Home»National»لا لظلم البذلة السوداء !

لا لظلم البذلة السوداء !

2
Shares
PinterestGoogle+

سليمة فراجي

تبعا لما أوردته بعض المواقع الاعلامية من تهكم على احتجاجات المحامين المشروعة بناء على ظلم المشرع لهم من جهة ، لما اعتبر المريض غير مستهلك وأعفى الطبيب من ضريبة القيمة المضافة ،في حين حملها للمتقاضي الذي يلجأ للدفاع وبالتالي يؤديها المحامي ، ومن جهة اخرى حملات الضغط المتوالية التي يتعرضون لها دون اعتبار لوضعية البعض المزرية حتى وان كان ظاهر الحال يبين الكفاف والأنفة خصوصا في بعض جهات المملكة التي لا معامل ولا وحدات إنتاجية ولا شركات كبرى بها و التي تعيش أزمات خانقة بسبب البطالة وانعدام فرص الشغل وضيق ذات اليد ، نقول لهؤلاء ان الزمان قد تغير وساءت الأحوال ، بالنسبة للأغلبية الساحقة ، ولم تبق وضعية المحامي هي نفس وضعية المغمورين والمحظوظين الذين شهدهم القرن الماضي ، في زمن مضى كانت صفةالمحامي مرادفة للرخاء والثراء ولا علاقة لها بضيق ذات اليد او العمل المضني من اجل كسب العيش ، وبذلك كان جيل الأجداد ينظرون اليه وكأنه المحظوظ الذي لن يعاني من تقلبات الزمن ومفاجآته ، لكن حاليا تغيرت الأوضاع وأصبح المحامي يعتبر من الطبقة المتوسطة مواجها بمصاريف قد يتعذر عليه مواجهتها ، وبأعباء تتجاوز احيانا قدراته المادية ، وهو المطالب بصيانة مظهره وهندامه وانتقاء الأماكن التي يرتادها حفاظا على وقاره ورصد ميزانية للكتب و المطبوعات ، ومواكبة المحكمة الرقمية وولوج عالم المعلوماتيات ،وحضوره المؤتمرات والدورات التكوينية من اجل مواكبة المستجدات القانونية والفكرية والحقوقية ، علما ان الحقوقيين هم بامتياز محامون يوفقون بين الرسالة النبيلة التي تخدم الانسانية، بعيدا عن التجارة والعرض والطلب والفوترة ،

والتاريخ حافل باسماء المحامين الذين سجلوا أسماءهم بمداد الفخر في تاريخ الانسانية ، وممارسة مهامهم المهنية الصرفة ، هم من المفروض ان يمثلوا الشعلة المثقفة التي تدفع بالمجال الحقوقي الى الامام ، بغض النظر عن التقارير البعيدة عن الموضوعية ، وفِي المقابل وهم يعيشون انتفاضة البعض ضدهم والقول بانهم يتهربون من الواجبات الملقاة على عاتقهم ، يتعين التنبيه ان المحامين لما قارنوا وضعيتهم بوضعية الأطباء الذين لا يؤدون الضريبة على القيمة المضافة على اعتبار ان هذه الضريبة ملقاة على عاتق المستهلك وان الطبيب ليس سوى وسيط ، وان المشرع لم يعتبر المريض مستهلكا ، في الوقت الذي اعتبر فيه المتقاضي مستهلكا وفِي هذا التمييز اجحاف بين ،لان المتقاضي المهضومة حقوقه او المطالب بها او المعتدى عليها مطالب باداء الرسوم القضائية ومستحقات المفوض القضائي وأتعاب المحامي التي أصبحت في مهب الريح بحكم الأزمة الخانقة التي عصفت ببعض الجهات كجهة الشرق بسبب ضعف السياسات العمومية وعدم ايجاد البدائل الاقتصادية المواجهة لازمات الهجرة وإغلاق الحدود والبطالة وضعف القوة الشرائية ، وهذا جزء من كل، الأكثر من ذلك بماذا يستفيد المحامي لما يحال على التقاعد اذا تمت عملية قياس على الموظفين والقضاة ؟ ربما تقاعد مستخدم عنده ،كان يستفيد من الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي يتقاضى تقاعدا احسن منه ، خصوصا وان العمل المضني المتمثل في الاستماع المستمر الى مشاكل الغير والعمل على حلها ومباشرة الإجراءات والحضور في الجلسات وتتبع المساطر والتنقلات كلها أمور ترهق الصحة وتستنزف القدرات الذهنية والجسدية ، وفِي المقابل ماذا وفرت الجهات المطالبة بالوفاء بالتزامات من ضمانات لهذه الفئات ، التي تتضاعف معاناتها يوما بعد يوم رغم مجهوذات الهيئات الهادفة الى ايجاد طرق للتكافل والتضامن ، محامون يعانون من ضغوطات مختلفة ، ومطالبون بتحمل دراسة الابناء نظرا لعجز الدولة عن إصلاح قطاع التعليم المتردي ، مطالبون بمختلف الاداءات و المساعدات وتكوين المتمرنين والمساهمة في امتصاص البطالة والقيام بجميع الأدوار التي من المفروض ان تقوم بها الدولة المطالبة باداء الضرائب ، واذا كانت الاقتطاعات تجرى من المنبع بالنسبة للموظفين فانهم يستفيدون من الأجور وتعويضات الأقدمية والعطل السنوية والأهم من ذلك التقاعدات المريحة والتغطية الصحية ، وراحة البال والضمير ، في الوقت الذي لا يستفيد فيه المحامي الذي يبلغ من العمر عتيا باي امتياز ،ربما تقاعده قد لا يتعدى الف درهم شهريا ؟بل انه اذا مرض او ذهب في عطلة فان مداخيله تتوقف تلقائيا ، ويكون مضطرا احيانا الى تحمل مختلف المعاناة الى ان توافيه المنية وهو مرتد لبذلته السوداء !

ماذا هيأت السياسات الحكومية للمهن الحرة حتى تعلن الحرب عليها؟ في الوقت الذي يتقاضى المسؤولون الحكوميون مختلف المبالغ على المقاس ، لا نرى في المهن الحرة سوى امتصاص البطالة وتخفيف وطأة الاحتقان وبقرة حلوب لما يقتضي الامر ذلك ، اذا كانت هناك واجبات ففي المقابل هناك حقوق ، فما هي هذه الحقوق يا ترى علما ان المشرع نفسه لم يعدل لما اعتبر المريض غير مستهلك والمتقاضي مستهلك ؟ ، بل حتى فكرة التصالح والقيام بإحصاء الفئة المصرحة من غير المصرحة ومعاينة ان حوالي ثمانين محاميا على الصعيد الوطني يؤدون وحدهم 25 مليار سنتيم لإدارة الضرائب فهذا يعني ان البقية الباقية تعاني الامرين من اجل مواجهة التكاليف وأداء مستحقات الابناك الناتجة عن مختلف القروض ، وان مقترح منح إبراء شفوي وفي هذا استخفاف بذكاء شريحة قانونية لا يقصد منها سوى ضخ الأموال في صناديق الدولة بدل تسوية وضعية المحامين والمهن الحرة تسوية جذرية بدل أساليب التهديد والوعيد وممارسة الضغط، علما انه اذا كان هذا الضغط النفسي هو مصير اغلب المحامين والتوجس من غد ومن آفاق مجهولة المعالم والمخاطرة المتمثّلة في تحمل المسؤولية المهنية في ظروف مادية صعبة ومواجهة تكاليف مختلفة دون معرفة الآفاق المستقبلية ، وكانت إدارة الضرائب تقوم بواجبها طبقا للقانون ، فان المواطن الخاضع لهذه الضريبة والملتزم بها من حقه أيضا ان يشترط معاملة ضريبية عادلة وجو اجتماعي مريح وملائم ، ولا يعقل ان نطالب هذه الشريحة وهي الفاعلة اقتصاديا باداء ثلث مدخولها للضرائب ، وتتحمل في نفس الوقت جميع التحملات التي تقع على عاتق الدولة بسبب اختلالات هذه الاخيرة ؟ شريحة تعاني في صمت رهيب ومواجهة بتحملات ثقيلة وتجهل مستقبلا تتلاعب به رياح أزمات خانقة ، شريحة تواجه الازمات الحقوقية وتمارس الدبلوماسية الموازية وتستميت من اجل الدفاع عن الوحدة الترابية ، وتناضل من اجل ضمان العيش الكريم للفئات المشتغلة معها والأخرى تحت كفالتها وهي الفئة المتوسطة التي تساهم في إنعاش مختلف المرافق بصبر وأناة ، فلم لا يتم التفكير تشريعيا في حل مشاكل البذلة الصامدة المدافعة عن الحقوق والحريات وتمكينها من القيام بمهامها في ظل طمأنينة نسبية مع ايجاد صيغ وتشريع ضريبي يعتبر خصوصية المهنة واكراهاتها بدل ترك المنتسبين اليها عرضة للمعاناة اليومية ولا مبالاة جهة تطالب بالحقوق وتتجاهل لغة الالتزامات !
سليمة فراجي – محامية – برلمانية عضو لجنة العدل والتشريع سابقا

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *