غضب الطبيعة
لماذا تغضب منا الطبيعة الان؟بأمر من خالقها,اتغضب من سلوك الانسان المشين؟وذاك لعمري هو الاحتمال الوارد بدون ريب ولا شك.
تجرد الانسان من انسانيته,حين رمى بتعاليم الرسالات السماوية وراء ظهره,وانكر دعوتها الى الاخاء والرحمة والطمانينة والوفاء,وبدلها بالعداء والقسوة والضوضاء والغدر.
لم نعد نعرف للاخاء والرحمة طعما,فذاك رجل الامس ينظر الى اطفال حيه ودواره,يلعبون ويظلون على كر وفر,وحين تسنح له الفرصة ياتيهم بالحلوى ويوزعها على الجميع,ويخالهم ابناءه وما هم من صلبه,ثغره باسم,وصدره مليء بالحب الفياض.
اما رجل اليوم فلا يهمه من الاطفال الا من هم من صلبه,تملكته الانانية العمياء,وسرت في عروقه دماء القسوة.
اين الدمعة التي كان رجل الامس يختزنها في جفونه,يذرفها ليشارك بها منسحقي القلب,وبسمة تعتريه لتكون عنوان فرحه برحمته وبشاشته.
اين ذاك المجتمع الذي كانت السكينة تسوده,فاصبح يتسربل بسربال الضوضاء الجارف,وينشر اصناف الجريمة التي زلزلت لاجلها اقوام بلا رجعة….جريمة ادت الى قتل أعز الناس من فلذات الأكباد,فاهتز لها عرش الرحمان,وقد جعل عقوقهما في منزلة الشرك والالحاد.
اي انسانية في مجتمعات اليوم,وقد انتشرت فيها زنا المحارم,وسادت فيها صنوف المظالم, واصبح العدل فيها يبكي جنون جبران ويستضحك امواته:
والعدل في الأرض يبكي الجن لو سمعوا به ويستضحك الاموات لو نظروا.
فسارق الزهر مذموم ومحتقر وسارق الحقل يدعى الباسل الخطر
اهات تنبعث من هنا وهناك على الزمن الغابر. زمن الانسانية الحقة المثلى, زمن البر بالوالدين, ورحمة الاطفال والمنسحقين, وحب الخير للناس اجمعين. زمن طرده الانسان الجشع المتجبر بلا رجعة,حين أطلق العنان على مصراعيه لنفسه لتتملى بالفسوق والمجون.
أين ذاك الانسان الذي كان يخشى عقاب الله ان اقترب من دور العلم والمساجد,وهو في حالة تغضب ذي المعارج,فجاء انسان اليوم ليسرق النعال منها, ويحتسي كؤوس الراح على ابوابها او بداخلها.
اين ذاك الرجل.وتلك المراة,اللذان كانت اعينهما تغرورق بالعبرات حين يذكر نبينا عليه افضل الصلوات, فجاء من يدعي العلم والمعرفة ليقارنه بفلاسفة اليونان.
ما أروع قريتي,وما أروع طفولتي,لأنني وجدت فيه الرجل الذي يحب جميع الأطفال,ويمتلك الدمعة التي يشارك بها منسحقي القلب,ويبر بالوالدين,ويحترم بيوت الله , ويسهم في سكينة المجتمع,فراح الى دار البقاء,وترك لنا شوائب المنكرات




1 Comment
والله اخي سي علي لك دائما السبق في كتابة مواضيع ومقالات في شتى اصناف الفكر والنقد لكن بكل موضوعية مقال اليوم مقال فلسفي تاريخي تراثي اخلاقي يجمع بين طياته كل المثل العليا في الحياة بارك الله فيك وفي قلمك وفكرك ومزيدا من العطاء والتالق مع خالص المودة والصدق والوفاء