Home»Correspondants»التقعيد العقدي للسلوك السياسي – إيران نموذجا-

التقعيد العقدي للسلوك السياسي – إيران نموذجا-

2
Shares
PinterestGoogle+

التقعيد العقدي للسلوك السياسي – إيران نموذجا-

          أحمد الجبلي

إن الدافع والمنطلق الأساس الذي تتأسس عليه جميع المواقف  والمسلكيات التي تتبناها الدول والشعوب وحتى الأفراد..هو الدافع والمنطلق العقدي لدى الدولة أوالشعب أو الإنسان عموما، لكون التوجه العقدي هو المؤطر الفعلي والعملي لكل موقف أو سلوك. إذ تعتبر العقيدة التي يؤمن بها الإنسان ويدعن لها ويجعل كل تفاعلاته وما يصدر عنه من رؤى وتصورات ومواقف خاضعا لهذه العقيدة. فهي البوصلة التي تحدد اتجاهاته وحزام الأمان الذي يضبط المنعرجات كما يحدد طبيعة العلاقات والمعاملات والسياسات داخل الملة الواحدة أو خارجها مما يوجد من ملل متدافعة في هذا النظام الدولي.

 فلو أخذنا، على سبيل المثال، كل السلوكيات والمواقف والأفعال التي صدرت عن أمريكا لوجدناها متساوقة مكيفة وفق ما تمليه العقيدة المسيحية التي تؤطرها. ف بوش اللعين عندما داهم العراق واحتلها بعدما لم يجد سبيلا لشراء ذمة رئيسها الراحل الشهيد صدام، قال بأنه دخل العراق باسم الرب، لأن في التصور المسيحي العقدي يقول المسيح: لم آتي لألقي سلاما بل جئت لألقي سيفا. وبالتالي فالعدوان الذي مورس في العراق ومورس على الشعب العراقي الأبي إنما هو من منطلق عقدي محض ومؤطر برؤية مسيحية محضة. وأما فيما يخص عمليات القتل الواسعة والتشريد والاغتصاب ونهب الأموال فيكفي الإنسان المسيحي أن يقف بين يدي البابا ويعترف بخطيئته ليصبح طاهرا نقيا كيوم ولدته أمه…وهكذا بعد كل جريمة قتل أو إبادة شعب لابد من استعراض الأمر على الأب المقدس ليمنحك ورقة الطهارة ويبرئك ويغسل يديك من كل الدماء التي لطخت يديك ويعطرهما بنبيذ هو في المعتقد المسيحي دم يسوع ابن الآب الذي في السماء.وربما يمكن القول إن نفس الشيء يقال عن إيران ولذلك يمكن طرح السؤال التالي: ما العقيدة التي تؤطر إيران دولة وشعبا؟ وكيف تحدد العقيدة الشيعية نظرتها لدول الجوار الذين يدينون بعقيدة مختلفة تماما. وكيف ينظر الإنسان الشيعي لكل عربي مسلم يبوئ أبا بكر وعمر مكانة خاصة في قلبه وعقله ووجدانه ويبوئ أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين حفصة مكانة متميزة مشوبة بالقداسة والتبجيل وكل الاحترام؟ إذا كانت إيران قد ألغت معاهدة اقتصادية مع دولة عربية لمجرد أن هذه الدولة قد قامت بتصدير علب مربى مكتوب عليها مربى عائشة..فعلى أي أساس سيتم التعامل مع إيران إذا كانت الاختلافات التي تؤطر تعاملها وسياساتها مع دول الجوار في أصولها عدائية على اعتبار أن الدول العربية من سلالة من قتلوا الإمام الحسين رحمه الله وهي تبجل خليفة اسمه عمر أحرق بيت فاطمة الزهراء وأجهض جنينها في المعتقد الشيعي.. وكيف يمكن لأي إنسان عربي مسلم أن يجلس مع من جعل في دعائه المأثور دعاء اللعنة على من أسموه بصنمي قريش وهما أبو بكر وعمر. و كيف يمكن لنا تقبل بناء ضريح فوق قبر أبي لؤلؤة المجوسي لعنة الله عليه تكريما له على قتل الخليفة الثاني عمر الفاروق.

إن إيران قد استهواها سفك دماء الشعب السوري ولم يرق لها سفك دماء الحوثيين ولا الشعب البحريني الشيعي. ونحن طبعا ضد أن يسفك دم أي شعب عربي كيفما كانت عقيدته. بل نحن من منظور إسلامي ضد الظلم والعدوان حتى ولو كان على شعب كافر لأن الظلم حرمه الله بكل أشكاله وألوانه.

إن إيران التي تجعل قداسة خاصة لأئمتها ورفعتهم مقاما أكبر من مقام الأنبياء والملائكة..ومنحتهم عصمة ونزهتهم عن الخطإ والمعصية..ففي أي وقت قد ينظر فيه إمام بأننا كفار يجب إبادتنا فالكل سيدعن ويستنفر كل قواه مادام الأمر صادرا عن إمام معصوم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.  لأن في غياب حكم الشرع الرباني الحنيف تماما كما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث رحمة للعالمين فلا أمان لأحد على أحد والأمر سيكون رهينا بما يحمل هذا الإمام من فكر وتصور وفي هذا مقامرة ومغامرة لا يمكن احتساب عواقبها.
لقد اتضح الآن أن وقوفنا بجانب إيران في وجه دول الاستكبار العالمي كان خطأ قاتلا، وحتى لا تنطلي علينا الحيلة مرة أخرى يجب أن نظل أوفياء لرفضنا  أن تكون إيران في صف روسيا والصين حماية لموقعها التوازني في العالم على حساب قضية الشعب السوري ودماء أبنائه الغالية والزكية.

فعقيدة أهل السنة والجماعة ،عقيدة الأشاعرة والماتريدية وفضلاء الحنابلة، تجعل حرمة المؤمن أعظم عند الله من حرمة الكعبة..فكيف تجعل إيران حرمة العلاقة مع روسيا والصين أعظم من حرمة شعب بأكمله وهو الشعب السوري الأبي  الذي لم ترقب فيه إلا ولا ذمة.

إن ما يحدث في سوريا قد كشف عورة الكثير من الذين كنا نعتقد أنهم يصطفون في طابور الممانعة ضد الصهاينة مثل حزب الله الذي تحول هو كما تحولت قناته  من قناة الممانعة إلى قناة تزين للشيطان سفك الدماء وقتل الصبية والشباب والشيوخ.

إن إيران، بتلطيخ أياديها بدماء الشعب السوري البطل، تعطي مبررا قويا لكل تخوفات دول الجوار والتي على رأسها دول الخليج. وبذلك تكون قد ذهبت أدراج الرياح كل المحاولات الإيرانية التطمينية للجيران من أن إيران دولة صديقة ولا يمكن أن تشكل خطرا على من هم مسلمون يدينون بنفس دينها وهو الدين الإسلامي. ولكن إيران قد نسيت أن من تجرأ وكذب على الفقهاء والأئمة عبر التاريخ، على رأسهم الإمام جعفر الصادق، وزيف الأقوال ووضع الأحاديث كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يمكن على الإطلاق الوثوق به بل يمكن أن نجعله على الشاكلة التي بها حذرنا الله  من اليهود والنصارى حين قال: ( ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم) لنقول نحن بدورنا: لن ترضى عنا إيران حتى نكون شيعة نؤله الأئمة ونسب الصحابة ونطعن صدورنا بالسيوف يوم عاشوراء. 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *