Home»International»القضية الفلسطينية قضية أمة مؤمنة مسلمة بأجيالها المعاقبة إلى قيام الساعة

القضية الفلسطينية قضية أمة مؤمنة مسلمة بأجيالها المعاقبة إلى قيام الساعة

0
Shares
PinterestGoogle+

القضية الفلسطينية قضية أمة مؤمنة مسلمة بأجيالها المعاقبة إلى قيام الساعة

محمد شركي

من المعلوم أن القضية الفلسطينية ليست قضية وليدة هذا العصر بل هي قضية قرون وأجيال  خلت كما سجل ذلك التاريخ . وما الوضع الذي تمر به اليوم سوى استمرار لأوضاع كانت من قبل . ولقد أصاب محز الحقيقة المفكر والباحث الأكاديمي الموريتاني محمد المختار الشنقيطي المختص في تاريخ الأديان و في الأخلاق السياسية حين اعتبر أن ما يحدث اليوم في فلسطين هو فصل من فصول الحروب بين الصليب والهلال، و أن الأمر يتعلق بنسخة جديدة من نسخها ليس فيها من جديد سوى إقحام الصليبية المتصهينة  للصهيونية فيها حيث وجدت في هذا الاقحام مبررا وذريعة لاستمرار غزوها لأرض فلسطين ولجوارها العربي والإسلامي  على غرار ما كان في حقب تاريخية خلت . ولقد بين هذا المفكر الألمعي في حوار أجري معه وتداولته وسائل التواصل الاجتماعي أن إقحام  الصليبية للصهيونية في  الفصل الحالي من الحروب الصليبية مرده ما تمخض عن الصراع الكنسي بين الفصيل البروتستانتي والفصيلين الكاثوليكي الغربي  والأرثودكسي الشرقي وما انبثق عنهما من فروع تابعة ، ذلك أن هذين الأخيرين يكنان عداء تقليديا لليهود الذين هم بالنسبة إليهم قتلة الأنبياء، وأبناء الأفاعي  كما جاء في حديث هذا المفكر الموريتاني نقلا عن مصادر مسيحية اعتمدها ، وكانت هذه هذا الأمر  من بين نقط الخلاف بين الفصيل البروتستاني وخصميه حين حاول مؤسسه الراهب مارتن لوثر أن يصحح نظرتهما العدائية لليهود مبررا ذلك بأن المسيح نفسه كان يهوديا ، وكان يعلق الأمل على تحويلهم إلى المسيحية عن طريق معاملتهم المعاملة الحسنة إلا  جهوده  معهم باءت بالفشل  بعدما  حاولوا تسميمه في مؤدبة حضرها معهم على حق قول بعضهم ، فتراجع عن الدفاع عنهم ،ووصفه في آخر ما ألفه سواء  كتاب  » اليهود وأكاذيبهم  » أو كتاب  » نفاق اليهود  »  بأنهم  رضعوا كراهية البشر من ألبان أمهاتهم، وأنهم يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار بينما غيرهم مجرد حشرات، كما وصفهم أيضا بأنهم قتلة الأنبياء، وسفاكو دماء ، ومرتكبو المنكرات والمعاصي ، ومحرفو التوراة، وأنهم  يتعلمون أساليب الغش والخداع والفتك بالأخرين فيما سماه « عش إبليس « ، وهذا ما أكده القرآن الكريم الذي استثنى منهم من عرفوا الحق الذي جاء به خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم  واتبعوه وهم مؤمنون .

ويذكر الشنقيطي أن ما جاء من وصف لوثر لليهود في مؤلفيه الأخيرين  حاول اليهود طمس معالمه  ،ولم يُتداول من وصفه لهم سواء ما كان قبل ذلك في مؤلف سابق حين كان يطمع في  ثنيهم عن طبيعتهم العرقية العنصرية المعادية للبشرية قاطبة . ولقد تلقف الفصيل البروتستانتي ذلك الوصف الأول من لوثر، فنشأ ما يسمى بالمسيحية الصهيونية الداعمة لليهود ، والسبب في ذلك هو إيمانهم بأن عودة المسيح لا تتم إلا بوجود وطن لليهود فوق أرض فلسطين، وهكذا وجدت الصليبية المتصهينة في دعمها لليهود الصهاينة ذريعة لمواصلة مسلسل الغزو الصليبي للشطر العربي من بلاد الإسلام انطلاقا من قلبه النابض بأرض فلسطين.

ومما استغربه الدكتور الشنقيطي أن زعماء التيار الصليبي المتصهين في الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا حين يزورون القدس يكتفون بالوقوف أمام ما يسميه الصهاينة بحائط المبكي، وهو في زعمهم كل ما بقي من هيكل النبي سليمان عليه السلام ، ومقابل لا يقصدون المزارات المسيحية ككنيسة القيامة  في مدينة القدس، أوكنيسة المهد  في مدينة بيت لحم أوغيرها من الأماكن المقدسة الأخرى حسب  ما هو موجود في عقيدتهم الصليبية .

وخلاصة هذا التمهيد التاريخي المختصر أن الحرب التي تشن اليوم على فلسطين وعلى  بعض  دول الجوار المتاخم لها هي حرب صليبية بامتياز يموه عليها بما يسمى دفاعا عن حق اليهود في امتلاك وطن قومي خاص بهم حسب مزاعمهم التلمودية،  بينما  حقيقة الهدف المموّه عليه هو نفس الهدف الذي كان من قبل للحملات الصليبية السابقة المتتالية  بما فيها حركات  الغزو والاحتلال الأوروبي الغربي  في القرن التاسع عشر والذي كان الهدف من ورائه هو نهب الخيرات والمقدرات العربية والإسلامية . ولولا ذريعة حماية الصهانية لما وجدت الصليبية المتصهينة ما تبرر به حملتها الصليبية الحالية التي تمولها مع شديد الحسرة والأسف والألم أموال تحصل عليها  قهرا من البلاد العربية .

إن تسويق وَهْم الوطن القومي لليهود الذين يزعمون أنه وعد الرب الذي وعدهم به بزعمهم أنه شعبه المختار وأبناؤه وأحباؤه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا الذي أنكر عليهم افتراءهم الصارخ  عليه وهو افتراء لا يثبت أمام الحقائق التاريخية ولا أمام  الرسالة التي ختم به الله تعالى رسالاته للبشرية والتي صدّقت ما صدق فيها ، وفضحت ما حُرف  فيها بالأدلة الدامغة التي لا يمكن القفزعنها أو تجاهلها أو طمسها ، ولا أمام العقل السليم  والمنطق المستقيم.

إن مكيدة ما  ضار يسمي اليوم  بالبيت الإبراهيمي  لإضفاء الشرعية على كيان موطّن بالقوة في فلسطين شيء  تدحضه رسالة الإسلام الخاتمة  دحضا وقد  برأت نبي الله إبراهيم عليه السلام من الانتماء اليهودي أو النصراني ، وأثبت له الانتماء الإسلامي الذي يعني أن عقبه  من ولد إسماعيل ومن ولد إسحاق كلهم مسلمون لأنه لا يستقيم  لا عقلا ومنطقا أن ينفك ما في الأصل عن الفروع ، كما أنها نفت قطعا فكرة الانتماء لله تعالى عن طريق صلة البنوة   سواء من جهة عزير كما يدعي اليهود  أو من جهة المسيح  كما يدعي  النصارى ومن يصدقونهم في زعمهم الباطل .

إن فلسطين أرض إسلامية أورثها الله تعالى لعباده المؤمنين مصداقا لقوله تعالى  في الآية الكريمة الثامنة والعشرين  بعد المائة من سورة  الأعراف على لسان نبيه موسى عليه السلام وهو يخاطب قومه  : (( قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين )) ،  كما خاطبهم بقوله في الآية الكريمة الرابعة والثمانين من سورة يونس : (( وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين )) ، إلا أنهم لم يطيعوه  فيما أمرهم ، ولم يتقوا الله ، ولا هم توكلوا عليه لذلك لم يورثهم أرضا لا في الأرض المقدسة ولا في غيرها كما يزعمون افتراء عليه .

وبناء على هذا فأرض فلسطين وكل جوارها ورّثه الله تعالى لعباده المؤمنين المسلمين، والمتقين له، والصابرين ،والمتوكلين عليه  من أتباع خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولهذا فقضية فلسطين هي قضية الأمة المسلمة بكل أجيالها المتعاقبة إلى قيام الساعة . ولئن وهن منها جيل فليس الوهن قدرا مكتوبا ومحتوما على غيره من الأجيال  المتعاقبة . ولئن وقع الخذلان من بعضها  فما هو بواقع  حتما من غيرها .ولا تزال منها أجيال ثابتة على الحق لا يضرها من خالفها كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :  » لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله  » وفي رواية  » وهم كذلك  » . وكفى بهذه النبوءة الصادقة أملا للمتوكلين على الله عز وجل  في كل فترة تاريخية يسود فيها الاستكبار، والظلم والطغيان ،والخيانة والخذلان ،والاستكانة والهوان . وصدق الله تعالى إذ يقول : (( لله الأمر من قبل ومن بعد، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم )) .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *