Home»International»فرنسا و »فتوى » استعمال دواء كلوروكين؟

فرنسا و »فتوى » استعمال دواء كلوروكين؟

1
Shares
PinterestGoogle+

  بسم الله الرحمن الرحيم

فرنسا و »فتوى » استعمال دواء Chloroquine ؟

وأنا أتابع بعض حلقات الحوار الذي يُجرى يوميا على القنوات التلفازية الفرنسية، لفت انتباهي ذلك التناقض الرهيب في تصريحات المسؤولين بخصوص القرارات المتخذة في التعامل مع جائحة كورونا، حيث بعدما صرحوا سابقا، وعلى رأسهم وزيرة الصحة السابقة، بأن الأمر لا يعدو أن يكون عبارة عن أنفلونزا عادية، أصبح الخطاب يتبدل يوما بعد يوم، إلى أن بلغ أقصاه أخيرا في التحذير من أن الوباء في غاية الخطورة، إلا أن ما يلفت الانتباه في هذا الشأن هو أن القرار السياسي كان ولا زال يستند إلى توجيهات الهيئات الصحية والعلمية، وعلى رأسها اللجنة العلمية التي أحدثها الرئيس الفرنسي لهذا الغرض. وعلى الرغم من أن مجموعة من الفعاليات السياسية والعلمية تُحمِّل الرئيس ولجنته النتيجة الكارثية لانتشار الوباء بسبب التأخر في اتخاذ القرار المناسب، خاصة فيما يتعلق بالتأخر في فرض الحجر الصحي، فإن نفس السيناريو يتكرر بالنسبة لاستعمال أو عدم استعمال الدواء المسمى   Chloroquine بسبب عجز المجتمع العلمي الفرنسي على ما يبدو على توحيد موقفه من هذا الدواء، ففي الوقت الذي نجد أن الأستاذ Didier Raoult يستعمله في معالجة مرضاه بمستشفى Marseille وصرح غير ما مرة بنجاعته مع إعطاء التوجيهات المتعلقة بكيفية استعماله، فإن السلطات الصحية الفرنسية لا زالت لم تتخذ موقفا موحدا في شأن استعماله على المستوى الوطني، وتشترط في ذلك دراسة كلينيكية « خوفا » من التأثيرات الجانبية للدواء، وأن لا يُسمح باستعماله سوى في الحالات المتقدمة جدا أو الميئوس منها، في الوقت الذي يصرح فيه البروفيسور راوول ومسانديه بأنه لا فائدة من استعماله في هذه الحالات، مع الإشارة إلى أن عددا كبيرا من الأطباء والمختصين الذين تمت محاورتهم انقسموا إلى فرق وشيع. والسؤال الصعب هو من يتحمل مسؤولية ذلك الذي عمِل برأي البروفسور راوول واصطدم بخطورة الأعراض الجانبية التي ربما يفقد معها المريض حياته؟ ومن يتحمل مسؤولية ذلك المريض الذي لقي حتفه في الوقت الذي كان بإمكان الطبيب المعالج أن يصف له هذا الدواء؟

هذا في الوقت الذي نجد فيه أن المغرب والجزائر وتونس وربما دول أخرى قد حسمت أمرها وعزمت على استعماله، لا زالت فرنسا لم تحسم الأمر في الوقت الذي يزداد فيه عدد الموتى يوما بعد يوم بشكل مريع، علما أن البروفسور راوول صرح بأن الدراسات الصينية أثبتت نجاعة هذا الدواء .

خلاصة:

 إن الاختلاف كان قائما منذ الأزل وسيبقى قائما إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، سواء بين الفقهاء وعلماء الدين من جهة، أو بين علماء الطبيعة بمختلف تخصصاتهم بمن فيهم الأطباء والمختصون في مختلف فروع الطب من جهة ثانية، لسبب واحد هو أن العلم البشري مهما بلغ يبقى قاصرا مصداقا لقوله تعالى: « وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا » لذلك فإن مواجهة نازلة معينة تتطلب توفر المسؤول عن رؤيا واضحة تسمح له بتغليب اجتهاد على آخر إذا كان الأمر لا يتسع للجَمْعِ بينهما، واستصدار « فتوى » حازمة كما كان الشأن بالنسبة للفتوى الشرعية التي أصدرها المجلس العلمي الأعلى في شأن إغلاق المساجد في وجه المصلين المغاربة، والفتوى العملية التي أصدرها الساهرون على صحة المغاربة في شأن استعمال دواء chloroquine، في الوقت الذي لا زال فيه المسؤولون الفرنسيون يترنحون في اتخاذ القرار المناسب، ويكونون بذلك قد اعتمدوا « الفتوى » الخاطئة عندما  لم يحسموا الأمر بالسرعة المطلوبة ويعملوا « بفتوى »  البروفيسور راوول، ليكونوا بذلك قد ساهموا في إزهاق أرواح عدد غير قليل من مواطني فرنسا، خاصة إذا تبين فيما بعد بأن إيجابيات الدواء أكبر وأَوْلى من سلبياته في غياب بدائل أخرى. وآنذاك تستوي حظوظ الصحة والخطأ في الفتوى بين علماء الطبيعة الذين يؤلههم العلمانيون وبين الفقهاء الذين يتم تحميلهم وزر كل الويلات التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية.

اللهم أعن مسؤولينا وفقهاءنا وعلماءنا على التفقه في الدين والدنيا لاتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب لتمر هذه الجائحة بأقل الخسائر الممكنة، والإقلاع بعدها في الاتجاه الصحيح الذي يعيد لنا مكانتنا بين الأمم. آمين والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد.

الحسن جرودي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *