Home»National»ما بعد كورونا؟

ما بعد كورونا؟

0
Shares
PinterestGoogle+

               

*رشيد عبدوس

اجتاحت، موجة جائحة كوفيد 19، العالم على حين غرة، مخلفة أضرارا فادحة معنويا وماديا، تجلت في الاهتزاز النفساني للذات ابتداء،  رافقه إزهاق عدد غير قليل من الأرواح فاق كل التوقعات، و تداعيات اقتصادية وخيمة آنيا ومسقبليا، بما في ذلك إرباك التوجهات المؤسساتية والآمال الفردية.  كما أنها شكلت في الوقت ذاته منعطفا حاسما في تاريخ البشرية نحو التأصيل لثقافة التغيير البناء.

 الظاهر أن المرحلة التي عاشها الإنسان خلخلت لديه بعضا من مسلماته ويقينياته، مما سيرغمه لا محالة على  تغيير عدسة رؤيته للأشياء، والتأمل بروية في إعادة تشكيل كيانه الوجودي ، يوازيه  تفكير الدولة الجاد في مراجعة تدبيرها للقطاعات   الحيوية التي، وإن قطعت أشواطا مهمة، فإنها لا تزال تحتاج لمزيد من التحسين والتجويد وهي قطاع التعليم، والصحة، والأمن.

على مستوى التعليم : يبدو اليوم أن الوزارة الوصية قد لامست فعليا أهمية التعليم عن بعد كخيار استراتيجي  ينبغي تنزيل آلياته وفق مقاربة تشاركية تستدعي إدماج كل الأطراف المساهمة في المنظومة التربوية التعليمية : الأكاديميات الجهوية والمديريات التابعة لها، وأطر المراقبة التربوية، والأطر الإدارية والتربوية، وجمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، والمتعلمين باعتبارهم حجر زاوية الإصلاح في الهوامش والعالم القروي خاصة. ومن الواجب أن  تستنفذ في سبيل ذلك الطاقات والإمكانات المتاحة لترسيخ فعل التعلم عن بعد، عبر إرساء دروس معينة، كخطوة أولى، في البرنامج الدراسي يتم تدريسها عن بعد، لجعل هذا المطمح واقعا فعليا وليس مجرد شعار ندندن به بعد مرور العاصفة، وما يدريك لعل مسلسل المفاجآت يعاود نفسه دون أن يستأذننا بقدومه. أما في شأن التكوينات المتعلقة بالمجال في صفوف الأطر التربوية اللصيقة بشكل مباشر بالمتعلم، فإنها لا زالت غير كافية، وتوزيعها غير متكافئ بين جهات المملكة، حيث نجدها في أحسن الأحوال تكون محدودة في الزمن والمكان، تتوج بشهادات شكلية غير مواكبة للمستفيد، من باب » درنا لي علينا وبس ».

على مستوى الصحة : يشكل مفهوم الصحة في الوعي الجمعي لجل المواطنين أمرا مركزيا في سيرورة الحياة، ولعل مبادرتهم النبيلة للمساهمة في صندوق جائجة كورونا طوعا أو كرها إلا دليل على تجاوبهم الإيجابي مع تلك المبادرة الحسنة أو غيرها لمحاصرة الأزمة وتطويقها، ومنسوب تقديرهم العالي للشأن الصحي للبلاد. وفي المقابل أرى أن واقع الحال ينذر بضرورة الإسراع في إتمام بعض المشاريع المشمعة، وبناء المزيد من المستوصفات والمشفيات، بما يلائم الانفجار السكاني لبعض المناطق، علاوة على الرفع من عدد المناصب المالية في صفوف الأطر الطبية وشبه الطبية، وتقنين المشهد الطبي الذي يفترض أن يراعي الطبقة الهشة التي يتم إثقالها بمبالغ مالية لا تقوى على تسديدها مقابل علاج قد يأتي نفعه أولايأتي.

على مستوى الأمن: شكلت المرحلة الوبائية تغييرا في الأحكام الجاهزة المتجذرة في المخيال الماضوي في أن مهمة الأمن مرادفة للغة القمع بامتياز. والملاحظ اليوم أن الجهاز الأمني أبدى تدبيرا جيدا للأزمة، بتغليب جانب الإنسانية على الجانب الزجري في كثير من المواقف التي رأيناها وسمعناها من مناطق عدة من مغربنا العزيز. وهي فرصة أجدها مناسبة لإحلال صورة إيجابية يسودها التعاون والتآلف بين المواطن والأمن، بدل تلك الصورة النمطية السلبية عنه، والتأسيس لمقاربة أمنية ناجعة كفيلة بتحقيق السلم، في إطار احترام القانون، خدمة للمصلحة العليا للوطن.

لقد أبان المغرب مؤسسات وأفرادا عن تلاحم عز نظيره في التعاون والتآزر المتينين للخروج في أقرب وقت، وبأقل الخسائر من أتون جائحة « كوفيد19″. ويحدوني أمل كبير في أن الدولة ستولي مزيدا من الاهتمام بهذه القطاعات الحيوية الثلاث السالفة الذكر، موجها تقديري للمواطن المغربي الغيور على وطنه، ولكل نساء المغرب ورجاله الذين اصطفوا جميعا جنودا مجندين لمجابهة  » كوفيد19″ المستعد للرحيل ولسان حاله يحذرنا مرددا  » أنا ذاهب أرجو أن لا أعود فأجدكم كما تركتكم ».

abdousrachid@gmail.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. خالد عيادي
    05/06/2020 at 16:49

    قد أبان المغرب مؤسسات وأفرادا عن تلاحم عز نظيره في التعاون والتآزر المتينين للخروج في أقرب وقت، وبأقل الخسائر من أتون جائحة « كوفيد19″.أجل والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .الشكر موصول للأستاذ العزيز « رشيد » على هذا المقال المفيد، ونتمنى أن يتحفنا الأستاذ »فهل من مزيد »ذ:خالد عيادي.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *