Home»International»( ربيع كورونا ) حوار مع كورونا كوفيد19

( ربيع كورونا ) حوار مع كورونا كوفيد19

1
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين
( ربيع كورونا ) حوار مع كورونا كوفيد19
أجرى الحوار: عبد المجيد بنمسعود
مكان إجراء الحوار: المغرب: ( جهة الشرق).
الزمن : زمن الحجر الصحي( ربيع 2020).
الحوار:
ع.ب: شكرا على قبول دعوتي لإجراء الحوار، فأنا أعلم أنك أجريت ما لا يحصى من الحوارات والمقابلات، وأثث موضوعك كثيرا من المناظرات والندوات، في بقاع كثيرة من الأرض، قرأت بعضا منها، فلمست ما تتمتعين به من رحابة صدر، ومن استعداد كامل لإسداء النصح لبني البشر، ضاربة عرض الحائط بكثير من الظنون والتخرصات التي عبر عنها أهل الأرض تجاهك.
كورونا: عفوا، أنا أعتبر أن هذا من واجباتي التي يتحتم علي أن أضطلع بها بكل أريحية وأمانة ، فظهوري في الأرض في هذه الآونة بالذات، ليس عبثا، وإنما هو لغاية محددة وهدف نبيل، فأنا من مخلوقات الله المسددة، هديت إلى ما هديت إليه، وتلقيت الأمر منه تعالى، فما كان لي إلا أن أستجيب لأمر الله، بلا أدنى توان ولا تردد، فأنا لا أملك من أمري شيئا، لقد أمرت فأطعت.
ع- ب: هلا تفضلت يا كورونا ببيان فحوى الغاية التي أرسلت من أجلها على أصقاع الأرض كلها؟ مشارقها ومغاربها؟
كورونا: لقد أرسلني الله عز وجل، لأحدث انقلابا قويا وعارما في المشارق والمغارب، لأحرك في الناس حاسة الوعي والاعتبار، لأوقظ فيهم الإحساس العميق بغائية هذا الوجود، لأحرر عقولهم من ركام الأوهام، ليستقيموا واقفين على أقدامهم، بعد أن ظلوا لقرون متطاولة منكوسين على رؤوسهم، في صورة لا تشرف الإنسان. أخرجت لأرج الأجسام والعقول، بعد أن رانت عليها طبقات كثيفة من الران، جراء الغفلات، والإمعان في الظلم والطغيان. أتيت لأبصرهم بحجمهم الحقيقي ، بعد أن صورته لهم أوهامهم في حجم لا يصدقه الواقع.
ع-ب : لا أخفيك يا كورونا أن العقلاء والحكماء من أهل هذا الزمان، قد استشرفوا حدوث أمر ما ، أحسوا من أعماق قلوبهم، أنه لا محالة واقع، وظلوا يترقبون نزول آيات من الواحد الديان، تلجم أهل الفساد والطغيان، وتكون علامة بارزة على عناية رب الأكوان، بمصير هذا الإنسان، على قرب التحرر من القيود والأغلال، وبداية عصر جديد، يعاد فيه بناء الإنسان، على أساس تجديد الميثاق، مع من خلق الإنسان وعلمه البيان. ولكن السؤال المطروح يا كورونا، والذي بات يؤرق الأذهان،هو عن هذا الانتشار الكاسح الشامل الذي لم يترك صقعا من الأصقاع، ولا مصرا من الأمصار، إلا اخترقه وطوقه، فما السر في ذلك؟
كورونا – السر في ذلك، أن البسيطة كلها، شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، لم تسلم من عوامل التعفن والانحدار، لقد انسلخ الناس من ناموس الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وراحوا يمعنون في مجاهرته سبحانه وتعالى بكبائر المعاصي، وتعدي الحدود التي وضعها للناس حتى لا يبغي بعضهم على بعض، لقد خلعوا جلباب الحياء، والتبس في عرفهم الحق بالبطل، وجارت الرذيلة على الفضيلة، تحت نعوت وأسماء ما أنزل الله بها من سلطان. وداسوا بأقدامهم الآثمة كل القيم السامية، فسمع لها أنين وبكاء، طبق الأرض والسماء، بعبارة موجزة، لقد اختل عندهم الميزان، بل إنهم أقصوه عن ساحتهم ، بكل صلافة وعدوان، فباؤوا بالخزي والهوان.
ع – ب حتى أكون أكثر وضوحا في سؤالي، أريد أن أعرف السر في كون حملاتك الكاسحة، رغم أن مدها الجارف العظيم، كان من نصيب الأمم التي تدين شعوبها بغير دين الإسلام، وتكيد لأهله بشتى أنواع المكر والكيد، بل وتشن عليهم أشرس الحروب والعدوان، وتجرد ضدهم أفتك الأسلحة، أقول على الرغم من ذلك، فإن الشعوب الإسلامية التي تدين بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا لم تسلم هي الأخرى من ذلك المد، فما معنى ذلك يا كرونا؟
كورونا: يظهر من خلال سؤالك الهام، أنك مدرك لسبب فشوي في الأمم الغربية التي كفرت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبسيدنا محمد نبيا ورسولا، وهو إمعانهم في الغي والضلال، والتفسخ والانحلال، علاوة على تواصيهم بالظلم والطغيان، وتعاونهم على الإثم والعدوان، مع من خانوا الشعوب والأوطان في بلاد العربان، وأمعنوا تنكيلا وإذلالا للنساء والشيوخ والولدان، وخطوا بأيديهم الملطخة بالدماء، أبشع لوحة على مر الأزمان. والذي أشكل عليك في هذا الوضع الراهن، أو ربما فهمته وأردت مزيدا من الوثوق والاطمئنان، هو كون كتائبي الرهيبة لم تستثن مجتمعات ودولا يرفع فيها الأذان، وتقام فيها الصلوات والجمع، ويتلى فيها القرآن، أليس كذلك يا أيها الإنسان؟
ع – ب: بلى يا كورونا، هذا ما أريد أن أستوثق منه، وأبلغه للأصدقاء والإخوان، ممن يريدون أن يحرروا الحقائق من شوائب الخلط والبهتان، وليرقوا، من ثمة، في مساعيهم وفهمهم إلى درجة الإحسان.
كورونا: إن من الحقائق التي ينبغي أن لا تعزب عن بال كل عاقل حصيف، أن دين الله الإسلام، الذي بعث به خير الأنام، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ما كان ليكون رسالة قابلة للعبث بمضمونها، وتحويله، إلى أجزاء وتفاريق، يؤخذ بعضها، ويترك بعضها، بحسب ما تسوله الأهواء لأدعياء الإسلام، فقد قال ربنا العلام، سبحانه وتعالى:  » أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ . فهل بعد هذا الخزي الذي تغرق فيه أوطان المسلمين من خزي؟ ألم يفقد هؤلاء كل كرامة وكل اعتبار؟ ألم يصبح هؤلاء عبيدا في سوق النخاسة التي تقام لهم من قبل الأنجاس والأغيار؟
ألا ترى إلى أوضاع المسلمين، كيف صارت في صورة مشوهة هجينة لا تحمل من الإسلام إلا الأعراض والطقوس الأشكال ، أما الجوهر الذي يضفي العزة والتميز والبهاء، فهو مغيب مهجور، ولن يتشكل ذلك الجوهر في حياة المسلمين، إلا إذا أخذت كتاب ربها بكامل القوة، و بلا تلكؤ، ولا أدنى نقص ولا استثناء.
ألم يستكن من وكلت إليهم قيادة دفة المسلمين، في ضعة وصغار، لكل جواض مستكبر جبار؟ وطأطئوا رؤوسهم لهم مستسلمين خانعين، وهم يملون عليهم ما يأخذون وما يتركون؟ ويضعون لهم أسطرا حمراء تحت ما يرونه غير ملائم لهم من الآيات البينات، فهل بعد هذا الخزي من خزي، وهل بعد هذا العار من عار؟ خزي يظهر في كل مجال وصعيد، فهاأنت ترى كيف أريق ماء وجه الأمة في كل طريق، وكيف تسام سوم العبيد.
ألم يسلم السفهاء قساة القلوب جفاة الطباع، أموال الأرامل والأيتام، وفقراء المسلمين غنيمة باردة لمن قتل أطفال المسلمين ونساءهم وشيوخهم، وحالف في ذلك مصاصي الدماء من الطغاة الجاثمين عنوة على صدور الشعوب المغلوبة على أمرها؟
ع – ب: إذن هي عقوبة في حجم الإنذار، ورجة للتصحيح والاعتبار، ومنة ولطف من الواحد القهار، نعم، إنها ولا شك بمنطق المقارنة مع الوضع السابق فتنة هوجاء، ولكنها بحسب المقصد والمآل هدية من رب السماء. تعد الأمة قتلاها من الشهداء وغير الشهداء، وتحصي خسائرها الجسيمة، ثم تنهض بكل خشوع، لاهجة بصادق الدعاء، لمن له السطوة والكبرياء، وتفك ارتباطها الباطل مع الطواغيت، وما وصفوه لهم من تعاليم خرقاء، وفرضوه عنوة من قرارات رعناء.
كورونا: نعم، هو هذا المشهد الذي من شأن الملهمين العقلاء أن يستلهموه ويرسموه، فإذا ما استثمرت قوى الخير والرشد في الأمة هذه الفرصة الربانية، فإنها ستجني خيرا كثيرا، هذه هبة من السماء، ينبغي أن لا تهدر وتضيع، فقد كشفت فتوحاتي الكاسحة في ربوع رعاة البقر، ما ينطوي عليه كيان هؤلاء من خور وخواء، وسمع جميع أعضاء ما سمي بالقرية العالمية الصغيرة ما أطلقه هؤلاء الرعاة من خوار، فضجت به الأرض آناء الليل وأطراف النهار.
ع – ب: آه يا كورونا، كم أنا حزين على هذا الذي يجري في أوطان المسلمين، من ظلم وفساد، وتفسخ وانحلال، ومن عربدة وفسوق وعصيان، ومن جور وطغيان، على بني الإنسان، لقد وقع من ذلك ما يشيب له الولدان، لقد امتهن الإنسان، وديست حقوقه وكرامته بالأقدام، انتهكت الأعراض بالجملة، وأهدرت الأموال، وأزهقت الأنفس ظلما وعدوانا في كل آن، وأتلفت العقول بأم الخبائث والمخدرات وشرب الدخان، وفشا الجهل بالدين وشريعته الغراء، وعممت ثقافة السفالة والخواء، وحوصرت ثقافة الإصلاح والبناء.
ماذا عساني أقول يا كورونا،وقد أحيطت جزيرتنا بالغثاء والعماء؟ طف الكيل وبلغ السيل الزبا، ومص العظم منا بلية الربا، بحت أصوات المغدورين والمقهورين، وأشفت قرانا على الخراب والهلاك ودق بين جموعها الإسفين.
كورونا: لطالما تلقت القرى رسائل بليغة بين الفينة والأخرى، في لحظة من ليل أونهار، ولكن حجب الغفلة السميكة، حالت بينها وبين النفاذ إلى القرائح والأذهان، فضاعت بين رعديد جبان، وفاسق سكران.فسدرت القرى في الجهالة والطغيان، وراحت تمعن في الجرائم والبهتان، وتطلق للزيغ والرذيلة كل عنان.
ع- ب: لقد اغتر أهل القرى بحلم رب حليم كريم، آه بل إنهم تجاوزوا ذلك إلى مغبة النسيان المريع، فصدق على كثير منهم قول العزيز الحكيم،  » الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ » ( التوبة: 67 ).
ومن لطف الله اللطيف الخبير، يا كورونا، أن خميرة من الخير لا زالت رابضة في الوجدان، ولعلها أن تربو وتنمو في أتون ما يخترق الجموع من لظى النيران، في مختلف الجوانب والأركان.
ما ينبغي لأمة الإسلام، أن تفوت هذه الفرصة الذهبية من فرص التاريخ، فعساها أن تشكل نقطة انطلاق للتوبة النصوح، ونيل الرحمة والغفران، من رب رحمن رحيم. وإلا فشبح الاستبدال يا كورونا يؤرق العيون ويهز الأركان.
إن في مشاهد الموت الذريع الذي يحصد الأرواح بالمئات والألوف في أرجاء البسيطة، ويزلزل الأرض تحت أقدام المهلهلين الخائرين، ممن يمموا وجوههم قبل المتاع الدنيوي الرخيص، في أوروبا وأمريكا والصين، وانثنوا خشعا أمام العجل الذهبي، وانتشوا بخواره البغيض، وحسبوه، لبلادة حسهم، سمفونية بديعة اللحن رائعة التنغيم، إن في ذلك لعبرة بليغة، لمن بقي في قلوبهم أثر للفطرة، وبقية من إحساس.

من يدري، يا كورونا، سبحان من بيده أعنة القلوب، و » يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ۖ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَار » ( الرعد: 8).
لعل القدر يعد لأهل تلك الديار فرصة لمراجعة الذات، وخلخلة ما تخلف لديها من تراث قائم على تقديس المادة وعبادة الملذات، وعلى البغي والعدوان، انطلاقا من اعتداد زائف بالذات، واحتقار لما سواهم من شعوب الأرض، التي ناصبوها الحقد والعداء، خاصة من يدينون منها بدين الإسلام، وبحبهم لسيد الأنام، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
لعل الخوف العارم الرهيب، الذي زرعته يا كرونا في القلوب، بإذن علام الغيوب، أن يكشط طبقات الران، التي تراكمت على قلوب الغربيين بسبب التمرد والكفران، فيراجعوا حسابهم مع الله والتاريخ، ومع من أمعنوا فيهم غدرا وظلما من الأمم والشعوب.
لقد كشف الإعلام مشاهد دالة وموحية من مصارع شعوب الغرب السادر في التيه والضياع، تبعث الأمل في يقظة دينية صحيحة تتمثل في وثبة صائبة تنزلها بسلام، إلى دائرة الإسلام.
ألم يشاهد الناس جموع المسيحيين، في عقر دار الفاتيكان، في خوف وانكسار، يصطفون وراء جموع المسلمين، وقلوبهم واجفة مرتجفة من هول الموقف وروعة المصاب؟
ألم تنقل قنوات الإعلام خطاب أحد أبرز أصحاب القرار في أمريكا، وهو يلقي خطابه المحموم في منصة الكونكرس، التي انبثقت منها كل خطط الكيد والإجرام في حق الشعوب المستضعفة المغلوبة على أمرها؟ لقد عكس ذلك الخطاب معاني كثيرة للمسكنة والخضوع، والاعتراف بالذنوب أمام الرب، ولولا بعض المصطلحات الخاصة التي تكشف طبيعة التدين الذي يطبع عقيدة الأمريكان( العقيدة الإنجيلية البروتستانتية) التي باسم تعاليمها مارسوا بغيهم وإجرامهم في العراق، وفلسطين، وبلاد الرافدين، وأفغانستان، وغيرها، لكانت روح ذلك الخطاب شبيهة بخطاب أي مسؤول مسلم يقر بذنوبه وخطاياه أمام ربه، ويعبر عن توبته، ويسأله الصفح والغفران.
لقد قال ذلك المسؤول في سدة الكونكرس: » دعونا نصلي، لتكن مشيئتك كما في السماء، كذلك على الأرض (…)  » إننا اعترفنا بخطايانا تجاه الآخرين، حتى تغفر لنا خطايانا وتطهرنا من كل إثم(…) يارب سامحنا أننا أخذنا الكتاب المقدس بعيدا عن المدارس والحصص، يا رب سامحنا لأننا نظن أننا أذكياء، لأننا قبلنا الانحراف وسميناه بديلا(…) سامحنا لأننا فشلنا في تأديب أولادنا وأطلقنا على ذلك تنمية للشعور بالاستقلال، سامحنا لأننا كسرنا كلمتك المقدسة على يد النبي موسى، سامحنا يارب، لأن كل كلمة أنت كتبتها، نحن لم نتقيد بها ولم نفعلها، سامحنا يارب، لأننا تغاضينا عن حكمة سليمان التي كان يقول فيها: الغني يتسلط على الفقير، والمقترض عبد للمقرض، ،والزارع إنما يحصد بلية.(…) قال أبراهام لنكلن: نحن فقدنا الصلاة من أجل الذين صنعونا، وتعبوا من أجلنا، لا تتركنا يارب بدون حمايتك، وأرجعنا عن طرقنا الردية، برحمتك ، في اسم يسوع المسيح نصلي »
وشاهد الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي ذلك المسيحي المتدين، وهو يرفع عقيرته، ويدعو نيويورك إلى التوبة: » توبي يا مدينة نيويورك » يسوع المسيح، سيأتي قريبا »، نيويورك، خطاياك قد ملأت كأس غضب الرب، وهو غاضب عليك جدا، هل تعلمين يا مدينة نيويورك أن أطفالك يزالون من الرحم، في الأسبوع الأربعين من الحمل، ويتم قتل تلك الحياة البريئة، (…) أنانيتنا وكبرياؤنا قد أكلونا( دمرونا) نيويورك هل تسمعين صوت الرب اليوم،(…) أياديكم منجسة وملطخة بدم الأطفال، أصابعكم مغطاة بالإثم وأفواهكم تنطق بالأكاذيب، ألسنتكم تمدح كل أنواع الانحراف، نحن أمة شريرة يا أمريكا، يجب أن نتوب، نيويورك هذا هو الوقت، تواضعي أمام الرب وتوبي، وهو سيرفعك، توبي عن عبادة الأصنام، التمرد الكبرياء، الغرور، محبة المال والمادية، نحن هنا نعلن النور، لكنك قد تم برمجتك. الإعلام يقول لك ما الذي يجب أن تؤمن به، وما تخاف، وما تحب أن تكره، أصبحنا الواحد ضد الآخر، البيض ضد السود، والسود ضد البيض، العنصرية يتم تعليمها من خلال الإعلام والتلفزيون، لقد تم برمجتنا، وأصبحنا عميان يقود عميان، والكتاب يقول: سنسقط كلنا في الحفرة. يسوع يقول أحبب قريبك كنفسك، يا أصدقاء، ماذا ينتفع الإنسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه في الأبدية، يجب أن تتوبي يا نيويورك فالوقت متأخر والليل قد تناهى، فاختاروا اليوم من تخدمون( تعبدون)، هل ستخدمون الشركات والأعمال الكبيرة والحكومات، أم ستخدمون الملك الحقيقي، ملك الجد، سيعود عن قريب، هل تسمعون صوته؟ هو يجلب أناسا إليه، ليقيمهم محاربين روحيين في هذا الوقت،أسمع صوته اليوم، لم يتبق لك وقت لتنتظر، توبي يا نيويورك لأن نهاية كل شيء قريبة، يا مدينة نيويورك: يا له من وقت عصيب أنت فيه، يد الرب ضدك ويجب أن تتوبي، اطلبوا الرب، ما دام يوجد، ادعوه دوما فهو قريب، لنترك طرقنا الشريرة ونلتفت للرب، لأن هذا كل ما تبقى لكم، يجب أن تتوبوا قبل أن ينتهي الوقت./هـ
كورونا: إن الذي لا مراء فيه، هو أن تباشير عصر جديد تلوح في الأفق، عصر ترجع فيه الأمور إلى نصابها، ويعاد ترتيب القرية العالمية على أساس الحق والعدل، وينصب فيها نظام يثأر لكرامة الإنسان المهدورة، والشعوب المستضعفة المقهورة، وتمزق المواثيق الظالمة التي أطرت علاقات الجور والبغي إربا إربا.
والذي لا مراء فيه أيضا، أن هذا، لن تكون فيه يد لقوى الغطرسة المتنفذة في الغرب الجانح، قوى الاستكبار العالمي التي علمنا التاريخ، أنها لا تسقط سقطاتها المدوية، إلا لتحاول لملمة شتاتها وتضميد جراحها، وإعادة الكرة من جديد، لترميم نظامها المهترئ المنخور، ليعيد إنتاج نفس الظواهر، ويفرز نفس السموم، ونفس العلاقات القائمة على استعباد زمرة متعفنة من المترفين، لباقي شرائح المجتمع وطبقاته المعدمة المسحوقة في أتون الآلة الرأسمالية المتوحشة.
ولكن الذي سينجز هذا العمل التاريخي النبيل، إنما هي جماهير الشعوب المستضعفة، بفعل تيار الوعي الصحيح الذي يشعرها بذاتها المسلوبة، ويبعث فيها قوتها الخلاقة، لتعزم عزمتها العظمى، وتهب هبتها المشهودة، لاقتلاع شجرة الظلم من جذورها، وتلقي بها في لجة العدم، حتى لا تقوم لها قائمة من جديد.
ع – ب هذا الذي أومن به يا كورونا إيماني بطلوع الفجر بعد الظلام، وكنت سأثير الحديث عن هذه الفكرة التي ذكرتها الآن، ارتباطا بما سقته عن تلك التعابير الروحانية التي تمثلت في حديث المسؤول الأمريكي في الكونكرس، وفي تلك الصرخة المدوية لذلك المسيحي الذي عبر بعمق، عن جراح الروح التي خلفتها الحياة المادية الجامحة في أتون المجتمع الأمريكي التائه، الذي يصلى نيران الشهوات المتأججة، وهوس الانجراف وراء تياراتها البلهاء.
أردت أن أقول، بأن كلمة المسؤول الأمريكي تمثل الوجه الزائف عن التوبة، وعن الدعوة إلى الرجوع إلى تعاليم المسيح، كما يفهمها القوم، إنه خطاب يلفه الغموض، فهو إذ يقول( اعترفنا بخطايانا تجاه الآخرين)، يسقط في الإبهام البغيض الذي يجعل اعترافه غير ذي قيمة تذكر، فلو كان صادقا في تعبيره، لأطلق لسجيته العنان، لتفصح عن أنواع الخطايا التي ارتكبها النظام والإدارة اللتان يمثلهما، وعن الأطراف الذين ارتكبت ضدهم وفي حقهم تلك الخطايا. ولكن لأنه محكوم بأغراض دنيئة، وبعقلية متغطرسة، وبرمجة طاغية مستحكمة، وبالتزام آثم تجاه عصابة الشر التي يمثلها، فإنه يستحيل أن يفك عقدة نفسه الآثمة، فيصرح بالجرائم الموصوفة التي يقوم بها النظام الأمريكي الهمجي ضد الشعوب، وعلى رأس تلك الشعوب، شعب فلسطين المغدور، الذي مارس في حقه أبشع قرصنة، تمثلت في صفقة القرن المشؤومة، التي ناقضت منطق الحق والتاريخ، وعبرت من خلالها عن خسة في الروح، وانحطاط في الأخلاق.
والمستمع لكلمة ذلك المسؤول الأمريكي، لا بد أن يلاحظ ما عكسته من تعصب وانغلاق، وإقامة على الباطل وتماد فيه، فهو إذ يعترف بإهمال تعاليم الأنبياء، يذكر موسى وسليمان وعيسى عليهم السلام، ويصر على تجاهل ذكر خاتم الأنبياء والمرسلين، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، علما أن البشارة برسالته عليه الصلاة والسلام، جاء بها السيد المسيح عليه السلام، مصداقا لقوله تعالى:  » وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ » ( الصف: 6) .
مما يدل دلالة قاطعة على أن ما يملكونه من اعتقاد تحت مسمى النصرانية لا يقدم إمكانية لفتح جسور التواصل والتفاهم مع الأمة المسلمة.
أما كلمة المسيحي الشاب، المفعمة بعاطفة دينية حارة، فإنها تعبر- تحت تداعيات وبائك الكاسح يا كورونا، الذي خلف الآلاف من القتلى، في نيويورك وغيرها من مدن الولايات الأمريكية – عن إحساس صادق، في تصوير معالم المأساة التي يرزح تحتها الشعب الأمريكي، وتعتصر روحه، وتفترس كيانه، بكل قسوة وشراسة.
وذلك المسيحي باعتباره مواطنا يمتلك عناصر هامة للوعي بالواقع المريض الذي يكتنف الإنسان الأمريكي، وباعتباره مثقفا يمتلك حسا نقديا مرهفا إزاء ظواهر المجتمع، يمثل إمكانية واعدة بالاقتراب من الحقيقة، شريطة تطهير الأجواء، وتوفير الشروط لإجراء حوار بناء بين الإسلام والغرب، بل – على الأصح – إزالة الحجب التي تعوق وصول كلمة الحق إلى عموم الناس في تلك الديار، وهي لا محالة زائلة، بمقتضى الوعد الرباني الذي ينطق به قوله تعالى: » يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ » (الصف: 8) فقد ذكر ذلك الشاب المسيحي – الذي أحس بأن الغارات التي شنتها كتائبك المظفرة على القرية الأمريكية الظالم أهلها، هي غضب وانتقام من الرب – جملة من القضايا الحيوية الخطيرة التي تعتبر في صلب الوسائل التي تصنع الواقع المنحرف الذي يعيشه المجتمع الأمريكي، وعلى رأسها الإعلام الذي يبرمج العقول في الاتجاه الفاسد المنحرف، ومعضلة العنصرية التي يعود ترسيخها وتأجيج نيرانها لسلطان الإعلام الجائر نفسه، وسيطرة الشركات الكبرى، ورجال الأعمال،الذين يحتلون موقع الأصنام التي يدان لها بالعبادة والتقديس.

كورونا: لو يفقه الناس سنة الابتلاء، ومقاصدها السامية العليا، لعلموا مقدار ما سيلحقهم منها من خير، وما سيجنون منها من ثمار، رغم الألم و اللأواء، فليس بعد التطهير إلا الصفاء، وإذ ذاك تستعيد الحياة مجراها الزاخر الرقراق، وترفرف الأشواق، ويلتقي أهل الحق والفضيلة بعد شتات وفراق، وتندحر كتائب الزيف والنفاق والشقاق، وينتحر الأفاكون والنصابون والمجرمون، ويبصر الناس ما انحجب عنهم من عجيب صنع الله وأقداره، ومن آياته في الأنفس والآفاق.
ع – ب: نعم يا كورونا، هذا ما تنطق به الشواهد الآنية قبل الآتية، لقد رأى الناس مصداق ذلك في انقشاع الحجب الكثيفة عن عقولهم وقلوبهم، فراحوا يلمحونها آية آية، ألم يبصروها في قلوبهم وهي تعود خائفة واجفة إلى رحاب الحقيقة والصواب، لتدرك الحقائق والأسرار التي نطق بها الكتاب؟ ألم يروا رأي العيان تلك الأسرار، في الأسر وهي تجمع شتاتها بعد انفلات وانفطار؟ ألم يروها في قوى المجتمع، رسميها وشعبيها، وهي ترص صفوفها، لتخفيف الآلام، وإزالة ما تيسر من الأوضار والأضرار؟ ألم يروها في قوم تائهين وقد آبوا إلى الاعتراف بقدرة الواحد القهار؟ ألم يروها في انكشاف زيف الغرب وتهافته، وما في أخلاقه المبهرجة من نفاق وعوار؟ ألم يروها في اندكاك معاقل الغطرسة والبغي التي أذاق دهاقنتها العالم مر الإهانة والعذاب، وتكسر ما أعدته آلة كيدهم من تروس وحراب؟ ألم ترهم، وقد ذهلوا عن اجترار أسطوانتهم المشروخة، وترديد ترهاتهم المفضوحة، التي ظلوا ينعبون بها، وينعقون كما البومة والغراب؟ ولما ذا تراهم لم يجسروا على تصنيف صنيعك بهم في خانة الظلامية والأصولية والإرهاب؟ لقد ألجمت أفواههم يا كورونا، وألقمتهم حجرا وترابا، وحولت ديارهم خرابا ويبابا، وقطعت الأواصر منهم والأسبابا، وجعلت اتحادهم المزعوم قاعا صفصفا، فلا تسمع بينهم إلا تراشقا وسبابا، وإنك لترى انطباق قول الله تعالى عليهم: » تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ » (الحشر: 14). لقد ظهروا في مناحة كبرى وهم يتلاومون، ويدين بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، ورآهم العالم وهم يئنون ويبكون وهم سامدون.
لقد انهار الدهقان الأعظم وارتعدت فرائصه وخارت قواه، ونحر خيوله وأبقاره، ولم يعرف ماذا يقدم ولا ماذا يؤخر، ورأى الناس إفلاسه وبواره.
رأى الناس آيات وآيات، ودروسا باهرات وعظات، فمنهم من هاجر إلى ربه واعتبر، ومنهم من كابر واندحر، لقد كنت بحق داعية حق يا كورونا، ولقنت الناس دروسا في الحياة، وألزمتهم مبادئ الطهارة والاحتراز من النجاسات، وأغلقت أبوابا للشر وإتيان الموبقات، لقد كنت – بحق – حارسا أمينا للبيئة مما لا يحصى من الأمراض والتعفنات.
صور مؤثرة موحية شاهدها أبناء القرية العالمية البائسة الحزينة، فطفقوا يلهجون بخالص الدعاء، أن يرفع الداء ويكف البلاء.
رأى الناس الملياردير الإيطالي، بعد أن نفق سائر أفراد أسرته، وهو يلقي بنفسه من شاهق السماء، مخلفا وراءه كلمات يشهد فيها برحمة الإسلام، ويغبط أتباعه بما ينعمون به من نعم وآلاء.
ورأى الناس الملياردير البرتغالي أنطونيو فييرا مونطيرو رئيس بنك سانتاندير بالبرتغال يلقى حتفه بسبب فيروسك يا كرونا، وكتبت ابنته في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي: » نحن عائلة ثرية، لكن والدي توفي وحيدا ومختنقا يبحث عن شيء مجاني هو الهواء، والمال بقي في المنزل. »
رأى الناس تلك السويدية المسكينة وهي تعتلج وتتلوى، عندما تناهى إلى سمعها آيات القرآن الكريم، وهي تتلى من بيت أحد جيرانها من المسلمين، انقدحت في قلبها، ثم اجتاحت كل كيانها شرارة الإيمان، تفاعلت، وتكهربت، وظلت تحوم جيئة وذهابا عند الباب الذي كانت تخرج منه الكلمات العذاب، فتلونت وتحولت، ورنت بكل قواها إلى مسبب الأسباب، رب الأرباب، وتاقت إلى الخروج من لجة الحيرة وأتون العذاب، ثم ما كان منها إلا أن قذفت بعيدا بالسيجارة المشتعلة بين سبابة يمينها والوسطى، وخلعت ربقة الصليب من عنقها، باحثة عن البديل الذي تقر به نفسها ويطمئن به فؤادها، فلعل الله جل جلاله، وعز سلطانه، أن يربط على قلبها ويهبها حلاوة الإيمان، فهو أهل التقوى وأهل المغفرة، وواهب كل خير وإحسان.
كورونا: إن في ذلك لآيات لأولي الأبصار، أما العميان، فإنهم يرون أن ما أنجزته كورونا، مأمورة في ذلك ممن هو في الأرض إله وفي السماء إله، لا يعدو أن يكون ركاما من القتلى، وخسارة في الأموال والأرزاق، وانحطاطا في البورصة وخرابا في الأسواق. والحقيقة أن الذين يملكون النظر البعيد، والقول السديد، يدركون أن من الممات تنبثق الحياة.
ع – ب: مهلا كورونا، سأتلو عليك آيات من كتاب الله العزيز، تجمل حقائق باهرة، خليق بالخلق أن يتدبروها حق التدبر، حتى يكونوا أهلا لامتلاك الميزان، والتحرر من حبائل الشيطان. يقول رب العالمين، مالك يوم الدين: » قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۖ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ۖ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ » (آل عمران:26، 27).
لن يصح إلا الصحيح، وإن الناس ليداخلهم وهم كبير، عندما يرون الطغاة يصولون ويجولون، ويرون مظاهر السوء والفساد تتخذ لها منصات مرموقة في ساحات المجتمعات، فيظنون أنها تتمتع بالدوام، ولا يدور بخلدهم، أنها لا بد زائلة، وأن المسألة مسألة وقت تتوفر فيه الشروط والنصاب، لتنطبق سنة الله الثابتة الماضية. يقول الله تعالى: » وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا (الكهف: 59).
يستتب الأمر يا كورونا للطغاة لبرهة من الزمان، في حساب خالق الأكوان، فتخدعهم حاسة الخلود، فما هي إلا لحظة من ليل أو نهار، حتى يأتيهم أمر الله، ولا ينفع عند حلول الأوان، شفاعة أو إيمان.
وصدق الله القائل: » قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ » ( يونس: 101).
لقد تبدلت الأرض غير الأرض يا كورونا، وجئت على قدر ممن له العزة والجبروت، ممن إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
كورونا: إنما ينتفع أهل النهى والأحلام، أما المغرورون اللئام، والجبابرة الأقزام، فلن يقنعهم ويوقف سفاهتهم إلا الموت الزؤام.
إن شريعة رب العباد، هي الملجأ والملاذ ، وهي خزان الخير الذي ما له من نفاد، والمحروم المحروم، من ولى ظهره من له الإيجاد والإمداد، وولى وجهه شطر الروم، واقتفى أثر أهل عاموراء وسدوم فنالهم كما نالتهم سياط البلاء، في ذلك اليوم المشؤوم.
ع – ب: أجل يا كورونا، لقد جرب أهل التيه في رحلة التيه كل سبيل، فلم يجدوا إلا العذاب الوبيل، يمموا وجوههم شطر الغرب، فلم يحصدوا إلا الويل والثبور، ووجهوا وجوههم شطر الشرق، فلم يوعدوا إلا الغرور، ولم يحصدوا إلا الشرور.
إن سكان الأرض من أهل الإسلام على موعد مع التاريخ، لاستلام المشعل من جديد، لربط الطارف بالتليد، وإرساء دعائم النظام الجديد، الذي يأمن فيه الناس على الأرواح والأعراض والأموال، تحت راية الإسلام، التي ستنكس إزاءها كل البنود والأعلام، ويولي الناس وجوههم شطر العزيز العلام.
قضي الأمر، ظهرت التباشير والإرهاصات بظهور عصر جديد، وليس من شك يا كورونا أنه سيحمل علامتك المميزة، واسمك الطريف، وليس من شك أيضا، أن أهل الأرض من أهل الحجا والحكمة، سيحمدون لك سيرتك وأياديك البيضاء، على الناس، وسيلهجون بالحمد والشكر للخالق الرازق سبحانه جل جلاله، الذي سخرك برحمته وحكمته، لتنجزي بكفاءة واقتدار،هذه الحملة التطهيرية على صعيد هذه الكرة التي خربها الأشرار، وعاثوا فيها فسادا ليل نهار. أتيت على قدر يا سليلة عائلة ممتدة مرموقة، ترتدين تيجان الوفاء والفخار، فأنت حقا اسم على مسمى، جئت لتعطي دروسا قيمة في العقيدة والطهارة، بنوعيها: طهارة الأبدان وطهارة الأرواح. فهذه الأرض لا يعمرها حقا إلا الأخيار الأطهار، وليس المناحيس الأقذار.
جئت تلقين بلسان حالك في روع الناس جميعا، وعلى رأسهم أهل الإسلام، معاني قوله تعالى: » أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ( آل عمران: 83-85).
كورونا: صدق الله العظيم، أجل هذا هو القول الفصل، وهذا هو العهد الذي لا عهد سواه، هو عنوان المعركة المقدسة بين أهل الحق والباطل، التي تقوم على الدعوة والبلاغ، لا على القسر والإكراه. ولا مناص من الصدع بها في الآفاق، فذلك هو شرف عباد الله الصالحين، وذاك ديدنهم وشعارهم، ولا شعار لهم سواه.
ع – ب: خبريني يا كورونا كم سيدوم مقامك بيننا؟ لقد ساد التوجس والخوف، وتفرق الأحباب، وسدت بيوت الله دون الأطفال والشيوخ والشباب، وغزت الحيرة حقا أولي النهى والألباب، سدت المدارس والجامعات، وتعطلت المعايش؟ ولا ندري متى سيتفضل الله على العباد، بزحزحة هذه السحابة الحالكة السواد، وبكفكفة هذه العاصفة التي كادت تذهب بالأوتاد؟
كورونا: عندما يصدق العزم على التوبة وتصح النيات، وتطهر بماء القرآن القلوب والساحات، وتطرد عن معاقلكم الأفاعي والحيات، وتدفع عن حمى الناس الموبقات والآفات، وتتحلى بالحياء النساء والبنات، ويتواصى الصادقون من الولاة، بالصلاة والزكاة وجمع الشتات. شعارهم في ذلك قوله تعالى: » وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ » ( آل عمران: 103).

وجدة في 11- أبريل 2020

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *