهة الباطرونا المتغولة
يحتاج إلى رص الصفوف والتكتل، »
إنما يأكل الذئب من الغنم
القاصية
« ، فكفانا تشرذما وفرقة…وما
دمنا نتحدث عن السياسة، استوقفتني كلمات للكاتب الاسكتلندي توماس كار ليل يقول
فيها » لا أمل في أن تجعل الناس سعداء من خلال السياسة » ،ورأي أخر للشاعر والكاتب
والفيلسوف الفرنسيبول فاليري » السياسة فن منع الناس من التدخل في ما
يخصهم »… وأذكر الرفاق والإخوة في مختلف النقابات بقوله تعالى: »ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا
إن الله مع الصابرين »، صدق الله العظيم.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *