Home»National»ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل.

ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل.

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

الحسن جرودي

ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل.

بتاريخ 06/04/2023 كتبتُ مقالا تحت عنوان « اغتصاب تيفلت » إلى أين؟ ساءلتُ من خلاله السيد وزير العدل عن مدى صدقِه في الإعراب عن نيته لحماية الطفولة من جميع أنواع الاعتداءات التي تتعرض لها؟  ومن ثم عن البرنامج الذي يقترحه على الحكومة لتوفير الحد الأدنى من ظروف العيش الكريم للمشردين منهم والذين يعانون من كل أشكال الإقصاء والتهميش في القرى والبوادي تجسيدا لهذه الحماية على أرض الواقع، وإلا فهمُّه ينحصر في استصدار قوانين تتماشى مع ما هو مُطالب به من قبل أوصياء « القيم والحقوق الكونية » على رأسها سحب السلطة التقديرية من القضاة في تحديد ظروف السماح بزواج ما يُطلق عليه في عرف هؤلاء الأوصياء ب »القاصرات »، ليتسنى له بعد ذلك منعه بشكل نهائي تحت أي عذر كان، بالإضافة إلى منع التعدد ورفع التجريم عن الإجهاض… والعناصرُ المتبقية من اللائحة معروفة.

 ويبدو من خلال مضمون مقال صدر بجريدة هسبريس الإلكترونية بتاريخ 3 ماي 2023 تحت عنوان: « وزير العدل ُيغضب « تحالف ربيع الكرامة »، أن توقُّعي كان في محله، وهو ما يمكن الوقوف عليه انطلاقا من المقتطفات التالية من المقال: « قال تحالف الكرامة بأنه « فوجئ باتهام وزير العدل خلال ندوة بمدينة سلا يوم الثلاثاء 18 أبريل المنصرم، مرة أخرى، الجمعيات بأنها احتجت لصالح الطفلة المغتصبة سناء ثم تركتها لحالها« ، …. وأضاف أن الوزير قال: « غير تصورو معها كلشي سْلْت وخالها، وزاد: فرحنا عطينا لهذا 20 عام والآخر 10 …يا ومن بعد؟ …ها هي يتيمة كدور مع طفل بوحدها فالزنقة، شكون غيحميها من البشر، ويخلق ليها حياة ف المستقبل؟ … خاص نكونو مجتمع مسؤول…، وكان في أول تصريح له بعد كشف الجمعيات للحكم الجائر في قضية طفلة تيفلت المغتصبة سبق أن حمَّل مسؤولية إيجاد الحلول لمثل هذه الحالات لما أسماه المجتمع المدني »

« وقال تحالف الكرامة: « إن الوزير كثيرا ما يتحدث باسم المجتمع المدني ويقحمه خاصة في واجبات ومسؤوليات مؤسسات الدولة والحكومة، مكرسا بذلك نظرة لدى عدد من المسؤولين المغاربة تعتبر أن المجتمع المدني مجرد تابع وملحق بهم وبأعمالهم وتصوراتهم وخططهم، إن وجدت. » »

إن ما يميز مضمون هذه المقتطفات هو تبادل التهم بين الوزير وهذه الجمعيات النسوية ذات التوجه العلماني، مما يبرهن على أن الهدف لدى كليهما ليس هو إيجاد الحلول لهذه الشريحة من الفتيات ضحايا مختلف أنواع الاغتصاب، بقدر ما يعبر عن التسابق في الظهور بمظهر المدافع عن حقوقهن بما يخدم أجندات وتوجهات خارجية، وعلى رأسها أجندة الأمم المتحدة في شأن تعميم القيم الكونية، ولعل ما ورد على لسان رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان عند تقديمها للتقرير السنوي للمجلس يوم الأربعاء 10/05/ 2023 ، لا يخرج عن سياق استغلال واقعة تيفلت لخدمة نفس الهدف من خلال التأثير على البرلمان لتوسيع « نطاق الحقوق والحريات في المغرب » ويبدو ذلك جليا من خلال تعبيرها عن تفاؤلها إزاء تعاطي البرلمان للقوانين المتعلقة بالحقوق والحريات، مستندة في ذلك حسب ما ورد في أحد المقالات المنشورة بجريدة هسبريس إلى « صدى صوت المجتمع المدني لدى محكمة الاستئناف بالرباط » في شأن واقعة الاغتصاب، حيث قالت « كان هناك صدى لصوت المجتمع المدني في المحكمة، ونتمنى أن يكون للتعبئة حول مشاريع القوانين صدى في البرلمان خلال المناقشة. »

