ليس هناك شعب الله المختار في المغرب

سأتناول الموضوع من 3 مداخلات
1) المداخلة الأولى :ما صرح به السيد وزير العدل و الحريات
في مقال للسيد عبد السلام بنسلام في جريدة سوكوبريس ليومه 30اكتوبر 2015 تحت عنوان( الرميد يشدد على محاسبة القضاة) جاء فيه « شدد وزير العدل و الحريات السيد مصطفى الرميد على ضرورة محاسبة القضاة على تجاوزاتهم و أخطائهم المهنية أسوة بالأطباء و المهندسين المعماريين و المحامين مع توفير كافة الضمانات للقضاة ».
و في إطار آخر نقرأ هذا الخبر على الجرائد الوطنية لأهميته البالغة »… اعتبر الرميد في كلمة ألقاها يوم الجمعة 30اكتوبر 2015 في ندوة نظمتها الودادية الحسنية للقضاة بالدار البيضاء حول موضوع( استقلال السلطة القضائية في مشاريع القوانين التنظيمية ) » أن القضاة مسؤولون و محاسبتهم من اختصاص المجلس الأعلى للسلطة القضائية » ،وقال في هذا الصدد « أنت قاض فانتم مسؤول ،لكن لن يحاسبك وزير و لا غفير بل المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي يضم 10 قضاة يمثلون زملاءهم و يتوفرون على 40 سنة من الخبرة و يميزون الخطأ الجسيم و يعرفون كيف يصنعون العقوبات المناسبة ،ومعهم 7شخصيات يمثلون المجتمع » مضيفا » ما يجب أن يعرفه الجميع هو أن ليس هناك شعب الله المختار في المغرب و القضاة يجب أن يحاسبوا »
و في موقع آخر و في نفس الموضوع أكد وزير العدل و الحريات على أن » القاضي المستقيم لا يخضع لا إلى سلطة المال و الجاه ،و لا لسلطة الدولة،لأنه يعرف انه سيموت و سيفتح له ملف في الدار الآخرة كما كان يفتح ملفات قضائية في الدنيا ». مع العلم أن السيد الوزير مصطفى الرميد كشف في مناسبات سابقة « عن قيام السلطات القضائية المختصة و مصالح الوزارة بتتبع القضاة الذين يظهر عليهم ثراء أكبر من المداخيل التي يحصلون عليها حيث تتم مساءلتهم عن مصادر ثروتهم من اجل الوقوف في وجه فساد محتمل ».
2) المداخلة الثانية: ردود أفعال القضاة
أما بعض القضاة المغاربة فهددوا و لوحوا باللجوء إلى المحكمة الدستورية أمام وصاية وزير العدل إذ » » عبر قضاة الودادية الحسنية عن انزعاجهم الكبير من إصرار الحكومة على فرض وصاية وزارة العدل و الحريات على المجلس الأعلى للقضاء الذي ستوكل إليه مجموعة من الاختصاصات منها النظر في المخالفات المهنية للقضاة و إصدار عقوبات في حقهم معتبرين ذلك مخالفا للدستور المغربي ».
3)المداخلة الثالثة: آراء بعض المواطنين المتابعين للحدث.
سأقتصر على عرض رأيين لهما أهمية كبيرة لمعلقين على المواضيع التي تطرقت للحدث،متغافلا عن الباقي نظرا لكثرتها.
أ)صرح منتقد لم يعلن عن اسمه، معلقا » مادام القضاء فيه فساد لن تقوم لمغرب الحق قائمة و لن يستقيم أي شيء و يجب على القضاة أن يلفظوا الفاسدين منهم و يخضعون إلى محاسبة الشعب والقانون،فهم ليس فوق الأطباء و الأمنيين و الدرك و الجيش…أينما كان الفساد فهو سرطان، و لكم في جارة الشمال مثال لما تفعل بكبار قومهم إذا زاغوا .و لن يتقدم المغرب إلى الأمام إلا إذا أقام العدل بين المغاربة،و لن يكون عدل إلا بمحاسبة الفاسدين من القضاة التي تزكم رائحة فسادهم الأنوف »
ب) صرح آخر باسم (عبد الحق) ملاحظا: » القضاة ليسوا ملائكة معصومين من الخطأ،بل هم بشر، و أخطاءهم يترتب عنها تدمير مستقبل عائلات .و لذلك وجب محاسبة المخطئين أو المتعمدين للخطأ بدافع انتفاعي.وهناك تقارير دولية تصف القضاء المغربي بأوصاف لا تليق بسمعة الوطن،و لهذا السبب و بسبب كثرة شكايات المواطنين و معاناتهم من شطط بعض القضاة المتهمين بالزوغ عن المسار الصحيح للعدالة ،فاني أرى أن السيد الوزير قد وضع إصبعه على جرح عميق بات ينخر في بنية مكون هام من مكونات دولة الحق و القانون و أمر بعلاجه.و كل من يحاول الوقوف ضد هذه البادرة المحمودة فانه كما يقال( ف كرشو العجينة) « .
في كل وظيفة من الوظائف في المجتمع، هناك أخيار و هناك أيضا أشرار،هناك شرفاء و نزهاء وهناك أيضا فاسدون خبثاء.و تطهير البيت المغربي من هذه الجراثيم و الفيروسات الفتاكة ،واجب من واجبات المجتمع بكل مؤسساته.فالظلم يهتز له عرش الرحمن .و الله سبحانه حرم الظلم على نفسه و جعله بين عباده حراما محرما.فكل الآيات القرآنية تحث على اجتناب المظالم و الظلم،و الدعوة إلى الحكم بالعدل و القسطاس المبين.
الدولة التي تحترم نفسها تجعل القانون فوق الجميع الذي يجب أن يعلو و لا يعلى عليه: فكل الناس سواسية أمامه لا فارق بين الأمير و الوزير و الغفير و الفقير.فليس هناك شعب الله المختار في أية وظيفة كانت أو إنسان فردا أو جماعة ، كل مواطن غيور على هذا الوطن يصرح : إما أن نكون دولة الحق و القانون أو لا نكون،فلا وجود للطريق الثالث(طريق االمنافقين).
والمواطن يعرف جيدا، أن من القضاة من يجب أن يحالوا على العدالة و يحاكموا ويعاقبوا نظرا للأضرار التي ألحقوها بالمواطنين بهضم حقوقهم و التدليس عليهم و إخفاء وثائقهم (البينات) بمقابل مالي من خصومهم،أو بمعاملتهم معاملة السيد لعبيده.
أليس هذا شطط في استعمال السلطة ؟
أليس هذا استغلال المنصب لتحقيق ثراء غير مشروع؟
أليس هذا استغلال للمنصب من أجل معاملة الناس كعبيد؟
أليس مثل هؤلاء القضاة من يقاومون كل إصلاح لا يصب في مصلحتهم؟
ماذا نقول في قاضي تكلم بالتلفزة المغربية يبرر لجوء القاضي المعين جديدا إلى منطقة ما إلى البحث عن وسيط يبحث له عن من يقدم له رشاوى لحاجته إلى السكن الرفيع و السيارة الفارهة و العيش الرغيد(الكريم) الذي يليق بسيادته ؟ أليست هذه دعوة إلى شرعنة الرشوة لسيادته حتى يكون قاضيا محترما؟
لا شك أن هذا القائل و من يعتقد مثله بصحته و معقوليته ينسف كل محاولة لإصلاح القضاء،وجعله صورة مشرفة للوطن و للدولة.
من حقنا أن ندعو إلى وطن نظيف لا تسود فيه المحسوبية و لا الزبونية و لا العلاقات العائلية أو النقابية أو الحزبية أو أية علاقة إلا علاقة الكفاءة و النزاهة وحب الواجب و خدمة الناس بالحق و بالعدل .الم نقرأ في كتب التاريخ الساساني(ملوك الفرس)شعارا كان متداولاعندهم هو » العدل أساس الملك ».
فإذا كان العدل أساس الملك فان الظلم خراب الأوطان و فناؤها….
إنتاج:صايم نورالدين





1 Comment
يقال بأن هناك قضاة يملكون التجزئات والفيرمات والفيلات والسيارات الفخمة و العمارات وكل ما من شأنه أن يذر عليهم المال و الثروة ويضمن لهم والجاه و القوة والنفوذ و العصمة والسلطة و الرفاهية والترف وفعل كل شيء و لا تخفى كل هذه التجاوزات والجرائم والشطط في استعمال السلطة عن وزير العدل و مع ذلك مازالت قائمة.
أما أن يقول لنا سي الرميد كل قاض سيموت وسيفتح له ملف في الدار الآخرة فذلك اعتقاد آخر لا يقتسمه معه كل المغاربة.