Home»International»الاعتراف بدولة فلسطين واتفاق شرم الشيخ إلى أين؟

الاعتراف بدولة فلسطين واتفاق شرم الشيخ إلى أين؟

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

الاعتراف بدولة فلسطين واتفاق شرم الشيخ إلى أين؟

الحسن جرودي

في عز التضامن الشعبي عبر مختلف بلدان العالم مع الشعب الفلسطيني، وبالخصوص مع أهل غزة الذين سلط عليهم العدو الصهيوني كل أنواع التقتيل والتعذيب مساويا في ذلك بين البشر صغيره وكبيره وذكره وأنثاه وبين الشجر والحجر، وفي الوقت الذي تبدَّا للعالم الوجه البشع لهذا العدو الذي أزالت عنه دماءُ غزة تلك المراهم التي صبغت بها السردية الصهيونية، من قبيل معاداة السامية، والحق في الدفاع عن النفس…، لم يكن أمام دَهاء ومكر الأنظمة الموالية له، من سبيل سوى العمل على تخليصه من المأزق الذي وضع نفسه والأنظمة المساندة له فيه، والذي تُعتبر المظاهرات المليونية، وقافلة الصمود وبعدَها أسطول الصمود لكسر الحصار على غزة من بين تجلياته البادية للعيان. وهكذا تم اختلاق مسرحية الاعتراف بدولة فلسطين التي تَكلَّف النظام الفرنسي بتأليفها وإخراجها. وحتى تتم التورية على أهدافها الحقيقية، أُسنِد دور المعارضة للعدو الصهيوني الذي تفنن فيه حتى أن المتتبع العادي للأحداث، يكاد يصدق بوجود أزمة بين العدو الصهيوني وبين الأنظمة الغربية التي أعلنت اعترافها بدولة فلسطين عموما، وبين النظام الفرنسي خصوصا، والتي تم الترويج لها عن طريق نشر مجموعة من الملاسنات التي يُفترض أنها جرت بين نتانياهو وماكرون. تلى هذه المسرحية، قرار الرئيس الأمريكي ترامب المتعلق بوقف الحرب والذي تم تجسيده بدوره من خلال مسرحية شرم الشيخ، التي غاب عنها الطرفين الأساسين، ألا وهما حركة حماس والعدو الصهيوني، في الوقت الذي حضر فيه ممثلو ما يقارب 30 دولة ومنضمة، من بينها ممثل عن الفيفا الذي لا علاقة له بالموضوع، والتي قيل بأنها أسفرت عن الاتفاق على البنود العشرين التي تضمنها قرار ترامب، والتي من أهمها تبادل الأسرى الأحياء وجثث الموتى وتوقيف الحرب.

والسؤال هو: ها هي فرنسا وعدد من الدول المساندة للعدو الصهيوني، بالإضافة إلى معظم دول العالم قد اعترفت بدولة فلسطين، وها هي إسرائيل قد استرجعت كل أسراها الأحياء، وجثث الأموات، فأين حدود الدولة الفلسطينية المعترف بها على أرض الواقع؟ ما دام العدو يصرح قولا ويطبق فعلا عدم اعترافه بحدود 1967 التي أصبحت عبارة عن حلم أكل عليه الدهر وشرب، ثم هل من معنى لبند وقف الحرب غير ذر الرماد في أعين المجتمع الدولي وفي أعين تلك الجماهير التي هبت لمساندة حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره عبر مختلف أصقاع العالم؟ والدليل على ذلك هو أن المسرحيتان قد أحدثتا خفوتا فعليا في كثافة وقوة المظاهرات والحراك العالمي، ثم إن استثناء الطرفين المعنيين من مسرحية شرم الشيخ، الذي هو في الحقيقة استثناء لحماس فقط، على اعتبار أنها غير مؤهلة لتوقيع الاتفاقية، بينما العدو كان ولا زال ممثلا أحسن تمثيل من قبل ترامب، قلت هذا الاستثناء ليس له من معنى، سوى تمكين العدو من فرصة التنصل من أي بند من بنود الاتفاق، رغم أن جُلها صيغت لمصلحته، ولإصباغ المصداقية على نزع سلاح حركة المقاومة حماس. وهذان مؤشران « إيجابيان » بالنسبة للعدو ليواصل حربه على الشعب الفلسطيني بأكمله وعلى عدد من دول الجوار. ولعل هذا ما تؤكده الأحداث الجارية على أرض الواقع، ذلك أنه رغم مرور أكثر من 50 يوما على الاتفاق المزعوم، والتقتيل والاعتقال لا زالا ساريان، إذ بحسب ما أعلن عنه المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، فإن عدد خروقات العدو قد بلغ إلى حدود مساء يوم السبت 29 نونبر 2025 ما مجموعه 591 خرقا موثّقا، « أسفرت عن وقوع 357 شهيدا من المدنيين، غالبيتهم أطفال ونساء وكبار في السن، إضافة إلى 903 مصابين بجروح متفاوتة، فضلا عن 38 مواطنا جرى اعتقالهم بشكل تعسفي خلال عمليات التوغل والاقتحام »، هذا بالإضافة إلى تنفيذ هجمات على كل من لبنان وسوريا دون حسيب ولا رقيب.

أخيرا أختم بمقولة لعبد الرزاق السنهوري (1895-1971) أحد أعلام الفقه والقانون في الوطن العربي التي يقول فيها: « لا يسيطر القانون إلا بين قويين أو بين ضعيفين، فإن تفاوتت القوة فالقانون هو القوة ». ومن ثم فما دامت القوة في طرف العدو، فالقانون في صالحه، وكل ما عدا ذلك فللاستهلاك الداخلي ولخدمة المصالح السياسية والاقتصادية، وإلا لو كانت فرنسا ومثيلاتها من الدول الغربية عموما، وتلك التي تملك حق الفيتو خصوصا علما أنها « اعترفت بدولة فلسطين »، ترغب في الاستقلال الفعلي لفلسطين لفعلت، لكنها لم تفعل، ولن تفعل ما دام الطرف الذي يرتبط مصيرُه بمصير فلسطين، غير قادر، أو غير راغب في امتلاك قوة تُرهب العدو وحلفائه، ويكتفي باستجداء أعدائه في طلب الحد الأدنى من السلم، الذي لن يتحقق ما لم يتم إسناد المقاومة الفلسطينية، على المستويين المادي والمعنوي، عوض العمل على تقويضها من خلال المساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر في نزع سلاحها الذي بدونه لن يكون لا للاعتراف بدولة فلسطين ولا لاتفاقيات السلام معنى، ومن ثم فهو الوحيد القادر على إنفاذ القانون الدولي والوقوف في وجه تنزيل مشروع إسرائيل الكبرى.

الحسن جرودي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *