جريدة القدس العربي : المغرب يريد طي صفحة سنوات القمع المؤلمة بتاريخه
الرباط ـ اف ب: ببث شهادات حول الفظائع التي ارتكبت في سنوات القمع ، يسعي المغرب الي قلب صفحة مؤلمة من تاريخه لكنه يجازف بعدم ارضاء المدافعين عن حقوق الانسان. وقد دعي حوالي مئتين من ضحايا انتهاكات لحقوق الانسان في الماضي، الي الادلاء بشهاداتهم في جلسات عامة افتتحت الثلاثاء في الرباط. وستتواصل في عدة مدن بهدف طرد الارواح الشريرة للقمع السياسي العنيف الذي شهده المغرب كما كتبت صحيفة مغربية. ونظمت جلسات الاستماع التي بثتها الاذاعة والتلفزيون مباشرة هيئة الانصاف والمصالحة الحكومية التي انشأها في كانون الثاني/يناير 2004 العاهل المغربي الملك محمد السادس لتسوية ملفات تجاوزات الماضي التي تقتصر علي الفترة التي سبقت 1999 السنة التي بدأ فيها حكمه. وامام حضور دعي الي عدم طرح اسئلة، اتسمت الجلسات الاولي بشهادات مروعة لضحايا الاعتقالات التعسفية والتعذيب الذي تعرضوا له خصوصا خلال القمع السياسي
الذي قضي علي اليسار المتطرف في السبعينات والثمانينات. وفي الجلسة العلنية التي جرت الاربعاء، تحدثت واحدة من ست ناشطات اعتقلن في مركز سري في 1977، ان السجانين اطلقوا عليهن اسماء ذكور. وقالت ماريا زويني التي اعتقلت مع شقيقها والرجل الذي اصبح زوجها في ما بعد في مركز اعتقال درب مولاي شريف في الدار البيضاء كان الناشطون يحملون ارقاما. اما نحن النساء فكانت تطلق علينا اسماء رجال وكان اسمي عبد المنعم . واضافت كنا نتعرض لتحرش جنسي باستمرار وكان الحراس يهددوننا بالاغتصاب (…) آمل الا يتكرر ما تعرضت له انا والناشطات الاخريات والا يراه اولادنا يوما ما . اما عبد الله اكاو احد الناجين من سجن تزمامرت المغربي، فقد كشف جوانب مروعة عن هذا السجن موضحا ان المعتقلين كانوا يموتون الواحد تلو الآخر وسط لا مبالاة واهمال كاملين . واضاف ان حراس السجن اشتكوا الي رؤسائهم لانهم لم يعودوا يستطيعون دخول القاعات بسبب الروائح الكريهة للمعتقلين . وتابع ما زلنا نتعرض اليوم لمضايقات ، موضحا ان عنصرا للسلطات وجه بعض اللوم الي ناج آخر من تزمامرت هو احمد المرزوقي لانه ادلي بحديث الي قناة الجزيرة الفضائية . من جهته، قال احمد حرزني الناشط اليساري المتطرف السابق انه لم يكن ضحية . وقال انني معارض ولا الوم الدولة علي قمعي بل لان العقوبات التي تعرضت لها اقسي بكثير من الوقائع التي لوحقت من اجلها . الا انه رأي ان الفترة الماضية لم تكن سيئة جدا ورجالها لم يكونوا رموزا للشر المطلق ، مؤكدا انه كانت هناك حريات عامة في حدها الادني . ورحبت وسائل الاعلام المغربية والاحزاب السياسية وعدد كبير من المدافعين عن حقوق الانسان باطلاق هذه العملية. لكن هؤلاء الناشطين عبروا عن تحفظات كبيرة تتعلق بتنظيم الجلسات بحد ذاتها والفكرة الضمنية في المبادرة التي تلمح الي ان انتهاكات حقوق الانسان توقفت منذ 1999. وعبر رئيس الرابطة المغربية للحقوق الانسانية (مستقلة) عبد الحميد امين عن ارتياحه للشهادات التي بدأت في الرباط لكنه عبر عن اسفه لفرض قاعدة علي الشهود تلزمهم بعدم الكشف عن جلاديهم، معتبرة ان ذلك يعفيهم من العقاب . وقال امين لوكالة فرانس برس سمعنا شهادات حول انتهاكات خطيرة. لقد بدأنا نكرم الضحايا وهذا امر جيد (…) لكن ايا من الشهود لم يتمكن من القول من هم المسؤولون عن هذه الفظائع . ورأي ان الشهود خضعوا لشروط الي درجة الامتناع عن اتهام بعض الهيئات والمؤسسات . وتناولت انتقادات اخري اقتصار مبادرة هيئة الانصاف والمصالحة علي سنوات القمع (1960 ـ 1990) وحتي 1999 بينما ارتكبت انتهاكات خطيرة جديدة لحقوق الانسان بعد هـــذا التاريخ. ويشير اصحاب هذه الانتقادات وعلي غرار منظمة العفو الدولية، خصوصا الي الانتهاكات العديدة التي ارتكبت في اطار مكافحة الاسلاميين الذين شاركوا في العمليات الانتحارية التي وقعت في الدار البيضاء في 16 ايار/مايو في الدار البيضاء. وكانت الرابطة المغربية للحقوق الانسانية ومنظمات غير حكومية اخري مثل المنظمة المغربية لحقوق الانسان والاتحاد الدولي لرابطات حقوق الانسان دانا اثر قتل الحريات في قانون لمكافحة الارهاب قاس جدا اعتمد بعد الاعتداءات التي اسفرت عن سقوط 45 قتيلا. وستجري جلسات عامة جديدة في عدة مدن شهدت انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان في الماضي من بينها الدار البيضاء والخنيفرة والحسيمة وفاس وتطوان.
Aucun commentaire