إسماعيل الحلوتي
بمشاركة عدد من الشباب المتطوعين التابعين لفصيل « غرين بويز » المساند لنادي الرجاء الرياضي البيضاوي لكرة القدم، انطلقت ليلة الثلاثاء الأربعاء 7/8 يناير 2024 من حي الفرح بمدينة الدار البيضاء ما أسموها « قافلة الدفء » المتكونة من مجموعة عربات خاصة محملة بكميات كبيرة من المساعدات في اتجاه إقليم طاطا جنوب المغرب، الذي تعاني ساكنته من ظروف عيش صعبة وخاصة عند حلول فصل الشتاء، الذي يتضاعف فيه حجم معاناتهم من حيث العزلة واشتداد البرد القارس وتهاطل الأمطار والثلوج. وهي مبادرة إنسانية تكشف عن مدى روح التضامن والتكافل الاجتماعي، التي يتميز بها المواطنون المغاربة عامة في دعم الفئات الهشة في المناطق النائية ببلادنا.
وجدير بالذكر أن إقليم طاطا الذي يبعد على مدينة الدار البيضاء بمسافة محددة في »11.686″ كيلومتر، يقع في جهة سوس ماسة بالقرب من الحدود الجزائرية في الجنوب الشرقي للملكة المغربية، تحيط به أقاليم ورزازات، تيزنيت، كلميم، آسا، تارودانت وزاكورة، ويضم حوالي 19 ألف نسمة، ويشتهر بالنخيل والتمور، ويعد من أغنى الأقاليم بخيرات المعادن الكريمة ومناجم الذهب، لكن أهله يشتكون من الإهمال والحرمان وضيق ذات اليد وضعف البنى التحتية، وتوالي السيول والكوارث الطبيعية.
كما تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن إقليم طاطا كان قد تعرض خلال شهر شتنبر الماضي إلى تساقطات مطرية غزيرة وعواصف رعدية قوية، حولت على إثرها الفيضانات المفاجئة الإقليم إلى منطقة شبه منكوبة بعد أن أدت السيول الجارفة إلى مصرع 18 شخصا وعدد آخر من المفقودين. مما دفع إذاك بعدد من النشطاء إلى إطلاق حملة رقمية من أجل إنقاذ المنطقة، من خلال تداول أشرطة فيديو وصور مؤلمة على نطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي، توثق لتلك اللحظات العصيبة التي مازالت فظاعتها عالقة بالأذهان وجروحها لم تندمل بعد، بسبب ما لحق الإقليم من أضرار بليغة وخسائر فادحة على مستوى الأسر والجسور والطرق والسيارات والبيوت والمواشي وغيرها، فضلا عن انقطاع خدمات المياه الصالحة للشرب في عدة مناطق بسبب تضرر القنوات، مما اضطر معه المواطنون إلى اللجوء لمصادر مياه تقليدية من قبيل العيون التقليدية، ريثما يتدخل المسؤولون لإسعافهم.
لأجل ذلك وغيره كثير ارتأى فصيل الغرين بويز أن ساكنة إقليم طاطا هي الأولى في الوقت الراهن بمثل هذه المبادرات الإنسانية الكريمة، من خلال « قافلة الدفء » التي أبى إلا أن يجعلها « خضراء » تيمنا بلون النادي الرياضي « الرجاء العالمي »، حيث اختار في هذه الفترة من السنة التي تكون فيها أحوال الطقس جد صعبة موازاة مع فترة « الليالي » وخاصة في المناطق المرتفعة، أن يسارع إلى رصد عدد الأسر الأكثر عوزا وتضررا، ومن ثم القيام بهذا العمل الإحساني الذي طالما تكرر خلال المناسبات الصعبة والأزمات والكوارث الطبيعية، من خلال الانخراط في جمع التبرعات اللازمة لإنجاح هذه المبادرات، التي تهدف إلى رسم البسمة على وجوه أفراد الأسر من الفئات الاجتماعية المتضررة من قساوة المناخ، التي أثقلتها الهموم ومشاكل الحياة المختلفة، حيث انطلقت القافلة المتكونة من 11 سيارة ست سيارات منها كبيرة، محملة بكل ما يلزم من أغطية ومواد غذائية وأدوية وألبسة وغيرها…
فليست هذه المرة الأولى التي يقوم فيها مناصرو الرجاء باختلاف فصائلهم الرياضية إلى مثل هذه المبادرة الإنسانية، بعيدا عن الهيئات السياسية، إذ أنهم دأبوا على القيام بهذه الأعمال الخيرية النبيلة، كلما دعت الضرورة إلى ذلك ووفق ما يمليه عليهم الحس الوطني الصادق، وروح التضامن والتعاون التي ورثوها عن آبائهم وأسلافهم، لبث الفرح في تلك القلوب المنكسرة من فرط التهميش والإقصاء من ثمار التنمية، حيث يتم اللجوء في بداية الأمر إلى التنسيق مع السلطات المعنية قصد الحصول على التراخيص وجميع التصريحات الواجب توفرها على المستوى القانوني، ثم القيام بعملية التحسيس في أوساط مناصري الفريق ولفت انتباه الراغبين منهم في المساهمة الشخصية، من أجل التخفيف عن الفئات المتضررة سواء من آثار البرد وتساقط الثلوج أو من بعض الفواجع والكوارث الطبيعية…
إننا إذ نشد بحرارة على أيدي القائمين خلف هذا العمل الإنساني الجليل من عناصر فصيل « الغرين بويز »، الذي من شأنه إدخال البهجة والسرور على الأسر المستهدفة بإقليم طاطا الجريح، فإننا نأمل أن تحذو حذوه باقي الفصائل الرياضية المناصرة لأندية أخرى، وتتنافس فيما بينها على فعل الخير والتآزر، بعيدا عن تلك « الحروب » الهوجاء التي يشعل فتيلها بعض منعدمي الضمير من يجهلون معنى الروح الرياضية العالية، خاصة بين الغريمين التقليديين الرجاء والوداد.