رسالة مفتوحة إلى السيد الأمين العام للأمم المتحدة والسيد رئيس مجلس الأمن الدولي: أليس للمنتظم الدولي ما يفعله لحماية قراراته في موضوع الصحراء المغربية؟
بعد التحية والتقدير
،
يتشرف المواطن المغربي، محمد إنفي، فاعل سياسي، بأن يتوجه إليكما، بكل احترام وتقدير، بهذه الرسالة المفتوحة ليتساءل عن الوسائل الممكنة التي تتوفر عليها الأمم المتحدة، بجمعيتها العامة ومجلس الأمن وهيئاتهما الفرعية، تمكنها من وضع حد لسلوك الدول التي لا تحترم قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة. أليس للأمم المتحدة وسائل ردعية لتأديب الدول التي تسمح لنفسها بعرقلة المساعي الأممية؟ أليس لها آليات تسمح لها بحماية قراراتها؟ ألا يضمن لها القانون الدولي هذا الحق؟ وأرجو من سيادتكم أن تعذروني عن طرح هذه الأسلة؛ فأنا لست لا رجل قانون ولا متخصصا في العلوم السياسية والعلاقات الدولية.
السيد الأمين العام، السيد الرئيس،
إن ما دفعني إلى طرح هذه الأسئلة، هو ما أصبح عليه موقف الدولة الجزائرية بخصوص قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 2602. لقد راج في الإعلام (المقروء والمسموع والمرئي) أن الجزائر أبلغت السيد « ستيفان دي ميستورا »، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، بأنها ترفض العودة إلى محادثات « الموائد المستديرة » حول الصحراء، بذريعة أنها غير معنية بهذه القضية. أليس في هذا الزعم تحقير لذكاء مسؤولي الأمم المتحدة؟ أليس في هذا الادعاء تأكيد لبلادة الديبلوماسية الجزائرية؟ فالعالم أدرك أن الجزائر هي التي تحرك خيوط ملف الصحراء. وما تكريس مجلس الأمن، في قراراته خلال السنوات الأخيرة، للجزائر كطرف في النزاع )وبالتالي، في الحل( إلا دليل على وعيه بدورها الأساسي في هذه الأزمة المصطنعة التي عمرت طويلا.
أليس في موقف الدولة الجزائرية بخصوص قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 2602 إهانة للمنتظم الدولي ولهيئاته التقريرية والتنفيذية؟ ألم تتجاوز الجزائر كل الحدود في رفضها لمساعي الأمم المتحدة التي تعمل على إيجاد حل واقعي، قابل للتطبيق، ومفيد لكل الأطراف بما سيضمنه من استتباب للأمن والاستقرار، وما سيوفره من شروط للتنمية؟
السيد الأمين العام، السيد الرئيس،
إن تساؤلاتي، في هذه الرسالة المفتوحة، تجد تبريرها في الوضع السائد في المنطقة المغاربية وفي دول الساحل الإفريقي. لقد ثبت بالملموس أن لمليشيات البوليساريو، التي تقيم على أرض الجزائر، علاقة وطيدة بتنظيمات إرهابية تنشط في دول الساحل والصحراء؛ ناهيك عن خرقها لقرار الأمم المتحدة الصادر سنة 1991 والقاضي بوقف إطلاق النار مع المغرب.
فالجزائر، التي تدعي أنها ليست طرفا في النزاع، هي التي تمول وتسلح مليشيات البوليساريو منذ سنة 1975 بكل أنواع الأسلحة؛ وهي التي توفر للدولة الوهمية التي تأويها على أرضها التغطية الديبلوماسية والمالية؛ وهي التي دخلت في أزمة ديبلوماسية عميقة مع إسبانيا بعد أن غيرت هذه الأخيرة موقفها من الوحدة الترابية للمغرب. فمن سيصدق بأن الجزائر غير معنية بقضية الصحراء؟ ومن المؤكد أن بدعمها لميليشيات البوليساريو، فهي تدعم الإرهاب، خصوصا في دول الساحل والصحراء؛ وذلك بإمداد تنظيماته بالعناصر البشرية المدربة على القتال وعلى حرب العصابات. وما أبو وليد الصحراوي (قتل في صيف 2021 من قبل القوات الفرنسة) إلا دليل قاطع على علاقة النزعة الانفصالية بالإرهاب. فالصحراوي، على سبيل المثال لا الحصر، كان مقاتلا في صفوف البوليساريو، ثم انتقل إلى تنظيم القاعدة قبل أن يصبح أميرا لتنظيم داعش » في الصحراء الكبرى.
السيد الأمين العام، السيد الرئيس،
هل من المعقول أن يظل سكان مخيمات تندوف بدون إحصاء خلال كل هذه المدة (ما يقارب نصف قرن)؟ وهل من المقبول أن يبقوا بدون هوية؟ فلاهم لاجئون، ولا هم مواطنون. وبما أن الجزائر ترفض القيام بعملية الإحصاء رغم الطلب الأممي المتكرر، فلماذا لا تفكر الأمم المتحدة في فرض عقوبات على الدولة الحاضنة؟ هل لا يسمح القانون الدولي بذلك؟ فإذا كان سبب رفض الجزائر القيام بعملية الإحصاء مفهوما (إنها ترفض كشف الحقيقة بالمخيمات؛ ذلك أن الصحراويين يشكلون القلة القليلة. فحسب إحصاء نشرته إسبانيا في المدة الأخيرة، فإن الصحراويين في تندوف يشكلون 2% فقط من بين 87000 نسمه، أغلبهم حسب الترتيب من مالي، الجزائر، كوبا، الشاد والسودان؛ ثم مجهولو الهوية ويحتلون المرتبة الثانية بعد مالي بـ 20683 بينما عدد الماليين يصل إلى 23490)، فإنه من غير المفهوم ألا يقوم المجتمع الدولي بخطوات تضع حدا للمآسي التي يعيشها سكان المخيمات. فمن أجل إخراجهم من هذا الوضع البئيس المفروض عليهم من قبل الدولة الجزائرية، على الأمم المتحدة أن تنتصر للشرعية الدولية حتى تكشف زيف الادعاءات الجزائرية في هذا الباب.
السيدان المحترمان،
في مخيمات تندوف، يتساكن الإجرام مع الإرهاب والاستبداد: فالمتاجرة في السلاح وفي المخدرات وفي البشر لها سوق بتندوف؛ والارتباط بالتنظيمات الإرهابية النشطة في دول الساحل والصحراء، تغذيه ميليشيات البوليساريو؛ وتسرب إيران إلى المنطقة بمباركة من الدولة الجزائرية، يزيد الطين بلة؛ أما الاستبداد في المخيمات، فهو العنوان الأبرز: فسكان هذه المخيمات تضرب عليهم الجزائر الحصار، وٍ تمارس عليهم قيادة البوليساريو التجويع والتنكيل وتحرمهم من أبسط الحقوق؛ كما أنها تصادر حق الأطفال وتغتصب طفولتهم؛ وذلك بتسليحهم والزج بهم في حرب لا تعنيهم.
السيد الأمين العام، السيد الرئيس،
ألا تستحق البوليساريو أن تصنف منظمة إرهابية؟ ألم تعلن بكل وضوح تخليها عن قرار وقف إطلاق النار الذي وقعته مع الأمم المتحدة سنة 1991؟ ألا يدخل نشاط الميليشيات المسلحة – التي تنشر يوميا بلاغات عن عملها الإجرامي- ضمن العمل الإرهابي؟ وبالتبعية، ألا يجب تصنيف الجزائر ضمن الدول الداعمة للإرهاب وترتيب الجزاءات بناء على ذلك؟ ألا يستدعي الأمر اقحام التحالف الدولي ضد تنظيم « داعش » في هذا الموضوع قبل أن يستفحل الأمر ويعم الوضع الموجود في دول الساحل والصحراء عموم دول إفريقيا؟
اللهم إني قد نبهت !!!
وتقبلوا، في الختام، سيدي الأمين العام، سيدي الرئيس، أسمى عبارات التقدير والاحترام.
محمد إنفي، مكناس (المغرب) في 9 شتنبر 2022
Aucun commentaire