Home»International»« البعد الديني في العلاقات بين الإسلام والغرب: دراسة في إمكانات التفعيل في ضوء التحولات المعاصرة » موضوع أطروحة دكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال

« البعد الديني في العلاقات بين الإسلام والغرب: دراسة في إمكانات التفعيل في ضوء التحولات المعاصرة » موضوع أطروحة دكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال

2
Shares
PinterestGoogle+

« البعد الديني في العلاقات بين الإسلام والغرب: دراسة في إمكانات التفعيل في ضوء التحولات المعاصرة« 

موضوع أطروحة دكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال

متابعة: عبد الكريم بن رزوق (*)

احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، التابعة لجامعة السلطان مولاي سليمان، يوم الجمعة 11 يوليوز 2025، على الساعة الرابعة مساء، مناقشة أطروحة دكتوراه تقدم بها الباحث محمد أجليل، موسومة بـ: « البعد الديني في العلاقات بين الإسلام والغرب: دراسة في إمكانات التفعيل في ضوء التحولات المعاصرة ».

ويعكس موضوع هذه الأطروحة جهود كل من مختبر الحوار والمقاصد للدراسات والأبحاث، ووحدة دكتوراه « الحوار الديني والثقافي في الحضارة الإسلامية » التابعة للمختبر، في دعم البحث الأكاديمي في قضايا الفكر والدين والعلاقات الدولية، وتطوير المعرفة العلمية في ظل التحولات الجيوثقافية الراهنة. وقد سعى الباحث من خلالها الباحث إلى استكشاف موقع الدين في تفاعلات العالم الإسلامي مع الغرب، وتحليل إمكانات تفعيل هذا البعد في ظل التغيرات المعاصرة، وما تطرحه من تحديات وفرص لإعادة بناء العلاقة بين الطرفين على أسس جديدة.

تألفت لجنة المناقشة من نخبة من الأساتذة الجامعيين، حيث ترأس الجلسة الدكتور سعيد شبار، أستاذ الفكر الإسلامي والعقيدة والأديان المقارنة، والمختص في الاجتهاد والتجديد في الفكر الإسلامي المعاصر. وشارك بصفة عضو مقرر كل من الدكتور عبد النبي صبري، الأستاذ الجامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية، والدكتور عبد الرحمن العضراوي، أستاذ مقاصد الشريعة والفكر الإسلامي، والدكتور المصطفى البوعزاوي، أستاذ الفكر الإسلامي والعقيدة، بالإضافة إلى الدكتور محمد الناصري، أستاذ الفكر الإسلامي، باعتباره مشرفا على الأطروحة.

بعد الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس اللجنة، افتتح الباحث محمد أجليل كلمته بالتعبير عن شكره العميق لأعضاء اللجنة العلمية، وامتنانه للأستاذ المشرف، مثمنا دعمه وتشجيعه وتوجيهاته طيلة مراحل إنجاز البحث. ثم استعرض بعد ذلك أهمية الموضوع وإشكاليته، ودواعي اختياره، وأبرز المراحل التي مر بها البحث، إلى جانب أهم النتائج المتوصل إليها والتوصيات المقدمة.

بعد ذلك، تناول الكلمة الأستاذ المشرف محمد الناصري، الذي قدم بدوره قراءة عامة في الموضوع، مبرزا أهميته، ومشيدا بجدية الباحث والتزامه الأكاديمي، واصفا إياه بالطالب المتفاني، الحريص على المتابعة المستمرة، والمتميز بالحضور الفعال داخل مختبر البحث، وبحثه الدؤوب عن المراجع، وإنصاته الواعي، وانخراطه التام طيلة مراحل الإنجاز. كما أشاد باقي أعضاء اللجنة تباعا بجِدية الطالب ومجهوده العلمي، منوهين بقيمة العمل البحثي الذي أنجزه، مع تقديم مجموعة من الملاحظات الهادفة إلى تجويد الأطروحة وتعزيز أبعادها الفكرية والمنهجية.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور عبد النبي صبري أهمية الموضوع، الذي يسلط الضوء على مكون الحضارة الإسلامية في بعده الكوني، ويناقش من خلاله قضايا الأمن والسلم، التي أصبحت محورا أساسيا في العلاقات الدولية المعاصرة، وذلك في سياق يتسم بالشد والجذب في العلاقة بين المسلمين والغرب، في عالم يشهد تحولات كبرى وانهيارا متسارعا في منظومة القيم، وقضايا حقوق الإنسان، والتحولات التي طرأت على تصور القوى الكبرى لهذه الحقوق منذ الحرب الباردة إلى الزمن الراهن. وفي سياق تناوله للبعد الديني، أكد أن هذا البعد حاضر بقوة في الأوساط السياسية والإعلامية الغربية، بل هناك معتقدات دينية وصفها بالمثيرة للجدل يروج لها، تعكس توظيف الدين في السياسة وتداخلهما في الخطاب الغربي.

وأكد الدكتور عبد الرحمن العضراوي راهنية الموضوع، إذ تكمن أهميته في طرحه لإشكالية العلاقة بين المسلمين والغرب، وسعيه لتفعيل البعد الديني كوسيلة للتفاهم المتبادل بين العالم الإسلامي والغرب. وأشاد بالمنظور الذي قدمه الباحث، والذي يتجاوز الطروحات التقليدية، ليقارب الدين باعتباره عاملا فاعلا ومؤثرا في العلاقات الدولية، لا مجرد إطار ثقافي أو حضاري. وقدم الدكتور إضافات علمية مهمة، ركز فيها على أهمية توظيف التأطير النظري السياسي والبعد الديني بشكل متكامل، مبرزا ضرورة تحليل ثنائية « الإسلام والغرب » من خلال تفعيل المنهج المقارن، لما له من قدرة على إبراز نقاط التقاطع والاختلاف، وتفسير التفاعلات الثقافية والدينية بطريقة أكثر توازنا.

من جهته، أشاد الدكتور المصطفى البوعزاوي بعدد من جوانب القوة التي تميز بها العمل المنجز، من أبرزها سلامة اللغة، وغنى المراجع وتنوعها، والمتانة الأسلوبية التي كتبت بها الأطروحة. كما نوه بقدرة الباحث على تجاوز صعوبات البحث بذكاء ومرونة، وبفهمه العميق لموضوعه، من خلال ما وصفه بـ »التفاعل الإيجابي » للطالب مع مشروعه البحثي، وهو تفاعل يدل على وعي معرفي وفهم عميق للموضوع، وعلى الارتباط الدائم بالإشكالية المركزية للأطروحة. وأشار الدكتور إلى أن الموضوع يكتسي أهمية خاصة لعدة اعتبارات، أبرزها محاولة الكشف عن نفائس التراث الإسلامي المرتبطة بمفهوم العلاقة مع الغرب، وهو ما يضفي على الأطروحة بعدا تأصيليا يتجاوز القراءة السطحية أو الاستشراقية للموضوع.

وفي سياق ملاحظاته المنهجية، قدم الدكتور البوعزاوي عددا من التوصيات، منها ما يتعلق بعنوان الأطروحة، مؤكدا أن الاختصار والوضوح في اختيار العنوان يسهمان في تركيز البحث وضبطه. كما أبدى ملاحظات بخصوص العدة المنهجية والمصدرية، مشيرا إلى ضرورة التمييز بين المراجع الأساسية والدراسات السابقة، داعيا إلى مراعاة تناسب الخاتمة مع حجم الموضوع، بحيث تشمل الخلاصات الرئيسة، والإجابات الواضحة عن الإشكاليات المطروحة، إلى جانب المقترحات المستقبلية.

وفي ختام مداخلته، اقترح الأستاذ عددا من المؤلفات المرجعية ذات الصلة بموضوع البحث، منها: روح الدين – من ضيق العلمانية إلى سعة الائتمانية لطه عبد الرحمن، وكتاب غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ليوسف القرضاوي، ومؤلفات الإسلام والغرب لمحمد عمارة، إضافة إلى مؤلفات مالك بن نبي ذات العلاقة بالموضوع. ونوه في الأخير بكم المراجع التي اعتمدها الباحث، مؤكدا أن الكيف مقدم على الكم، وأن القيمة العلمية تقاس بمدى عمق التوظيف والتحليل، لا بعدد الإحالات. كما شدد على أن ملاحظاته تهدف إلى التقويم البناء، مؤكدا أن العمل البحثي يستحق التنويه، لما بذل فيه من جهد واضح وعناية علمية مباركة.

أما الدكتور رشيد نشيد، فقد ثمن في مداخلته ما تميز به البحث من جدة وأصالة، معتبرا أن موضوع تفعيل البعد الديني في العلاقات الدولية من المواضيع المركبة، التي تتقاطع فيها عدة حقول معرفية، من بينها الفكر الديني، والعلوم السياسية، والقانون، والعلاقات الدولية. وأشار إلى أن الباحث يتمتع بخلفية معرفية متكاملة، كونه حاصلا على إجازتين في القانون العام والدراسات الإسلامية، بالإضافة إلى ماستر في الحوار الديني والحضاري وقضايا الاجتهاد والتجديد في الثقافة الإسلامية، وهو ما منحه قدرة على الجمع بين المرجعيات وتوظيفها بطريقة علمية متماسكة. وأضاف أن قيمة البحث تزداد بالنظر إلى كون المشرف، الدكتور محمد الناصري، متخصصا في الفكر الإسلامي، وحاصلا على شهادة عليا في العلوم السياسية، مما أضفى على التوجيه والإشراف طابعا علميا رصينا وبعدا تكامليا واضحا. ونوه الدكتور نشيد بفعالية الباحث داخل الكلية، مؤكدا أنه عنصر نشيط ضمن مختبر البحث، وفاعل في مختلف أنشطته العلمية والتنظيمية، حيث يسهم في اللجان التنظيمية، ويعمل على توثيق أنشطة المختبر بشكل منتظم.

وفي إطار ملاحظاته المنهجية والشكلية، توقف الأستاذ نشيد عند بعض القضايا التي أثارها البحث، والتي تحتاج إلى مزيد من النقاش والتوسيع، ومنها مسألة الثنائية المفاهيمية بين « الإسلام » و »الغرب ». فقد أوضح أن « الإسلام » يحيل إلى منظومة دينية مقدسة، في حين أن « الغرب » ليس كيانا مماثلا، بل هو مجال جغرافي وحضاري متغير، يتكون من دول تتقاسم مرجعيات سياسية واقتصادية (غالبا ليبرالية / رأسمالية). ورأى أن تعويض مصطلح « الإسلام » بـ »المسلمين » سيجعل التعبير أكثر واقعية ودقة من الناحية التحليلية.

كما قدم الأستاذ ملاحظات تتعلق بترتيب عناصر المقدمة، مؤكدا أن البناء المنهجي يقتضي أن يستهل البحث بالدوافع، ثم الأهمية، يليها عرض الدراسات السابقة، ثم صياغة الإشكالية. وبين أن الحديث عن الصعوبات والتحديات ينبغي أن يأتي في نهاية المقدمة، حيث يبرز الباحث الجهود التي بذلها لتجاوز تلك الصعوبات، ويشير إلى أهمية الإشراف والمتابعة في تخطي مختلف العقبات، وهو الموضع الأنسب لتوجيه الشكر للمشرف الذي واكب المشروع منذ بداياته حتى نضجه.

ونبه في مداخلته إلى ضرورة التمييز بين الدوافع الذاتية والموضوعية، مشيرا إلى أن اشتغال الباحث على نفس المشروع من مرحلة الماستر إلى الدكتوراه يعتبر ضمن الدوافع الموضوعية، التي تظهر وجود مشروع بحثي متكامل يخدم رؤية معرفية واحدة. واعتبر أن الضابط الشمولي لأي طالب باحث هو أن تكون أعماله مترابطة ضمن مشروع علمي موحد، يخدمه كل إنتاج معرفي ينجزه في مختلف المراحل الأكاديمية. وأشار إلى ضرورة تفادي الانتقال الفجائي بين الفصول والمباحث والمطالب داخل المتن، مؤكدا أهمية الانتقال السلس والمنهجي، من خلال تقديم يمهد للفصل، وتأطير المبحث، ثم المطلب، بدل الولوج المباشر دون ربط منطقي أو سردي، وهو ما اعتبره من الأخطاء المنهجية الشائعة بين الطلبة. ولفت الانتباه كذلك إلى أهمية الربط بين المنهج الوصفي والتحليلي، مبرزا تكاملهما في العمل الأكاديمي، حيث يخدم كل منهج الآخر في مقاربة الموضوعات المركبة. أما من حيث معالجة المفاهيم، فقد قدم الأستاذ ملاحظات دقيقة بخصوص تعريف « الدين »، معتبرا أن الاقتصار على تعريفات الجرجاني والتهانوي يضيق من شساعة المفهوم. فـ »الدين » في اللغة يتسع ليشمل المعتقدات السماوية وغير السماوية، بما فيها الوثنيات والشركيات، كما ورد في القرآن الكريم: (لكم دينكم ولي دين) (سورة الكافرون)، وهو ما يؤكد أن المفهوم أوسع من حصره في دائرة الإسلام وحده.

كما دعا إلى توسيع المقاربة بالتطرق إلى تعريفات مفكرين معاصرين مثل مصطفى النشار، وكمال الحيدري، وأبو يعرب المرزوقي، لما يقدمونه من قراءات متعمقة في الفكر الديني، سواء في السياق الإسلامي أو الغربي. ونبه كذلك إلى أهمية الرجوع إلى كتابات مالك بن نبي، التي تبرز « الحاجة إلى الدين »، وكتابات أرنولد توينبي حول « الدين كعامل نهوض حضاري » في إطار نظرية « التحدي والاستجابة ».

واختتم الأستاذ سعيد شبار سلسلة التدخلات، منوها بمجهود الباحث وجودة العمل المنجز، ومقدما مجموعة من المراجع والمؤلفات ذات الصلة، من بينها سلسلة برنامج حوار الحضارات، وبعض أعمال الدكتور عبد الوهاب المسيري، فضلا عن الدراسات التي أنجزتها مراكز بحثية عالمية مهتمة بالبعد الديني في العلاقات الدولية.

وأكد على أن النفس الذي ينبغي أن يسود الأطروحات من هذا النوع هو المقاربة البنائية، وعدم الاكتفاء بالمقارنات، رغم أهميتها. فالمقاربة البنائية تسمح بإنتاج معرفة تركيبية جديدة تبرز أدوار الدين في صياغة التصورات والقيم والسياسات. كما لفت إلى تنامي الأدبيات التي تؤكد على دور الدين في تجاوز أزمات الفكر الغربي، وأوصى بقراءة كتابات طه عبد الرحمن حول الفلسفة الائتمانية، أو ما يعرف بالمنظور الائتماني لمفاهيم الفلسفة ومعاني الإيمان، خاصة في حديثه عن القيم والعلاقة بين الإسلام والمسيحية، حيث يرى أن الإسلام صدق الرسالة المسيحية وتجاوزها، في أفق تكاملي لا تقابلي، وهو ما يجعل الحاجة ملحة إلى دراسات تبرز حضور الدين في الفكر والسياسة والثقافة والسلوك المجتمعي. وختم الدكتور شبار مداخلته بالتنويه بالجهد العلمي للباحث، معتبرا أن الأطروحة تشكل بداية لمسار علمي تكسب الباحث مهارات متعددة، وتفتح أمامه آفاق التطوير، مشيدا بدور الأستاذ المشرف، وبقيمة تدخلات أعضاء اللجنة العلمية، ومقدما الشكر للحضور.

وفي ختام الجلسة، أعطيت الكلمة مجددا للطالب محمد أجليل، الذي عبر عن شكره العميق لأعضاء اللجنة ولأستاذه المشرف، مؤكدا أن جميع الملاحظات ستؤخذ بعين الاعتبار من أجل تحسين الأطروحة وتجويد منتوجها العلمي. وبعد المداولة، أعلنت اللجنة العلمية عن منح الأطروحة تقدير « مشرف جدا »، مع الإشادة بمستوى الباحث، والجهد المبذول، والقيمة العلمية للعمل المقدم.

للإشارة، فقد شكلت مناقشة هذه الأطروحة فرصة غنية بالدروس والإشارات المفيدة، خاصة بالنسبة للحضور من طلبة الماستر، وطلبة سلك الدكتوراه، وحملة الماستر الراغبين في متابعة دراستهم في هذا السلك. فقد مثلت نموذجا متميزا لمناقشة علمية ناجحة استعرضت بشكل مركز أحيانا ومستفيض أحيانا أخرى عددا من القضايا المنهجية ذات الصلة بالبحث الأكاديمي. وقد توفرت في هذه المناقشة كل شروط النجاح، انطلاقا من الجانب التنظيمي واللوجيستي المحكم، ومرورا بالغنى الفكري والمعرفي الذي طبع تدخلات أعضاء اللجنة، وانتهاء بطريقة التسيير الرفيعة التي قاد بها الأستاذ الدكتور سعيد شبار أعمال الجلسة.

وقد أضفت هذه العناصر مجتمعة طابعا من الجدية والسلاسة على مجريات المناقشة، ما أسهم في تعميق الفائدة العلمية، سواء على مستوى تطوير الأطروحة ودعم الباحث، أو من خلال الإسهام في التكوين المستمر للطلبة الحاضرين من الباحثين وطلبة الدراسات العليا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*): مفتش تربوي وباحث في مناهج التربية وقضايا الأسرة المعاصرة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *