هل يعقل أن تتضمن مباراة ووزارة التربية الوطنية الخاصة بتوظيف المتعاقدين أسئلة تتعلق بديداكتيك المواد وإعداد جذاذات دروس ؟

هل يعقل أن تتضمن مباراة ووزارة التربية الوطنية الخاصة بتوظيف المتعاقدين أسئلة تتعلق بديداكتيك المواد وإعداد جذاذات دروس ؟
محمد شركي
بلغني عن طريق بعض المترشحين لاجتياز مباراة التوظيف عن طريق التعاقد مع وزارة التربية الوطنية أن اختبارات هذه المباراة تضمنت أسئلة تتعلق بديداكتيك المواد وبإعداد جذاذات دروس، فاستغربت من إقدام الوزارة على ذلك من موقعي كمفتش تربوي سابق ، ذلك أن ديداكتيك المواد وإعداد جذاذات الدروس عبارة عن خبرة إنما تحصل عن طريق تكوين أساسي نظري وتطبيقي تضطلع به مراكز التكوين ، وتراكم عن طريق الممارسة في الفصول الدراسية مع الخضوع لتكوين وتتبع ومراقبة أجهزة المراقبة المختصة . وقد يخضع المدرسون لتكوين أساسي ويمارسون مهامهم لمدة زمنية معينة ويستفيدون من ندوات تربوية ويحضرون دروس تطبيقية وتجريبية تحت إشراف المراقبة التربوية ومع ذلك تعوزهم الخبرة الديداكتيكة اللازمة ، وكذا خبرة إعداد جذاذات دروس وغير ذلك مما تفتضيه مهام التدريس ، ويحتجون إلى وقت للتمرس على ذلك . وقد يعتمد بعضهم على خبرات زملائهم من ذوي الخبرة يحاكونها قبل أن يتمكنوا من المزاولة الديداكتيكية على الوجه الصحيح والمنصوص عليها في التوجيهات التربوية الرسمية . ومعلوم أن الخبرة الديداكتيكية تكتسب وتراكم عن طريق الممارسة الفصلية المصحوبة بتتبع المراقبة التربوية المنتظمة . ولست أدري ما الهدف الذي وضعه نصب أعينهم واضعو أسئلة مباراة التعاقد حين اختبروا مترشحين لا خبرة لهم فيما يتطلب خبرة نظرية وممارسة عملية . فإذا كان الهدف هو مجرد معرفة مدى اهتمامهم بالقطاع الذي يريدون الانضمام إليه والتعاقد معه فالأمر قد يهون، لكن إذا كان وراء ذلك أهداف أخرى غير معلنة من قبيل الحد من عدد المترشحين بعد عملية الفرز والإقصاء الأولى أو من قبيل إعطاء امتياز لفئات العاملين بالتعليم الخصوصي الذين يمارسون التدريس وهم يستفيدون من التأطير التربوي على غرار العاملين بالتعليم العمومي أو من قبيل إعطاء امتياز لفئات العاطلين التي استفادت من تكوينات أشرفت عليها الوزارة الوصية بالشراكة مع جهات أخرى استجابة لوقفات واحتجاجات تلك الفئات ،وقد أبلغني أحد المترشحين أن أحد الموظفين بإحدى مديريات أكاديمية الشرق أخبره بعد أن رفض ترشيحه أن الأسبقية تعطى للذين خضعوا لتكوينات، وعليه فإذا ما كانت مثل هذه الأهداف قد سطرت سلفا ، فإن الأمر يتعلق بنقض صارخ لمبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين الذين يرغبون في التعاقد مع وزارة التربية الوطنية . ومعلوم أن المباريات المفتوحة في وجه الراغبين في ولوج سلك التدريس من المفروض أن تختبر هؤلاء في مدى تمكنهم من مواد تخصص الشواهد الجامعية التي يحملونها وذلك لقياس أهليتهم المعرفية التخصصية ، أما اختبارهم فيما لا سابق علم أو خبرة لهم به ،فإن ذلك من قبيل مطالبة فاقد الشيء بالعطاء . ومعلوم أنه لا توجد جهة معينة تدافع عن مصالح المترشيحين من خلال مراقبة ما يمتحنون فيه حين يتقدمون لاجتياز مباريات التوظيف، الشيء الذي يجعلهم تحت رحمة هذه المباريات التي قد يوصف بعضها بمباريات تعجيزية لها أهداف غير معلنة . ويجدر بأطر التربية الوطنية سواء الذين أنهوا الخدمة أو الذين لا زالوا يزاولون مهامهم تسليط الأضواء على اختبارات المباريات الخاصة بقطاع التربية والكشف عن مدى مصداقيتها دفاعا عن مترشحين لا يوجد من يحميهم ،وهم فئات شباب متلهف على الشغل وحالم بمستقبل ومهدد بالبطالة وبالمستقبل المجهول . فهل ستنتبه الوزارية الوصية مستقبلا إلى الخلل في اختبارات مباريات التعاقد أو التوظيف صيانة لحقوق المترشحين أم أنها ستمضي في قراراتها غير آبهة بنقد أو نصح ؟ و في الأخير أرجو أن يسلط أهل الاختصاص الأضواء على مواطن اختلالات تلك الاختبارات تنويرا للرأي العام ، ونصحا وتوجيها للوزارة ، ودفاعا عن مصالح شباب حالم بالانتماء إلى هذا القطاع ، وفار من شبح البطالة الذي يتهدده .




Aucun commentaire