ولعل النظر في مآل كل هذه الضجة بغض النظر عن تصريحات مختلف الأطراف من شأنه أن يؤكد ما توقعتُ، فلا الفتاة تم إنصافها ماديا، ولا معنويا بحيث كان بالإمكان سترها على الأقل عوض التشنيع بها على مستوى المعمور، ولا تم الاحتفاظ للقضاء بهيبته، عوض زرع بذور التشكيك في مصداقيته بالنظر للفارق الكبير بين الحكم الابتدائي وحكم الاستئناف الذي جاء على مقاس ما طالب به السيد الوزير، من خلال تصريحٍ وصفه رئيس نادي قضاة المغرب بأنه يتنافى مع مهامه، وتبعا لما طالبت به الجمعيات النسوية، ولا استفادت « القاصرات » اللواتي يتواجدن في نفس، وربما أسوأ من وضعية فتاة تيفلت بتغطيةٍ تضمن لهن الحد الأدنى من العيش الكريم يحول دون سقوطهن في الرذيلة التي قد تبدأ بالتسول وتنتهي بامتهان البغاء وتبعاته، ولا احترمت الشريعة في الحكم في الواقعة، ولا أُعطيت لأولئك الذين اغتصبوا الفتاة فرصة التكفير عن خطئهم من خلال القيام بعمل يستفيد منه المجتمع عوض تحمله للمصاريف التي ستخصص للمحكوم عليهم أثناء مدة سجنهم من مأكل ومشرب وتلفاز والقائمين على خدمتهم…

إن المتتبع لكل تلك الضجة التي أحدثها الوزير، ومعه الجمعيات النسوية من منطلق المصداقية التي تُفترض في كل منهما، ما كان يتصور أن يتم التخلي عن المسكينة بهذه الطريقة الفجة بعد أن تم استغلالها إعلاميا كل حسب مصلحته، وإنما كان يتوقع أن يتم استثمار المناسبة لرد الاعتبار لكل تلك الفتيات اللواتي يمكن أن تتكرر معهن فاجعة فتاة تيفلت وما أكثرهن، واقتراح حلول فورية لهن ولأمثالهن على أن تتم المعالجة الجذرية لأسباب هكذا ممارسات، وعدم الاكتفاء باستغلال أعراضهن لخدمة أجندات معينة كلما سمحت الفرصة بذلك.

إن ما يُستنتج مِن تتبع ما تؤول إليه تدخلات عدد من الوزراء ومجموعة من الجمعيات النسوية في معالجة بعض الأحداث والممارسات، هو تمييع الحلول المقترحة حتى تتناسب مع الإملاءات الخارجية، وللاستدلال على هذا الاستنتاج يمكن الرجوع على سبيل الثمال لا الحصر، إلى الكيفية التي عالج بها وزيري الثقافة والعدل مشكل الرابور المغربي طوطو، وكيفية تهرُّب وزير الثقافة من تحمل مسؤوليته تجاه عملية الترخيص للرابور الفر نسي الذي ينوي القيام بحفل على مستوى مدينة الدار البيضاء، وكيفية معالجة جمعيات الرفق بالحيوان لمشكل الكلاب الضالة، باقتراحها استجماعهم وتلقيحهم وإرجاعهم إلى أماكنهم الأصلية ليبقى المشكل على ما هو عليه … ولن يُعدم من يرغب في تتبع هذه التدخلات الأمثلة ليخلُص إلى نتيجة قاسية مفادها أن عددا من الوزراء والجمعيات يعملون على قدم وساق حتى تعُمَّ التفاهة كل مرافق الحياة، تمهيدا لإحلال ما سمي بالقيم الكونية محل القيم الأصيلة للمجتمع المغربي المسلم، وهو ما لن يتحقق بإذن الله، لأن كل عمل لا يُقصد فيه وجه الله محكوم عليه بالفشل إن آجلا أو عاجلا، استنادا للمقولة المنسوبة للإمام مالك حيث قال:  » ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل ».

الحسن جرودي

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *