Home»National»الإصلاح في كل مجال رهين بحسن تشخيص الاختلال والفساد

الإصلاح في كل مجال رهين بحسن تشخيص الاختلال والفساد

0
Shares
PinterestGoogle+

لا يخلو قطاع من القطاعات أو مجال من المجالات من حديث المنتمين إليه عن فساده واختلاله. وقد تكون دعاوى الفساد والاختلال حقائق ثابتة يشهد عليها الواقع ، وقد تكون أحيانا مجرد اتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة ، وتكون حينئذ مجرد انعكاسات لخلافات خفية بين أطراف قطاع من القطاعات.
وعندما يروج الحديث عن اختلال أو فساد ما في قطاع ما يختلف تشخيصه باختلاف أطراف القطاع ذلك أن المسؤول عن قطاع ما لا يتردد في تبرئة ذمته ، واتهام من هم دونه مسؤولية بالتقصير المفضي للاختلال والفساد ، بينما لا يتردد هؤلاء في إلصاق تهمة الفساد والاختلال بالمسؤول عن القطاع مباشرة.

والسبب في اختلاف مختلف الأطراف في المسؤولية عن الاختلال والفساد هو غياب تشخيص الفساد والاختلال بشكل دقيق . فالاختلال والفساد في قطاع ما هو علة كالعلة التي تصيب الجسد ذلك أن بعض الأعضاء في الجسد قد تظهر عليها أعراض المرض ويكون سبب المرض عضو آخر لا علاقة له بالأعراض. فجراح وقروح الأطراف مثلا التي لا تلتئم بسرعة أعراض تظهر على الأطراف بينما العضو المسبب لعلة عدم التئام الجرح بسرعة هو عضو مهمته ضبط نسبة السكر في الجسم .فالذي لا يجيد التشخيص يقتصر على لوم العضو الذي لا تلتئم جراحه بسرعة بينما الماهر في التشخيص يضع يده على حقيقة العضو المسبب للعلة.
فعندما يلاحظ الاختلال أو الفساد في قطاع من القطاعات يجب أن يكون التشخيص دقيقا دقة متناهية من أجل الوصول إلى إصلاح حقيقي عوض الخبط خبط عشواء وهدر الوقت والجهد في التراشق بالتهم بين أطراف القطاع.

فقطاع التربية والتعليم ، وهو القلب النابض لكل القطاعات والذي يمدها جميعا بالموارد البشرية التي لا تقدر بثمن يجمع الجميع على أنه يعرف اختلال وفسادا ، ولكن يختلف الجميع في تحديد المسؤول عن الاختلال. فإذا ما انطلقنا من خلل النتائج المحصل عليها في قطاع التربية والتعليم مثلا وهي أعراض تدل على اختلال وفساد القطاع نجد الجميع يسلم بتدنيها مما يعني تدني مستويات التحصيل لدى المتعلمين ، ولكن لا أحد من أطراف القطاع يقبل أن يكون مسؤولا عن هذه العلة.وتتعدد التشخيصات بتعدد الأطراف . والحقيقة أنها ليست تشخيصات بقدر ما هي تبريرات للتملص من المسؤولية المباشرة عن الاختلال والفساد الذي هو تدني المستويات ، وضعف النتائج وضعف التحصيل. فالمتعلمون وأولياء أمورهم يسارعون إلى اتهام المعلمين ، وهؤلاء لا يترددون في الرد على الاتهام بالمثل أو اتهام الوزارة من أدنى مسؤول إلى أعلى مسؤول بالمسؤولية عن تدني التحصيل . والمسؤولون على اختلاف رتبهم ينحي أعلاهم على أدناهم باللائمة . وقد يستأثر أصحاب المسؤوليات الكبرى بسبل الاتهام فيستصدرون مذكرات تتضمن إدانة من شاءوا كيفما شاءوا كما حصل مع المذكرة 60 التي تعتبر شماعة علق عليها فشل إصلاح العشرية تمهيدا لإعطاء الشرعية للخطط الاستعجالية التي ستوجد لها شماعة أيضا بعد الإقرار بفشلها المحقق لا محالة .
إن سوء تشخيص الاختلال والفساد هو السر الكامن وراء ظاهرة تراشق التهم بين أطراف قطاع التربية والتعليم. ولن يتحقق الإصلاح المنشود إلا بتشخيص صحيح ودقيق. ولن تحين ساعة التشخيص الدقيق والصحيح إلا عندما تكون جميع الأطراف مستعدة لقبول نصيبها من المسؤولية عن الاختلال والفساد. فما دامت كل الأطراف تزكي نفسها، و تتهم غيرها فلا تشخيص ولا علاج ولا إصلاح.

وكما أن الجسم الذي لا يدل التشخيص الصحيح والدقيق على مصدر علته معرض للهلاك فإن قطاع التربية والتعليم معرض للإفلاس ما لم تتوفر نية التشخيص الصحيح و الدقيق. فعندما نسمع بمحاسبة وزير القطاع والكاتب العام والمفتش العام ومدير المديرية ، ومدير الأكاديمية ، والنائب ، ومفتش المقاطعة ، ومدير المؤسسة ، ومدرس الفصل، والمتعلم ، وولي أمره ، وعون الكنس…. على قدم المساواة حينئذ ستبدأ عملية الإصلاح الحقيقية على ضوء عملية تشخيص حقيقية لاختلال وفساد محققين.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *