ماذا وراء إقصاء أطر التوجيه والتخطيط التربوي من تفعيل المخطط الاستعجالي؟
ماذا وراء إقصاء أطر التوجيه والتخطيط التربوي
من تفعيل المخطط الاستعجالي؟
رشيد بلمقدم – ناقد من المغرب
طلعت علينا مذكرات تهم قطاع التربية والتعليم مع بداية هذا الموسم الدراسي، قيل لنا إنها تندرج في إطار تفعيل المخطط الاستعجالي. ولعل أهمها المذكرة 122 التي تهم تدبيرالزمن الدراسي، وبخاصة في التعليم الابتدائي، التي أثارت زوبعة في صفوف رجال ونساء التعليم، وكذا النقابات، من منطلق أنها لم تراعي خصوصيات كل منطقة على حدة، بما في ذلك الأوساط القروية التي يصعب فيها تفعيل مضامين هذه المذكرة. وربما هذا الأمر هو ما حدا بالوزارة إلى التراجع عنها، بتفويض أمر تطبيقها إلى النيايات مع مراعاة حدود ذلك.
إن السمة الاستعجالية لهذا المخطط جعلت أجرأته مرتبكة منذ البداية؛ وهذا الارتباك يظهر جليا في إقصاء الفرقاء الاجتماعيين، والأطر التربوية، وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ، والشركاء الاقتصاديين، وغيرهم، من بلورة بنود المخطط الاستعجالي ومشاريعه.
ومن أهم ركائز المنظومة التربوية التي تم إقصاؤها بشكل واعي أو غير واعي، أذكر أطر التوجيه والتخطيط التربوي؛ فإذا كان إقصاؤهم تم بشكل متعمد فهذا هدر للطاقات، ولمن هم قادرين على تقدبم خدمات نوعية للمنظومة التربوية، أما إذا كان ذلك بشكل غير متعمد فيقول المثل العربي: »من لا يعرف قيمة الطائر الحر، يشويه ». ولعل أبرز دليل للتدليل على هذا الإقصاء يكمن في المذكرتين 128و 145 المتعلقتين على التوالي بتمرير رائز تشخيص المستلزمات الدراسية، وإدراج مادتي علوم الحياة والأرض والعلوم الفيزيائية في الامتحان الجهوي الخاص بتلاميذ السنة الثالثة إعدادي، حيث لم تشر المذكرتان معا في مطلعيهما لأطر التوجيه والتخطيط التربوي ضمن الأطر التي وجهت إليها، علما أن التقويم والقياس يعدان من المهام الرئيسة لأطر التوجيه التربوي، واللذين تلقى فيهما هؤلاء الأطر تكوينا بارزا لم يحظ به غيرهم من الأطر التربوية الأخرى.
يحق لنا الآن أن نتساءل عن علاقة هذا الإقصاء بتغييب الملف المطلبي لأطر التوجيه والتخطيط التربوي وعدم الاستجابة لمطالبهم المتمثلة أساسا في الترقية الاستثنائية، وتغيير الإطار، والإبقاء على تشوهات خلقتها الحكومات المتعاقبة داخل هذه الفئة من رجال التربية والتكوين ظلما وعدوانا، وخارج نطاق القانون، وذلك بالإجهاز على مكاسبهم التي وردت في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية لسنة 1985؛ هذه المطالب قد مرت عليها 5 سنوات ولم تسوَّ حيث قوبلت بالتسويف تارة، وتارة أخرى بالإعراض والتجاهل المتعمد.
كيف، إذن، سيكون مصير المخطط الاستعجالي، وبخاصة في مشروعه السابع الخاص بالإعلام والمساعدة على التوجيه، في ظل الإقصاء الممارس على الفئة المنتظر منها الانخراط في أجرأة هذا المشروع وتفعيله. إنني أناشد كل الأحرار الذين لهم غيرة على المنظومة التربوية أن يقوموا بلفت أنظار الوزارة إلى إشراك كل الفاعلين التربويين كل وفق اختصاصه، في النهوض بمستوى التعليم ببلادنا بطريقة قادرة على تخليصه مما يتخبط فيه من تخلف على جميع المستويات.
إن التعليم هو رهان الجميع، ولا يمكن إصلاحه بعيدا عن الرقي بالمجال السياسي والاقتصادي.
ثم إن الاقتصار على إصلاح المنظومة التربوية بمعزل عن المجالات والقطاعات الأخرى هو ضرب من التيه في تفاصيل ومشاريع قد تهدر الأموال والطاقات دون تحقيق شيء ملموس على مستوى الواقع. ولعل التاريخ يشهد على ذلك، حيث إننا منذ فجر الاستقلال ركبنا رهانات إضلاح التعليم، ولا زلنا ندور في الحلقة نفسها، كما لو أننا لم نستفد من دروس التاريخ وعبره المتعددة.
لقد حان الوقت وبإلحاح للوقوف على المشاكل الحقيقية التي يتخبط فيها تعليمنا لمواجهتها بغيرة وتفانٍ ونكران للذات، وأبرز مدخل لذلك هو الاعتناء بالأطر التربوية دون استثناء، وإشراك جميع فئات المجتمع في هذه العملية، وتحسيسهم بخطورة الأمر وأهميته، وذلك من منطلق أن الشأن التعليمي هو حلقة ضمن سلسلة من الحلقات التي ينبغي أن تكون مترابطة ومتماسكة ومتينة، إن نحن كنا نسعى حقا إلى شق طريق التنمية المستدامة والتقدم المنشود.
3 Comments
لا أعتقد أن الوزارة تريد أن تقصي هذه الفئة من الانخراط في البرنامج الاستعجالي. وكل ما في الأمر أن هناك أفراد من داخل هذه الفئية يريدون إقصاء أنفسم ويتلذذون بهذا الإقصاء. أما المطالب المشروعة فيجب أن تطرح داخل النقابات التي تعهدت بالدفاع عن هذا الملف. وإذا كان الأمر غير ذلك، فما على هذه الفئة إلا أن تستفيق من سباتها العميق وتبحث عن الطريقة الأنسب لإيصال مطالبها، وما ضاع حق وراءه مطالب. أما فكر المؤامرة فلا محل له . ويجب الانتقال بسرعة للفعل عوض الاكتفاء بالخطابات الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع
وتحياتي لقراء وجدة سيتي
مستشار التوجيه التربوي
اخي الفاضل ان ما يسمى بالمخطط الاستعجالي هو فاشل منذ بدايته لانه اقصى فئات مهمة من رجال التعليم مثل هيئة التدريس و المكتبات المدرسية التي تعتبر المحرك الاساسي لجميع الانشطة التربوية
سلام عليك يا وطني
لأستاذ الناقد رشيد بلمقدم.
لقد تم بالفعل تغييب أطر التوجيه والتخطيط التربوي من مشاريع إصلاح المنظومة التربوية بالمغرب، كما تم أيضا الإجهاز على مكتسباتهم التي تضمنها نظام 1985. لكن ألا ترى معي أن هؤلاء الأطر هم من أقصوا أنفسهم جراء تطاحنهم، وأنانية بعض منهم، لدرجة أننا نلاحظ في مدينة وجدة أن مجموعة من مفتشي التوجيه ينهشون بعضهم بعضا، ويأبون تفعيل مقاطعات التفتيش في التوجيه، مما يحرم بعض المستشارين في التوجيه من الانتقال إلى قطاعات مدرسية داخل نيابة وجدة. أليست هذه أنانية مقيتة، وتعدٍّ على القانون؟