Home»Islam»حديث الجمعة : (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم ))

حديث الجمعة : (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم ))

0
Shares
PinterestGoogle+

حديث الجمعة : (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم ))

محمد شركي

 نستأنف إن شاء الله تعالى الحديث في هذه الحلقة من  حلقات أحاديث الجمعة عن حال أخرى من أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض من عاصروه وأنزل الله تعالى فيهم وحيا يتلى إلى يوم القيامة ، ويتعلق الأمر بفئة تخلفوا عن الجهاد في غزوة تبوك بالنفس والمال ثم ندموا على ذلك وتابوا إلى الله عز وجل،  وجاءوا  رسول الله صلى الله عليه بأموالها فلم يقبلها منهم  وأعرض عنهم  حتى أذن له الله  بأخذها منهم وكان لهم في ذلك بشارتان قبول أموالهم وقد جعلها الله تعالى تزكية لهم بعد خطيئتهم وصلوات رسوله عليهم كما  أخبر سبحانه بذلك في الآية الكريمة الثالثة بعد المائة من سورة التوبة التي قال  في عز وجل  مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم : (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم  وتزكيهم بها وصل عليهم  إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم )) ، وهي آية مسبوقة بقوله تعالى : (( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم )) .ولقد جاء في كتب التفسير أنهم عشرة نفر ممن تخلفوا عن الجهاد  مع أنهم لم يكونوا من المنافقين ، واعتذروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن تخلفهم وجاءوه بأموال لم يقبلها منهم ، فربطوا أنفسهم في سواري المسجد أياما تعبيرا عن ندمهم وتوبتهم  حتى أنزل الله تعالى فيهم وحيا فأمره صلى الله عليه وسلم بأخذها منهم بعدما علم صدق توبتهم .

وتبين من آية أمر النبي صلى الله عليه وسلم  بأخذ الصدقة من  المتخلفين عن الجهاد والصلاة  عليهم  أن الله عز وجل يقبل توبة المذنبين  إذا صدقوا في توبتهم ويقبل منهم  صدقاتهم  فتكون تطهيرا لهم ومغفرة من  أعظم  ذنب وهو التخلف عن فريضة الجهاد . ولقد جعل الله تعالى من صلوات رسوله عليهم سكينة بعد الذي عانوه  جراء شعورهم بالذنب والخوف من عقاب الله تعالى .

ولقد وصف الله تعالى هذا النفر التائبون  من ذنب التخلف عن الجهاد بأن أعمالهم كانت  من قبل خليطا من الإساءة والإحسان، الشيء الذي ميزهم عن المنافقين الذين  طبعوا على النفاق، وكان ولاؤهم للكفار والمشركين وعداؤهم للمؤمنين .

و لقد كان قبول الله تعالى صدقات أولئك التائبين بمثابة فرصة استدراك ما فاتهم من واجب الجهاد بالنفس وزكاهم بها عما فاتهم . ولقد ندموا على ذلك ندما شديدا وعبروا عن ندمهم بربط أنفسهم بسواري المسجد أياما، وفي ذلك إعلان توبتهم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم .

ومما جاء في كتب التفسير أن قول الله تعالى : (( صدقة  تطهرهم وتزكيهم بها )) فيه إشارة إلى تخلية هي مقدمة  لتحلية ،وهما عمليتان معنويتان بمثابة عملتي الإفراغ والملء الماديتن . ولقد كانت تخلية النفر التائب مسبوقة بتوبتهم النصوح  والتي قوامها شعور بالندم، وعزم على القطيعة مع الذنب، وتصحيحه بعرض أموالهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم  تصحيحا واستدراكا  لما كان منهم من تخلف ، وتقاعس عن بذله خلال الغزو، أما تحليتهم  فكانت من خلال صلوات الرسول عليهم استغفار الله لهم  ودعائه لهم بالرحمة . ولقد ذيلت الآية بقوله تعالى : (( والله سميع عليم )) وهما صفتان من صفاته المثلى سبحانه وتعالى تدلان على قربه من عباده  سماعا وعلما ، وهذا مما يؤكد أن توبة النفرالتائبين كانت صادقة وقد سمعها الله تعالى وعلمها ، وقبلها منهم .

ولما كانت العبرة في كتاب الله عز وجل بعموم لفظه لا بخصوص أسباب نزوله، فإن حكم هذه الآية الكريمة  يسري على كل مؤمن مذنب تصدق توبته  النصوح جنانا ولسانا ،ويتبعها بالعمل الصالح الذي  يمحو به الله تعالى أثرما ساء من عمله ويستفيد من صلوات الرسول عليه وفيها استدرار رحمة الله تعالى له ، وهذه بشارة لكل تائب إلى قيام الساعة تؤكدها آيات عديدة واردة في الذكر الحكيم كقوله تعالى على سبيل الذكر لا الحصر في الآية الكريمة الثالثة والخمسين من سورة الزمر : (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)) وقوله تعالى في الآية الكريمة السبعين من سورة الفرقان  : (( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما )) ، وفي هذا تحفيز من الله عز وجل على التوبة النصوح  بعد الإساءة .

مناسبة حديث هذه الجمعة هو تذكير المؤمنين أولا بتجل من تجليات الخلق  العظيم الذي أثنى به الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويتعلق الأمر بتطهير، وتزكية التائبين، وصلواته عليهم . وما أحوج أمة الإسلام اليوم وفي هذا الظرف العصيب بالذات إلى التطهير والتزكية وصلوات الرسول الأعظم عليها وقد كثرت  معاصيها ،واختلط  صالح عملها بسيئه ،وحسبها سوءا تقاعسها وتخلفها عن  نصرة المؤمنين المستضعفين المرابطين في أرض الإسراء والمعراج ولم تدافع عنهم لا بأنفس ولا بأموال إلا ما كان  من أمر قلة ساندهم بما تيسر . وهذا الذي يحدث اليوم شبيه تماما بما حدث   زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تخلف  متخلفون عن غزوة تبوك ثم تاب من ذلك النفر التائب .  ولهذا يجدر بكل من  تخلوا من هذه الأمة  مشرقا ومغربا عن فريضة الجهاد بالنفس والمال  من أجل نصرة المظلومين  وتحرير أرض الإسراء والمعراج  وحماية المسجد الأقصى المبارك  من تدنيس الصهاينة  وتهديده بالهدم أن يبادروا إلى توبة نصوح، وأن يحذو حذو النفر التائبين من قبلهم الذين ربطوا أنفسهم بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويبادروا إلى دعم إخوانهم المحاصرين والمجوعين ،وقد دمرت بيوتهم تدميرا وهم  يعيشون في العراء و قد أوشك فصل القر على الحلول، عسى أن يغفر الله لهم تقصيرهم كما غفرللنفر التائبين الذين كفروا عن إثم  تخلفهم عن فريضة الجهاد بالنفس ببذل أموالهم في سبيل الله فتقبلها منهم ،وطهرهم، وزكاهم بها ورحمهم  بصلوات رسوله الكريم عليهم.

اللهم إنا نسألك توبة نصوحا تقبلها منا ، ويحيينا، وتميتنا، وتبعثنا عليها يوم لقائك . اللهم تجاوز عنا  كل تقصير فيما فرضت وأوجبت علينا ، وتقبل اللهم منا كل ما يعوضه من صالح الأعمال وأحبها إليك .

اللهم أدم نعمة السلام والأمن على إخواننا في أرض الإسراء والمعراج ، وعوضهم  خيرا عما لحقهم من بأس شديد  وعما ضاع منهم ، وتقبل اللهم شهداءهم، واشف بشفائك جرحاهم ومرضاهم ، وأطعمهم اللهم من جوع، ويسر لهم كل أمر لهم فيه خيرهم ،واكفهم اللهم شر وكيد ومكرأعدائهم  بما شئت يا جبارالسماوات والأرض ويا قاهرا فوق عباده .

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *