بنكيران أو الطوفان

يبدو أن السكيزوفرينيا التي أصابت السيد رئيس الحكومة المغربية لم يعد لها حدود،بل أصبحت تسيطر تماما لدرجة أنه نسي أنه فعلا رئيس الحكومة المغربية.
السيد بنكيران ،خلال خرجاته الأخيرة،نسي بأنه المشرف الأول على الانتخابات ،و نسي بأن الملك هو الضامن الأول لنزاهة العملية الانتخابية،و بدأ في عملية ابتزاز وتهديد مباشرة للدولة.السيد رئيس الحكومة قال مخاطبا أتباعه ،في مؤتمر حزبه الأخير،بأنه لا يضمن عواقب الإعلان عن نتائج الانتخابات المقبلة غير النتائج التي ينتظرها الشعب المغربي.مذكرا الجميع بأن استطلاعات الرأي(المفبركة) كلها تشير إلى فوز حزبه في التشريعات القادمة.
يعني أن رئيس الحكومة،الذي هو المشرف الأول على الانتخابات القادمة ،يقول لوزير الداخلية بأن أي نتيجة غير فوز العدالة و التنمية بالانتخابات المقبلة هو نتيجة مرفوضة من الآن ،وغير محسوبة العواقب.يمكن اعتبار هذا التصريح توجيها قبليا للعملية الانتخابية و للمشرفين عليها ،و يمكن اعتباره دعوة صريحة لتزوير أي انتخابات لا تحمل النتيجة التي ترضي السيد رئيس الحكومة و أتباعه، و يمكن اعتباره تهديدا مباشرا للدولة بالمجهول، إذا لم تتدخل الدولة لتزوير الانتخابات لصالح حزب العدالة و التنمية.
أي تأويل من التأويلات لهذا التصريح يحيلنا إلى كارثة حقيقية سواء تعلق الأمر بتوجيه قبلي للعملية الانتخابية أو دعوة صريحة لتزوير نتائجها أو تهديد للدولة بمصير مجهول.
و المصيبة الأعظم هي أن تصريح بنكيران يعتبر دليلا ملموسا على التأويل الذي يعطيه الإسلاميون للعملية الديمقراطية، وهو التأويل الموجود في أدبياتهم و الذي تختصره عبارة « النصر و التمكين » التي يجامل بها كل إسلاميو العالم بعضهم بعضا.عبارة « النصر و التمكين » تختزل الفكر الاخواني،و الغسيل الذي يخضع له أي عقل جديد ينتمي للجماعة الاخوانية التي تعتبر حركة التوحيد و الإصلاح ممثلا رسميا لها بالمغرب.النصر يعني الوصول إلى الحكم بأي وسيلة و بسط النفوذ و السيطرة على مفاصل الدولة.
و الحقيقة أن مفاجأتي كانت ستكون أكبر لو أني سمعت السيد بنكيران يقول كلاما غير الذي قاله،لأنه سيكون بذلك يخالف المبادئ التي تربى عليها ،فكيف يمكن أن تنتظر من شخص تربى على مبدأ السمع و الطاعة أن يحترم الاختلاف و يقبل بالتداول على السلطة و الاحتكام للصندوق وفق قواعد محددة اتفق عليها غالبية الشعب وغير معروفة النتائج؟
تصريح السيد رئيس الحكومة حول الانتخابات و نتائجها اتبعه تصريح آخر خلال لقاء مع طلبة المعهد العالي للصحافة اعتبر فيه السيد بنكيران الوصول إلى الحكومة لا يعني الوصول إلى الحكم، و أن صلاحيات رئيس الحكومة ضئيلة، و أن الحاكم الفعلي هو الملك.
و كأني بالسيد بنكيران يريد من خلال هذا التصريح أن يعلق فشله في التسيير على الملك.و يقول للمغاربة بان القرارات التي تمس جيوبكم و مستقبلكم و مستقبل أبنائكم مصدرها الملك.و كأن الملك هو من يوقع قرارات الزيادات في كل شيء، وكأن الملك هو من يرفض الرفع من الأجور، وكأن الملك هو من يريد فرض قانون تقاعد لا يقبل به أحد،وكأن الملك هو من يعنف المحتجين،وكأن الملك هو من أغرق البلاد في الديون،وكأن الملك هو من لم يحقق النمو، وكان الملك هو من يعين في المناصب السامية في الوزارات،و كان الملك هو المسؤول عن تدهور المستشفيات و إخفاق نظام الرميد،و و و و و….مع أن فصول الدستور واضحة و تقول بالحرف في الفصل 88:
« بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة يقوم رئيس الحكومة أمام مجلس البرلمان مجتمعين،و يعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه،و يجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به،في مختلف مجالات النشاط الوطني،و بالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية و الثقافية و الخارجية.يكون البرنامج المشار إليه أعلاه،موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين،يعقبها تصويت في مجلس النواب.تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم ،لصالح البرنامج الحكومي…
ثم الفصل 89: »تمارس الحكومة السلطة التنفيذية،تعمل الحكومة تحت سلطة رئيسها،على تنفيذ البرنامج الحكومي و على ضمان تنفيذ القوانين.و الإدارة موضوعة تحت تصرفها،كما تمارس الإشراف و الوصاية على المؤسسات و المقاولات العمومية »
ثم الفصل 90 « يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية،و يمكن ان يفوض بعض سلطه الى الوزراء ».
المطلع على القانون عندما يسمع خطابات رئيس الحكومة، يظن انه مصاب بالسكيزوفرينيا،غير أن الحقيقة هي أن السيد بنكيران يلعب لعبة خطرة عنوانها ببساطة »أنا أو الطوفان »،لكنه نسي بان البلاد التي عجز العثمانيون عن استعمارها بالسواعد يستحيل أن يستعمروها بالوكالة.
خالد أشيبان




1 Comment
ومن قال لك ان استطلاعات الرأي مفبركة !!اما وإن كان الأمر كذلك فمن يمنعك ان تنور الراي العالم المغربي بهذا الأمر الخطير فتضرب بذلك عصفورين بحجر واحد !!السبق الصحفي وفضح بنكيران وحزبه. اما وان تقول كلاما فضفاضا لايصلحإلا الاستهلاك لا يسمن ولايغني من جوع فذلك ليس بجديد على صحافتنا للاسف