Home»International»بعد نصف قرن على النكسة ها هي اليوم تستفحل وهيمنة إسرائيل تتجاوز ما بين الفرات والنيل إلى ما بين الخليج والمحيط

بعد نصف قرن على النكسة ها هي اليوم تستفحل وهيمنة إسرائيل تتجاوز ما بين الفرات والنيل إلى ما بين الخليج والمحيط

0
Shares
PinterestGoogle+

بعد نصف قرن على النكسة ها هي اليوم تستفحل وهيمنة إسرائيل تتجاوز ما بين الفرات والنيل إلى ما بين الخليج والمحيط

محمد شركي

حلت بنا ذكرى نكسة حزيران 1967 التي كشفت عن قوة جيش دولة إسرائيل الذي كان في الحقيقة  عبارة عن جيوش غربية تقاتل صفا وحدا  وعن خور الجيوش العربية التي كان زعماؤها يذرون الرماد في عيون الأمة ، ويكذبون عليها بأنهم سيلقون بعدوهم في البحر ، فإذا به  يمرغ أنوفهم في التراب ، ويذيقهم شر هزيمة لم تقم لهم بعدها قائمة منذ نصف قرن . وضاعت مع هذه الهزيمة النكراء مقدسات الأمة والمزيد من أراضيها ، ورقص الصهاينة طربا بنصرهم على غثاء الجيوش العربية . ولقد كانت النكسة تكريسا للنكبة وتلتها نكسات متتاليات أفضت إلى انبطاح عربي ما زال أمره يستفحل حتى صار الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين والأراضي العربية واقعا مفروضا ،  وقدرا محتوما لا راد له ،وصار الذين كانوا يلوحون بإلقاء الصهاينة في البحر يطالبون بالكانتونات ضمن  ما يسمى حدود ما قبل 67 ، وبالقليل منه  بل الأقل . ولقد قاد الذين  كانوا في مقدمة خسارة الحرب مع العدو الصهيوني الأمة إلى اسطبل داود لتوقيع معاهدة ذل لا مثيل لها في تاريخ هذه الأمة ، واستمر انبطاحهم أمام العدو حتى صاروا ينوبون عنه في ترويض الأمة لعدوها . نصف قرن مضى على النكسة وها هي اليوم أشد مما كانت عليه وقد استفحلت . ولقد اختارت دول خليجية  مناسبة حلول هذه النكسة  المشؤومة لتقدم انتصارا مجانيا لدولة إسرائيل من خلال إعلان قطع العلاقات فيما بينها ، ومنع الجو والبر والبحر عن بعضها دون منع ذلك عن عدو الأمة  المتربص بها وعن من هم في  صفه يدعمونه بقوة السلاح والمال . ومباشرة بعد حصول الرئيس الأمريكي على أضخم مبلغ جاد به الخليج على الولايات المتحدة يأتي حادث  تفكك أوصال مجلس التعاون الخليجي ليكون ذلك تشفيا أمركيا وصهيونيا  من دول المجلس التي استقبلت الرئيس الأمريكي في عقر دارها ،وجلست منه مجلس التلميذ من الأستاذ أو السيد من الخادم تتلقى التعليمات الصارمة التي لا مجال لمناقشتها مع ابتزاز مالي ضخم مذهل . ولقد طار الرئيس الأمريكي إلى عاصمة الكيان الصهيوني ليشرب نخب ما فعله بالزعماء العرب وما نهبه منهم وفيه نصيب الأسد للكيان الصهويني تعويضا على انتصاراته المتتالية على الذين كانوا يلوحون بإلقائه في البحر قبل نصف قرن .

وحكاية النكسة ما بعد مرور نصف قرن على نكسة 67 هي أن العدو الصهيوني ومن يدعمه أوجسوا خيفة من حراكات الربيع العربي التي كانت عبارة عن تعبير الأمة العربية عن سخطها وغضبها من انبطاح قادتها أمام العدو الصهيوني ومن فساد عاثوه فيها . وسارع العدو إلى إجهاض هذه الحركات والثورات من خلال خلق ثورات مضادة . وكانت البداية من الجبهة المتقدمة  التي وقعت فيها نكسة 67 حيث دبر انقلاب عسكري بليل ضد الديمقراطية التي نعم بها الشعب المصري لأول مرة بعد فترات استبداد  عسكري مقيت ، ووظف العدو الأموال الخليجية وهي أموال الأمة  لإنجاح هذا الانقلاب الذي كان بداية النكسة الثانية . وامتد تأثير هذا الانقلاب على الديمقراطية والشرعية في كل أرجاء الوطن العربي بأشكال وأساليب مختلفة تلتقي كلها عند هدف واحد هو قطع الطريق على تذوق الأمة العربية طعم الديمقراطية والتحرر من الديكتاتورية المقيتة التي تتقنع بأقنعة الديمقراطية الزائفة والمكشوفة . وعلى غرار الانقلاب العسكري في مصر  وهي الجبهة الأولى في الصراع العربي الصهيوني، توالت أشكال من الانقلابات  في جبهات أخرى، وأفضت إلى ما بات يعرف بالحروب الأهلية والطائفية  التي صار العرب يخوضونها بالنيابة عن العدو الصهيوني ضد أنفسهم وبتمويل منهم يستخلص من خيرات الأمة ، وكان هذا عبارة عن انتصار للعدو أكبر من انتصاره قبل نصف قرن من الزمان . ولقد حبك العدو ومؤيدوه حيلة جهنمية من خلال  زرع عصابات إجرامية  من المرتزقة  الذين يتقنعون بقناع الدين في قلب الوطن العربي وتحديدا في الجبهات المحيطة بالعدو  ليكون ذلك ذريعة له للتدخل المباشر هو وحلفاؤه في هذا الوطن وتغيير ملامحه الجغرافية والبشرية من أجل أن يستتب  له الأمن  والسلام ، ويحقق حلمه بإنشاء ما يسميه وطنه الكبير من فرات العرب إلى نيلهم، وما بعدهما فيما بعد . ولقد أعطى زرع هذه العصابات  الإجرامية التي يتبرأ منها الإسلام براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام ذرائع للأنظمة العربية المستبدة   لتصفية حسابها مع كل من يتوق إلى الديمقراطية والحرية . وإذا كان ظاهر الحرب التي يخوضها الجميع ضد تلك العصابات الإجرامية ، فإنها في الخفاء حرب ضد  كل من ينشد الديمقراطية الحقة في الوطن العربي . وليس من قبيل الصدف أن يتم زرع العصابات الإجرامية وتمويلها وتسليحها وهي تدعي الانتساب إلى الدين وترتكب فظائعها ضد الأبرياء في كل مكان  باسمه ليتسنى بعد ذلك للذين زرعوها شرعنة  إدانة كل من يرفع شعار هذا الدين ، بذريعة  أنه يلتقي مع تلك العصابات الإجرامية في فهم الدين وممارسته ،ومن ثم يلتقي معها في إجرامها . وهكذا صار إلى جانب  الإسلام الدين الحنيف ما صار ينعت بالإسلام الإرهابي ، وهي تسمية تضم كلمتين على طرفي نقيض ألصقت بديننا افتراء عليه ، وصار أعداؤنا هم الذين يقررون مصير هذا الدين ويصنفونه حسب أهوائهم للتغطية على مؤامرتهم الخبيثة التي فككت أوصال الأمة ومزقتها كل ممزق . ولقد سهل على الرئيس الأمريكي أن يصنف حركة المقاومة الإسلامية في غزة مع الإرهاب على مسمع قادة عرب حضروا قمته ولم يحركوا ساكنا ، وصارت هذه المقاومة كالعصابات الإجرامية المزروعة في الوطن العربي مخابراتيا ، وصارت لا تختلف عن عصابات الحشود الرافضية في الشام والعراق  المسخرة من طرف دولة إيران ، ولا تختلف عن الدولة الصفوية في إيران . وهكذا وجد كل  منبطح للعدو ومن يدعمونه من الغربيين ذريعة جاهزة للإجهاز على كل من ينادي بتحرير الأرض العربية المحتلة خصوصا إذا كان من الذين يرفعون الإسلام شعارا كما هو الشأن بالنسبة لحركة المقاومة الإسلامية في غزة. وهكذا سهل  أيضا على متزعم الانقلاب في مصر تصنيف خصومه السياسيين الذين أطاح بهم وزج بهم في السجون  والمعتقلات الرهيبة  من الإخوان ضمن العصابات الإجرامية ، وهو اليوم يخترق الأجواء الليبية  بذريعة محاربة الإرهاب للتمويه على اغتصابه للسلطة دون أن تمنعه القوانين الدولية القاضية باحترام سيادة الدول وحرمة الجوار ، وهو يقف إلى جانب الجنرال المتقاعد حفتر الذي هو من فلول النظام البائد الرافض لما انتهى إليه الليبيون في مدينة الصخيرات من وفاق  للخروج من حالة الفوضى العارمة التي صنعتها أياد خفية تخطيطا وتمويلا . وما كادت دول خليجية تعلن قطع علاقاتها مع دولة شقيقة وعضو في مجلس التعاون الخليجي حتى سارع متزعم الانقلاب في مصر إلى الإعلان بدوره عن قطع علاقته معها ،الشيء الذي يؤكد ضلوعه المكشوف  في الأزمة المندلعة بين دول مجلس التعاون إذ لو صح ما برر به قراره لكان قد اتخذ قرار قطع العلاقات مع قطر قبل أن تقطع العلاقة معها الدول الخليجية المجاورة . ولقد فضحت الوثائق المسربة  المنشورة إعلاميا  والمنسوبة لجهات خليجية  عن هذا الضلوع ، وعن ضلوع الكيان الصهيوني في  عملية التآمر على الأمة العربية من خليجها إلى محيطها .ولا يمكن الثقة في الأصوات الغربية الموالية للعدو الصهيوني التي تتظاهر بالأسف على ما حدث بين دول الخليج ،  وتدعو إلى وحدة  صفها تمويها على محاولة  إيقاع الخيلج فيما وقع فيه الشام والعراق ومصر واليمن وليبيا ، وما يخطط له بخبث  ومكر في المغرب العربي، وذلك لزعزعة الأمن والاستقرار في كل ربوع الوطن العربي ليستفيد العدو الصهيوني من هذا الوضع ويحقق حلمه كاملا غير منقوص ،وقد أوشك على ذلك إن لم يكن قد فعل ذلك  بالفعل .  وها هي الأمة تتجرع مرارة نكسة أشد مرارة من نكسة عاشتها قبل نصف قرن . فهل ستتمكن هذه الأمة من الالتفاف على أخبث مؤامرة تواجهها لإفشال النكسة الحالية والنكسة السابقة  أم أنها ستستسلم لهذه النكسة  الفظيعة وتنبطح  لعدوها ؟ المستقبل  القريب  كفيل بالكشف عما ستقرره هذه الأمة بالاعتماد على شعوبها  بعدما خاب ظنها ورهانها على أنظمتها المنبطحة التي يواجه بعضها بعضا قتلا وتدميرا وتجريما وتخوينا عوض صرف جهودها نحو عدو ماكر يمكر بها بخبث ويوقعها في حبائله . فهل ستنجح الشعوب العربية في رد جماح أنظمتها إلى ما يحقق عزتها وكرامتها أم أنها ستخضع  خاضعة خانعة تتابع دمار كيانها ومجدها لا تحرك ساكنا  وقد خانت تضحيات الذين بنوا مجدها وعزتها وكرامتها ؟ وأول ما يحقق خطوتها الأولى نحو استرجاع ما ضاع وحدة الصف لأن ذهاب الريح يكون مع النزاع كما نبه إلى ذلك رب العزة جل جلاله في محكم التنزيل .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *