Home»National»رؤية سوسيولوجيو للمجتمع المغربي

رؤية سوسيولوجيو للمجتمع المغربي

0
Shares
PinterestGoogle+

رؤية سوسيولوجية للمجتمع المغربي : فساد العقيدة نموذجا  : بقلم عمر حيمري

من المؤكد أن المجتمع المغربي ،عايش العديد من الحضارات المختلفة والمتنوعة  قبل اعتناقه للإسلام ومعايشته للحضارة الإسلامية ، فكإنسان ينتمي إلى الرقعة الجغرافية التي تسمى شمال إفريقيا ، مر بعدة مراحل تطور الفكر الديني ، مثله مثل أي إنسان على العموم في الشرق أو الغرب . فلم يكن معزولا أو بعيدا عن  ما يمكن أن يصله من تأثيرات فكرية ، كانت تصله في الغالب من الشرق  وذلك  بفضل الرحلات والهجرات ، التي كانت وراءها أسباب متعددة : منها الاقتصادية والحربية والدينية أي التبشيرية . ولأن وجود البحر في الغرب والشمال والصحراء في الجنوب تشكل  حدودا طبيعية تجعل التواصل مع من ورائها صعبا إن لم أقل مستحيلا .  ضل الإنسان المغربي مرتبطا مع الشرق يؤثر فيه  ويتأثر به ، يخضع له احيانا  ويستقل عنه أحيانا أخرى .

، بعد أن فقد الإنسان ، أقصد كل الإنسان ، الارتباط بالنبوة  والرسالات الأولى أقصد  رسالة آدم  ونوح وإبراهيم عليهم السلام  ومن جاء بعدهم  ونسي ما كانوا يدعون إليه من توحيد وعبادة خالصة لله ، عاش  في تيه عصيب  وضلال شديد  ، لأن الإنسان كائن متدين بطبعه ، ولا يستطيع ان يستغني عن العبادة ، مطلق العبادة ،  فإذا  لم يعبد الله عبد  حتما غير الله . إن ابتعاد الإنسان  عن الدين الحق الذي جاء عن طريق الرسل والأنبياء ، وعدم  تمسكه  بالنهج السليم الصحيح ، الذي رسمه الله له وبلغه انبياء ورسل الله ، فتح ثغرة  للشيطان المتربص بالأجيال اللاحقة ، لهلاك الصالحين  وتحريف العلم وانحراف العقيدة وانتشار الجهل بين الجيل الذي تلى  عصر الصلاح  والتنوير الإلاهي وذلك بعد أن طال عليه العمر ونسي عهد الله ، فاستسلم  لوسوسة الشيطان ، الذي أمره بنصب النصب وعبادتها . ولما صادف ذلك  فراغا في الروح  وجهلا في العلم وتراجعا في العقيدة استسلم ،  الإنسان  كليا للشيطان  واستجاب  له ، فغير وبدل شريعة الله واعتقد عقائد ما أنزل الله بها من سلطان  ولا أمر بها . وهكذا بدأ الإنسان يعتقد  بوجود قوى غيبية خارقة قادرة على التحكم في مصيره  وحل كل مشاكله ، وآمن  بالأرواح الشريرة وقدس التفكر السحر واشتغل بالشعوذة واعتمد على كائنات  خفية  لا وجود لها بل اختلقها  من ذاته وجعلها تتحكم  في حياته وفي حركاته وسكناته وفي المطر والريح والشمس والخصب والقحط … فألهها وعبدها اتقاء لشرها  ، وقرب لها القرابين  إرضاء لها .

 إن الحالة الدينية في المغرب الإسلامي  اليوم ،  تختلف  كثيرا عن تلك التي عاشها الإنسان المغربي  قبل الإسلام في عهده الوثني ، فعبادة  الحجارة والتمسح بالتراب  وملامسة الأضرحة والتقرب إليها طلبا للخصوبة والزواج والحظ السعيد  بالنسبة للنساء وللرزق والشفاء والرضا ودفع الأذى المتوقع من الأشرار وإبطال السحر … بالنسبة للرجال والنساء كذلك ، ما زالت تسيطر على فكر ومعتقد كثير من المغاربة ، صحيح أن هذه الأوثان لا يعبدونها  في اعتقادي لذاتها ، بل لقدسية كامنة فيها وهم  يقرون في غالب الأحيان بأن هذه القدسية وهذه البركة قد وضعت وجعلت فيها من قبل الله  فيصدق عليهم قوله سبحانه وتعالى [ وما يومن أكثرهم إلا   وهم مشركون ] ( يوسف آية 106 ) .

