Home»National»دار التلفزيون المغربي و أزمة القيم

دار التلفزيون المغربي و أزمة القيم

1
Shares
PinterestGoogle+

دار التلفزيون المغربي و أزمة القيم
تطل القناتان العموميتان على جمهور المغاربة و غير المغاربة، كل رمضان من خلال برامج، أقل ما يمكن أن يقال عنها، أنها تستخف بهذا الجمهور و لا تبدي لذوقه أدنى احترام. فمن الصعب جدا استيعاب ولو جزء من تلك السخافات التي تسميها القناتان، عن تجاهل، أعمال درامية. لأنه لو كان الأمر بهذا المستوى، لتطلب منا كجمهور، إعادة النظر في مفهوم الدراما و مفاهيم أخرى، بما فيها الإعلام.

ثم من جهة أخرى، فمثل هذا المستوى الهجين الذي يطلع علينها به إعلامنا العمومي البصري، ينم عن غياب معايير عدة، منها الفني و الأخلاقي بالخصوص. ولا أظن أنه يتوجب علينا انتظار شهر رمضان لإبداء مثل هذه الملاحظات. فقط إن الشهر الكريم يكون مناسبة لتجمع أفراد الأسرة حول مائدة الإفطار أكثر من الشهور الأخرى، بكل ما تزخر به المناسبة من طقوس و عادات نحاول جاهدين التشبث بها و تمريرها للجيل القادم. وبالتالي فتتبع البرامج التلفزيونية يؤثث مساحة من الفضاء الرمضاني. لهذا يأتي وقت الإفطار، مثقلا بكل ذلك الكم الهائل من البرامج و الوصلات الإشهارية، بما في ذلك الدعاية للفوط الصحية.

الملاحظ هذه السنة أنه تمت إضافة جرعات من الانحلال الخلقي و الإباحية أو الهيروتيكا أو كما يسميه المغاربة في التداول الشعبي « الدصارة و قلة لحيا ». وفي كل ذلك استفزاز لمشاعر المغاربة ومساس بروح الأسرة التي تمثل النواة الأولى للمجتمع، وبالدرجة الأولى أخلاق المجتمع و قيمه. بمعنى أن تلك القيم الإسلامية و الثقافة المتعددة التي يتميز بها المغرب. فلا أظن أن المشرفين على القناتين يجهلون هذه الاعتبارات. أي أن الفعل هو مع سبق إصرار. ويراد به وخز هوية المجتمع وإحداث شرخ في بنيته السوسيوثقافية، ومنها المجال الروحي في ثوابته. ربما باسم الحداثة كما يفهمها هؤلاء الإعلاميون.
هناك احتلال نفس الوجوه للفضاء التلفزي، غناء و تمثيلا و تنشيطا. فهل هو مفروض على المغاربة، عند كل رمضان، مشاهدة « بسلات » خالد الناصري الذي ليس بينه و بين الفن غير الخير والإحسان. أو خديجة و زوجها من خلال عودتهما « القوية » لرحاب دار التلفزيون. ألا يخجل هؤلاء كونهم يحرمون جيلا من الشباب و الشابات يحملون مشاريع و تطلعات هائلة، ولهم من المهارات ما يفوق بكثير عقليات الدينصورات. فكم من طاقة تم إهدارها بسبب تسلط هؤلاء؟

صحيح أن للدار سياستها و رجالاتها و نساؤها، لكن « شكون يـﯖـول للقايد رجليك خانزين ». لا أحد يمكن أن يتحدى أصحاب الدار.
لننظر إلى طبيعة السهرات الرمضانية. وبشكل أخص على قناة « المغربية ». فالملاحظ هو إحضار أكبر عدد من « الفنانين »، بانتقائية غير موضوعية. لأن جلهم من أصحاب الدار و يحضرون جل السهرات، لدرجة أن منهم من خرج على الجمهور بـ »لعباية » وكأنه يجوب جنبات بيته. ثم التطاول على الأغنية المغربية الأصيلة و روادها(الحياني و إسماعيل أحمد و ابراهيم العلمي و القائمة طويلة). فمن الراي و الشطيح إلى « عريس القيامة » و « من ضي بهاك » …. ثم عملية التنشيط الفجة لسيدة قادمة من أمريكا، ومساعد لها يتحدث عن الجو الروحاني و يستحضر الإمام أنس بن مالك، وعندما يحيل الكلمة لأحد الفنانين المشاركين في « نغمة وتاي »، يردد هذا الأخير مقطعة من أغني و يقول « يا الرب ». فأية روحانية هذه التي استشعرها هذا المنشط، و أي « ضحك باسل » ذلك الذي يتم فيه تقديم « لكرافس » كهدية. ثم المنشطة حين تقدم مغنية وتقول لها، إنك صاحبة أجمل عيون…
أظن أن الأمر ليس بريء و بهذه البساطة. هناك خلفية وراء كل هذا العبث، هي جعل المجال الديني/ الرمضاني، مبتذلا. وتحويل الاحتفاء به إلى أيام عادية كسائر أيام السنة، من أكل و شرب والماكياج. إنها سياسة ……..تنخر ثقافة هذا المجتمع باسم الحداثة إرضاء للغرب.
ما كنت لأبدي مثل هذه الملاحظات، لولا أنه يتم استخلاص مبالغ شهرية من مدخولي، على شكل ضرائب يتم تحويلها لحساب القناتين. عزائي في هذا كله، أنه هناك جهاز التحكم عن بعد، إذ يكفي الضغط على الزر لأتحول إلى قناة أخرى.

محمد حماس
zyache@yahoo.fr

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *