برامج الأحزاب في المغرب والهوة السحيقة بين الخطاب والممارسة .

إ ذا ما نحن حاولنا تجاوزا إجراء مسح حول الخطوط العريضة لما يمكن تسميته بالبرامج الانتخابية لعينة من الأحزاب المغربية أكيد أننا سنصتدم بخاصية أساسية تسم الأوراق التي تقدمها الأحزاب السياسية على أنها برامج انتخابية تقدم كوصفة جاهزة لحل معضلات الواقع المغربي وبلسم شافي لكل الأزمات والمشكلات التي يتخبط فيها المجتمع وغالبا ما يتم تأثيث هاته البرامج باللجوء إلى الاستعمال المكثف لمفاهيم من قبيل:
الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية وإرساء دولة الحق والقانون بل الأكثر من هذا هناك من يلجأ للاستئناس بلغة الأرقام ويعد ناخبيه بحياة وردية مسنودة بأرقام مفرطة في التفاؤل كأن يعد برفع نسبة النمو إلى معدلات فلكية يسيل لها اللعاب أو أن يعد بخلق مناصب شغل بمئات الألوف لتلك الجحافل الهائلة من طوابير المعطلين في محاولة لإعطاء الانطباع بأن برامجها تخضع للواقعية وتطرح حلولا انطلاقا من معرفة مسبقة بنسبة الخصاص الحاصل في مختلف المجالات.
إلا أنه يكاد يجمع كل المتتبعين
للحقل السياسي المغربي على أن الأحزاب السياسية في المغرب قد وصلت إلى درجة عليا من الإفلاس ولم تعد تملك القدرة حتى على تحديد ملامحها الأساسية المتمثلة في إبراز خط سياسي جلي ناهيك عن برامجها الانتخابية الموغلة في الهلامية والواقع أن المشهد السياسي المغربي يحفل بصنوف من الأحزاب تكتفي بمخاطبة الناخبين عبر برامج تهويمية وهمية غالبا ما تحمل أفكارا ديماغوجية تريد إيهام الناخب أن الحل موجود الآن وهنا ومما يزيد من الإلباس والارتباك الحاصل لدى كثير من
المتتبعين والباحثين هو تفشي ظاهرة تناسل » الدكاكين الحزبية » التي هي بالتأكيد ظاهرة مرضية بالنسبة لدولة تدعي بناء مشروع ديمقراطي حيث ان هذه الفسيفساء الحزبية تزيد من صعوبة محاولة تلمس الخيط الناظم لكل برنامج حزبي على حدا, ذلك أن تشردم الخارطة الحزبية يحيلنا على مسالة استنساخ البرامج الحزبية الانتخابوية على علاتها وتغدو مسألة كشف الحدود الفاصلة بين هذا البرنامج وذاك- في كثير من الأحيان- أمرا مستعصيا وبالتالي فان هذه المؤشرات تغدو دالة على تمييع الفعل السياسي المغربي ومن تمة فالهاجس الكبير الذي يحكم » الفاعلين » السياسيين في المغرب قبل كل استحقاق هو تقديم برامج انتخابوية هلامية وهم يعلمون أكثر من غيرهم أنهم لن يستطيعوا تطبيقها إذا ما وصلوا إلى سدة الحكم وكنتيجة لذلك تتحول العملية الانتخابية في المغرب إلى معبر لولوج صالونات الأثرياء والمحتكرين لثنائية السلطة والنفوذ ومع توالي الدورات الانتخابوية وما أعقبها من تراكم للإخفاقات والاحباطات المتتالية ولدت ما نشهده اليوم من أزمة عميقة لثقة بين الناخب والمنتخب
دفعت بالكتلة الناخبة إلى الامتناع عن الإدلاء بأصواتها والطعن في جدوى العملية الانتخابية برمتها إذا كانت لا توصل إلا لصوص المال العام وذي الضمائر الخربة لذلك تشكلت قناعة لدى شرائح واسعة من أبناء هذا الجيل بان خيار المقاطعة يبقى هو الخيار الأنجع على الأقل في هذه المرحلة عملا بمقولة » إذا لم تستطع أن تغير المنكر فلا تبرره » في انتظار توفر أبسط المقومات الايجابية التي قد تعيد للعملية الانتخابية جادبيتها.
نعيم بوسلهام
باحث وصحفي مغربي




1 Comment
خيار المقاطعة ليس هو الخيار الاسلم ان علينا ان نشارك بممارسة حقنا في التصويت كواجب تقتضيه المواطنة وفي نفس الوقت ان نعبر عن امتعاضنا من لعبة مغشوشة عبثية هل من المعقول ان تصوت عن قانون الاحزاب الدي يجرم في فصله الخامس ظاهرة الترحال السياسي سنة 2006 ويصدر هدا القانون في الجريدة الرسمية ونحن اليوم بمناسبة اجراء الانتخابات الجماعية امام نفس الظاهرة?