قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « التأني من الرحمان و العجلة من الشيطان ».
من هذا الحديث الشريف الذي أكدته التجربة الإنسانية على مدار التاريخ نستنتج أن أي أمر ذي بال تم التعامل معه بتأن إلا وأتى بنتيجة إيجابية كلها خير ، في حين أن الذي يتم تصريفه بعجلة فإن النتائج تكون سلبية و تأتي على عكس ما خطط له .
و بما أن التعليم هو أساس بناء كل مجتمع فإن الدول التي تحترم نفسها تضعه دائما على قمة هرم الأولويات و تخصص له كل الأمكانيات حتى يقوم بدوره أحسن قيام لذلك نجدها في مصاف الدول المتقدمة .

و ما وصلت إليه بلادنا من تراجع و تقهقر و اتساع الهوة بيننا و بين الدول المتقدمة إلا بسبب رئيسي وهو عدم إعطاء ميدان التربية المكانة اللائقة به منذ الإستقلال و الى الآن ..
و آخر المحاولات التي يراد بها استدراك ما فات من خلال 50 سنة من اللإستقلال هذا المخطط الذي سمي إستعجاليا ، و الذي أريد منه تدارك ما فشل في تحقيقه الميثاق خلال 9 سنوات .
و من علامات استعجاله ، و بالتالي بوادر فشله هو عدم إشراك الشركاء الإجتماعيين الممثلين للأسرة التعليمية في صياغته حتى يتم تنزيله على الوجه المطلوب .
من الإجتهادات الإستعجالية التي جاء بها المخطط فكرة الروائز .
فإذا كان الهدف من هذا التقويم هو تخطيط و انجاز التدخلات التصحيحية الملائمة لتمكين كل تلميذ و تلميذة من معالجة مضامين و كفايات المستوى الدراسي الحالي و التحكم فيها دون صعوبات كبيرة .
فإن الواقع الذي تعيشه المدرسة المغربية بعيد كل البعد عن تحقيقه . و سأنطلق من  » دليل المسؤول عن التمرير  » الذي وزع على الأساتذة ساعات قليلة قبل إجراء التقويم .
فجاء فيه بأن العملية يجب أن تتم بين 15 و 19 شتنبر بعد أن يكون قد عقد إجتماع بكل مؤسسة تعليمية خلال يومي 14 و 15 شتنبر بحضور المفتشين التربويين و أساتذة المواد المعنية و مستشاري التوجيه التربوي .
و في الواقع نجد بأن العملية تمت يومي 06 و 07 أكتوبر و لم يعقد أي إجتماع ، و هناك أساتذة لم يخبروا بالإجراء إلا فتلك الصبيحة ، إذن الأساتذة المعنيون لم يشعروا أصلا بالأمر فكيف لهم إنجاح العملية ؟
أضف الى ذلك أن الدليل يتكلم عن اخبار التلاميذ و تحسيسهم بأهمية هذا الإجراء في آجال مناسبة و أغلبهم لم يخبروا أصلا .
الآن أتكلم عن وضعية ثانوية السلام التي أدرس بها ، فالإجراء استهدف تلاميذ الجذع المشترك و الشعبة العلمية ، معدل التلاميذ هو 48 تلميذ في القسم و أغلب الأساتذة جداول حصصهم تفوق 18 ساعة في الأسبوع و القاعات مشغلة طيلة الأسبوع من س 8 صباحا الى الساعة 6 مساءا فنفترض جدلا أننا وزعنا التلاميذ حسب نتائج التقويم الى مجموعات و بعضها يحتاج الى دعم فهذا واقع يستحيل معه برمجة هذا الدعم .
و بالتالي المحصلة هي ضياع ميزانية في الأوراق ، ميزانية الطبع ، ضياع أوقات هائلة في التحضير ، هدر الزمن الدراسي ( صبيحتين ) .
و تبقى حال التعليم تراوح مكانها مالم تظهر في الأفق إرادة سياسية حقيقية و صادقة تشرك جميع الأطراف في عملية الإصلاح و في مقدمتها الأسرة التعليمية التي تكتوي بنار الأزمة .