مذكرات استاذ متقاعد : غير ثاممايث
هذا العنوان عبارة أمازيغية يستعملها الناس عندنا حينما يقصدون بأن ماسمعت من وعود ،هو مجرد هراء وكلام عابر لا ينبغي الاعتداد به.
أما ،،ثاممايث،،فهي شجر،،العريش،،الذي ينمو على ضفاف الأنهار والأماكن الرطبة،لكني لست أدري لماذا أقحمه أجدادنا في الحالات التي ينتصر فيها الكذب!
لعل العارفين بطبيعة النباتات ومكوناتها يستطيعون تبرير الاستعانة بهذا الشجر المسكين في مجال الكذب،أما الشائع في القديم،أن الأهالي كانوا يختارون من هذا الشجر الأغصان المستقيمة،ثم يحدون أحد أطرافها لتسخر في شد حصير الخيمة إلى بعضه البعض،وتعرف هذه ،،الإكسيسوارات،،ب،،ثيسغناس،،التي ربما انقرضت بعدما تراجعت أهمية الخيمة التقليدية.
أما مناسبة هذا الكلام،فهو الحملة الشعواء التي انطلقت في الفضاء الأزرق من أجل مقاطعة بعض المواد ثم المهرجانات.
نعم،نجحت المقاطعة إلى حد كبير فيما يهم بعض المواد مما ترتب عنه ارتباك في الأوساط المعنية التي تبحث عن مخرج في أقرب الآجال.
لكن،،ثاممايث،،تفرض نفسها مرة أخرى فيما يتعلق بمقاطعة مهرجان ،،موازين،،وإخوانه الذين ينتظرون دورهم.
إن المواطن الذي يحمل هم الوطن ومعاناة إخوانه ليشعر بخيبة أمل،بل وبإحباط كبير حينما يسخر كل إمكانياته المتاحة ليرفع من درجة يقظة مواطنيه ليفاجأ في النهاية بأنه إنما كان ينطح صخرا!
إن الأحداث التي حبلت بها الساحة الوطنية منذ نهاية السنة الماضية،كانت توحي بأن الغضب سيشمل هذه المهرجانات التي تكرس الاستسلام لنزوات عابرة يتخلى فيها الناس عن قيمهم وأصالتهم ليتماهوا مع كل المسخ العابر للقارات والمؤدى عنه بالدينار والكرامة!
لعل كل عاقل يصاب بالذهول حين يشاهد الفتيات المغرببات يرتمين بهيستيرية في أحضان كائنات حولت أجسادها لمسودات مقرفة يصدر عنها زعيق لا تنتشي به إلا هؤلاء المخلوقات التي ينتجها بلدنا والتي ،،خرجت عن جلودها،،لتتقبل كل ما يفد من وراء البحر ولو كان فيه دمار الأسرة وضياع الجيل.
لقد عمل جنود الفايسبوك ما في وسعهم من خلال نشر صور المغنين المنحرفين الذين يغرفون من أموال الدولة ما لا يراودهم في الأحلام حتى تفشل هذه المهرجانات،لكن العكس هو الذي حصل.
إن المتأمل في هذه الحال التي انتهينا إليها،ليراوده إحساس بإعادة النظر في كل القناعات إذا كانت شخصية االمواطن المعاصر مهزوزة إلى هذه الدرجة،بحيث تتنكر لكل القيم بمجرد أن يظهر على المنصة نموذج من الكائنات التي كان آباؤنا يصنفونها بين:،،هداوي،بنسنس،مجدوب،، للدلالة على أشخاص غير أسوياء يتعين معاملتهم على هذا الأساس.
قبل سنوات قليلة،نظم شباب وجدي حملة مهذبة وقوية عبر الاتصال برواد المقاهي المجاورة للملعب من أجل مقاطعة مهرجان،،الراي،،وقد كانت حملتهم تستحق كل التقدير لما قدموه من معطيات شاملة اعتقدت معها أن الاستجابة شبه مؤكدة،لكن صدمتي كانت قوية حين خرجت أستطلع لأفاجأبسكان الحي من كل الأعمار ومن الجنسين قد حملوا كراسيهم وتراصوا حتى غص بهم المكان، والأدهى من كل ذلك أن المعجبين قد قدموا من جرادة وتاوريرت وبركان…
كان هذا قبل عدة سنوات،فإذا الواقع مازال عنيدا ،وإذا الإنسان يتخلى عن الوعود والأيمان الغليظة في أول امتحان لتظل المواقف المعلنة شيئا من ،،ثاممايث،،وكفى!
Aucun commentaire