إن المجتمع المغربي المسلم المعاصر مازال مرتبطا بالموروث الشعبي الجاهلي والإرث اللاشعوري ، الذي رافق  الإنسان والمجتمع المغربي منذ الزمان القهقري إلى اليوم  ، ما زالت بعض الطقوس الوثنية موجودة فيه  وهي تفرض نفسها بقوة  وتمارس يوميا ، كزيارة الأضرحة  والكهوف والمغارات ، التي تقدس  وتوضع بها بعض الأدوات أو الأشياء التي تستعمل  في الحياة  اليومية كالمشط  وقطعة من القماش الذي يغطى به رأس  المرأة في الغالب وبعض الملابس والشموع  وبعض الدراهم  وتقديم الطعام والذبائح كقرابين تقدر في الغالب قيمتها  حسب الحاجة التي تراد وتطلب  من صاحب الضريح ، المعبود الوثني .  وفي تناقض غريب قد يجلس صاحب الحاجة  أو الزائر ، أمام الضريح أو المزار الذي قصده وهو كله خشوع ، ثم يبدأ في  طلب حاجاته  بإلحاح شديد  من صاحب الضريح راجيا منه  تحقيق مراده   ومبتغاه من ولد ورزق …   وقد يردد في هذه الحالة بعض الأذكار والأوراد ، التي يتقرب بها إلى الله فقط ولا يجوز ذكرها  لغيره ، وقد يؤدي به الأمر إلى الصلاة  متخذا الضريح قبلة له ، يفعل كل هذا دون الشعور بأي تناقض بين عقيدة التوحيد ، التي يدعيها وبين ما يؤمن به من قدرة  وتصرف عجيب في ملك الله  ينسبها لصاحب الضريح أو لأي وثن آخر .  يقرأ الفاتحة وصورة الإخلاص والمعوذتين  بين يدي هذه الأوثان  وهو  خاشع  ذليل  وفي صغار  يرفع  يديه إلى السماء  يبكي متضرعا لوثنه يذكر اسم الله ، لكن قلبه  وكل جوارحه مشدودة متعلقة  بصاحب الضريح  الوثن الذي خلقه ويعبده ، وفي أفضل الأحوال تجده يتوسل بوثنه إلى لله سبحانه وتعالى  سائلا إياه الاستجابة لدعائه  والتوسط له عند الله سبحانه وتعالى  ، يمسح على الحجارة  ويتبرك بالأتربة المقدسة في نظره  و يعلق التمائم وقطع القماش المختلفة الألوان والأحجام على شجرة البطمة النادرة والسدر  وعلى كل شجرة تنال  قدسيتها من قربها لضريح  أو لكهف أو مغارة مباركة   … طلبا للحاجة التي يفتقدها كالرزق والولد والشفاء والحظ  والنجاح  والزواج  ولا يقوم  في الغالب بصلاة الاستسقاء إلا في أحضان ضريح نسج حوله أساطير وخرافات تفيض بالصلاح والكرامات والتزكية على الله  ويقدم عند أعتابه الذبائح ويصنع الطعام … مقابل نزول المطر

هذا السلوك الملفوف  والمغلف  بالشرك ، يمارسه الإنسان المغربي المؤمن بالخرافات والأساطير ، يوميا ولا يرى في ذلك أي بأس  ولا أي تعارض وتناقض مع عقيدة التوحيد التي يدعي الإيمان والتشبث  بها . تجده  إذا خرج في الصباح الباكر من بيته  للسوق أو للعمل او للقيام ببعض شأنه  ، لا يتوكل على الله سبحانه وتعالى ، بل  يترقب  عند الخطوات الأولى ، ما يمكن أن يسمع من أصوات أو ما يشاهده من مناظر ، فيتشاءم من بعضها كسماعه لنهيق الحمار ونعيق البوم ورؤية الغراب أو القط الأسود ويتشاءم كذلك عند سماع بعض الاسماء  كرعد أو منحوس  أو النار … ويتفاءل عند سماع  أسماء أخرى  كرابح  ومبارك وتوفيق وناصر … ومن ثم نجد بعض الأشخاص الغرقين في الإيمان بالخرافة ، يتعمد إسماع هذه الأسماء لغيره في الصباح الباكر  خاصة  في صباح يوم السوق الأسبوعي ، والغريب أن الدولة نفسها تعيش هذا التناقض وتشجع هذا السلوك المتسم بالشرك والوثنية ، فهي من جهة تقر دستوريا بأن دين الدولة الرسمي هو الإسلام ( يشير دستور الدولة المغربية في فصله الثالث إلى أن  » الإسلام دين الدولة  » ) وفي نفس الوقت نجدها  تسمح بالمواسم السنوية ، التي تقام أمام الأضرحة  في مختلف المدن  والتي يمارس فيها  وعندها  من المنكرات ما لا يوصف  ، وتشرف على تنظيمها وتوفر كل الشروط من أجل إنجاحها  . فمثلا لا ينطلق موسم الصيد البحري  بأسفي إلا بإشراف ومباركة السلطات المحلية ، وبعد أن ينطلق الموكب الصوفي لجامعة احمادشة  وعيساوى من ضريح أبي محمد صالح إلى ضريح سيدي بوزكري الموجود وسط ميناء أسفي الذي تتقدمه الذبيحة الرسمية  للمعروف –  يقصد بالمعروف

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. حيمري عمر
    23/11/2018 at 13:03

    أقصد : لا تختلف  » إن الحالة الدينية في المغرب الإسلامي اليوم ، تختلف كثيرا عن تلك التي عاشها الإنسان
    أقصد : لجماعة  » وبعد أن ينطلق الموكب الصوفي لجماعة احمادشة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *