Home»National»قراءات في نتائج الانتخابات الجماعية 2009 في المغرب (مدينة الخميسات نموذجا ) ذ. بنعيسى احسينات

قراءات في نتائج الانتخابات الجماعية 2009 في المغرب (مدينة الخميسات نموذجا ) ذ. بنعيسى احسينات

0
Shares
PinterestGoogle+

قراءات في نتائج الانتخابات الجماعية 2009 في المغرب

(مدينة الخميسات نموذجا )

ذ. بنعيسى احسينات

كثيرا ما تخدعنا الأرقام والإحصائيات ونسبها في قراءة الواقع، عندما تعتمد على التعميم أو تريد أن تتحايل عليه (الواقع). يقال أن علم الإحصاء هو فن الكذب بامتياز أو سيف ذو حدين. إذ يستطيع أن يقدم اكبر أكذوبة وأكبر تشويه للواقع، باعتبارها أو باعتباره حقيقة وواقع، عندما يلبسها عباءة علمية مزركشة بأرقام زاهية ونسب جذابة تغري السامع والناظر والقارئ، كما هو الشأن بالنسبة لنسبة الطبقة الوسطى التي طلع علينا بها مندوب التخطيط السيد لحليمي.

تتوارد علينا منذ إعلان نتائج الانتخابات الجماعية ل12 يونيو 2009 أرقام ونسب وإحصائيات، يندهش إليها المهتم بشكل كبير، خصوصا في ما يتعلق بنسبة المشاركة التي لا تتعدى، حسب التصريح الرسمي، 40, 52  % على الصعيد الوطني.

حتى نقرب للقارئ والمهتم بعض الحقائق الصارخة، من خلال قراءات لنتائج الانتخابات الجماعية 2009 في المغرب، للإفصاح على المسكوت عنه وجعل الحقائق تطفوا على السطح، نقدم نموذج هذه القراءات المطبقة على نتائج الخاصة بمدينة الخميسات التي جاءت، بشكل رسمي،  كالتالي:

النتائج الرسمية لانتخابات الجماعية 12/06/2009 ببلدية الخميسات:

1.     حزب التقدم والاشتراكية: عدد الأصوات 1468. عدد المقاعد 4. لائحة النساء  0

2.     حزب التجمع الوطني للأحرار: عدد الأصوات 2310. عدد المقاعد 7. لائحة النساء  1

3.     حزب الأصالة والمعاصرة: عدد الأصوات 2971. عدد المقاعد  8.  لائحة النساء  1

4.     حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية: عدد الأصوات 1175. عدد المقاعد 3. لائحة النساء  0 

5.     حزب الحركة الشعبية:  عدد الأصوات  1579. عدد المقاعد 4 . لائحة النساء 1

6.      حزب العدالة والتنمية:  عدد الأصوات  1583.  عدد المقاعد 4 . لائحة النساء 1

7.      بدون إنتماء – رمز العداء: عدد الأصوات  1596. عدد المقاعد 5 . لائحة النساء  0 

8.      حزب التجديد والإنصاف: عدد الأصوات   260 .  عدد المقاعد 0 . لائحة النساء  0 

9.     حزب النهضة والفضيلة: عدد الأصوات   298. عدد المقاعد 0 . لائحة النساء  0 

10.  حزب الإتحاد الدستوري:  عدد الأصوات 298 .  عدد المقاعد 0 . لائحة النساء  0

11.  الحزب المغربي لليبرالي: عدد الأصوات 972. عدد المقاعد 0. لائحة النساء  0

12.  حزب الإصلاح والتنمية: عدد الأصوات 481. عدد المقاعد 0. لائحة النساء  0

13.  حزب المجتمع الديمقراطي: عدد الأصوات 235.  عدد المقاعد 0. لائحة النساء  0

14.  حزب الإتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية: 403. عدد المقاعد 0. لائحة النساء  0

15.  حزب الحرية والعدالة الاجتماعية: 287 . عدد المقاعد 0. لائحة النساء  0

16.  حزب العهد الديمقراطي: 1086 . عدد المقاعد 0. لائحة النساء  0

17.  حزب الاستقلال: 913 . عدد المقاعد 0. لائحة النساء  0

18.  بدون انتماء  –  رمز الكرسي: 371 . عدد المقاعد 0. لائحة النساء  0

19.  بدون إنتماء  –  رمز الدراجة: 322 . عدد المقاعد 0. لائحة النساء  0

20.  تحالف اليسار الديمقراطي: 305 . عدد المقاعد 0. لائحة النساء  0

21.  الحزب العمالي: 178 . عدد المقاعد 0. لائحة النساء  0

مجموع الأصوات: 19092. مجموع عدد المقاعد 35 + 4 ( للنساء) = 39

        عدد المسجلون: 60569.     عدد المصوتون: 22712.     الملغاة: 3

فعلى ضوء القراءة السطحية للنتائج الواردة في الجدول أعلاه، تجدر الملاحظة الأولى إلى إقصاء ثلثي اللوائح ال 21 ( 14 لائحة ) من السباق نحو المجلس البلدي، من خلال تطبيق نسبة العتبة الجديدة التي هي 6%  من مجموع الأصوات المعبر عنها بدل 3%  سابقا. إذ تبلغ هذه العتبة حوالي 1145 صوت.

        وبالنسبة للمشاركة حسب الأصوات المعبر عنها الخاصة بمجموع اللوائح، يمكن تسجيل نسبة % 31  فقط، دون الدخول في اعتبارات التلاعب في التسجيل والتشطيب الممنهج وتهريب البطائق وغيرها، في حين نجد عدد الأوراق الملغاة  ال3620  يفوق نصيب اللائحة الأولى للوافد الجديد الحاصلة على أعلى رقم من الأصوات المعبر عنها وأعلى عدد المقاعد. كأن الأوراق الملغاة حزب مقاطع قائم بذاته. إذ أن نسبة الملغاة التي بلغت   تقريبا % 16، تشير إلى أن هناك عزوف مقنع له أهميته كطريقة لمحاباة بعض المرشحين أمام أنظار هؤلاء وأنظار الناس من جهة، وعقاب لكل المرشحين من جهة أخرى. فنسبة المشاركة إذا، بصفة عامة تبقى متواضعة جدا في داخل المدينة، حسب المراقبين والملاحظين في عين المكان. فهذه النسبة كانت ستكون كارثية، لولا التقسيم الجديد الذي أضاف للمدينة عدة هوامش، كانت محسوبة على العالم القروي المحيط للمدينة، لضمان المشاركة المحترمة التي، في الواقع، لم ترقى إلى ما هو مطلوب ومرتهن عليه. فالمواطنون لا زالوا مصرين على معاقبة المرشحين والأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات.

        أما فيما يتعلق بالملاحظة الثانية، يمكن تسجيل الظهور الباهت جدا لأحزاب الكتلة، باستثناء حزب التقدم والاشتراكية الذي حصلت لائحته على 4 مقاعد بمجموع 1486 صوت، بمعدل حوالي 38 صوت لكل مرشح بنسبة 8 % تقريبا، حيث أن أغلب المرشحين  لا يعرفون الحزب بالمرة الذي غاب عن المدينة منذ سنين، لا يظهر إلا في الانتخابات كما هو الشأن بالنسبة لعدد من الأحزاب الموسمية. ذلك لكون قيادة حزب التقدم والاشتراكية، كما يعلم الجميع، منحت التزكية والدعم المعنوي لأشخاص يترأسون اللائحة لا علاقة لهم بالنضال الحزبي لا من قريب ولا من بعيد، فهمهم المشاركة التي ألفوها في كل موسم انتخابي جماعي تحت أي رمز كان . أما الاتحاد الاشتراكي لم يحصل إلا على 403 صوت، بمعدل حوالي 10 لكل مرشح وبنسبة تتجاوز بقليل 2 %. هذه النسبة الملفتة وهذا العدد المخجل يبقى بعيدا كل البعد عن عتبة % 6  التي هي1145. بقي لنا حزب الاستقلال الذي كان يقود المجلس البلدي السابق، لم يحصل هو الآخر إلا على 913 صوت، بمعدل حوالي 23 صوت لكل مرشح وبنسبة لم تصل إلى % 5 ، وهو يظل بعيدا عن العتبة. فنتيجة مرشحي الحزبين الكبيرين لا تعبر على رصيد الحزبين العتيدين من المناضلين والمتعاطفين بمدينة الخميسات، مدينة النضال والمقاومة بامتياز.

 هذه النتائج تحتاج إلى دراسات مركبة ومعمقة لفك طلاميسها المثيرة للاستغراب والشفقة. من هنا يظهر أن أحزاب الكتلة بدأت تفقد بريقها وكرزميتها السابقة، إذ أخذت هي الأخرى تلهث وراء مصالح مسيريها الخاصة منذ مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي.

        فإذا أخذنا الثلث الحاصل على 39 مقعدا بما في ذلك 4 نساء المرشحات في اللوائح الإضافية، المكون من 6 هيئات سياسية ولائحة للا منتمين، أي 7 لوائح في المجموع، نجد أن عدد المصوتين على هذه اللوائح السبعة، لا يتعدى 12682، بمعدل 46 لكل مرشح، أي بنسبة  حوالي % 20  . أما الذين لم يتجاوزوا العتبة (14 لائحة، أي الثلث ) لم يحصلوا إلا على 6410 صوت فقط، بمعدل 12 صوت لكل مرشح، أي بنسبة % 11 تقريبا من عدد المسجلين(60569).

وإذا أخذنا 4 هيآت المكونة للمكتب الجماعي مع رئيسها، بعد مارطون التحالفات التي أثارت انتباه الصحافة والمجتمع المدني والأحزاب السياسية والمواطنين، والتي تضمنت وقفات احتجاجية والتدخل العنيف للسلطة، كما أسالت المداد على صفحات الجرائد، فمجموع أصواتها لا يتعدى 8532 صوت، بمعدل حوالي 56 لكل مرشح، أي بنسبة  %14  من عدد المسجلين. هل هذه النسبة تسمح بتمثيل الساكنة وتسيير شأنها العام المحلي؟ ألا تكون هذه النسبة مخجلة؟ فأين ذهبت ما يقارب % 88  من المسجلين؟ إلا أن هموم المدينة وانشغالاتها التنموية والثقافية، بعيدة كل البعد عن اهتمامات أعضاء المجلس البلدي الجديد. فمدينة الخميسات ضحية سلسلة مؤامرات لتبقى مهمشة وخارجة عن سياسة التنمية الوطنية رغم مؤهلاتها الطبيعية والبشرية والجيوسياسية والاقتصادية التي يمارس عليها الإجهاض بشكل ممنهج، ساهمت فيه السلطة الوصية وأبناء البلد ذوي النفوذ والسلطة والمال والوافدون الجدد الذين لا هم لهم سوى مراكمة الثروات وتبييضها من خلال الحصانة والبريستيج التي تمنحها لهم الانتخابات.

        أما إذا قسمنا عدد الأصوات المعبر عنها ( 19092 ) على المرشحين البالغ عددهم 819 المنتمين ل21 لائحة، نجد أن معدل نصيب كل واحد منهم لا يصل إلى 24 صوت بنسبة بعيدة عن %1. الشيء الذي يبرر تعاطي المرشحين ذوي  » الشكارات المنتفخة  » لشراء الذمم بأقل تكلفة، لأنهم لا يحتاجون إلى كثير من الأصوات لضمان فوزهم مستغلين في ذلك العزوف المبرر وغير المبرر، والمساهمة فيه عندما يشترون بطائق الناخبين  المشكوك في ولائهم لهم، ويحرمونهم من التصويت حتى لا تذهب أصواتهم إلى خصومهم.

بصفة عامة، حسب ما نسمعه وما نقرأه يوميا، تبقى مدينة الخميسات نموذجا يمكن تعميمه على المغرب ككل، الذي عرف هذا العام انتخابات جماعية، تحكم فيها الأعيان القدامى والجدد، بالمال والنفوذ والسلطة. وحتى التحالفات المفضية إلى رئاسة المجالس، لم تخلوا من تناقضات صارخة تجمع اليمين واليسار والوطني والإداري والإسلامي والاشتراكي في سلة واحدة، إلى جانب اختطاف الأعضاء وصراعات لا تخلو من العنف  وإراقة الدماء، دون الحديث عن اختلالات بالجملة وفضائح مكشوفة، وصفقات مشبوهة لعبت فيها السلطات دور الموجه والمتواطئ والمساهم في خلق بلديات وجماعات ضعيفة ودون المستوى، سهلة الانقياد والتبعية، خصوصا في القرى والمدن الصغرى كالخميسات على سبيل المثال.

لم يبقى، في الحقيقة، للغير الناجحين داخل المجالس المنتخبة عن طريق التحالفات المفبركة، إلا دور المعارضة المنظمة والمسئولة ، وذلك  بالنهوض خارج المجلس، بالمسؤولية التي كانوا سيتحملونها من داخله، بتشكيل فريق عمل مشترك فيما بينهم أي سيكون بمثابة مجلس الظل مدعم من طرف السكان والمجتمع المدني لمتابعة سير البلديات والجماعات والمقاطعات ومراقبتها، وفضح الخروقات والتنديد بالفوضى وسوء التسيير والتلاعبات والاختلالات التي تعرقل مصالح المواطنين ومسيرة التنمية المحلية المرتقبة. هذا إذا كانت لهؤلاء نية خدمة المصلحة العامة بكل شفافية وصدق ووطنية.

إن الانتخابات في الحقيقة مجرد سلعة في سوق الديموقراطية الوهمية، فهي لعبة رديئة، لكن تبقى صالحة، ما دام ليس هناك بديل عنها. فكلما كان المجتمع واعيا وعارفا ومنظما، كلما كانت الديمقراطية صالحة نسبيا للتناوب الإيجابي على الحكم وتسيير الشأن العام المحلي والوطني. أما إذا كان المجتمع شبه أمي وينخره الفقر والجهل، هنا تصبح الديموقراطية مجرد ملهاة لتلهية العوام والفقراء باسم الحداثة والتحديث والتنمية المستدامة وفتح المجال لظهور رهط من النخب والأعيان الجدد كالفطر لا حس وطني أو إنساني لها، تجعل من الديموقراطية سلعة تباع وتشترى وتقايض في برصة قيم الانتخابات بسماسرتها ومحترفي النخاسة وشراء الذمم. فلا هم في الحقيقة لها إلا تحقيق المصلحة الخاصة بأي ثمن كان. فالأعيان الجدد الطفيليين والمتطفلين على السياسية، وهي منهم براء، هم الذين انتصروا في الانتخابات الجماعية 2009 بدعم من السلطة بشكل مباشر أو غير مباشر، والمنهزم هو السياسة والأحزاب والمجتمع والديمقراطية.

فقطار الديمقراطية في المغرب عبد له الطريق، لكن لم توضع له السكة بضوابطها ومحطاتها لتنظيم سيره ومراقبة حركاته. لذا فهو ينحرف ذات الشمال وذات اليمين حسب رغبة المالكين لزمام السياقة، لا يخضع للمراقبة والضبط اللازمين. فهو غالبا ما يتيه في فوضى عارمة، خارج نظام البوصلة لا ندري مصير راكبيه.

فلتصحيح المسار وتقويمه في المغرب، فلا بد من وضع السكة المناسبة بضوابطها ومحطاتها ونظام التناوب الديمقراطي على سياقته ومراقبة سيره السليم بشكل دائم ومستمر. وهذا لا يتأتى إلا في ظل التعديل الدستوري الحقيقي يختاره الشعب، وتنازل المخزن عن أنانيته ورفع وصاية السلطة عن المؤسسات المنتخبة، وفتح مجال للمنافسة السياسية النزيهة الشفافة في المجال التشريعي وتدبير الشأن المحلي والجهوي والوطني، وتفعيل القانون في ظل استقلال القضاء وتأهيله، ومتابعة الضالين وتقويم أخطائهم، ومحاسبة المفسدين ومعاقبتهم بصرامة فائقة والتشنيع بهم، حتى يكونوا مثالا لمن تسول له نفسه ارتكاب نفس السلوكات المشينة ونفس الحماقات التي لا تخدم مصلحة البلاد والعباد..

————

ذ. بنعيسى احسينات

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *