Home»National»المساء والشيشة بفاس

المساء والشيشة بفاس

0
Shares
PinterestGoogle+

 المساء والشيشة بفاس

عزيزباكوش56

       راق لي ذات مساء ، أن أثير زوبعة ، وأبعثر الأوراق ، وأعصف بأذهان المتحلقين من الزملاء ، ونحن جالسين بمقهى ايريس ، بين تفريعات شارع  الجيش الملكي الرحبة، الطافحة بالفنادق المثقلة بالنجوم ،   وروائح الشيشة المضمخة  بالسموم ، التي تنبعث من كل مكان هنا بفاس العالمة، فتغمرالامكنة ، وتمسخ الأدمغة ،  وتسيح سموما في رئات القاصرات  رغم أنوفهن  ، وتعبث بعقول القاصرين رغم أنوفهم  ، فيما  تنثال أبخرتها  » الاستثمارية  »  مع تسريبات فضاءات المدينة  مجرى الهواء ، وتنزوي  إلى جيوب المستأسدين والمتشبطين بالسلطة  ،على شكل  عقارات تبوس الواحدة الأخرى في عناق فوضوي ، وتسيح في ملاعب الخيل  مثلما الحلزون في الأيام المطيرة .

      بعض  الضغوطات الخجولة دعت  إلى رفع الأيدي عن مقاهي  الشيشة ، وكان لها ما أرادت لذر الرماد في العيون  ،  لكن سرعان ماعاد الوباء  مثل طوفان جارف يستفحل كالنار في الهشيم. مالكو هذا النوع من الاستثمار الفائق السرعة في الربح  و في فئة القاصرات والقاصرين ،   محميون بمظلة مسؤول كبير ونافذ في مجلس فاس ، وإلا لما كان هذا التخاذل المريب في صرف الأذى ، وذاك التقاعس في طرد الوباء .لكن  هذا المسؤول دافع عن هؤلاء الانتهازيين الوصوليين باسم السياسة  ،  من غير أن يرف له جفن قائلا  » أنه ليس ضد الأرزاق »  ، وكأن الأرزاق ، لا توجد إلا في مقاهي الشيشة حين يملكها السفهاء وينخرون  الصحة النفسية والجسدية لأبناء الشعب .

      ما علينا ، لنترك الملايين من  الدراهم الصعبة تتكدس في حساباتهم  كل صباح أوراما  ، ولتكن لدينا الشجاعة كي نحصي آلاف العقول المتلفة ،  من  الناشئة المجهضة لوطننا ، وأعمدة المستقبل التي يهيئون لها الأكفان داخل أقبية حمراء مقابل 50 درهما للشيشة، من غير أن تقبل سياسة آخر زمن ، أن تسيء إلى مالكي مقاهي الشيشة  من الأعيان ، فتقطع أرزاقهم ، ولو باسم القانون ، هكذا راق لي ذات المساء ،  أن أثير زوبعة ، ففعلت .

       أريد فقط،  سادتي، أن افهم  كيف يتحمل عدد لا يحصى من الناس  ومن البشر شخصا واحدا  ، لا يمتلك حلا ، و ليست له قدرة  أخرى غير قدرة إلحاق الضرر بهم ،  وكيف  لا يجرؤ احد من هؤلاء  المنبطحين على وضع حد لجبروته ، أو حتى  الإتيان ببلاغ واضح ، أو بفعل يسيء إليه .. وتابعت في نشوة « 

–   عجبا  ،  كيف يفضل الناس المعاناة في صمت يقبلون بالانحراف ، ويتغاضون عن الخطر،  ويفضلون التضحية بجيل من الشباب ،  على  أن يخالفوا رأيه… » وختمت.

–          آه .. على ذاكرة السبعة…يا سلام ..

قال جليسي ثم مضى  مستوضحا ، هذا لوغو زميلنا ، وتابع وهو يفرك يدا بيد ، فيما يشبه صفيحتي خشب متآكل   » بعد علينا من الشيشة..ياربي الى ما تدخل كل درهم عليهم من الشيشة هم…. »

    » رقم  7 أحبتي ، لمن لا يفقه في علم الأبراج   » هو رقمي المفضل ،  رقم سري ، وهو أيضا رقم الأسرار والغموض والتصوف والقداسة ، هو إلى ذلك ،  رقم أيام الأسبوع يكون صاحبه أحيانا مضطربا  » وأشار الي بعين مغمضة ، وأخرى يعلو حاجبها قليلا  » ومنطويا على نفسه . فهمت ان أحدا ممن يرافعون عن الشيشة   معنا في المجلس ، لقد ظل معظم الوقت شاردا .  تظاهرت  مركزا على أفكاري الداخلية  أكثر من اهتمامي  بالواقع الذي يجري أمامي ، وحرصت أن أكون بعيدا  عن أي كلام  في موديلات السيارت ,أسعار العقار  و سلاليم الترقية التي تسيطر على عقول الزملاء وقتا طويلا ، وظللت  مسيطرا على ذاتي،  وقورا  بما يكفي ،   رغم أن احدهم ، وصفني بالعقيم و  استهجن ابتعادي   عن الواقع ، ونعتني  بالغامض ،  وأحيانا بالعاجز، وقال عن   جرأتي أنها  بلا كفاءة »  وختم قائلا  »  أفصح يا رجل …، السياسة لم تعد تدخل إلى السجن ، على العكس من ذلك،  تقود الأميين بفاس ،  إلى الاستثمار في البشر،  كما الكتاكيت و العقار.

         تروي المنابر  أحبتي  ،  أن  وزيرا سابقا لحقوق الإنسان  يدعى محمد زيان ، دافع مستميتا عن الحكم القضائي الصادر بحق جريدة « المساء » المغربية   دفاعا ليس واقفا هذه المرة ، وإنما دفاعا  جالسا  وربما من عقر مكتبه الفخم بالعاصمة.

 ما علينا ..تجري الرياح بما لا تشتهي السفن..لا تقلق ، لعل الأمر شيشة من نوع آخر.

                              عزيز باكوش   يتبع

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. أم ياســـر
    24/12/2008 at 13:42

    حسبناالله ونعم الوكيل فيمن تسببوا في فساد هذه الشريحة من المراهقين والقاصرين ،حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من يساهم في تدمير شبابنا بحجة الأرزاق ، وبحجة الحرية وبحجة التقدم.. حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل………..

  2. عبد العزيز قريش
    24/12/2008 at 13:42

    عزيزي الكريم الفاضل عزيز باكوش، كل التحية والتقدير لقلمكم النير المنير المقتحم غياهب المسكوت عنه والمقدس المرعوب منه! لقد أثارت ورقتكم هذه لدي مجموعة من الأسئلة ، عادت بي إلى مساءلة التاريخ عن تقلباته، التي كنت أظنه بعيدا عنها، مادام يحتوي على محركات داخلية ذاتية، تعفيه من التقلبات. لكن لست أدري لماذا في ورقتك أظهر تلك التقلبات بكل وضوح؟ هل يطلب منا البحث عن فاس العالمة بين ركام من دخان الشيشةأم ركام الأحداث التي تحجب الحقائق هذه الأيام وتحرم الحلال وتحلل الحرام أم البحث عن ذات العالم بين ركام من الإيديولوجيات المتعفنة أم البحث عن كتاب بين سطور مهشمة خارجة من مقاهي المثقفين الجدد؟ لست أدري … كل ما أدري أني قرأت ورقتك الشعلة، فوجدتني أحتضر مساء قبل الموت بالليل.
    عشقت كل حرف ينبع من قلمك لأنه سؤال موجه إلي قبل فوات الأوان! آه؛ لو فهمت موقع الحروف في كتاباتك لكنت موجودا، حينها يكون المداد دما ترتوي منه روحي. فإليك الشكر لأن حروفك مدخل السؤال.
    لكم كل الدعاء بالصحة والعافية

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *