كلمة تأبينية في حق الأخ العزيز امحمد عالم مفتش مادة اللغة الفرنسية

كلمة تأبينية في حق الأخ العزيز امحمد عالم مفتش مادة اللغة الفرنسية
لقد شاءت إرادة الله عز وجل أن أصاحب أخي العزيز امحمد عالم خلال المدة الأخيرة التي أقعده فيها مرضه العضال ، وكنت أزوره بين الحين والآخر وأواسيه في مصابه . ومساء هذا السبت وقبيل صلاة المغرب تلقيت مكالمة هاتفية من الأخ الفاضل السيد فؤاد مسامح وحرمه الأخت الفاضلة فدوى محب حيث كان يقيم السيد امحمد عالم طيلة فترة مرضه عندهما ، فأسرعت إلى بيتهما لأجد أخي العزيز عالم في حالة حرجة جدا يقاوم علته القاتلة ، وواسيته كالعادة وكان في تمام وعيه ، فطلب مني أن أقرأ عليه شيئا من القرآن الكريم لينام بهدوء. وبالفعل تلوت عليه ما تيسر من كتاب الله، وكان ينصت إلي، ويرنو ببصره إلى السماء ولم يخطر ببالي أنه كان يريد أن ينام نوم الموت. وقضيت معه مدة من الوقت ثم استأذنته بالانصراف لأتناول دوائي فدعا لي بالشفاء ودعوت له بالشفاء أيضا وودعته وما كنت أظن أنه الوداع الأخير. وما كدت أعود إلى بيتي حتى رن جرس هاتفي لتنعاه لي الأخت الفاضلة فدوى محب، فأسرعت إليه ، فوجته قد التحق بالرفيق الأعلى، ورحل إلى دار البقاء . ولقد كانت الصدمة قوية خصوصا وأنه ظل واعيا إلى آخر لحظة لا تفارق شفته الابتسامة . وبينما كنت أحدثه أذن المؤذن لصلاة العشاء، فسألته عن الصوت فأجابني بأنه نداء المؤذن ،وحمد الله عز وجل ، وكان رحمه الله يحمد الله عز وجل على مصابه صابرا محتسبا . ولقد عرفت أخي امحمد رحمه الله كمفتش بنيابة جرادة أول مرة ، وكان إنسانا خفيف الظل محبوبا سرعان ما تطمئن إليه النفس وتميل إليه لدماثة خلقه ، وكان إنسانا طيبا يحب الدعابة . وكان رحمة الله عليه يحب الخير للناس خصوصا الضعفاء والمساكين ، وكان كثير الاهتمام بالأعمال الخيرية يبذل من أجلها فوق ما يطيق . وكان مفتشا جادا في عمله تربطه بأساتذة مادة اللغة الفرنسية خصوصا وغيرهم علاقة صداقة ومودة واحترام . شاركته الانخراط في مكتبين لجمعية مفتشي التعليم الثانوي وكان عضوا نشيطا فيهما ، كما كان عضوا مؤسسا لنقابة المفتشين . وكان له دور كبير في ربط علاقات وإبرام شركات مع جمعيات ومؤسسات أجنبية من أجل خدمة الفئات المعوزة . وجمعتني به ظروف العمل في عدة لجان نيابية مع المرحوم السيد محمد راشد مفتش مادة التربية الإسلامية، والمرحوم عكار البكاي مفتش مادة الرياضيات .وكان جادا في كل مهمة توكل إليه يؤديها بتفان وإتقان ، كما كان هدفه هو الصالح العام يستميت من أجله ويغضب غضبا شديدا إذا ما شعر بإهمال أو تقصير . وكان شديد الغيرة على قطاع التربية شديد الحب للمتعلمين يؤازرهم حين تدعو الضرورة إلى ذلك . وله علاقة طيبة مع مختلف أطر قطاع التربية .
و الأخ العزيز امحمد عالم كان شديد التعلق ببنتيه فاطمة الزهراء وزينب، وكان يحبهما حبا شديدا ،ويتعلق بهما كأشد ما يكون التعلق ، وقد ضحى من أجلهما بأغلى ما يملك واسترخص من أجلهما كل شيء حتى فارق الحياة . ولقد شجعته على كتابة مقالات باللغة الفرنسية ونشرها على موقع وجدة سيتي، فكتب عدة مقالات، وكان يسميها الأسواق لأنه كان يرى أن الحياة بما فيها عبارة عن أسواق فيها الرابح والخاسر ، وكان يكتب بأسلوب شيق تغلب عليه الدعابة . ولست أدري ما أقول وأنا تحت صدمة فراقه وصوته في أذني لا يفارقني وهو يقول : » أنت أخي الذي لم تلده لي أمي » وكنت أحس أنها تصدر من أعماقه بصدق وإخلاص. غادر الدنيا في سنة عمله الأخيرة كما أراد له الخالق سبحانه وتعالى . وأنا أودعه الوداع الأخير أسأل العلي القدير الرحمان الرحيم أن يتغمده بواسع رحمته ، ويشمله بجميل عفوه ، ويتجاوز عنه سيئاته ويزيد في إحسانه وحسناته ، ويسكنه فسيح جنانه إنه غفور رحيم كريم جواد، وأن يلهم ذويه جميل الصبر، ويعظم أجرهم في مصابهم ،و أعزي جميع محبيه وأصدقائه ، وإنا لله وإنا إليه راجعون
محمد شركي .




Aucun commentaire