Home»National»إذا رغبت في شيء، فإن العالم كله يطاوعك لتحقيق رغبتك

إذا رغبت في شيء، فإن العالم كله يطاوعك لتحقيق رغبتك

2
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي
طبعا، إن هذه الجملة (العنوان) مألوفة لذى كل الذين قرؤوا رواية « الخيميائي » لباولو كويلو، تلك الرواية التي تعتبر من أشهر ما أنتجه الأدب العالمي، كما يرجع الفضل لها في شهرة صاحبها الكاتب البرازيلي باولو كويلو ودخوله موسوعة غينيس للأرقام القياسية لأكثر كتاب مترجم لكاتب على قيد الحياة، حيث ترجمت الرواية إلى 67 لغة من لغات العالم.
لقد كتب كويلو روايته هاته سنة 1988، وقد تحدث فيها عن أعظم سر في الحياة وهو الإصرار والتحدي والرغبة الأكيدة في تحقيق حلم أو أمنية أو مشروع، فالعقبات التي كانت تعترض الراعي سانتياغو كلها كانت موانع وحواجز تحول دون الاستمرار نحو أهرامات مصر حيث يختبئ الكنز(الأسطورة الشخصية)، ولكن في نفس الوقت يأتي كلام من هنا وهناك (تاجر البلور، الإنجليزي، الخيميائي، فاطمة) يدلل الصعاب ويفتح الشهية من جديد لدى الفتى سانتياغو نحو إكمال الرحلة، أو قل هي علامات، بشكل من الأشكال، ساهمت في فلسفة حياة نقشت في تجربة الفتى لاستكمال المشوار في كونٍ جعله خالقه منسجما في كل أجزائه، وجعل لكل جزء لغة خاصة، فقط يحتاج الإنسان إلى فهم واستيعاب هذه اللغات كي يدرك أهمية تواجده بينها وأنها مسخرة له لتحقيق أهدافه.
إن حلم سانتياغو تحقق، أخيرا، ولكن على غرار حلم إنسان آخر، والفرق بين سانتياغو وصاحب الحلم الآخر هو أن سانتياغو سعى سعيه وأخذ بجميع الأسباب دون يأس أو كلل أو ملل، وتحمل الصعاب ومشاق الطريق، كما تحمل جميع الانتكاسات والمرتدات التي كانت في كل مرة توشك أن تجعله يعود إلى الأندلس إلى نعاجه التي من الممكن لو عاد أن تصير مائة وعشرين عوض ستين نعجة، ولكنه كان جديرا بقراءة علامات الطريق وفهم أن الحياة لا تحب المتخاذلين. وأما صاحب الحلم الآخر أي لص الأهرامات، فإنه يرى من الحمق الاستجابة لمجرد حلم راوده مرتين كي يقطع الصحاري والبحر ويصل إلى شجرة حيث يسكن تحتها الكنز(الحلم) الذي بدا أنه كان ينتظر نوعا خاصا من الناس الذين لا يكلون ولا يملون بل يمضون ويصرون في المضي من أجل تحقيق أهدافهم.
إن رواية « الخيميائي » في حقيقتها ترجمت أفكار كويلو ومعرفته بالصحراء وأجوائها بالليل والنهار وطبيعة الطقس والرمال وكأنه مر من هنا يوما ما في قافلة عابرة من المغرب إلى أرض الكنانة، كما ترجمت معرفته بالظروف الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تعرفها مدينة طنجة، كما اطلع على بعض الشعائر الدينية كالصلوات الخمس والحج والزكاة والصدقة والإحسان، وتعرف على بعض آيات القرآن، وربما اطلع أيضا على طبيعة الواقع الاجتماعي الذي ساد بعد سقوط غرناطة بالأندلس، ولكنه من الواضح أن المراجع التاريخية التي جلب منها معرفته بالواقع الأندلسي هي غربية بطبيعة الحال، ولذلك اعتبر المغاربة غزاة والفرق بين الغازي والفاتح شاسع، ومن المؤكد أن كل هذه الشعوب التي تنتمي إلى سبع وستين لغة أي اللغات التي ترجمت إليها الرواية، ستعتقد بأن المغاربة دخلوا الأندلس غزاة لا فاتحين، بل لعلهم لا يعرفون شيئا عن كلمة « فاتح » خصوصا وأن المؤرخين الغربيين طمسوا كل الحقائق منها أن المسلمين حرروا الأندلس والشعب الأندلسي من براثن ديكتاتور جبار كان يسمهم أشد العذاب ويثقل ظهورهم بالضرائب والمكوس تلو الأخرى وهو الملك لودريق. وقد جاء بعد انقلاب على الملك الأسبق غيطشة وقد استولى على أزيد من ثلاثة آلاف ضيعة من ضيعاته وعلى كنوزه من الذهب والمال. إن المسلمين لم يمسوا دينارا ولا درهما ولم يمنعوا الناس من أن يؤدوا شعائرهم كما كانوا في السابق ولا هدموا كنيسة ولا ديرا ولا بيعة، فهل هؤلاء غزاة؟ إن كتب التاريخ التي اطلع عليها كويلو من المؤكد أنها تحدثت عن غزاة كلما دخلوا مدينة إلا وقتلوا رجالها وأبادوهم عن بكرة أبيهم واستولوا على أموالهم واغتصبوا نساءهم واستعبدوا أطفالهم.
بعد واقعة برباط جنوب الأندلس قرب وادي لكة التي مات فيها لودريق واندحر جيشه، فتحت جل الحصون أبوابها ترحابا بالمسلمين لعلمهم أن هؤلاء ليسوا غزاة ولا مجرمين بل فاتحون جاؤوا يحملون رسالة وقضية، ويكفي شهادة اعتبار اليهود الأندلسيين العهد الإسلامي في الأندلس عهدهم الذهبي وكفى بها شهادة. كما دخل الأندلسيون في الإسلام أفواجا دون إكراه من أحد، فلو كان المسلمون غزاة غاصبين وظلمة جبارين هل كان سيعجب أحد (من ضحاياهم) بدينهم ومنهج حياتهم؟
منذ قالها عثمان بن عفان وأشار إلى فتح الأندلس، والمسلمون يتوقون إلى فتحها ونشر الخير بها، ولم يكتب ذلك إلا عندما جاء رجال من أمثال موسى بن نصير وطارق بن زياد الذين رغبوا في ذلك أيما رغبة فانطبق عليهم قول باولو كويلو:  » إذا رغبت في شيء، فإن العالم كله يطاوعك لتحقيق رغبتك ».

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *